الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 31th March,2003 العدد : 4

الأثنين 28 ,محرم 1424

في تحقيق حول حيادية ومجاملة النقاد العرب للأدب السعودي
عز الدين: من يقس على نفسه يقس على الآخرين
الشنطي: هناك من أصدركتباً مليئةً بالدراسات السطحية عن الأدب السعودي
صبرة: التشكيك في مصداقية بعض من كتبوا له مبرراته القوية
* تحقيق علي سعد القحطاني:
لا شك أن الأكاديميين والنقاد العرب قد قاموا بواجبهم في دراسة الأدب السعودي وأثروا المكتبة بأطروحاتهم النقدية إلا أن البعض ما يزال يشكك في تلك الدراسة ويرى أنها مبنية سلفاً على المجاملة والإطراء والإشادة كما أنهم يتعاملون مع الإبداع المحلي بحساسية شديدة يخافون الاقتراب من مساوئه لذا يغضون أبصارهم عن أشياء كثيرة وقامت «ثقافة الجزيرة» باستطلاع عدد من آراء الأساتذة الجامعيين لأخذ انطباعاتهم على ضوء تجربتهم في «الأدب السعودي بين المجاملة والتقييم في أعمال النقاد العرب».
عز الدين
في البدء قمنا باستضافة الدكتور حسن البنا عز الدين الذي يرى أن الموضوعية والمجاملة مسألة واردة في الكتابة عن الأدب السعودي وقال:
الموضوعية والمجاملة في الكتابة عن الأدب السعودي «أو في الجزيرة العربية أو في غيرها من البلدان العربية» مسألة واردة سواء أكان ذلك من قبل أصحاب البلد الواحد أم كان من قبل كتاب من بلدان أخرى، وسواء أكان هؤلاء الأخيرون مقيمين في بلدهم ويكتبون في صحفهم أو في صحف تنتمي إلى المكتوب عنهم أم كانوا مقيمين في بلاد هؤلاء المكتوب عنهم.
وبالطبع ثمة دوافع كثيرة للمجاملة، قد يكون منها أن المجاملين مضطرون إليها اضطراراً، وقد يكون منها أنهم لا يعرفون كيف يكتبون بموضوعية، أو ما يكتبون عنه لا يستحق الكتابة في الأساس فينزلق الواحد منهم إلى المجاملة التي تقرب في هذه الحالة من نفاق العاجز، إذا جاز التعبير.
كذلك لا يمكن أن نغفل حقيقة أن الإنسان، أيا كان، يستريح إلى المجاملة المادحة أكثر مما يستريح إلى الموضوعية الجارحة. وهنا يحدث نوع من التوقع في سياق بعينه. أي يحدث نوع من الطمع من الطرفين. كل يطمع في الآخر. وهذا كلام يعرفه كل إنسان، ولكننا كثيراً ما نتجاهله لأسباب وقتية حتى يكاد يصبح عرفاً بيننا.
لكن الشيء المؤكد أن كثيراً ممن يكتبون عن الأدب والإنتاج الفكري في المملكة يلتزم الموضوعية التي لا تجرح بالضرورة إلا في حدود المنطق والصدق والموضوعية واحترام الذات والآخر في الوقت نفسه. ومن خلال تجربتي الشخصية في الكتابة عن بعض الأعمال الأدبية والفكرية في المملكة حاولت ما وسعني الجهد أن ألتزم هذه الحدود، ولعلني أضفت إليها بعضاً من المحبة التي أكنها لهذا البلد ومبدعيه ذوي الأصالة.
«فالمحبة شرط لازم للمعرفة، ولكن المعرفة ليست تعبيراً عن المحبة بالضرورة» كما علمنا أساتذتنا. وأشهد أنني، على الرغم من استمساكي بحريتي في الكتابة، وإعلان رأيي بموضوعية، وعلى قدر فهمي للموضوع المكتوب عنه، لم أشعر بأن أحداً ممن كتبت عنهم قد استاء مما كتبت، أو أن الجريدة أو المجلة التي كتبت فيها قد حذفت حرفاً من كلامي. وهذا يدل على حقيقة مهمة للغاية وهي أنك إذا كتبت بموضوعية، وإخلاص، وصدق، ومحبة فلن يستاء منك أحد أو يحذف كلامك. لقد كانت سعادتي جمة حقاً عندما كان يقابلني أحد الكتاب أو الأساتذة الذين كتبت عنهم ويشكرني على ما كتبت، أو يهاتفني ليشكرني، كما فعل الصديق العزيز الأستاذ الدكتور عبدالله الغذامي أكثر من مرة معي، وحتى عندما تصوَّر أحد الزملاء الأعزاء أنني قد أكون لم أفهم ما قصد إليه في بحثه عندما كتبت عنه فإنه لم يواجهني بهذا ولم يردَّ عليَّ لأنه لابد كان يعلم أنني ما قصدت إلى سوء الفهم قصداً، وإنما كنت أرصد حالة عامة يشترك فيها كثير من الباحثين، وكنت أرى أنها تحتاج إلى شيء من الوعي والضبط. أقصد مسألة الإفادة من النظريات الغربية في النقد الأدبي والتحرج من الحوار معها حواراً جدلياً، يفرز رؤية خاصة في النهاية.
كتبت عن حمد المرزوقي المبدع المفكر، والغذامي الرائد، وعبدالله الفيفي المجتهد، وفضل العماري الظاعن وراء امرئ القيس، وعبدالرحمن السماعيل الشاعر الرقيق، وعالي القرشي الشاعر كذلك، ومحمد الهدلق الزميل الدمث الأخلاق. وهناك غيرهم ممن تجدر الكتابة عنهم من مبدعين وباحثين كبار وشباب. ولعل الفرصة تتاح ذات يوم للكتابة عنهم. فالمرء يكتب نفسه وهو يكتب عن الآخرين، ومن يقس على نفسه يقس على الآخرين وعندها لا يمكنهم أن يغضبوا منك لأنهم صورة منك وأنت صورة منهم. في النهاية لا أكتب عن إنسان لا أحبه، ولكني لست بالضرورة مضطراً إلى أن أكتب عنه ما يحبه.
الشنطي
ويرى الدكتور محمد صالح الشنطي أن الذين تناولوا الأدب السعودي من النقاد العرب كانوا بين مجامل وموضوعي وأشار في حديثه إلى أن رأي الأستاذ محمد رضا نصر الله بهذا الشأن لم يكن إيجابياً وقال:
الذين تناولوا الأدب السعودي من النقاد العرب كانوا بين مجامل وبين موضوعي النظرة وكانوا بين صحفي عابر وناقد متمكن وقد قام الدكتور منصور الحازمي ومجموعة من النقاد السعوديين بتقييم جهود النقاد العرب الذين تناولوا الأدب السعودي وقد خرج هذا التقييم في كتاب أصدره نادي جدة الثقافي تحت عنوان «أدبنا في اثار الدراسين» وقد كان الدكتور الحازمي متابعاً لهذا النقد العربي فتناوله في أكثر من لقاء صحفي وفي أكثر من محاضرة وفي أكثر من كتاب من كتبه وهناك أسماء عديدة كان بعضها جاداً في اطروحاته منذ البداية وأذكر منهم من باب الإنصاف نسيم الصمادي الذي واكب الحركة الأدبية السعودية في وقت مبكر وكتب دراسته المهمة عن الرواية النسائية التي نشرت على ما أذكر في إحدى اصدارات جمعية الثقافة والفنون وكان محاوراً ومشاركاً على نحو نشط، كذلك هناك من كان مرتزقاً مجاملاً أصدر عديد من الكتب المليئة بالدراسات السطحية ولا أستطيع أن أشهر بأحد في هذا المجال ولكن مثل هؤلاء معروفين بتفاهة كتاباتهم وسطحية مشاركاتهم.. ولكنني أود أن أتوقف عند بعض النقاد الكبار الأعلام الذين عرفهم الأدب العربي المعاصر مثل عبدالقادر القط الذي نشر عدداً من المقالات النقدية الخاصة ببعض القصاصين والشعراء في الشرق الأوسط وكذلك أحمد كمال زكي الذي نشر كتاباً كاملاً تحت عنوان يشير إلى أنه خاص بالشعر السعودي ولكنك حين تتصفحه تجد أن العنوان مضلل وأن ما حواه الكتاب لا يتناول الشعر السعودي إلا في بعض الصفحات القليلة وإن كان قد نشر بعض المقالات الخاصة خصوصا تلك التي تناول فيها شعر الدكتور الحازمي. وكنت أتصور لو أن مثل هذا الناقد أنفق جزءا من وقته ليتوفر على دراسة الأدب السعودي لكان قد ترك لنا شيئاً ذا بال وكذلك الدكتور شكري عياد وهو الناقد الجاد المعروف رحمه الله لم يقدم أي دراسة عن الأدب السعودي على الرغم من أنه مكث في جامعة الملك سعود سنوات عدة وكان يمكن أن يقدم الكثير وقد فسر بعض النقاد «مثل محمد رضا نصر الله» صمت شكري عياد وابتعاده عن دراسة الأدب السعودي تفسيراً سلبياً فرأى أن عياد لم يرقه شيء مما قرأ وأذكر أن محمد رضا نصر الله قد تناول في مقالة له جهود بعض النقاد غير السعوديين بالتقييم ولم يكن له رأي إيجابي في ذلك.
ولا أريد أن أسترسل في هذه المسألة لأنها تحتاج إلى دراسة موسعة موثقة لعل أحداً من طلاب الدراسات العليا يقوم بها وإن كنت أعكف على تناولها في جزء خاص إكمالاً للجزءين اللذين صدرا عن النقد في المملكة كشاهد وليس كدارس لأنني سأترك مسألة التقييم لغيري.
صبرة
ويلحظ الدكتور أحمد صبرة أن السؤال يحمل في طياته قدراً من التشكيك في مصداقية بعض من كتبوا عن الأدب السعودي حيث يقول:
يحمل السؤال في طياته قدراً من التشكيك في مصداقية بعض من كتبوا عن الأدب السعودي، وهو تشكيك له مبرراته القوية كما أرى، فبعض النقاد مدفوعين بأسباب كثيرة لا يتعاملون مع الإبداع السعودي تعاملاً نقدياً صحيحاً، أي أننا لا نستشف من خلال ما يكتبونه أي أطر نظرية تحركهم للكتابة عن هذه القصيدة أو تلك الرواية، بل نجدهم يكتبون لأن لهم علاقات يجب أن تستمر، ومصالح ينبغي المحافظة عليها، وكل هذا يقلل من ثقة القارئ فيما يكتبون، بل يقلل من ثقة القارئ في النقد الأدبي على إطلاقه، وأنا هنا أتحدث عن هؤلاء النقاد الذين وجدوا لظروف خاصة على أرض المملكة، كثير من هؤلاء النقاد تنقطع صلته بالأدب السعودي بعد عودته إلى وطنه، فلا يشغل نفسه كثيراً بهذا الأدب إلا إذا أراد أن ينشر في دورية خليجية، والدليل على ذلك أن أصداء الإبداع السعودي أو الخليجي خافتة في الدوريات العربية غير الخليجية، على الرغم من أن هناك عدداً كبيراً من المبدعين السعوديين المتميزين ولعل ذلك يرجع أيضاً إلى أن المبدعين السعوديين أو قل عدد ملحوظ منهم عازفون عن نشر إبداعاتهم في دوريات غير خليجية، وكل هذا يقطع التواصل المفترض أن يحدث بين المبدعين العرب. إننا نجد حضوراً قوياً للنقاد السعوديين في المحافل الثقافية العربية شرقاً وغرباً، وعلى النقيض فإننا لا نجد مثل هذا الحضور القوي للمبدعين السعوديين.
ولذلك فإن تقوقعهم داخل حدودهم المحلية، وبعض الكتابات المتفرقة التي تتناول أعمالهم من زاوية العلاقات العامة والمصالح المتوهمة لا يساعدهم ذلك على أن يطوروا تجربتهم الإبداعية التي لا شك أنها تحمل قدراً كبيراً من الثراء.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved