الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 31th March,2003 العدد : 4

الأثنين 28 ,محرم 1424

أعراف
دروب الجهل والعولمة!!
محمد جبر الحربي

ومما يساعدنا في إشاراتنا وإحالاتنا إلى العولمة ودروب الجهل، والتسوية غير السويّة ودروب الظلام، أن يبرز هذه الأيام في أحد أركانها «مصر العروبة» و«أم الدنيا» صوت الشاعر العربي الكبير محمد عفيفي مطر، كأحد أبرز الأصوات المعارضة لهذا الذي يجري. والذي غُيّب، وغاب طويلاً عن الواجهة، رغم حضوره لدى طلبته ومريديه، رغم حضوره في الضمير الشعري.
وكان أن كرِّم مؤخراً بفيلم تسجيلي قابل للترجمة، وبرنامج تلفزيوني احتفائي، وحوار شديد الوضوح، شديد الجرأة.
والشاعر الذي نراه سيداً في الظلِّ، وسيّداً في الضوء، قاوم مشاريع التسوية وتبعاتها، وتابعيها، وقاوم فكرها، وإعلامها، كما قاوم مشاريع «فرعنة» مصر ونزعها من محيطها ومركزها العربي والإسلامي.
وقد نجح عبر تجربة ثريّة نظيفة في شق طريق مميز شعراً وفكراً، أدباً وخُلُقاً، كما نجح في تأكيد نظرية العمل الفردي الناجح خارج الأحزاب والتيّارات.
وظلّ بذلك صوتاً نقيّاً ومطهّراً من عفن المصالح، والغايات السريعة.. المكاسب السريعة، فحافظ على وظيفته التعليمية، وحافظ على علاقته بالقرية مركزاً للعمل والارتباط، وعلى علاقته بالمدينة مراقباً ومنتجاً، مبتعداً عن الدوران في فلك الشمس المبهرة حدّ العشى.. أو الركض خلف السلطة كما يحب أن يسمي ذلك.
ويرى هذا الشاعر الشامخ فيما يرى أن من أسباب الكوارث التي نعيشها مصر مثلا فقر المناهج التعليمية وسوءها؛ فهي تخرج أميين لا علاقة لهم بمجتمعاتهم، وموظفين لا وظائف لهم.
وهي لا تساعد الفلاح ولا العامل نواة المجتمع المصري، بل تعطلهم عن مصالحهم وحرفهم الأساسية، وتجعل منهم أدوات غير جيدة لمهنٍ أخرى.
وهو يُصرّ، بسبب ذلك وغيره، على غياب «الإتقان» في كل شيء، وعلى غياب الضمير في العمل، وفي الانتماء الاجتماعي والوطني، إلى أن أصبح الركض وراء المادة هدفاً أولاً وآخراً.
وأشار إلى نشوء طبقة مشوهة تخدم مصالحها لا مصالح الوطن والمواطنين، وتحقق أحلامها ولو بالدوس على أرزاق ومصالح الطبقات الفقيرة.
وهو يرى أن من مآسي الأمة المهزومة محاولة تقليد المستعمر المنتصر، ومن ذلك محاولة تقليد الغرب بخيره وشره، واستخدام القوانين الفرنسية في مصر على سبيل المثال..
وذكر «مطر» كواقع، وكرمز، ما يجري للنيل من تلويث.. وضرب مثلاً مخزياً لذلك من انه لم يعد يُكْتفى بالبصق فيه.. حتى لم يعد صالحاً للشرب، بل أصبح مصدراً أساسياً للأمراض.
ولعله أراد التعبير عن الحال التي وصلت إليها الثقافة والإعلام، والمعرفة بشكل عام.
كما أنه أراد التعبير عن حال الأمة عبر مصر ونيلها.وليس غريباً بعد هذا، أن يظلّ محمد عفيفي مطر طائراً فريداً، وغريباً، في سربه، وفي سماء وطنه، وأمته.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved