الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 31th March,2003 العدد : 4

الأثنين 28 ,محرم 1424

من أوراق منتدى السرد «3 - 3»
الرواية حركة ثقافية وبوصلتها «باتجاه» الفعل..!!
أحمد الدويحي

بفضائها السردي المتميز، وسيرة الشخوص والمدن، ومكونات ذاكرة وقامة الكاتب السردية والثقافية واللغوية، نقاط محددة للحوار، كنت قد ألزمت نفسي بمتابعتها في «وجهة البوصلة» نص الروائية نورة الغامدي، لتكون ورقة متواضعة للمنتدى السرد من جملة الأوراق في حال تتمة برنامج «الجماعة» المعد لقراءة المنتج الروائي المحلي، وفي ذهني بأن «ليلة السبت موعد منتدى السرد ستكون محاكمة لبنت «السبتي» الروائية..!
وإذ كنت كذلك، ارتفعت الدهشة في وجهي، لتبلغ مدى أكثر من تحريك الجفون، وعض الشفاه حسرة وألماً، حينما وجدت أحد أعضاء «الجماعة» المؤسسين والمهمين جداً، يهمس في أذني: «بأن بلاش نقرأ رواية نورة، لأن الأصدقاء في منتدى نادي القصة في جدة، قد سبقونا وقالوا في الرواية ما قالوا..»!؟
ولأن الأستاذ محمد القشعمي وهو المطارد بهموم الإبداع والمبدعين، وبالذات من شملهم العجز المكاني والزماني، قد شم رائحة عبدالعزيز مشري، وهو الذي قد وصفه بدعابته المعرفة «أبو الأمة»، فقد وجدت «أبو يعرب» في صباح اليوم الثاني يمدني مشكوراً بصورة من حوار دار في نادي جدة حول الرواية، نشر في مجلة «الإعلام»، وكان لدي صورة مما نشر من حوار في صحيفة «الوطن»، وهي أوراق لمبدعين هما: الزميل الروائي عبده خال، والشاعر مسفر الغامدي، وثلاثة نقاد هم: الأساتذة سحمي الهاجري، وخالد المحاميد، وعلي الشدوي حول الرواية..
فرحت بأن الورقة الرئيسية للحوار، كانت للزميل عبده خال، ليؤكد ما كنت قد ذهبت إليه في بداية أوراقي، حول غياب النقد، وبأن على كتاب الرواية هم ومسؤولية جديدة وجسيمة، لترسيخ وخلق فضاء روائي ونقدي موازٍ للعملية الكتابية، ولأن قراءته تلك الطباعية معرفية ومجربة، وخبيرة بدروب السرد.. ولا تزيد هذه القراءة عنها شيئاً.. ولا ندع التفسير والتشريح ولنا حق التأويل وتعدد القراءات والرؤى.. فقد استوقفتني في قراءته الطويلة تلك لمحة لم يسر إليها أحد غيره وهي:
تحريك الثقافة من الأسفل إلى الأعلى..
وأستدرك هنا..
وأقول: كنت قد أشرت في بداية هذه الورقة إلى: «تقنين خطاب الكتابة السردية من أعلى إلى أسفل، والعكس..»!
ويظهر بأن المعنى، والفرق كبير بين الدلالتين.
فالأولى: تعني البناء اللغوي للخطاب الروائي من أفواه الناس البسطاء، وهذا ما أستطيع أن أتفق مع «عبده» فيه بحدود، وقد تحاورنا معاً ذات مرة، حول هذا المعطى والرؤية في النص المحلي، وجاءت في هذا النص حول حوار هاتين الشخصيتين «جبر وثامر»، وآلية شكل الحوار الذي يدور في المنطقة حول عملية السلام! والمعنى أكثر وضوحاً هنا، فليس المقصود بخطاب الرواية مثل التعليمي والإرشادي وغيرهما، وفي البال على ما أريد الاستدلال عليه من المشهد كمثال، رواية «شقة الحرية» للدكتور غازي القصيبي..
والثانية: هو ما وصفته فيما مضى من هذه الأوراق، وقلت عنه تحديداً: «الملمح الأسطوري» في الرواية المحلية، وحددت ذلك أيضاً في «جبر الهيكل القادم من الحبشة.. والآخر من ثامر المحراب الفلسطيني»، وفي هذه الحالة علي أن أحيل عبده إلى من عينتهم بالسؤال حول هذه الجزئية، وحددت بالذات صديقي الرائد الأستاذ إبراهيم الناصر الحميدان..؟
التقط عبده بحسه الجميل، وتجربته كثيراً من التفاصيل الصغيرة من فضاء الرواية لا يعرفها إلا المجرب.. ولكن على كل حال أختلف معه وأتفق في أشياء كثيرة، مثله مثل الأستاذ سحمي الهاجري، وبالذات حول شخصية «فضة»، فهما يقولان إنها شخصية واحدة، وأقول: إنها شخصيتان بالنظر إلى شجرة العائلة، وأتفق معهما في ما أسمياه «بفوضوية الرواية» والمبررات التي دفعت الرواية، وشكلت معطياتها، وأسلوبها، وخلفيتها، وعاهاتها الاجتماعية المتعددة، والآتية في شكل «أنثى»، لا تنبت في غير هذه التربة، وهو أيضاً رأي للناقد خالد المحاميد..!
إنما ما لم يقله لنا الناقدان، وهما يتابعان الحركة السردية شيئاً عن الاتجاه الفني، ونحن جميعاً كقراء ومتابعين ننظر إلى الجماليات والأبنية والعوالم والشخوص واللغة والخطاب الروائي، خصوصاً «خالداً» الذي أكثر مما بشر به، بأن المرأة السعودية الكاتبة، ولأسباب اجتماعية محضة هي من سيكتب الرواية.. لأنها أي «الرواية» تحتاج إلى صبر وتأن وتمرس شديد في الكتابة، والرجل الروائي مثقف أشغله الاستعراض «التنظير»، ونسي الإبداع وذلك ما نجحت به نورة، وخيب ظنه به عبده.. وردد في النهاية جملة من أقوال الرواية هي: «لست بحاجة إلى أنصار شعارات..»!، وعلى افتراض بما في مثل هذا الكلام من شمولية، فالواقع يقول: إنه كلام خارج المشهد الثقافي، لأن ما تشهده الساحة الروائية في التسعينات كثير جداً، ويحتاج إلى قراءة حقيقية تتناول البعد الفني في الروايات، ودراسة اتجاهاتها الفنية بغض النظر عن اللمحة التاريخية، فالمسألة ليست صوتاً واحداً، بل مجموعة أصوات ذات اتجاهات فنية متعددة وجهة البوصلة واحدة منها..
كانت تلك الجملة التي اجتزها المحاميد من أقوال الرواية وغيرها، شواهد عندي لثقافة ولغة وقامة «نورة» السردية، حينما فرض على مداخلة هذا النص وعدلت الآن، لأني منذ البداية قررت أن أصم اذني وأصمت، لئلا أكتب نصاً موازياً لنص نورة، وسأكتفي هنا بمتابعة الأسئلة، فهذه الرواية نقلة كبيرة في المشهد الثقافي، وبالذات الجنس الروائي، لما ستثيره من أسئلة، ومن مثل تلك الشواهد في مقاطع الرواية:
«ألو.. ألو.. ألو..
ضعت بين أفراد العائلة الكبيرة.. واخترت عتبة الدار القديمة لأعقد معاهدة بيني وبين نفسي، وقراراً وثيقاً.. أن ألبس رداء الصمت، ولا أنطق بحرف قد يؤخذ على محمل آخر.. وعزلت مع الوقت، من قبل أهلي، وفرحت بقرارهم ضدي، وبصمودي في وجه فضول النساء..
آه.. «يا فضة» لعنة الله.... ألا يعلمون أنهم بفعلهم الغبي سيعيدون امرأة مسكينة إلى نفس المنزل الذي هربت منه.
دخلت الدار السبتي» و«حمود» مرة أخرى ذليلة حرب..
مسقط رأسك هو مكانك الآمن.. تلك هي وجهة نظر السبتي.
دخلت الادر الواسعة منزوعة السلاح، أسيرة لرجل علقني بعقد نكاح قذر..» ص256.
أقفز على رأي الأستاذ «الشدوي» مضطراً، وكذلك المبدع مسفر الغامدي، لكن بصورة مختلفة جداً، فقد قدم في نظري ورقة بحس العاشق المثقف جميلة جداً، بتلك المستويات الست للنص، لو لم تكن تلك الملاحظة حول الزمن «المفقود»، لولادة الطفل قبل العودة إلى الرحم، ليستكمل ما نسيه في الرحم الأول.. آه.. تذكرت.. وأقف هنا في نهاية صوت الصديق المبدع مسفر الغامدي بدون حياد، لأردد قول مبدع قصيدة: «لا تصالح ولو لبسوك الذهب.. لا تصالح ولو قيل رأس برأس.. أو كل الرؤوس سوى..» قصيدة الشاعر الكبير الذي وظف الأساطير في نصوصه من كل المراحل التاريخية والأديان مثل: «زرقاء اليمامة وحرب البسوس والأسفار اليهودية»، وفتحت الزميلة الكاتبة روايتها بحروفه..
أختم بشيء من قصيدته: «الجنوبي» ذائعة الصيت.. يرثي فيها صديقه وابن قريته الروائي الراحل يحيى الطاهر عبدالله، حينما داهمه الخوف وشك المطاردات، فانتحر.. فقال أمل دنقل:
هل يموت الذي كان يحيا
كأن الحياة أبد
وكأن الشراب نفذ!
وكأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد
عاش منتصباً بينما
يبحث القلب عما فقد..
ليت «أسماء» تعرف أن أباها الذي..
***
هل تريد قليلاً من الصبر..؟
لا..
فالجنوبي يا سيدي يشتهي أن يكون الذي لم يكنه يشتهي أن يكون اثنتين..
الحقيقة والأوجه الغائبة..
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved