Culture Magazine Monday  31/12/2007 G Issue 227
فضاءات
الأثنين 22 ,ذو الحجة 1428   العدد  227
 

حافظ وشوقي - في الذكرى الخامسة والسبعين
د. منصور الحازمي

 

 

أقام المجلس الأعلى للثقافة في جمهورية مصر العربية -خلال الفترة من 18 إلى 21 نوفمبر 2007م- حفلاً رائعاً بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين على رحيل الشاعرين الكبيرين حافظ إبراهيم وأحمد شوقي (1932-2007م).

وهما الشاعران اللذان يمثلان القيادة والريادة والتميز، لا على المستوى الوطني المحلي الصغير -مصر-، بل على مستوى الوطن العربي الكبير، من المحيط إلى الخليج، ولقد سعدت بالدعوة الكريمة لحضور تلك المناسبة، كما سعد بعض الأخوة من البلدان العربية الأخرى، ومنهم الأساتذة: الدكتور الصديق المجتبي من السودان، والدكتور محمد الهادي الطرابلسي من تونس، والدكتور يوسف حسين بكار من الأردن، والشاعران سليمان أحمد عيسى من سوريا، وجوزيف حرب من لبنان.

وقد افتتح الحفل بدار الأوبرا المصرية، وتلته عدة جلسات صباحية ومسائية طوال الأيام الأربعة، وخصصت الجلسات الصباحية لبحوث الأكاديميين، كما خصصت الجلسات المسائية لقصائد الشعراء المشاركين، وكانت الجلسة البحثية الأولى بعنوان: (لماذا نحتفل بشوقي وحافظ؟)، وشارك فيها كل من: أحمد عبدالمعطي حجازي، وأندريه ميكيل، ومحمد فتوح أحمد، وأحمد درويش، ومحمد عبدالمطلب، ويوسف بكار.

أما الجلسة الثانية فكانت عن (مصر والعالم في شعر حافظ وشوقي)، وشارك فيها: الصديق المجتبى، والطاهر أحمد مكي، وزكريا عنان، ومحمد الهادي الطرابلسي، ومحمد خجيب التلاوى، والجلسة الثالثة خصصت للبحث في مسرح شوقي واستخدامه للعامية والغناء، واشترك فيها كل من محمد إبراهيم أبو سنة، وأحمد عثمان، وأحمد عنتر مصطفى، وسيد حجاب، وهناء عبدالفتاح.

أما الجلسة الرابعة والأخيرة فقد كانت بعنوان: (شعر النهضة - وحركات التجديد - تواصل أو انقطاع)، وشارك فيها كل من السيد فضل، وحسن طلب، ومحمد بريري، ومحمد حماسة عبداللطيف، وفي اليوم الرابع والأخير أقيمت ندوة بعنوان: (ماذا تبقى من شعر شوقي وحافظ؟)، أدارها أحمد عبدالمعطي حجازي، وشارك فيها كل من أحمد درويش ومحمد الهادي الطرابلسي ومحمد فتوح أحمد ومحمود أمين العالم ويوسف نوفل ومحمد عبدالمطلب ومحمود الربيعي ويوسف بكار.

ويتمثل الجانب الإبداعي في هذا المؤتمر المهم في عدد من الأمسيات الشعرية التي أقيمت في أماسي تلك الأيام، واشترك في إحيائها مجموعة كبيرة من الشعراء المعروفين، من أمثال أحمد عبدالمعطي حجازي وجوزيف حرب وسليمان العيسى ومحمد عفيفي مطر وشوقي بغدادي ومحمد إبراهيم أبو سنة ومجاهد عبدالمنعم مجاهد، إضافة إلى مجموعة أخرى من الشعراء الشباب، ولم يقتصر هذا الجانب الإبداعي على الأمسيات الشعرية بل رافقته أيضاً بعض الأمسيات الفنية والمتمثلة في (مشاهد من مسرح شوقي)، و(أمسية شعرية غنائية)، أقيمت في المسرح المكشوف بدار الأوبرا حيث غنيت بعض قصائد شوقي المشهورة، مثل (يا جارة الوادي)، و(ولد الهدى)، وأدتها بكل اقتدار فرقة الموسيقى العربية.

والحقيقة أن أحمد شوقي قد حظي بالنصيب الأكبر في هذا الاحتفال، وذلك لغناه الأدبي والثقافي وتعدد مواهبه وانفتاحه على العالم الخارجي، إضافة إلى التغير الهائل في حياته الشخصية، إذ كان مرتبطاً بالقصر أولاً ثم ما لبث أن ارتبط بالشعب المصري والحركات الوطنية بعد العودة من منفاه واختفاء الخديوي وتغلغل الاحتلال البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى، ولكن الجلسة البحثية الأولى قد حاولت أن تعدل بين الشاعرين، وأن تنسب لكليهما فضل الريادة والتمهيد لليقظة العربية، فبحث الأستاذ أحمد درويش (حاجتنا إلى حافظ وشوقي) يؤكد هذا المنحى القومي إذ مثل الشاعران ذلك العصر الذي تحررت فيه اللغة العربية من حقبة الرطانة والتتريك، وحاولت التعبير عن العهد الجديد والانفتاح على الحضارة المعاصرة، كما كانا رائدين في الإبداع القصصي والمسرح الشعري وأدب الأطفال.

أما البحث الذي قدمه محمد عبدالمطلب، وهو بعنوان: (شوقي وحافظ في مرآة النقد) فيضع الشاعرين أيضاً في المدرسة الإحيائية التي قامت بتجديد الشعر العربي واستعادة مكانته القديمة باعتباره (ديوان العرب)، وقد بدأ البارودي تلك المدرسة الإحيائية، ثم تبعه (الرواد العظام، وفي مقدمتهم شوقي وحافظ) اللذان لم يكتفيا بفكرة الإحياء بل أضافا إلى القديم ما اكتسباه من الثقافة الغربية، وقد تميز شوقي بسعة ثقافته في التراث العربي والحضارة الغربية فجاء تجديده متميزاً وبخاصة في مسرحه الشعري وفي شعره للأطفال، بينما انحصر تجديد حافظ في الشعر السياسي والاجتماعي.

واختار الدكتور يوسف بكار لبحثه الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري ليتحدث من خلاله عن شوقي وحافظ، فالجواهري هو تلميذ لهما، وكان من أشد المعجبين بشعرهما، كما أعجب بشعر الأقدمين من أمثال البحتري وأبي تمام والمتنبي والمعري، والجواهري هو الذي نظم قصيدته في رثاء حافظ على غرار قصيدة لحافظ نفسه، كما رثى شوقي، وكان من الملتصقين بهما والفخورين بما حققاه من إبداع رائع.

ولكن حافظ لم ينله في الحقيقة -وكما ذكرنا- سوى القليل من هذا الاحتفال، وكان معظم البحوث قد انصبت على ما حققه شوقي من منجزات سواء ما كان منها في مجال الإحياء، أو ما كان في مجال التجديد المتأثر بالثقافة الغربية، فمن الذين تتبعوا ذلك الأثر الثقافي ما كتبه الأستاذ الطاهر أحمد مكي في ورقته عن (شوقي في إسبانيا)، وما كتبه الأستاذ زكريا عناني عن (شوقي في فرنسا).

أما الجلسة الثالثة فقد خصصت جميعها لمسرح أحمد شوقي، وما غنى من شعره العامي، وقدمت فيها الأوراق التالية:

1- (مسرحية مصرع كليوباترا - ما لها وما عليها) لأحمد عثمان.

2- (شوقي والغناء - دراسة أدبية فنية) لأحمد عنتر مصطفى.

3- (عامية شوقي) لسيد حجاب.

4- (قراءة جديدة في مسرحية مجنون ليلى) لمحمد إبراهيم أبو سنة.

5- (شوقي بين الدراما المسرحية والأوبريت الغنائي)، لهناء عبدالفتاح.

وكذلك الجلسة الرابعة فقد خصصت أيضاً لمنجزات أحمد شوقي في الرواية التاريخية وفي شعره المجدد للوعي الديني، وفي تضميناته الثقافية وشعره الموجه للأطفال، وقد تحدث في هذه الجلسة كل من الأساتذة: أحمد عبدالمعطي حجازي والسيد فضل وحسن طلب ومحمد بريري ومحمد حماسة عبداللطيف.

وقد اختتم هذا المؤتمر المهم بمائدة مستديرة شارك فيها مجموعة من الباحثين للإجابة عن هذا السؤال المحرج والغريب وهو:

- ماذا تبقى من شعر شوقي وحافظ؟

والمقصود ماذا تبقى من شعرهما في هذا العصر الذي نعيشه حالياً؟ عصر العولمة والحداثة والإنترنت والانفتاح غير المسبوق وغير المتحفظ على العالم الخارجي؟!.

وإلى جانب هذه الندوات والأمسيات فقد قام المجلس الأعلى للثقافة أيضاً بإعادة طباعة أعمال حافظ وشوقي الشعرية والنثرية في عدة مجلدات، كما أعاد طباعة الكتاب المهم (شوقي وحافظ في مرآة النقد) الذي سبق أن أصدره الأستاذ محمد عبدالمطلب في ثلاثة أجزاء، وتتبع فيه أهم ما كتب عن الشاعرين منذ وفاتهما سنة 1932م حتى نهاية القرن العشرين، وقد صدره بمقدمة بين فيها خصائص المدرسة الإحيائية التي ينتمي إليها كل من شوقي وحافظ، ومجمل الآراء النقدية التي وجهت إليهما، بدءاً من الاتجاهات الكلاسيكية، مروراً بالرومانسية والواقعية، وصولاً إلى المناهج الحداثية وما بعد الحداثية التي سيطرت عليها الاتجاهات اللغوية، مثل الأسلوبية والبنيوية والسيميولوجية والتفكيكية).

وأخيراً، لا بد من إسداء خالص الشكر والتقدير للقائمين على هذا المؤتمر المهم، ذلك لأن الاحتفال بهذين الشاعرين الكبيرين لا يخص مصر وحدها، بل يخص العالم العربي بأجمعه.

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة