الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 5th August,2003 العدد : 45

الثلاثاء 7 ,جمادى الثانية 1424

مستقبل الصحافة الورقية..!
تدور مناقشات علمية منذ بعض الوقت حول مستقبل الصحافة الورقية، تتحول أحياناً إلى حوارات جادة تشكك في قدرة الصحافة الورقية على الصمود أمام انبهار العالم بالصحافة «الالكترونية» رغم أن الأخيرة لم تبلغ بعد سن الرشد إذ لا تزال في سنوات طفولتها الأولى.
***
وبينما يرى البعض أن هناك متسعاً كبيراً من المساحة تكفي لإيواء كل الخيارات الحالية والقادمة، فإن آخرين لا يميلون إلى ذلك ويعتقدون أنها لا تتسع ولن تتسع للجمع بين أسلوبين وآليتين لنقل المعلومة إلى الانسان.
***
ومع أنه من المبكر جداً الحكم على الصحافة الالكترونية ومدى تأثيرها على مستقبل الصحافة الورقية بالنظر إلى أن صحافة الورق لا تزال إلى اليوم سيدة الموقف، فإن ذلك لا ينسينا ما نراه في جيل الشباب من افتتان بالمواقع الالكترونية متابعة لها واستفادة مما تضخه من معلومات بسرعة ومهنية عالية رغم حداثتها.
***
غير أن ما ينبغي أن نتدبره لمواجهة هذا الغزو المعلوماتي الجميل، هو أن نستثمره خير استثمار، وأن نستفيد منه بالقدر الذي يطور أسلوب العمل الصحفي ويرتقي به إلى آفاق أفضل، وهذا لا يتحقق إلا من خلال اعطاء هذا الموضوع حقه من الدراسة والبحث ضمن قراءة صحيحة لما نحن موعودون به في هذا المجال.
***
هناك طروحات كثيرة ومناقشات جادة عن هذه القضية، كُتُبٌ صدرت حول هذا الموضوع، ومقالات صحفية حاولت أن تلامس هاجس الناس، وما زالت مواقع الانترنت ودور النشر تضخ لنا الشيء الكثير حول هذا الجديد، ولكن من المهم في ظل هذا الاهتمام أن نستخلص النتائج الواقعية من هذا الكم الكبير من الطروحات للوصول إلى ما نريد.
***
هل هذه الثورة المعلوماتية الكبيرة ممثلة بالصحافة الالكترونية، ومواقع الانترنت أو الشبكة العنكبوتية تصب في مصلحة الصحافة الورقية، أم أنها اختراع عصري يأتي بديلاً لها؟، لا أدري فما زال الوقت مبكراً للحكم على ذلك، ولكن ما أعتقده أن جيلنا على الأقل سوف يقاوم وبقوة من أجل استمرار ما اعتاد عليه، ولعل له في ذلك عذراً وأنتم تلومون.


خالد المالك

بعد رحيل عدي وقصي ..
العراقيون بين الصدمة والفرح !
قصي أشرف على قتل عشرات الآلاف أثناء انتفاضة 1991
سمعة عدي في بغداد أنه خاطف ومغتصب ويعشق التعذيب!

* إعداد أشرف البربري
النهاية الدرامية لعدي وقصي نجلي الرئيس المخلوع صدام حسين قد تكون الفصل ما قبل الاخير لمأساة شعب عانى لفترة طويلة من الاضطهاد والقمع والقتل لفترة ثلاثين سنة على أيدي زمرة كانت تحكم دولة عريقة كالعراق .
ويبدو أن الدور قد جاء على صدام حسين ليشرب من نفس الكأس التي اذاقها لغيره بمقتل نجليه المجرمين عدي وقصي اللذين سارا على نفس النهج لوالدهما.
هل سيؤدي رحيل هذين الشقيقين عن الساحة العراقية الى بث الطمأنينة في نفوس العراقيين؟ وهل يعني هذا ان الحلقة بدأت تضيق على عنق صدام؟.. وهل ستعمد الولايات المتحدة الى قتل صدام حسين ام القبض عليه حيا لمحاكمته على ما ارتكبت يداه من جرائم بحق الانسانية؟ هذه الاسئلة وغيرها ما سنحاول الاجابة عليه في الملف السياسي لهذا الاسبوع.
يقول مراسل جريدة سان فرانسيسكو كرونيكل الامريكية في تقرير بعثه من العاصمة العراقية انه بمجرد أن بثت قوات الاحتلال الأمريكية في العراق صور جثتي نجلي الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين عدي وقصي على شاشات التلفزيون حتى ثار جدل حاد في محل للحلاقة بقلب العاصمة العراقية بغداد، فقد أعرب نصف الحاضرين عن سعادتهم بموت مضطهديهم السابقين في حين أن بعض الحاضرين شكك في حقيقة هذه الصور وقال انها مزورة وأن الشقيقين قصي وعدي كانا في مكان آخر عندما وقع الهجوم على المنزل في مدينة الموصل وأنهما في الحقيقة يعيشان في إسبانيا وليس في العراق على الإطلاق.
وقد شهدت الدوائر الأمريكية جدلا حادا حول ردود الفعل العراقية لنشر صور الجثتين وانتهى الجدل إلى قرار بعرض الجثتين بالكامل أمام وسائل الإعلام العالمية في محاولة من جانب الأمريكيين لتبديد شكوك العراقيين حول الهوية الحقيقية للجثث.
وكانت وكالة أنباء عالمية قد نقلت عن خبراء التشريح والطب الشرعي الأمريكي أن كل جثة من الجثتين أصيبت بأكثر من عشرين طلقة.
كما قام أطباء التجميل الأمريكيين بإجراء جراحات تجميلية لوجهي الشقيقين حتى يعودا إلى حالتيهما قبل قتلهما وذلك قبل السماح بتصوير الجثتين أمام وسائل الإعلام. وقال مسؤولون أمريكيون انهم أرسلوا عينات من عظام وأنسجة الجثتين إلى معمل تحاليل عسكري في واشنطن من أجل تحليل الحامض النووي للقتيلين من أجل تحديد هويتيهما بصورة أكثر دقة.
تمثيلية أمريكية!
من ناحيته قال متحدث باسم قوات الاحتلال الأمريكي في العراق أن الكثيريين من العراقيين مازالوا يشعرون بالقلق من احتمال عودة عائلة صدام حسين للحكم وأنهم يعتقدون أن قصة مقتل قصي وعدي مجرد تمثيلية أمريكية على طريقة هوليوود.
وقال المتحدث انه يجب على الأمريكيين أن يتخذوا كل الخطوات الضرورية لكي يؤكدوا للعراقيين أنهم سيفعلون كل ما في وسعهم من أجل جعل عودة صدام حسين للحكم مستحيلة، وأنه يجب تحقيق التوازن بين معايير وتوقعات المجتمع المدني الذي يمثله الأمريكيون وتلك المطالب غير المفهومة من جانب الشعب العراقي لكي تهدأ شكوكه.
وكان واحد على الأقل من أعضاء مجلس الحكم الانتقالي العراقي الذين شاهدوا الجثتين قد اقترح على السلطات الأمريكية ضرورة إجراء جراحة تجميلية لوجهي القتيلين حتى يقترب شكلهما من الشكل الحقيقي لقصي وعدي لكي يتأكد العراقيون من موتهما.
وقد سيطرت حالة من الابتهاج على العراقيين في بغداد وانطلقوا لشراء «الكباب» احتفالا بمقتل الشقيقين في الوقت الذي كان التلفزيون يبث صورهما كل 15 دقيقة.
وكانت الصور الأربعة تعرض الجزء الأعلى من جسدي الرجلين وقد امتلأ الجسد والوجه بالكدمات والضربات واكتسى الوجهان باللون الأزرق.
وكانت جثتا قصي وعدي تبدوان وكأنهما ممددتان على الأرض حيث كان السواد يلطخ الوجهين، وكان جسد عدي ممددا داخل كيس من البلاستيك مفتوح وخلفه ذراع بشرية بها قفاز أزرق وخرقة يبدو أنه كان يمسح بها وجهه.
أما قصي فقد كان ممددا على كومة من الأوراق وكان وجهه إلى الجانب وفمه مفتوحا، أما أعين الرجلين فكانت مغلقة، ولم يكن لأي منهما لحية وهي المظهر الذي كان مميزا لهما في الفترة الأخيرة، كما بدا أن وزن كل منهما قد زاد منذ اختفائهما عن الأنظار، وكان جسد عدي هو الأكثر تضررا من الإصابات التي لحقت به أثناء هجوم القوات الأمريكية على المنزل الذي كانا يحتميان فيه مع حارس خاص وولد قصي واسمه مصطفى الذي كان يبلغ من العمر 15 عاما، فقد كانت هناك كدمة زرقاء تمتد من فم عدي لتغطي كل وجهه بالإضافة إلى تشوهات كبيرة حول الشفة العليا بالإضافة إلى جرح مفتوح في رأسه الحليق، وقد رفض متحدث عسكري أمريكي التعليق على ما قيل من أن عدي انتحر.
ومن ناحية أخرى قال قائد أمريكي أن إجراء عملية فحص شامل لسجل أسنان عدي لمقارنته بسجل كامل كانت أمريكا قد حصلت عليه في الثمانينيات أمر غير ممكن لأن عشرة في المائة من أسنان عدي تحطمت بصورة كبيرة بسبب الطلقات، كما أن عملية التشريح لتحديد السبب المباشر للوفاة لم تكتمل بعد.
وقد حاول العراقيون الذين احتشدوا في محل الحلاق تفحص الصور التي يبثها التلفزيون بدقة شديدة، وكان الحاضرون خليطا من المسلمين والمسيحيين وكلهم أقل من الثلاثين عاما، وقد بدأ الهمس الخفيف مع بدء بث الصور في نشرة أنباء التاسعة مساء ثم بدأت التعليقات فور بث هذه الصور حيث تركزت كلها على التشكيك في حقيقة الصور والقصة الأمريكية وهو انعكاس لانعدام ثقة العراقيين في كل ما يصدرعن حكامهم الجدد من الأمريكيين من تصريحات أو بيانات.
الشقيقان في إسبانيا
وقال زهير متى وهو عامل عراقي يبلغ من العمر ثلاثين عاما: بعد أيام قليلة سوف يخرج علينا الأمريكيون بجثة أخرى ويقولون لنا انه صدام، وأضاف: الجميع في العراق يعلم أن الشقيقين في إسبانيا حاليا.
بعد ذلك بدأت أصوات طلقات رصاص تتردد في المنطقة وقد كانت طلقات احتفال بمقتل الشقيقين.
وقال الحلاق اثير أوديش انها أول مرة أرى فيها الناس سعيدة بموت شخص ما، ومن بين سبعة أشخاص كانوا في المحل أكد ثلاثة منهم أن ما رأوه هو صور أبناء صدام وقال أربعة أنهم مازالوا يشكون في تلك القصة والصور، وقال أحد الموجودين أن الرجلين يبدوان أكثر وزنا كما أنهما غير محترقين كما ذكرت التقارير الإخبارية الأولى عن الهجوم.
وقال الحلاق انه من خلال الصور يستطيع أن يؤكد أن الجثتين لنجلي صدام حسين.
وفي الواقع فإنه لا يمكن تحديد عدد العراقيين الذين شاهدوا هذه الصور في التلفزيون حيث ان أغلب مناطق العراق مازالت تعاني من انقطاع الكهرباء بصورة مستمرة، ولكن المؤكد أن نشر الصور بهذه الطريقة سوف يكون له تداعيات مختلفة وعديدة.
الخدمة العسكرية
وانتقل الحوار داخل محل الحلاقة من الحديث عن الجثث إلى الحديث عن أشياء أخرى، ويشعر بعض الشباب العراقي بالسعادة لأن وصول القوات الأمريكية إلى العراق سوف يعفيهم من الخدمة العسكرية أو دفع رشوة كبيرة يمكن أن تنتهي في جيب عدي نفسه من أجل إعفائهم من الخدمة العسكرية.
وعندما انتقد أحد الحاضرين سلطات الاحتلال الأمريكي قال انها لم تضف أي صابون إضافي إلى الحصة الشهرية التي كانت الحكومة العراقية تصرفها بانتظام للشعب العراقي منذ سنوات، فرد عليه أحد الحاضرين أنه يستطيع أن يعيش بقية عمره دون صابون ما دام سيعفى من الخدمة العسكرية.
والحقيقة أنه لا يمكن القول بأن كل العراقيين سعداء بمقتل قصي وعدي بل ان هناك قطاعا كبيرا يشعر بالحزن على الرغم من غضبهم مما مارسه الشقيقان من قمع واضطهاد، في حين أن هناك البعض الذين كانوا يتمنون اعتقالهما أحياء حتى يمكن محاكمتهما على كل جرائمهما في حق الشعب العراقي.
وعندما حان موعد إغلاق المحل عادت المناقشة إلى السؤال رقم صفر في حياة العراقيين وهو هل سيؤدي قتل عدي وقصي إلى تحسن الظروف المعيشية المأساوية للشعب العراقي؟
محاسبة الشقيقين
وبعد الموت الدامي لولدي صدام حسين قال الكثيرون من العراقيين انهم يشعرون بإحباط عميق لأن الرجلين اللذين كانا من أسوأ زبانية التعذيب للشعب العراقي لم يحاكما على جرائمهما في حق هذا الشعب.
يقول كريم الرباعي وهو مهندس سيارات عراقي يبلغ من العمر 43 عاما وكان مسترخيا تحت مظلة أمام متجر بيع قطع غيار السيارات الذي يمتلكه في شرق العاصمة العراقية بغداد يقول انه كان يريد محاكمة الرجلين بالفعل وليس قتلهما.
وأضاف أنه يتمنى القبض على صدام حسين ومحاكمته على وجه الخصوص.
وسئل العميد ريكاردو سانشيز قائد القوات البرية الأمريكية في العراق خلال مؤتمر صحفي لماذا لم يحاصر الجنود الأمريكيون المنزل الذي كان يحتمي فيه عدي وقصي صدام حسين في الموصل في محاولة لإجبارهما على الاستسلام.
فقال سانشيز ان قائد القوة الأمريكية التي نفذت العملية اتخذ قراره في ضوء الخطوط العامة للمهمة التي كلف بها، وأضاف أن مهمتنا كانت «العثور على عدي وقصي أو قتلهما أو أسرهما» وأضاف أنه كان أمامهم عدو متحصن في مكان ما وكان على القوات أن تتخذ الوسائل التي تراها ضرورية من أجل تحييد الهدف.
ولكن الباحثين والخبراء الذين أمضوا أعواما في البحث وتجميع الأدلة والمعلومات على جرائم عائلة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين يؤكدون أن مقتل الشقيقين بدد كنزا محتملا من المعلومات والأدلة التي كانت يمكن أن تساعد بصورة كبيرة في محاكمة أقطاب النظام العراقي كمجرمي حرب.
وكانت السمعة المعروفة عن عدي في بغداد أنه خاطف ومغتصب ويعشق التعذيب ويرأس مجموعة فدائيي صدام وهي المجموعة المسلحة التي يعتقد الكثيرون أنها تتحمل مسئولية أغلب العمليات الفدائية ضد القوات الأمريكية في العراق حاليا.
أما شقيقه قصي فقد كان قائدا للحرس الجمهوري العراقي الخاص وأشرف على قتل عشرات الآلاف أثناء التمرد الذي قام به الشيعة في أعقاب حرب الخليج الثانية عام 1991.
كما كان هناك اعتقاد واسع بأنه على معرفة وثيقة بحقيقة أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة.
يقول هاني منجلي مدير إدارة الشرق الأوسط في منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان التي تتخذ من نيويورك مقرا لها يقول انه من المؤكد أن الشقيقين كانا من الشخصيات الرئيسية التي يجب محاكمتهما وتقديمهما للعدالة، وأضاف أن تقديمهما للعدالة كان أقرب لتحقيق رغبة أغلبية العراقيين بدلا من قتلهما.
وكان مجلس الحكم العراقي الانتقالي قد بدأ بعد أيام قليلة من تشكيله برعاية قوات الاحتلال الأمريكي في الإعداد لمحاكم جرائم حرب لكبار المسؤولين في نظام الرئيس المخلوع صدام حسين، وكانت قوات الاحتلال الأمريكي قد اعتقلت مؤخراً برزان عبدالمجيد التكريتي قائد الحرس الجمهوري الخاص والذي يحتل المرتبة الحادية عشرة في قائمة المسؤولين العراقيين المطلوب اعتقالهم أو قتلهم والتي تضم 55 مسؤولا.
وقد نجحت القوات الأمريكية بالفعل في قتل أو اعتقال 18 مسئولا من هذه القائمة، ولكن السمكة الكبيرة أو صدام حسين نفسه مازال عصيا على الاصطياد على الرغم من إعلان السلطات الأمريكية عن تقديم مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال أو قتل صدام حسين.
من ناحيته رفض سانشيز قائد القوات الأمريكية في العراق التكهن بالوقت الذي يمكن أن تستغرقه عملية مطاردة صدام حسين وقال: ما زال أمامنا الكثير من الأهداف ذات القيمة الكبيرة نطاردها.
في الوقت نفسه يشعر سكان العاصمة العراقية بغداد بأن صدام حسين بات على وشك الوقوع في قبضة الأمريكيين، ولكن العراقيين لن يرضوا بمجرد ظهوره على شاشة التلفزيون التي ظل يظهر عليها كل ليلة على مدى سنوات حكمه التي امتدت لأكثرمن عقدين من الزمان ولكنهم يريدونه داخل قفص الاتهام أمام المحكمة التي ستحاكمه على جرائمه في حق الشعب العراقي.
يقول مواطن عراقي صاحب متجر صغير لبيع الحقائب في حي كرادة ببغداد أن شقيقه اشترى جملا لذبحه عندما يتم اعتقال صدام حسين.
وأضاف أن هذا اليوم سيكون يوم عيد كبير فنحن نريد أن نرى رأس الأفعى أي صدام حسين ونريد أن نراه حيا مقبوضا عليه ويتم عرض صوره حية على شاشة التلفزيون.
وكان الكثيرون من العراقيين قد تساءلوا في أعقاب الإعلان عن مقتل الشقيقين عدي وقصي عن السبب وراء عدم بث صور جثتيهما على شاشة التلفزيون لأنهم كانوا يريدون دليلا ملموسا على أن الشعب العراقي تخلص من هذين السفاحين للأبد.
يقول عبد الأمير إذا لم نر نحن العراقيين أي شيء بعيوننا فإننا لا نصدقه، فنحن اعتدنا على أن يردد المسؤولون علينا الأكاذيب.
وفي ظل هذه الشكوك اضطروزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أن يعلن عن عرض صور جثتي عدي وقصي على وسائل الإعلام، وتمثل هذه الخطوة انتهاكا واضحا للقانون الدولي الذي يحظر نشر صور الأسرى أو القتلى في وسائل الإعلام وهو نفس القانون الذي أقام وزير الدفاع الأمريكي نفسه الدنيا ولم يقعدها بسببه عندما بث العراق صور قتلى وأسرى أمريكيين أثناء الحرب.
وقد واجهت الإدارة الأمريكية صعوبة كبيرة في إقناع العراقيين بمقتل الشقيقين عدي وقصي حتى بعد عرض صور الجثتين وتأكيدات المسؤولين الأمريكيين على أن الجثتين لنفس الشقيقين كما فعل سانشيز قائد القوات الأمريكية في العراق الذي قال انه تم التأكد من هوية القتيلين من خلال سجل أسنان كل منهما وأشعة إكس التي جرت على ساق عدي والتي كانت مصابة منذ محاولة اغتياله عام 1996 وشهادة أربعة من كبار المسؤولين في النظام العراقي المنهار والذين أكدوا أن الجثتين هما لعدي وقصي.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن المسؤولين الأربعة الموجودين حاليا في قبضة القوات الأمريكية هم طارق عزيز نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق وعبد حمود التكريتي السكرتير الشخصي السابق للرئيس العراقي المخلوع صدام حسين ووطبان وبرزان التكريتي عما القتيلين.
وفي الوقت نفسه فإن مقتل قصي وعدي لم يؤثر على وتيرة هجمات المقاومة العراقية ضد القوات الأمريكية كما كان يحلم الأمريكيون.
ففي يوم الأربعاء وبعد يوم واحد من الإعلان عن مقتل الشقيقين لقي خمسة جنود أمريكيين مصرعهم في هجمات حرب العصابات التي تشنها المقاومة ضد قوات الاحتلال. وقد قتل ثلاثة من الخمسة في الموصل حيث قتل عدي وقصي وهؤلاء الثلاثة من أفراد الفرقة الأمريكية مائة وواحد المحمولة جوا والتي نفذت عملية قتل نجلي صدام حسين.
ثم قتل جندي وأصيب ستة آخرون في هجوم على قافلة أمريكية في شمال العراق وفي نفس اليوم قتل الجندي الخامس وأصيب معه أثنان في هجوم على قافلة أمريكية أخرى في مدينة الرمادي بالقرب من العاصمة العراقية بغداد.
وفي هذه الظروف بثت قناة فضائية شريطا صوتيا مسجلا للرئيس العراقي صدام حسين سجله قبل يومين من مقتل نجليه أكد فيه على استمرار تحدي ومقاومة الاحتلال وطالب العراقيين بمواصلة هجماتهم ضد جنود الاحتلال الأمريكيين.
صدام والثأر
ومن ناحية أخرى نشرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» تقريرا تحت عنوان «رحيل نجلي الرئيس» تناولت فيه مقتل عدي وقصي.
وقالت الجريدة الأمريكية انه مما لاشك فيه أن موت الولدين سوف يكون ضربة قوية جدا لصدام حسين ولكن هؤلاء الذين يتطلعون إلى أن يؤدي ذلك إلى تحطيم الرجل سوف يصابون بالإحباط وخيبة الأمل بل إن المتوقع أن يصدر الرجل شريطا صوتيا جديدا خلال الأيام القليلة القادمة يقول فيه أنه ضحى بولديه من أجل الكفاح ضد الاحتلال ويدعو باقي العراقيين إلى الاقتداء به وفقا لما قاله أحد المحاربين القدماء العراقيين.
وقد تحولت معركة صدام حسين ضد الاحتلال الأمريكي من معركة حياة أو موت بالنسبة له إلى ثأر شخصي لمقتل ولديه، ورغم ذلك فإن مصيبة وحزن صدام حسين بالتأكيد كبيران فقد كان حسين رجل أسرة دائما يعشق أسرته، بل إنه من بين النكات القليلة المعروفة عن الديكتاتور العراقي المخلوع كانت تتعلق بابنه عدي والذي اعتاد الرئيس المخلوع أن يقول عنه أنه كان «نشيطا» منذ أيامه الأولى، وتعود هذه النكتة إلى عام 1964 عندما كان صدام حسين مسجونا وكانت زوجته ساجدة خير الله طلفاح تزوره ومعها رضيعها عدي وكانت تحمل معها رسائل سرية من أعضاء حزب البعث في الخارج مخفية في ملابس الرضيع عدي.
وبعد ذلك بسنوات وعندما انفرد صدام حسين بحكم العراق كان أفرد عائلته هم أدواته الأساسية في حكم العراق حيث تولى اخوانه غير الأشقاء وطبان وبرزان وسبعاوي بالإضافة إلى عمه خير الله طلفاح وابن عمه عدنان المناصب الرئيسية في الحكومة العراقية.
أما زوج ابنته حسين كامل المجيد فقد ظهر كعضو رئيسي في الحكومة خلال الثمانينيات كما حدث مع قريب آخر من أقارب حسين كامل وهو علي حسن المجيد بعد ذلك.
فقد كان حكم صدام حسين نموذجا كلاسيكيا للحكم القبلي، ومع ذلك فإن الصعود في سلم الحكم من خلال علاقات الدم لا يعني أي ضمان بالنسبة لوظيفة الأمن، وقد فقد كل اخوة صدام من الأم نفوذهم بعد وفاة والدتهم عام 1982، وقد كانوا جميعا مسؤولين كبارا في الجهاز الأمني العراقي.
لعب عدنان خير الله دورا رئيسيا كوزير للدفاع في الحرب العراقية الإيرانية خلال الثمانينيات التي لم تشهد انتصارات عسكرية عراقية واضحة، وربما يكون هذا هو السبب في مقتله بعد وقت قليل جدا من وقف إطلاق النار في حادث تحطم طائرة غامض.
أما حسين كامل المجيد فقد تم إعدامه بعد انشقاقه عن صدام حسين وفراره لفترة قصيرة إلى الأردن عام1995، وفي نظام القضاء العراقي الخطير للرئيس صدام حسين لم يكن هناك أحد فوق القانون غير ولديه قصي وعدي.
أما الباقون فكانوا معرضين للعقاب وبخاصة في حالة ارتكاب جرائم مخزية فعلى سبيل المثال كسر صدام حسين ذراع ابن عمه لؤي خير الله لأنه اعتدى على معلمه في المدرسة. ولكن عدي وقصي كانا يتمتعان بحصانة كاملة فقد تعهد صدام حسين بمعاقبة عدي بشدة عام 1989 بسبب قتله لمتذوق الطعام الخاص به لكن الرئيس الأب تراجع بعد ذلك.
فقد كان صدام حسين يرى أنهما الشخصان الوحيدان اللذان يمكنه الثقة فيهما بلا حدود والآن فقد فقدهما.
وفي نفس الوقت فإن طريقة موتهما يمكن أن تمثل نذير شؤم بالنسبة للقائد المطارد حتى مع افتراض أنهما تعرضا للخيانة من جانب صاحب المنزل الذي كانا يختبئان فيه في الموصل.
والحقيقة أن الفيلا الأنيقة التي كان نواف زيدان يمتلكها واستصاف فيها قصي وعدي تؤكد أن الرجل تمكن من جمع أموال كثيرة في ظل النظام المنهار، ولكن لا توجد أي مقارنة بين تلك المكاسب والثروة الهائلة التي حصل عليها عندما باع ضيفيه إلى الأمريكيين مقابل الجائزة التي أعلنت عنها قوات الاحتلال وقدرها ثلاثون مليون دولار وقالت بعض المصادر انه حصل على خمسين مليون دولار مقابل الإبلاغ عن الشقيقين.
كما أن اكتشاف المنزل الذي اختاره الشقيقان الهاربان للاختفاء فيه يؤكد أنه من الصعب على عائلة صدام حسين أن تذوب في الشعب كما حدث مع السكرتير الشخصي لصدام حسين عبد حمود محمود التكريتي الذي لم يجد غير منزل واحد من الكثيرين من سكان تكريت لكي يختفي فيه ولكن تم اعتقاله على يد قوات الاحتلال أيضا.
وإذا كان صدام حسين يحاول الاختفاء بنفس الطريقة فإنه يمكن توقع القبض عليه في المستقبل القريب، ولكن من غير المعتقد أن إطلاق سكان بغداد النار احتفالا بمقتل ولديه سبّب احباطا كبيرا لصدام حسين، فلا أحد يعتقد أن صدام كان يعيش تحت وهم أن الشعب يحبه.
كما أن سكان بغداد على وجه التحديد من حقهم الاحتفال بالتخلص تماما من عدي وقصي بعد تلاشي احتمالات عودة عائلة صدام حسين للحكم مرة أخرى.
لقدعاد صدام حسين مرة أخرى مطاردا وهاربا تماما كما بدأ حياته السياسية في شتاء 1959 بعد أن شارك في محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس العراقي في ذلك الوقت عبدالكريم قاسم.
وفي سنوات حكمه كانت حياته تمثل فرصة لكتاب القصص والأفلام لاستلهام قصص وأفلام أسطورية تنتهي نهاية سعيدة، ولكن هذه المرة تضاءلت فرصة النهاية السعيدة وأصبح كل ما يطمح فيه هو الأسطورة.

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
تحت الضوء
الجريمة والعقاب
الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
عواصم ودول
المستكشف
داخل الحدود
الملف السياسي
فضائيات
أطفال التوحد
السوق المفتوح
المقهى
أقتصاد
حياتنا الفطرية
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved