الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 6th April,2004 العدد : 75

الثلاثاء 16 ,صفر 1425

ولماذا التعب ..؟!
علَّمونا في صغرنا أن الحياة جهاد وتعب وأرق ومعاناة، وذلك ضمن تحضير الإنسان للمستقبل الغامض، والتهيئة لما يمكن أن يكون..
وهيأونا صغاراً، وتابعونا كباراً للتأكد من تكيُّفنا مع مثل هذا الجو، خطوة خطوة وإن تعبنا أو أصابَنا مرض الملل..
وإذا كان شاعرنا محِقَّا في تعجّبه من ذلك الذي يبحث عن مزيد من التعب في أجواء زمن مختلف، فالأمر ربما اختلف الآن إلى ما يحرِّض على ممارسة لعبة التعب.
***
وبالتأكيد فلا أحد منا يبحث عن التعب، أو يلهث خلف ما يُتعبه إلا مضطراً..
مع وجود استثناءات لذلك التعب الذي يُوصف بأنه من نوع التعب اللذيذ..
وربَّما كان هناك ما يبرر إقدامنا على كل تعب يُفضي بنا إلى نتائج تغسل عرق التعب من أجسامنا..
وهذا ما يفسِّر حالة الاختلاف في التعب زماناً ومكاناً ونوعاً وبين ما هو لذيذ وما هو غير ذلك.
***
ومثلما استغرب الشاعر وجود رغبة لدى البعض في تعريض أنفسهم إلى مزيد من التعب وهو ما أثار تعجبه وربما دهشته..
فقد ربط الشاعر الآخر بين الوجود والإنسان بعلاقة أطَّرها بنظرة وذائقة الإنسان إلى الجمال، وما يتركه ذلك من أثر يجعل حياته يسودها الجمال وربما بلا تعب أو معاناة.
***
لكن يظل مثل هذا الجمال في غياب التعب عند تحقيقه ناقصاً إن لم أقل مشوهاً..
ويبقى التعب من غير جمال أو هدف مؤذياً هو الآخر، مثله مثل أي جهد حين يُهدرعلى لا شيء..
وما أكثر ما يهدره الإنسان في حياته ، وهو يسير على هذا الطريق الشائك الطويل.
***
الحياة إذاً صراع وبذل وجهد من أجل أن يعتلي الإنسان كل القمم بكرامته وإنسانيته..
وفي سبيل أن يغوص في درر من كوامن الكون، وهي كثيرة ومتعددة..
غير أن ما هو متاح على كثرته من صور الجمال في حياة كل إنسان لا يستثمر منه إلا قليله..
ربما لأننا نقرأ للآخرين معاني تحريضية أحياناً وترغيبية أحياناً أخرى أو استفزازية حيناً وتوجيهية في بعض الأحيان بشكل مُغيَّب فيه الهدف.


خالد المالك

بعد أن كشف عن المستور عنه أمام لجنة الكونجرس
اعترافات كلارك تهدد فرص بوش في الانتخابات

* إعداد أشرف البربري
تحول الاتهام الذي وجهه ريتشارد كلارك المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى الرئيس جورج بوش وأركان إدارته بالعجز في مواجهة التهديدات الإرهابية سواء قبل هجمات سبتمبر أو بعدها إلى كرة من الثلج تزداد تضخما وخطورة بمرور الوقت.
فمنذ أن ظهر كلارك في برنامج ستين دقيقة على شاشة شبكة سي بي إس التلفزيونية الأمريكية ليقدم أهم النقاط الأساسية في كتابه (ضد كل الأعداء: من داخل حرب أمريكا ضد الإرهاب) والتعليقات لم تتوقف ما بين مؤيد ومعارض.
والحقيقة أن الكثير مما قاله كلارك عن سياسات بوش في مكافحة الإرهاب وجد آذانا صاغية لدى وسائل الإعلام الأمريكية وأوساط التحليل السياسي التي سارعت بالرد على محاولات البيت الأبيض التقليل من شأن الرجل واتهاماته.
ففي مقال نشره موقع مركز الإعلام المستقل في هيوستن والعديد من الصحف الأخرى يقول الكاتب فريد كابلان : ليس لدي أدنى شك في أن ريتشارد كلارك أو ديك كلارك المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي قال الحقيقة في كل ما وجهه من اتهامات وانتقادات لسياسة الرئيس الأمريكي جورج بوش لمكافحة الإرهاب.
وذكر كابلان ثلاثة أسباب لهذه الثقة هي:
أولا، الاتهامات الأساسية التي وجهها إلى الرئيس بوش تتفق تماما مع القصص التي رواها مؤخرا العديد من المسؤولين الآخرين في الإدارة الأمريكية وبعضهم لا تربطه أي صلة مباشرة مع كلارك.
ثانيا، محاولات البيت الأبيض دحض هذه الاتهامات جاءت ضعيفة جدا ومتناقضة.
فلو أن ما قاله كلارك كان خطأ فإن المرء كان يتوقع ردا قويا وبخاصة من جانب مساعدي الرئيس بوش الذين يتمتعون بمهارة كبيرة في شن الهجمات المضادة بصورة أقوى وأكثر استقراراً.
ثالثا، درست مع كلارك في أواخر السبعينيات في قسم العلوم السياسية بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي).
وعندما التحق هو بالعمل في وزارة الخارجية والتحقت أنا بالعمل في الصحافة خلال الثمانينيات كنت أطلق عليه (مصدر عارض) فقد كنت أحصل منه على الكثير من الأخبار والمعلومات الصحيحة والمهمة.
وقد كانت هناك الكثير من الأمور الايجابية والسلبية بالنسبة لكلارك.
وقد كانت نبرته تثير كلاً من الاعجاب والارتياب في آن واحد.
وقد كان في الماضي ذكيا للغاية ماهرا في عمله.
كما أنه لم ينتمِ لأي من الحزبين الجمهوري ولا الديموقراطي على الإطلاق.
وكان محللا بارعا ويعرف كيف ينجز الأشياء رغم البيروقراطية المتحجرة.
أما الآن فقد اصبح متغطرسا لا يبذل أي جهد من أجل إخفاء احتقاره لهؤلاء الذين يختلفون معه في الرأي.
ويناور بمنتهى الصرامة من أجل تفادي العقبات التي تحول دون تطبيق وجهة نظره.
ورغم ذلك فإن كل مزاياه وعيوبه تؤكد أنه ذكي للغاية بحيث لا يمكن أن ينشر أو يكتب شيئا يمكن أن يتم دحضه.
ويتابع كابلان قائلا: وقد قال لي دانيال بنيامين خبير الإرهاب الآخر الذي عمل إلى جانب كلارك في إدارة الرئيس بيل كلينتون في حوار تليفوني مؤخرا :لم ينجح ديك في الاستمرار في ظل هذا البناء البيروقراطي في الإدارة الأمريكية طوال هذه السنوات الثلاثين ويزدهر أيضا لو كان يترك نفسه عرضة للهجوم.
قدرة بيكر
ويشير كابلان إلى أن كلارك واجه عقبة
وحيدة في مسيرته المهنية التي استمرت ثلاثين عاما وكانت بعد أن وصل إلى مرتبة عالية ولكنه لم يشر إليها في الكتاب.
فقد طرد جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي الاسبق في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب، كلارك من منصبه كمدير لإدارة المكتب السياسي العسكري في الخارجية.
ولكن برنت سكوكروفت مستشار الرئيس بوش الأب للأمن القومي استعان بكلارك في مجلس الأمن القومي على الفور.
وشكك الكاتب فريد كابلان في قدرة جيمس بيكر الذي مازال عضوا فاعلا في معسكر الرئيس بوش رغم عدم احتلاله منصبا رسميا على التعليق على هذه القصة الآن ويقول لنا إن السبب الرئيسي وراء طرد كلارك من منصبه كان ارتباطه الوثيق بمعارضي إسرائيل وهو أمر لم تكن عائلة بوش تريد ظهوره في موسم الانتخابات الرئاسية.
وبالنسبة لجوهر القنبلة التي فجرها كلارك يقول كابلان في مقاله إن القضية الأساسية التي تناولها كلارك في كتابه (ضد كل الأعداء: من داخل حرب أمريكا ضد الإرهاب) وفي أحاديثه المطولة في برنامج ستين دقيقة على شبكة سي بي إس التلفزيونية الأمريكية وبرنامج (شارلي روز شو) ثم في شهادته أمام لجنة التحقيق في هجمات الحادي عشر من سبتمبر هي أن بوش قام (بعمل مروع) في حربه ضد الإرهاب.
بالتحديد في صيف عام 2001 فإن الرئيس بوش لم يفعل أي شيء تقريبا للتعامل مع الأدلة المتزايدة على هجوم وشيك من جانب تنظيم القاعدة.
وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر كان الرد الأساسي للرئيس بوش وإدارته على هذه الهجمات الإرهابية هو مهاجمة العراق الذي لا توجد أي صلة بينه وبين الهجمات.
وهذه الخطوة من جانب إدارة بوش لم تؤد فقط إلى تشتيت اهتمامنا عن الحرب الحقيقية ضد الإرهاب ولكنها غذت الحرب الإعلامية التي يشنها أسامة بن لادن ضد الولايات المتحدة بأنها تغزو وتحتل العراق الدولة العربية الغنية بالنفط وبذلك يتمكن أسامة بن لادن من ضم متطوعين جدد إلى تنظيمه الإرهابي لمهاجمة الولايات المتحدة.
اتهامات تستحق الاهتمام
وأكد الصحفي الأمريكي أن الاتهامات التي يوجهها كلارك إلى إدارة الرئيس بوش تستحق الاهتمام بسبب مكانة كلارك نفسه.
ففي كل الإدارات الأمريكية منذ إدارة الرئيس الأسبق رونالد ريجان أوائل الثمانينيات كان كلارك ضمن كبار المسؤولين في وزارة الخارجية أو مجلس الأمن القومي ويتعامل بشكل أساسي مع قضايا مكافحة أسلحة الدمار الشامل والإرهاب.
وفي عهد إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون والسنة الاولى من حكم الرئيس جورج بوش عمل في البيت الأبيض كمنسق قومي لمكافحة الإرهاب وهو منصب حكومي أنشئ خصيصا من أجل مواهبه قدراته الخاصة.
وعندما ضرب الإرهابيون ضربتهم في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 اختارت مستشارة الأمن القومي كوندليزا رايس الرجل (كمدير للأزمة) حيث أدار اجتماع الطوارئ من غرفة القيادة كما تولى التنسيق وإدارة مختلف الردود من جانب المشاركين في إدارة الأزمة.
وقد دعم كلارك تأريخه لهذه الأزمة بأدق التفاصيل.
ولكن لا يجب أن تكون الاتهامات الأساسية التي يتضمنها كتاب وحديث كلارك مثيرة للجدل بهذه الصورة.
والحقيقة أن تلك الاتهامات التي وجهها كلارك إلى إدارة بوش ليس بها شيء جديد.
فقد سبقه بول أونيل وزير الخزانة السابق في إدارة الرئيس بوش (ثمن الولاء) الذي أعده الصحفي رون سوسكيند، وأكد أن كبار المسؤولين في إدارة الرئيس بوش تحدثوا عن غزو العراق منذ الأيام الأولى لوصول هذه الإدارة إلى البيت الأبيض مطلع 2001.
أما جيم مان فيكشف في كتابه الجديد (حكومة حرب بوش: صعود البراكين) بمزيد من العمق عن سيطرة هاجس غزو العراق على إدارة الرئيس الأمريكي قبل أن تقع هجمات سبتمبر من الأساس.
وهناك أيضا راند بيرز هو واحد من أكثر الأشخاص صلة بهذه القضية حيث خلف كلارك في منصبه بالبيت الأبيض كمسؤول عن ملف مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي في فبراير 2003 وقد استقال الرجل احتجاجا على الحرب الأمريكية ضد العراق.
ففي يونيو الماضي قال بيريز لصحيفة واشنطن بوست :لم يكن هناك اتفاق بين أقوال الإدارة الأمريكية وأفعالها في الحرب ضد الإرهاب. وهي جعلتنا أقل أمنا وليس أكثر أمنا.
وأضاف إن هذه الإدارة كانت : تتجنب القضايا الشائكة أو طويلة المدى سواء الداخلية أو الخارجية أو تهملها أو تقلصها. كما كانت مثل هذه القضايا تعاني من نقص التمويل المخصص لها بصورة عامة.
وبالطبع فإن كلارك كان مطلعا على كواليس الأمن القومي في إدارة الرئيس بوش وبخاصة التي تتعامل مع ملف الإرهاب بالصورة التي يمكن لأي إنسان أن يتخيلها.
لذلك فإن الاتهامات التي يوجهها كلارك للرئيس بوش وإدارته تتمتع بمصداقية كبيرة. كما أنها خطيرة وتحتاج إلى اهتمام كبير.
وهنا يثور سؤال شديد الأهمية وهو كيف واجهت إدارة بوش كلارك؟ والحقيقة أنها واجهته بطريقة سيئة.
فقد فشلت الإدارة الأمريكية في تقديم قصة واحدة بصورة غير معتادة ردا على ما قاله كلارك.
فمن ناحية قالت كونداليزا رايس إن الرئيس بوش فعل كل ما أوصى به كلارك.
ومن ناحية أخرى فإن ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي تحدث في برنامج روش ليمباو وكأن كلارك كان مجرد كاتب أو موظفاً صغيراً في الإدارة الأمريكية حيث قال إن كلارك لم يكن أبدا في دائرة صنع القرار ولكنه كان مجرد شخص ضمن فريق عمل كبير وهذه الكلمات مضحكة للغاية.
فكلارك لم يكن ضمن دائرة صنع القرار لأنه كان هو محور صنع القرار بالفعل.
والحقيقة أن ما قاله تشيني هو تضليل كبير.
فقد قال تشيني إن كلارك كان قد نقل إلى فريق أمن شبكات الكمبيوتر الذي يتعامل مع الهجمات التي تستهدف أنظمة الكمبيوتر وأنظمة تكنولوجيا المعلومات المعقدة وهنا رد المذيع ليمباو :حسنا الآن فهذا يشرح الكثير من الامور. هذه هي الإجابة الصحيحة هنا.
ولكن ما قاله تشيني لم يشرح شيئا. فهم لم ينقلوا كلارك.
ولكنه انتقل بناء على طلبه بسبب إحباطه من الطريقة التي تتعامل بها إدارة الرئيس بوش مع سياسة مكافحة الإرهاب.
ثانيا هو انتقل بعد هجمات سبتمبر. وقد غادر الإدارة الأمريكية ككل في فبراير 2003.
وفي محاولة أخرى للتقليل من أهمية كلارك، أصدر المكتب الصحفي للبيت الأبيض تقريرا مكتوبا يعارض ادعاءات كلارك.
وقال البيان ديك كلارك لم يكن أبدا ضمن أفراد الحكومة الأمريكية.
كما عاد البيان لينفي مرة أخرى وعلى عكس ما قاله الكتاب أن كلارك أبعد عن منصبه وأنه استمر كمنسق قومي لمكافحة الإرهاب.
والحقيقة أن كلا الحجتين اللتين عرضهما بيان البيت الأبيض مخادع.
فكلارك لم يكن مسؤولا حكوميا رفيع المستوى.
ولكنه كمنسق قومي لمكافحة الإرهاب في إدارة الرئيس بيل كلينتون أدار اجتماعات (لجنة المبادئ) لمكافحة الارهاب التي كان يشارك فيها وزراء.
كما أنه كان هناك اثنان من المديرين في مجلس الأمن القومي الأمريكي يتبعون كلارك مباشرة.
كما كان يتمتع بسلطة مراجعة الأقسام ذات الصلة من الميزانية الاتحادية.
وفي كتابه قال كلارك ولم يرد أحد عليه إنه عندما تولت كونداليزا رايس منصب مستشارة الأمن القومي الأمريكي أبقت عليه في منصبه كمنسق قومي لمكافحة الإرهاب ولكنها سحبت سلطات المنصب.
فلم يعد يشارك في اجتماعات لجنة مكافحة الإرهاب التي تباعدت اجتماعاتها هي ذاتها.
وأصبح خاضعا لسلطة نواب وزراء في الإدارة الأمريكية.
كما لم يعد يعمل معه أي موظفين ولم يعد يحضر أي لقاءات مع مسؤولي الميزانية.
ومن المحتمل أن يكون كلارك نظر إلى الموضوع من منظور شخصي أشعره بالسخط والغضب.
ولكنه في الوقت نفسه نظر إلى هذه التطورات باعتبارها تقليلاً من أهمية قضية مكافحة الإرهاب وإشارة إلى أن إدارة بوش لا تتعامل مع خطر تنظيم القاعدة باعتباره تهديداً ملحاً كما كان الحال مع إدارة الرئيس بيل كلينتون.
والحقيقة أن البيان الذي أصدره البيت الأبيض امتلأ بالكثير من محاولات التشويش.
فعلى سبيل المثال يقول البيان إن الرئيس بوش لم يكن في حاجة إلى مقابلة كلارك لأن الاول وعلى عكس الرئيس السابق بيل كلينتون كان يلتقي يوميا مع جورج تينت مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي أيه)الذي كان يحدثه باستمرار عن تنظيم القاعدة.
شعور بالاسى
ولكن كلارك يصف لنا كيف كانت تتم هذه اللقاءات فيقول: كنت أنا وتينت نشعر بالاسى دائما لأن تنظيم القاعدة لا يعالج بالجدية اللازمة من جانب الإدارة الجديدة.
واتفقنا على أن يؤكد تينت للرئيس في لقائهما اليومي خطر القاعدة ومواصلة نقل المعلومات التي تحذر من هجمات القاعدة إلى الرئيس كل يوم.
والمشكلة أن شيئا لم يحدث وهناك ملحوظة مهمة وهي أن إدارة الرئيس بوش لم تستعن بجورج تينت للرد على ما قاله كلارك في كتابه وأحاديثه التلفزيونية.
وتصر وثيقة البيت الأبيض على أن الرئيس بوش تعامل بجدية مع التهديدات التي يمثلها تنظيم القاعدة وأنه قال لكونداليزا رايس في إحدى المرات إنه تعب من الضربات الجوية ويريد شن هجوم كبير ضد تنظيم القاعدة.
ولكن كلارك يصف مثل هذه الحوارات بين بوش وكبار مساعديه فيقول :كان الرئيس بوش يقرأ تقارير المخابرات كل يوم ولاحظ أن هناك الكثير من المعلومات عن تنظيم القاعدة وسأل كونداليزا رايس عما إذا كان في إمكانهم وقف (هذه الضربات الطائرة) والتخلص من تنظيم القاعدة.
وقد روت رايس لي المحادثة بينها وبين بوش وسألتني كيف يمكن تقديم خطة للتخلص من تنظيم القاعدة إلى اجتماع (لجنة النواب) وقال لها إنه يمكن تقديم هذه الخطة إلى لجنة المبادئ خلال يومين عندما نتمكن من عقد اجتماع لها.
وقد ضغطت من أجل عقد مثل هذا الاجتماع.
ووعدت رايس بعقده في أقرب فرصة ولكن الوقت مر.
هجمات سبتمبر
ولم تعقد لجنة المبادئ الاجتماع الذي كان كلارك يطلبه بإلحاح منذ الأسابيع الأولى للرئيس بوش في الحكم إلا قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر بأسبوع واحد.
وفي حديثه إلى برنامج (ستين دقيقة) التلفزيوني عدد كلارك التداعيات الخطيرة لتأجيل عقد مثل هذا الاجتماع.
وقارن كلارك بين يوليو 2001 وديسمبر 1999.
ففي ديسمبر 1999 تلقى الرئيس بيل كلينتون تحذيرا مخابراتيا من اعتزام تنظيم القاعدة شن هجوم على مطار لوس أنجلوس الدولي وكانت لجنة المبادئ لمكافحة الإرهاب تعقد آنذاك بصفة مستمرة ومتكررة.
يقول كلارك إنه في ديسمبر 1999 كان رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي ومدير وكالة المخابرات المركزية ووزير العدل يذهبون كل يوم أو يومين لعقد اجتماع في البيت الأبيض ويقدمون تقارير عن كل ما قام به كل واحد منهم بشكل شخصي لمنع هجوم القاعدة لذلك فإنهم كانوا يعودون كل ليلة إلى إداراتهم ويبحثون تحت الأشجار بأنفسهم للحصول على كل المعلومات.
ولو أن هذا حدث في يوليو عام 2001 فربما كنا اكتشفنا في البيت الأبيض أو اكتشف وزير العدل وجود عناصر تابعة لتنظيم القاعدة داخل الولايات المتحدة.
وقد كانت المستويات الصغرى من المسؤولين في مكتب التحقيقات الفيدرالي يعلمون بوجود هذه العناصر داخل أمريكا لكنهم لم يبلغوا المستويات العليا في المكتب بذلك.
إذن لو أن مثل تلك الاجتماعات قد تواصلت في عهد الرئيس بوش لربما تمكنا من الامساك بهذه العناصر واكتشفنا المزيد من خيوط المؤامرة.
وأنا لا أقول إننا كنا نستطيع منع وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر ولكنني أقول إننا على الأقل كنا سنحصل على فرصة في مواجهة المؤامرة.
والخلاصة إن ما قاله كلارك هو مأساة عجز ادارة بوش.
وحتى الآن فإن أحدا من إدارة الرئيس لم يرد على هذا الاتهام الكارثي.
إجراء تحقيق
الى ذلك ، وفي صحيفة نيوزداي الأمريكية التي تصدر في نيويورك نشر جيمس بنكرتون تعليقا على قنبلة كلارك دعا فيه إلى ضرورة إجراء تحقيق شامل وحقيقي بشأن ما نشره الرجل وردده في أكثر من مناسبة.
وقال برنكستون إن انتقاد ريتشارد كلارك كان مدمرا لسياسة الأمن القومي للرئيس الأمريكي جورج بوش.
بالطبع فإن الادعاءات التي تضمنها نقد كلارك ليست هي القصة الرئيسية لأن هناك أشخاصاً كثيرين آخرين لديهم قصصهم أيضا.
ومن حسن الحظ أن لدينا تحقيقا مستمرا يمكن أن يؤدي إلى سجن أي شخص يكذب.
ورصد بنكرتون ثلاث نقاط أساسية فيما قاله مسؤول ملف مكافحة الإرهاب السابق في مجلس الأمن القومي وهي:
اتهام إدارة الرئيس الأمريكي جورج بأنها (تجاهلت) التهديد الذي كان يمثله تنظيم القاعدة قبيل هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.
والثانية إنه حتى بعد الهجوم الذي شنته قوات أسامة بن لادن كان هناك العديد من المسؤولين في إدارة بوش يريدون (تجاهل) حقيقة أن قوات أسامة بن لادن وبن لادن نفسه مختبئة في أفغانستان وأرادوا ضرب العراق بعد هجمات سبتمبر مباشرة.
وواصل كلارك كلامه فقال إن بوش وإدارته ضربوا العراق بعد ذلك رغم عدم وجود أي علاقة بين العراق وهجمات سبتمبر.
والنقطة الثالثة هي أن الرئيس أدى (عملا مريعا) في مواصلة الحرب ضد الارهاب.
وهو الآن يريدنا أن نعيد انتخابه بسبب أدائه المخزي على مدى ثلاث سنوات من التشتت وعدم الكفاءة.
وانتقل الكاتب الأمريكي من الاتهامات إلى محاولة تمحيصها وقال إنه يجب النظر إلى هذه الاتهامات في ضوء ثلاثة أمور رئيسية...
أولا، يجب البحث عن دوافع ريتشارد كلارك لكي يخرج علينا في توقيت كهذا بمثل هذه الاتهامات.
بداية، نقول إن كلارك ظل يعمل موظفا مدنيا في الحكومة الامريكية لمدة ثلاثين عاما ثم استقال عام 2003.
وبدأ يكتب كتابه هذا في العام التالي لاستقالته ليصدره الآن وقبل الانتخابات الرئاسية بثمانية أشهر تقريبا.
لماذا فعل كلارك هذا؟ هل يريد الانتقام من فريق الامن القومي في إدارة بوش والذي يضم 43 شخصا لأنهم أبعدوه عام 2001 بعد أن أمضى أكثر من عشر سنوات ضمن فريق البيت الأبيض لمكافحة الإرهاب؟ هل يريد فقط إثارة الجدل من أجل ضمان مبيعات جيدة للكتاب؟ هل يمارس نوعا من النفاق المسبق للرئيس الديموقراطي المنتظر جون كيري كما قال أحد مستشاري بوش؟ أم أنه وكما يقول عن نفسه مواطن غاضب يتحدث بحرية ضد هذه الإدارة الأمريكية الخبيثة؟ وفي كل الأحوال فقد رد البيت الأبيض بعنف شديد على موظفه السابق حيث قالت كوندليزا رايس مستشارة الرئيس بوش للأمن القومي عن كلارك ديك: «كلارك لا يعرف ما يتحدث عنه».
أما النقطة الثانية التي يجب تناول ما قاله كلارك في ضوئها فهي دوافع المسؤولين في إدارة بوش.
فقد أجاد كل رجال الرئيس ونسائه أيضا في تقديم تكذيب عام لكل ما قاله كلارك وتنديد به. ولكنهم لم يجيدوا عند تناول ما قاله الرجل نقطة نقطة.
على سبيل المثال يقول كلارك إن الرئيس بوش استند في موقفه من العراق على أدلة ملفقة ضد العراق وأن الرئيس بوش أبلغه شخصيا بذلك.
ولكن البيت الأبيض يقول إن الرئيس لا يستطيع تذكر مثل هذا اللقاء الذي عقده مع كلارك.
كما أن الوثائق تقول إنه لا يمكن أن يكون الرئيس بوش في المكان الذي قال كلارك إنه كان موجوداً فيه أثناء هذا اللقاء.
والحقيقة أن الإنسان يمكن أن يستشعر الكذب في رد البيت الأبيض هذا.
النقطة الثالثة التي يجب وضعها في الاعتبار أثناء تناول ما قاله كلارك عن بوش وإدارته هي دوافع كل إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بما فيها ريتشارد كلارك نفسه.
هل فعل الرئيس كلينتون كل ما كان في استطاعته للقضاء على تنظيم القاعدة في التسعينيات؟ الوثائق تقول إنه لم يفعل الكثير، ولكن لندع أنصار كلينتون يقدمون الأدلة التي تناقض هذه الوثائق.
تحذيرات كلينتون
والحقيقة أن صحيفة نيويورك تايمز خرجت علينا في أحد أعدادها الأخيرة وعلى صدر صفحتها الاولى تقريرا يقول إن إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون حذرت بشدة مساعدي الرئيس الحالي بوش أثناء فترة انتقال الرئاسة من كلينتون والديموقراطيين إلى بوش والجمهوريين من التهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة.
والحقيقة أن القصة الاخبارية التي نشرتها نيويورك تايمز (قديمة) ومجرد إعادة نشر لمقال ظهر في مجلة تايم الأمريكية عام 2002.
ولم تصل القصة التي نشرتها مجلة تايم إلى أي شيء في ذلك الوقت.
وربما يكون لدى رجال كلينتون الآن أدلة جديدة تؤكد مواقفهم وربما نجحوا فقط في إعادة نشر قصتهم القديمة مرة أخرى.
ولحسن الحظ فإن هناك طريقة لوضع كل الحقائق على المائدة والكشف عنها.
وهذه الطريقة تسمى تحقيقا.
ومن بين الافتراضات التي يتضمنها التحقيق استجواب رجال بوش بعد أداء اليمين القانونية وربما يتم استجواب بوش نفسه. كما سيكون هناك شهود عيان في هذا التحقيق. وهذه بداية جيدة من أجل الوصول إلى الحقيقة.
وكما تعلمنا من مارتا سيتوارت رئيسة إحدى الشركات الأمريكية الكبرى التي أثارت فضيحة كبرى قبل عامين بعد الكشف عن ارتكاب الكثير من المخالفات المالية في الشركة مما أدى إلى إفلاسها فإن الكذب ليس أمرا هينا وعواقبه جسيمة.
أما جيمس ريدجواي فيرى في مقال له بصحيفة (فيلادج) فويس أو صوت القرية أن ما قاله كلارك دليل جديد على أن الرجل الذي قاد الولايات المتحدة الأمريكية إلى حرب العراق وأفغانستان وهو جورج بوش كان مندفعا اكثر من اللازم.
فقد قال ريتشارد كلارك رئيس فريق مكافحة الإرهاب في إدارة بوش سابقا ومؤلف كتاب (ضد كل الأعداء: داخل حرب أمريكا على الإرهاب) في برنامج ستين دقيقة في شبكة سي بي إس التلفزيونية الأمريكية أن دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي قال في اجتماع للحكومة الأمريكية بعد أقل من يوم واحد من هجمات الحادي عشر من سبتمبر إنه لا توجد أي أهداف تستحق القصف في أفغانستان ولذلك يجب التفكير في ضرب العراق بدلا من أفغانستان لأن الأولى بها (أهداف أفضل).
وقد رفض البيت الأبيض ما جاء في كتاب كلارك وقال إنه كتاب (متهور) و(بلا أساس).
وقال المتحدث باسم رامسفيلد إنه ليس لديه تعليق على الكتاب لأنه لم يقرأه بعد.
ولكن ما قام به كلارك من إعادة تجميع للأدلة يؤكد رأي منتقدي الإدارة الأمريكية الذي يقول إن رامسفيلد وبوش اتجها إلى التفكير في مهاجمة الرئيس العراقي صدام حسين قبل أن يوجه أسامة بن لادن ضربته إلى الأراضي الأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر 2001 بغض النظر عن وجود علاقة بين صدام حسين وبين أسامة بن لادن وسواء كان العراق يمتلك أسلحة دمار شامل أم لا.
ففي سبتمبر 2002 ذكرت شبكة سي بي إس الأمريكية أنها حصلت على مذكرة مكتوبة بخط يد رامسفيلد في الساعة الثانية وأربعين دقيقة بعد ظهر يوم 11 سبتمبر 2001 أي بعد وقوع الهجمات بساعات كتب فيها (أفضل خبر هو أسرعه. وتقييم ما إذا كان من الافضل ضرب صدام حسين في الوقت نفسه وليس فقط أسامة بن لادن. يجب أن يكون الهجوم شاملا ونقلب الأمور رأسا على عقب سواء كانت هناك علاقة بين الأشياء أم لا).
في كتاب (ثمن الولاء) الذي أعده رون سوسكند عن مذكرات بول أونيل وزير الخزانة السابق في إدارة الرئيس جورج بوش، أشار أونيل إلى وثيقة لوزارة الدفاع الأمريكية بتاريخ الخامس من مارس عام 2001 وتحمل عنوان (الأجانب الذين يريدون عقوداً في حقول النفط العراقية) تتضمن الوثيقة المساحات المحتملة التي يمكن البحث عن البترول فيها داخل العراق.
وكشف أونيل النقاب عن اطلاعه على وثائق سرية للغاية تتضمن خططاً (للعراق بعد صدام حسين) وهي الخطط التي نوقشت في يناير وفبراير 2001 أي بمجرد وصول إدارة الرئيس بوش للحكم وقبل هجمات سبتمبر بشهور على حد قول رون سوسكند.
ورغم الهجوم المستمر على مصداقية رامسفيلد فإن وزير الدفاع الأمريكي مازال صاحب كلمة مؤثرة في قرارات الإدارة الأمريكية ويقود حروبها وينطق بكل ما يخطر على ذهنه دون تحفظ.
فقد سأل المذيع دوم جيوراندو من محطة اذاعية بولاية فلادلفيا وزير الدفاع عما إذا كان مازال يعتقد أن هناك أسلحة دمار شامل في العراق؟ فقال الوزير (حسنا، لماذا كان صدام حسين يمتلك 3000 رداء واقٍ من الأسلحة الكيماوية والتي عثرنا عليها أثناء الحرب! لانه كان يمتلك أسلحة كيماوية.
والآن فنحن لم نعثر عليها...ولكننا نواصل البحث عنها.
ونحن لدينا 1200 شخص يبحثون عن هذه الأسلحة في العراق الذي تعادل مساحته مساحة ولاية كاليفورنيا (كبرى الولايات الأمريكية).
وإذا تصورت الحفرة التي عثرنا على صدام حسين فيها وأخرجناه منها فستجد أنها تكفي لتخزين وإخفاء أسلحة كيماوية أو بيولوجية تكفي لقتل آلاف الأشخاص.
وكما سأل نيك شيلدز من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) رامسفيلد (هل أنت واثق بصورة شخصية من أنه سيعثر على أسلحة الدمار الشامل في العراق؟ وأين تعتقد أن هذه الأسلحة موجودة في هذه اللحظة؟)
رد رامسفيلد :لا شك في أننا جميعا نعتقد تماما أن صدام حسين كان لديه أسلحة كيماوية وبيولوجية.
وتستطيع أن تضع كمية من الاسلحة البيولوجية تكفي لقتل آلاف الأشخاص في غرفة جلوسك.

..... الرجوع .....

الفن السابع
الفن العربي
المنزل الانيق
رياضة عالمية
عواصم ودول
نادي العلوم
المستكشف
الصحة والتغذية
خارج الحدود
الملف السياسي
فضائيات
السوق المفتوح
العناية المنزلية
برلمانيات
العمر الثالث
استراحة
أقتصاد
منتدى الهاتف
بانوراما
تحقيق
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved