الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 6th April,2004 العدد : 75

الثلاثاء 16 ,صفر 1425

ولماذا التعب ..؟!
علَّمونا في صغرنا أن الحياة جهاد وتعب وأرق ومعاناة، وذلك ضمن تحضير الإنسان للمستقبل الغامض، والتهيئة لما يمكن أن يكون..
وهيأونا صغاراً، وتابعونا كباراً للتأكد من تكيُّفنا مع مثل هذا الجو، خطوة خطوة وإن تعبنا أو أصابَنا مرض الملل..
وإذا كان شاعرنا محِقَّا في تعجّبه من ذلك الذي يبحث عن مزيد من التعب في أجواء زمن مختلف، فالأمر ربما اختلف الآن إلى ما يحرِّض على ممارسة لعبة التعب.
***
وبالتأكيد فلا أحد منا يبحث عن التعب، أو يلهث خلف ما يُتعبه إلا مضطراً..
مع وجود استثناءات لذلك التعب الذي يُوصف بأنه من نوع التعب اللذيذ..
وربَّما كان هناك ما يبرر إقدامنا على كل تعب يُفضي بنا إلى نتائج تغسل عرق التعب من أجسامنا..
وهذا ما يفسِّر حالة الاختلاف في التعب زماناً ومكاناً ونوعاً وبين ما هو لذيذ وما هو غير ذلك.
***
ومثلما استغرب الشاعر وجود رغبة لدى البعض في تعريض أنفسهم إلى مزيد من التعب وهو ما أثار تعجبه وربما دهشته..
فقد ربط الشاعر الآخر بين الوجود والإنسان بعلاقة أطَّرها بنظرة وذائقة الإنسان إلى الجمال، وما يتركه ذلك من أثر يجعل حياته يسودها الجمال وربما بلا تعب أو معاناة.
***
لكن يظل مثل هذا الجمال في غياب التعب عند تحقيقه ناقصاً إن لم أقل مشوهاً..
ويبقى التعب من غير جمال أو هدف مؤذياً هو الآخر، مثله مثل أي جهد حين يُهدرعلى لا شيء..
وما أكثر ما يهدره الإنسان في حياته ، وهو يسير على هذا الطريق الشائك الطويل.
***
الحياة إذاً صراع وبذل وجهد من أجل أن يعتلي الإنسان كل القمم بكرامته وإنسانيته..
وفي سبيل أن يغوص في درر من كوامن الكون، وهي كثيرة ومتعددة..
غير أن ما هو متاح على كثرته من صور الجمال في حياة كل إنسان لا يستثمر منه إلا قليله..
ربما لأننا نقرأ للآخرين معاني تحريضية أحياناً وترغيبية أحياناً أخرى أو استفزازية حيناً وتوجيهية في بعض الأحيان بشكل مُغيَّب فيه الهدف.


خالد المالك

الزواج المبكر
وجدلية التأجيل والتعجيل!

* تحقيق:هيفاء دربكالقاهرة
قبل نحو نصف قرن فقط كانت الفتاة التي تصل إلى العشرين من عمرها دون أن تتزوج تصبح (عانسا) في نظر المجتمع، حيث كان آباؤنا وأجدادنا يفضلون الزواج المبكر ويعتبرونه عصمة من الفتنة ووقاية من الأخطاء والزلل، ولم يكن يدور في خلدهم أن أعداد (العوانس) فوق سن الثلاثين وليس العشرين سوف ترتفع إلى 8 ملايين فتاة في مصر وحدها على سبيل المثال، ولا عاصم اليوم من العنوسة إلا من رحم!
والسؤال هنا: هل الزواج المبكر الذي ينتشر في معظم المجتمعات الريفية العربية حتى الآن، هو العلاج الناجح لمشكلة العنوسة المزمنة وعلى جانب آخر لحماية شبابنا من الإنحراف أن مثل هذا النوع من الزواج هو بدوره مشكلة اجتماعية من مخلفات الماضي تحتاج إلى علاج، باعتباره أحد أسباب تصاعد حالات الطلاق، نظراً لعدم قيامه على أساس متين من التفاهم المشترك بين زوجين صغيرين جمعتهما رغبة الأهل فقط؟
التحقيق التالي يتناول ظاهرة الزواج المبكر، ويلقي الضوء الكاشف عليها من الوجهة الاجتماعية والنفسية والدينية، بهدف معرفة حسنات هذه الظاهرة وسيئاتها من وجهة نظر المؤيدين لها والرافضين:
في البداية التقينا ببعض الزوجات اللاتي تزوجن مبكراً لنعرف منهن إيجابيات وسلبيات هذا الزواج.
تقول مها نجم.. تزوجت وعمري 16 عاماً فقط، لم أكن قد أكملت تعليمي الثانوي التجاري، حصلت على الدبلوم وأنا أم لطفل عمره تسعة شهور.. ثم أنجبت طفلي الثاني وعمري 19 عاماً، وابنتي الأخيرة أنجبتها وعمري 20 عاماً، والآن عمري 42، وعمر ابنتي الصغرى 22 عاماً، وهي عروس ستزف بعد شهور ومن يراني ويراها لا يصدق إنها ابنتي وعندي حفيدان من ابني الأكبر، وابني الأوسط حصل على بكالوريوس تجارة خارجية، وعلى وشك الزواج.
* وماذا عن تقييمك لهذه التجربة (الزواج مبكراً) وأنت الآن جدة شابة؟
للحق.. أنا في غاية السعادة، أشعر أنني انتهيت من مسئولية تربية وتعليم وزواج الأبناء وأنا مازلت في شبابي، وسوف أبدأ حياة جديدة بعد زواج ابني، وأنا في قمة الشباب والصحة والحيوية ولم أعان من أي مشاكل من جراء الزواج المبكر وبصراحة لم أجد فيه أي سلبيات، بل بالعكس كله إيجابيات.
وتتفق مع الرأي السابق هند فتحي قائلة: ان زواجي وعمري 17 عاماً، كان قرارا صائبا أخذته الأسرة دون وعي مني آنذاك ولكني أشكرها عليه الآن بشدة وأحفظ الفضل لوالدتي التي شجعت قرار زواجي مبكراً، فأنا الآن جدة لأربعة أحفاد، وأولادي الأربعة تخرجوا من الجامعات وتزوج اثنان منهم، والآخرون يستعدون للزواج كل هذا وعمري لم يتعد 43 عاماً، أشعر أنني في قمة الشباب والحيوية، وقادرة على إسعاد زوجي وأولادي وأحفادي.
* هل طبقت هذه النظرية على بناتك؟
نعم ابنتي الأولى تزوجت وعمرها عشرون عاماً وهي مازالت طالبة في السنة الثالثة بكلية الآداب، ونظراً لأنني مازلت أتمتع بصحة وعافية والحمد لله، فقد ساعدتها كثيراً عند إنجابها إبنها الأول وهي مازالت طالبة، ووقفت بجانبها حتى حصلت على الليسانس وبدأت مسيرة حياتها مع أولادها وزوجها وهي في مقتبل العمر.
أما ابنتي الثانية، فقد رفضت الزواج وهي طالبة وأصرت على تكملة تعليمها، وحصلت على البكالوريوس وعمرها 22 عاماً، لكني أصررت على زواجها فور تخرجها من الجامعة، وبالفعل تزوجت منذ ثلاثة شهور.
* معنى ذلك أن الزواج المبكر ليس له سلبيات من وجهة نظرك؟
نعم.. أنا عن نفسي اراه نعمة من نعم الله على أي فتاة، وعلى الشباب أيضاً فهو يحصنهم ويعفهم ويجعلهم يتحملون المسئولية مبكراً، ويربون أولادهم وهم في عز شبابهم والقدرة الصحية والنفسية.
لم أجد واحدة ممن تزوجن مبكراً تحدثني عن سلبيات وإيجابيات، فجميعهن يتحدثن عن إيجابيات فقط، فيما عدا الدكتورة نوال محمود التي أيدت الزواج مبكراً، وقالت أنه مفيد جداً للمرأة على المستوى النفسي والاجتماعي خاصة بعدما تتقدم في العمر، فالزواج المبكر يحافظ على شباب المرأة لفترات طويلة أما السلبية الوحيدة التي تحدثت عنها الدكتورة نوال هي: إنها كانت تفضل أن تحصل على الماجستير والدكتوراه دون مسئولية البيت والأولاد، وأضافت: لقد عانيت كثيراً في الحصول على الدكتوراه وأنا أم وزوجة.
هذا السبب هو أيضاً ما أكدته عبير إسماعيل قائلة: عمري الآن 25 عاماً وأرفض الزواج لحين حصولي على الماجستير، وأضافت: لولا ذلك لتزوجت من سنين لأن الزواج المبكر يجعل المرأة تربي أولادها وهي شابة وعندما يكبر الأولاد يكونون مثل أصدقائها وليس أبنائها، وهذه ميزة أشعر أنني أفتقدتها بسبب الدراسة.
السبب السابق أشارت إليه دراسة صادرة من المركز القومي للبحوث الاجتماعية مؤكدة أن نسبة 16% من الفتيات يفضلن الدراسة عن الزواج، وأن طموح الفتاة في الحصول على مؤهلات أعلى (ماجستير دكتوراه) جعلها تؤجل فكرة الزواج.
وأشارت الدراسة نفسها إلى أنه رغم ذلك فإن 45% من الأسر المصرية مازالت تفضل زواج البنت مبكراً، ولا تمانع أغلب الأسر من تزويج بناتهم وهن في سنوات الدراسة المختلفة، ويعد الزواج المبكر من أهم مشاكل (تسرب) الفتيات من مراحل التعليم حسب تقرير المجلس القومي لتعليم البنات.
على جانب آخر أجمعت معظم الأمهات اللاتي شملهن هذا التحقيق أنهن يفضلن الزواج المبكر لبناتهن قلة منهن قالت.. ان الزواج المبكر يجعل البنت تتحمل المسئولية مبكراً، ولا يجعلها تشعر بالبهجة في سنوات عمرها الأولى والبعض الآخر يرى أن الزواج يعطل الفتاة عن تحقيق ذاتها وحصولها على مؤهلات عملية عليا، وإذا كانت مبدعة فإن الزواج يقتل موهبتها الإبداعية، وأن تحمل المسئولية مبكراً يجعلها لا تتمتع بسنوات الشباب.
الآباء أيضاً يرون أن زواج الولد مبكراً يجعله يتحمل المسئولية ويواجه الحياة وهو في عنفوان الشباب، وأيضاً يعصمه من الفتنة ويعفه عن الإنحراف.
وأكدوا أنه لولا الظروف الإقتصادية الصعبة، ما تراجعوا عن تزويج أبنائهم وهم في مقتبل العمر.
لكن بعض الآباء أشاروا إلى أن الزواج المبكر قد يأتي بنتائج سلبية نظراً لعدم النضج العقلي للزوجين أو أحدهما، وعدم قدرتهم على تحمل المسئولية، وأيضاً ربما يكون سوء الإختيار في هذه السن من عوامل الفشل أو المشاكل فيما بعد، لأن الإختيار في سن المراهقة قد يعتمد على مشاعر وعواطف وهمية دون تحكم للعقل.
ويرى البعض الآخر أن الأبناء لا يجب أن يتزوجوا إلا بعد تحقيق طموحاتهم العملية والمالية ليتفرغوا بعد ذلك لمشاكل الزواج والأسرة والأبناء.
إذن مازال معظم أفراد المجتمع مصراً على أن الزواج المبكر هو الأفضل والأصلح للأبناء من الجنسين وخاصة البنات.
ويعبر عن ذلك الدكتور محمد بكر إسماعيل أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، مؤكداً أن الزواج المبكر من الأمور المستحبة شرعاً لأن فيه العصمة للشباب فالمسلم إذا تزوج وهو بكامل قواه الجسمية والعقلية تنشأ عنه ذرية قوية ناضجة، ويجد في نفسه العصمة وهو قادر على المعصية فلا يقدم عليها، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب، من إستطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) لأن الصوم يكسر قوة الشهوة ويصرف الفكر عن الشهوات المحرمة.
ويضيف د. إسماعيل: ولا يقولن قائل إن الزواج المبكر ينشأ عنه أولاد كثيرون لا يستطيع الرجل أن يتحمل مشكلاتهم المادية والمعنوية، فإن الرزق بيد الله وهو عنده سبحانه مضمون، ولأن العصمة من الوقوع في الخطأ أعظم شئ يتمناه الإنسان لنفسه، ولأن المجتمع إذا كان متكافلاً وأعان بعضهم بعضاً فلن يجد بإذن الله تعالى ما يعوقه عن العمل من أجل تحقيق هذه الرغبات المادية والمعنوية.
ولا شك أن الرجل إذا تزوج مبكراً يستطيع أن يربي أولاده في عمره المديد إن قدر الله له ذلك، أما إن تزوج في سن كبيرة وأنجب أولاداً فربما يترك أولاده الصغار يعانون اليتم والأعمار على كل حال بيد الله عز وجل لكن الصغير لديه أمل في الحياة إلى مدة يرجوها ولا ييأس منها، أما الكبير فإنه لا يطمع أن يعيش زمناً أكثر من المعتاد الذي يعيشه أسعد الناس حظاً بالحياة ثمانين سنة على الأكثر، وهذه السن لا تجعل الإنسان قادراً على تربية الأسرة، فلا قدرة له صحياً على أن يتحمل هذه الأعباء التي يلقيها على عاتقه الأبناء بل يكون هو في حاجة إليهم وهم في حاجة إليه، فلا ينتفع بعضهم ببعض.
ويتابع د. إسماعيل: أما ما يقال من أن زواج الفتاة وهي صغيرة السن لا يسمح لها بتربية أولادها على النحو الأمثل فهذا غير متوقع إذا ما أحسنت الأم تربية ابنتها وعلمتها كيف تربي أولادها من خلال تربيتها لإخوتها الصغار كما كنا نشاهد في العصر الماضي حيث كانت الفتاة الصغيرة تعول بيتاً بأكمله وتخدمه وتقوم على رعايته فقد علمتها أمها ما ينبغي أن تفعله إذا تزوجت وأصبح لها بيت خاص بها.
وكذلك الشاب الصغير الذي يعلمه أبوه كيف يكسب قوته بيده لا يجد أبداً حرجاً في تحمل مسؤولية بيت وأسرة وتربية أولاد مادياً ومعنوياً لأنه قد تربى على ذلك وأمامه القدوة في أبويه.
ويضرب د. بكر إسماعيل مثلاً شخصياً بأخته التي تزوجت وعمرها تسع سنوات حيث كانت مؤهلة حسب قوله لتحمل مسؤولية البيت ورعايته، مع ملاحظة أن هذه الظاهرة مازالت موجودة في بعض الدول العربية والمجتمعات الريفية التي يدخل فيها الأبناء ذكوراً وإناثاً معترك الحياة وهم في سن صغيرة لا كما يحدث للأسف الشديد في بعض المجتمعات بالمدينة حيث يعتبر الولد أو البنت صغيرين ويعاملان كالأطفال حتى بعد تخطي سن العشرين وأحياناً الثلاثين، فالعيب إذن ليس في الزواج المبكر وإنما في سوء التربية وتقصير الآباء في حق الأبناء وتقصير المدارس ومؤسسات المجتمع المختلفة في تنشئة هؤلاء الأبناء على حب العمل والكسب الشريف، وللأسف الشديد فإن آخر شئ يتربى عليه الجيل العربي الجديد هو تحمل المسئولية، فهو جيل اعتمادي بمعنى الكلمة لا يريد أن يكون رب أسرة، على إعتبار أن الأسرة في نظر الغرب وهو القدوة حالياً أصبحت (موضة قديمة)!
ويتفق مع الرأي السابق الدكتور محمد عبد المنعم حبش (أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة عين شمس) مشيراً إلى أن مسألة الزواج المبكر واردة عند الفقهاء بشرط وجود الولي الذي يجري مراسم العقد.. لكن إذا كانت هناك مصلحة مشروعة لا تتعارض مع الثوابت الدينية بإتفاق وترجيح علماء الدين والنفس والصحة فيجوز تقييد هذا النوع من الزاوج بتحديد السن الأدنى للفتاة من باب السياسة الشرعية، فهذا لا يخل بفكرة إجازة العقد على الصغير، غير أن هناك جانباً مهماً ينبغي الالتفات إليه وهو قضية (ولاية الإجبار) أي هل يجوز للأب أن يجبر ابنته على زوج معين، وإذا حدث هذا رغم الموافقة الظهرية للبنت على هذا الزواج فما حكم صحة العقد؟! هنا قول لبعض العلماء بعدم صحة العقد مع الإجبار حتى أنه لو رفعت الزوجة الصغيرة بعد بلوغها دعوى قضائية وأقامت الشهود والأدلة فيمكن للقاضي أن يأخذ بذلك ويحكم لها بالطلاق
الزوجة الطفلة!
وتحلل الدكتورة سهير عبد العزيز (عميدة كلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر) ظاهرة الزواج المبكر قائلة: إنها تتوقف على عدة عوامل شخصية واجتماعية، فأما من الناحية الشخصية فهي تتعلق بالفتاة وصحتها الجسمية والبيئة المحيطة بها والتربية التي نشأت في ظلها، فهناك فتيات يصلن إلى مرحلة البلوغ في سن مبكرة بينما هن في الحقيقة أطفال من الوجهة العقلية، وهكذا يكون زواجهن عملاً بالغ الخطورة على أنفسهن أولاً ثم على المجتمع برمته. أما العوامل الإجتماعية فتتعلق بالقيم والعادات السائدة في مجتمع ما.. فهناك مجتمعات تنظر إلى الفتاة على أنها طفلة حتى بعد بلوغها، وتعاملها على أنها طفلة وهذه أيضاً لها سلبياتها لكن ليس مجالها الآن.
وهناك مجتمعات تربي أبناءها بغض النظر عن كونهم ذكوراً أم إناثاً على تحمل المسؤولية منذ الصغر، فنجد الفتاة كبيرة أخواتها وإخوانها تعتبر أماً ثانية لهم وبالتالي فالأسرة تعدها وتؤهلها بتلك النظرة كي تكون أماً مستقلة ببيتها في المستقبل، وبالتالي فإن زواجها مبكراً لا يجعلها مضطربة أو غير قادرة على القيام بأعباء البيت والأسرة الجديدة.. وهذا ما كان عليه الحال وما يزال في المجتمعات المحافظة المتمسكة بالعادات والتقاليد والقيم الدينية.
ولهذا لا ينبغي الحكم على الزواج المبكر حكماً عاماً فكل حالة لها ظروفها وخصائصها الخاصة.
عدة سلبيات
أما الدكتورة شادية على قناوي (رئيس قسم الاجتماع وكلية الآداب بجامعة عين شمس) فتشير إلى أن الزواج المبكر يؤثر سلبياً على الفتاة في مختلف النواحي الجسمية والنفسية والتربوية، وهو من العادات الإجتماعية الضارة بالفتاة، وهذا ما نسعى جاهدين لتوعية المجتمع والفتيات بمخاطره في إطار التوعية بالصحة الإنجابية التي هي في الحقيقة حقوق واجبة لكل فتاة. . لكن للأسف الشديد فإن هذه الحقوق لا تعرفها بناتنا نتيجة إنحسار الوعي الإجتماعي والثقافي لدى الغالبية العظمى منهن، ويقع على عاتق الهيئات والمؤسسات التعليمية والتربوية والجمعيات الأهلية التوعية بهذه الحقوق حتى نقي فتيات المستقبل من الوقوع في الكوارث والأزمات هن والأطفال القادمون وكذا أزواجهن، لأنهن غير مؤهلات للقيام بدور الزوجة وواجباتها تجاه الزوج والأبناء، مما يجعلها تهمل في تلك الحقوق والواجبات فتدب الخلافات الزوجية، وما يترتب على ذلك من إنفصال مبكر أيضاً وتشريد للأطفال فتتحول الفتاة. . وهي ما تزال مراهقة.. إلى (مطلقة)!!
تضيف د. شادية قناوي: حتى إذا استمرت الحياة الزوجية فهذه (الأم الطفلة) غير مؤهلة لتربية أطفالها وتنشئتهم على أسس تربوية صحيحة لأنها هي ذاتها لم تنل حظاً وافراً من التربية والتعليم والإعداد لتحمل أعباء ومسؤوليات الأمومة، وهو الأمر الذي يؤثر سلباً على الأم والأبناء معا.
زواج محكوم بالفشل
ومن جهته يقول الدكتور منتصر محمود مجاهد (كلية التربية جامعة قناة السويس) إن من سنن الله تشريع الزواج لأجل إعمار الكون وديمومة الإستخلاف في الأرض وبث روح التواصل والتعارف بين بني الإنسان، ولأجل ذلك كان للزواج مقصد وهدف وله أيضاً قواعد وأصول، والغالب فيها مستمد من الشرائع السماوية والبعض الآخر تحكمه العادات والتقاليد والاعراف والتي تختلف من بلد إلى آخر بل داخل البلد الواحد.
وبناء على هذا فما يصلح لشخص ليس شرطاً أن يصلح لغيره، لأن لكل بيئة ظروفها الخاصة بها والتي تعد من أهم عوامل النجاح أو الفشل، فمثلاً في بعض البلاد أو الأماكن بمجرد أن يبلغ الشاب أو الفتاة ترى الإقدام على الزواج في سن مبكرة، وهذا موروث ثقافي متأصل في كثير من البيئات ولهذا سببه: الإرتباط العائلي، الرغبة في الولد الذي يحمل اسم العائلة، أو كثرة الولد الذي تحتاج إليه البيئة التي يعيش فيها الفرد.
يضيف د. مجاهد: هذا الزواج بهذه الطريقة في الغالب يحكم عليه بالفشل وإذا نجح فإن من سبب نجاحه الموروث الثقافي أيضاً الذي يتسم بالقهر أو الخوف من العار أحياناً، وإذا كان الأمر كذلك فإن لكل من النوعين الزواج المبكر أو المتأخر سلبيات وإيجابيات.
أما الإيجابيات فمن أهمها العفة وإنجاب الولد وهذا كاف أما السلبيات فهي أن الزواج لم يكن اختياراً طبيعياً لطرفي الزواج إنما يقوم على العادات والتقاليد فهذه بنت العم أو الخال مثلاً، أي الغالب في هذا الزواج هو العادات والتقاليد البيئية وفي هذا إلغاء للعقل مما يجعل الشاب والفتاة عندما ينضج كل منهما عقلياً يغير من نظرته للآخر، فضلاً عن إلغاء المسئولية كلية لأن المتكفل فيه هو الأهل.
هذه بعض السلبيات كما يقول د. مجاهد ولكن إذا حدث فلابد من نظرة تغيير في أهم أسبابه حتى يكتب له النجاح مع مراعاة بعض الضوابط، ومنها أن يرى الأب في ابنه النضوج العقلي الكافي الذي يمكنه من تحمل المسؤولية كاملة اليوم وإلى أن يشاء الله تعالى، وعلى ولي أمر الفتاة مراعاة حسن الإختيار وكأنه يفكر لها بعقلية ما تحتاجه الفتاة البالغة العاقلة الرشيدة وأن يرى فيها القدرة على تحمل المسؤولية.
هذا من ناحية ما يجب على أولياء الأمور.. أما ما يجب على المجتمع نشر الوعي الثقافي الكامل في داخل هذه البيئات وأن تعرض الأمور الدينية عرضاً سليماً على الناس، وأن يغير الموروث الثقافي المتأصل في هذه المجتمعات شيئاً فشيئاً.
من جانبه يحذر الدكتور محمد عوض تاج الدين (وزير الصحة والسكان المصري) من خطورة الزواج المبكر على صحة الأم التي لم تؤهل بعد لتحمل أعباء ومسؤوليات الحمل والولادة والرضاعة من الناحية الفسيولوجية والنفسية أيضاً، مؤكداً أن الزواج المبكر بدأ ينحسر شيئاً فشيئاً في مصر نتيجة إزدياد الوعي الثقافي على مستوى أوسع مما كان عليه في السابق، ونتيجة طبيعية لإستمرار الفتاة في مراحل التعليم المختلفة فهي على الأقل تؤجل الزواج حتي الإنتهاء من المرحلة الجامعية، هذا إضافة إلى تأخر الزواج بصفة عامة نتيجة الظروف الإقتصادية في معظم الأقطار العربية.
ويشير د. تاج الدين إلى أن الإحصاءات الرسمية تدل على أن الزواج المبكر للفتاة قبل سن السادسة عشرة تتراوح نسبته في مصر ما بين 1113%، أما زواج ما قبل سن الثامنة عشرة فيبلغ 33%، وللقضاء نهائياً على هذه الظاهرة التي تنتشر في المجتمعات الريفية والتي تحكمها عادات وتقاليد معينة، لقد تقرر إعتبار البطاقة الشخصية للفتاة شرطاً لإتمام عقود الزواج وتوثيقها لدى المأذون ولا يسمح الآن بقبول (شهادات التسنين) التي يستخدمها بعض أولياء الأمور للتحايل على القانون الذي يمنع زواج من هن دون السادسة عشرة فيلجأ الأهل إلى مكاتب الصحة (لتسنين) أولئك الفتيات الصغيرات بما هو اكبر من سنهن الحقيقية والمأذون الذي سيعترف بتلك الشهادات ستتم معاقبته قانونياً.
المؤيدون:
* الزواج المبكر يعف الشباب ويصونهم والمسؤولية المبكرة تبعدهم عن مزالق الانحراف
* د. بكر إسماعيل: أختي تزوجت وعمرها 9 سنوات وتحملت مسؤولية الأمومة والزوجية
* الأمهات: الأم الصغيرة تقوى على رعاية أبنائها وزوجها ثم أحفادها
الرافضون:
* عدم النضج العقلي لأحد الزوجين يؤدي إلى انهيار الحياة الزوجية
* وزير الصحة المصري: نكافح الزواج المبكر ونحرم شهادات التسنين
* د. شادية قناوي: حصاد هذا الزواج هو (المطلقات المراهقات)

..... الرجوع .....

الفن السابع
الفن العربي
المنزل الانيق
رياضة عالمية
عواصم ودول
نادي العلوم
المستكشف
الصحة والتغذية
خارج الحدود
الملف السياسي
فضائيات
السوق المفتوح
العناية المنزلية
برلمانيات
العمر الثالث
استراحة
أقتصاد
منتدى الهاتف
بانوراما
تحقيق
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved