الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 6th April,2004 العدد : 75

الثلاثاء 16 ,صفر 1425

ولماذا التعب ..؟!
علَّمونا في صغرنا أن الحياة جهاد وتعب وأرق ومعاناة، وذلك ضمن تحضير الإنسان للمستقبل الغامض، والتهيئة لما يمكن أن يكون..
وهيأونا صغاراً، وتابعونا كباراً للتأكد من تكيُّفنا مع مثل هذا الجو، خطوة خطوة وإن تعبنا أو أصابَنا مرض الملل..
وإذا كان شاعرنا محِقَّا في تعجّبه من ذلك الذي يبحث عن مزيد من التعب في أجواء زمن مختلف، فالأمر ربما اختلف الآن إلى ما يحرِّض على ممارسة لعبة التعب.
***
وبالتأكيد فلا أحد منا يبحث عن التعب، أو يلهث خلف ما يُتعبه إلا مضطراً..
مع وجود استثناءات لذلك التعب الذي يُوصف بأنه من نوع التعب اللذيذ..
وربَّما كان هناك ما يبرر إقدامنا على كل تعب يُفضي بنا إلى نتائج تغسل عرق التعب من أجسامنا..
وهذا ما يفسِّر حالة الاختلاف في التعب زماناً ومكاناً ونوعاً وبين ما هو لذيذ وما هو غير ذلك.
***
ومثلما استغرب الشاعر وجود رغبة لدى البعض في تعريض أنفسهم إلى مزيد من التعب وهو ما أثار تعجبه وربما دهشته..
فقد ربط الشاعر الآخر بين الوجود والإنسان بعلاقة أطَّرها بنظرة وذائقة الإنسان إلى الجمال، وما يتركه ذلك من أثر يجعل حياته يسودها الجمال وربما بلا تعب أو معاناة.
***
لكن يظل مثل هذا الجمال في غياب التعب عند تحقيقه ناقصاً إن لم أقل مشوهاً..
ويبقى التعب من غير جمال أو هدف مؤذياً هو الآخر، مثله مثل أي جهد حين يُهدرعلى لا شيء..
وما أكثر ما يهدره الإنسان في حياته ، وهو يسير على هذا الطريق الشائك الطويل.
***
الحياة إذاً صراع وبذل وجهد من أجل أن يعتلي الإنسان كل القمم بكرامته وإنسانيته..
وفي سبيل أن يغوص في درر من كوامن الكون، وهي كثيرة ومتعددة..
غير أن ما هو متاح على كثرته من صور الجمال في حياة كل إنسان لا يستثمر منه إلا قليله..
ربما لأننا نقرأ للآخرين معاني تحريضية أحياناً وترغيبية أحياناً أخرى أو استفزازية حيناً وتوجيهية في بعض الأحيان بشكل مُغيَّب فيه الهدف.


خالد المالك

النبتة.. حين تتحول إلى دوحة غناء (34)
البلديات العربية.. بين الإيجابيات والسلبيات!

* القاهرة جمال فتحي دربك
لا تمثل المملكة المغربية نموذجاً عربياً فريداً على مستوى الجغرافيا والتاريخ فحسب، بل إنها تعد النموذج الأنشط تعبيراً والأكثر وضوحاً على تطور الممارسة السياسية الديمقراطية سواء كان ذلك على المستوى الحزبي والتشريعي أو على مستوى العمل البلدي الشعبي.
والملاحظ لمسيرة المجتمع المدني المغربي يقتنع تمام الإقتناع أن هذا البلد فطن إلى ثوابت الديمقراطية الشعبية منذ زمن ليس بقريب، خاصة وأن الديمقراطية النيابية والبلدية في المغرب في تسارع شديد الخطى، معتمدة في كل هذا على زخم من الصلاحيات والدفعات المتوالية من ملوك المغرب منذ استقلالها عن الاحتلال الفرنسي بمنتصف القرن الماضى.
في هذا الاتجاه، اختار المغرب أن يسير بشكل تدريجي في إرساء قواعد العمل البلدي منذ عام 1960 تحديداً، حيث انطلق في هذا التاريخ أول قانون ينظم الوحدات المحلية البلدية في البلاد تبعه في عام 1963 صدور قانون ينظم الوحدات الإقليمية او ما يسمى بالمجالس الخاصة بالعمالات والأقاليم (مجالس المحافظات).
وبحلول عام 1976 صدر قانون جديد يعرف بظهير 30 سبتمبر يعد هو النص المؤسس للمشروع البلدي المتطور بمفهومه الحديث على مستوى البلديات والمجالس القروية حيث منحت البلديات بمقتضى هذا القانون الجديد كياناً مستقلاً تتمتع فيه بالاستقلال المالي والإداري وبالشخصية القانونية وبمجموعة واسعة من الصلاحيات ذات الصيغة الإدارية والاقتصادية والاجتماعية.
بيد أن هذه المرحلة لم تشهد تطوراً كبيراً على مستوى مجالس العمالات والأقاليم التي ظلت طيلة هذه المدة محكومة بقانون عام 1963، حتى جاء عقد التسعينيات وتحديداً في عام 1997 حيث صدر قانون 43 ليؤكد على ضرورة تفعيل العمل النوعي للبلديات داخل المغرب وذلك في النواحي الاقتصادية، في ذات الوقت الذي بدأت تتعالى فيه الأصوات منادية بوجوب تأهيل الإدارات البلدية على المستوىين البلدي والإقليمي بهدف تكريس البلاد بنظام لا مركزي متقدم وحديث يتناسب مع تطلعات السكان والنخبة السياسية في مشاركة السلطة المركزية مشاركة حقيقية في تدبير القضايا والشئون البلدية (المحلية).
وقد أفرزت ضغوط المجتمع المدني ومواطني البلديات والأحزاب السياسية، بالإضافة إلى إقتناع السلطات المركزية بضرورة التطوير والتحديث، أفرزت هذه العوامل مجتمعة انطلاق المرحلة الثالثة للمشروع اللامركزي البلدي، وذلك بناء على قانونين صادرين بتاريخ 3 اكتوبر 2002 يتعلقان بالتنظيم البلدي والقروي من جهة ثانية.
انتخابات مباشرة
يعتمد تشكيل المجالس البلدية في المغرب بغض النظر عن حجم البلدية وعدد سكانها على مبدأ الانتخابات المباشرة، بحيث يشتمل الانتخاب كافة أعضاء المجلس البلدي دون استثناء ويشترط فيمن يرغب بعضوية المجالس البلدية أو القروية المغربية توافر شروط معينة، يأتي على رأسها تمتع المرشح بالجنسية المغربية، بالإضافة إلى بلوغ سن الثلاثة والعشرين عاماً كاملة في التاريخ المحرر للإقتراع، بحيث لا ينتخب المتجنسون بالجنسية المغربية خلال السنوات الخمس التالية لحصولهم عليها ما لم يرفع عنهم هذا القيد وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل السابع عشر من الدستور المغربي.
كما يحرم قانون الانتخابات البلدية في المغرب الأشخاص الذين يزاولون فعلياً بعض الوظائف العامة أو الذين يكونون قد انتهوا من مزاولتها منذ أقل من ستة أشهر في التاريخ المحدد للاقتراع، ومن هؤلاء الأشخاص العموميين القضاة، وحكام الجماعات والمقاطعات ونوابهم.
هذا وينتخب أعضاء المجالس البلدية والأقاليم، والمجالس القروية لمدة ست سنوات، بحيث تنتهي مدة عضوية المنتخبين في انتخابات جزئية أو تكميلية في حال انتهاء عضوية الأعضاء المنتخبين في الانتخابات العامة، ويسري نفس الأمر على الأعضاء الذين يدعون لملء المقاعد الشاغرة عن طريقة التعويض من ناحية أخرى يحدد تاريخ الاقتراع والمدة التي تقدم خلالها الترشيحات وتاريخ بدء الحملة الانتخابية لعضوية المجالس البلدية، ومجالس المحافظات بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية قبل التاريخ المحدد لإجراء الاقتراع، كما تمنع الترشيحات المتعددة في عدة دوائر أو عدة هيئات انتخابية، ويحدد في هذا الصدد وزير الداخلية المغربية العلامات الانتخابية الخاصة بمرشحي الهيئات السياسية، مثلما تحدد في ذات الوقت العلامات الخاصة بباقي المرشحين.
الحقيقة كاملة
وفي الحقيقة، تمنح المجالس البلدية في المغرب صلاحيات واسعة، خصوصاً في المجالات الاقتصادية والتنموية والمالية والضريبية والخدمات الاجتماعية، كما يوجد في نطاق البلدية المغربية ما يسمى بالشرطة الإدارية والتي تعمل على استتباب الأمن والمرور والمحافظة على الصحة العامة وتنظيم الأسواق بالبلدية، بالإضافة إلى متابعتها لسلامة تنفيذ قرارات المجلس البلدي.
وإذا كان العمل البلدي في المغرب يتطور كثيراً عازفاً وبشكل منفرد منظومة إدارية حديثة، فإنه وبنظرة أكثر عمقاً للصورة نجد أن هناك عدة سمات للأداء البلدي في المغرب اثرت في معظمها سلباً على نقاء هذه الصورة، كان من أبرزها وبعد أربع جولات انتخابية بلدية (1977،1983،1992، 1997) ظهور ملمح الاستخفاف لدى الغالبية العظمى من المرشحين بقواعد المنافسة الحقة والشريفة، وتعرض المرشحين ذوي التوجهات الإصلاحية والاشتراكية للمضايقات الإدارية من قبل الأجهزة الإدارية المحلية الأمر الذي أدى إلى النيل من مصداقية بعض المجالس البلدية على مستوى تجاوبها وتطلعات الناخبين.
في هذا الصدد، أدى التسيس المبالغ فيه لعمل الأجهزة البلدية إلى بطء اتخاذ العديد من القرارات البلدية الحاسمة في كثير من المدن، زاد من هذا التسيس تحول الصراع السياسي بين الأحزاب السياسية إلى الساحة البلدية لاسيما في المدن الكبرى كالعاصمة (مدينة الدار البيضاء والرباط).
كما نجد أن نمو المدن في جميع الاتجاهات واكتظاظها بالسكان وتزايد الحاجة إلى توفير الأمن والخدمات العامة لهؤلاء المواطنين دفع الدولة إلى تقطيع البلديات إلى عدد من المناطق الكثيرة، مما ضيق الخناق على السلطات البلدية التي لم تعد مسئولة بالكامل عن تدبير وحل مشاكل مواطنيها الخاضعين قانونياً وإدارياً لإختصاصها.
ورغم كل ما سبق، تبقى النجاحات التي حققتها وتعمل على تطويرها البلديات المغربية درساً مهماً في أصول العمل البلدي، بالنظر إلى تدني وغياب الصلاحيات البلدية والمحلية واستقلال عملها في معظم بلدان العالم العربي من المحيط إلى الخليج.
بلديات البحرين في اختبار صعب
البحرين محرومة من العمل البلدي منذ إلغاء الانتخابات البلدية في عام 1956، وإعلان حالة الطوارئ في نفس العام، والتي قننت بعد تسع سنوات كاملة، من خلال إصدار قانون الأمن العام، وخلال فترة المجلس الوطني 19731975، صرفت الحكومة نظرها عن أحكام الطوارئ، ثم عادت وأصدرت قانون أمن الدولة عام 1974 الذي أطاح بالمجلس الوطني. والعمل البلدي الذي حرم منه أهل البحرين منذ 1956، كان قد بدأ في العشرينيات، ففي عام 1919، قام الوكيل السياسي (المندوب السامي) البريطاني المسؤول عن إدارة البحرين بتأسيس مجلس بلدي من ثمانية أشخاص عين أربعة منهم لتمثيل الأجانب، بينما عين حاكم البحرين آنذاك الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، أربعة بحرانيين آخرين.
وقد حرص الوكيل البريطاني على تكوين ذلك المجلس البلدي الأول من هندي مسلم، اثنان من السنة العرب، واثنان من الشيعة العرب، كما تم تعيين الشيخ عبد الله بن عيسى آل خليفة، رئيساً لذلك المجلس البلدي في العاصمة المنامة، وقد كلف هذا المجلس برعاية الخدمات المدنية مثل الصحة العامة وحركة المرور والمجالات التجارية والأسواق
وفي العام 1926، عدل النظام البلدي عندما أصبح عدد أعضاء المجلس البلدي في (العاصمة المنامة) عشرين عضواً بدلاً من ثمانية ثم تعيين عشرة منهم بمراسيم حكومية، بينما انتخب أهالي المنامة العشرة الباقين، من الرجال والنساء الذين يملكون منزلاً، وقد كان التصويت علنياً وكان يحق لغير البحرنيين التصويت، بمعنى أن الانتخابات أساسها ملاك العقارات بغض النظر عن كون المالك امرأة أو رجل، وقد كانت علنية لأن الغالبية كانت أمية.
وبعد ذلك توالى تأسيس البلديات في (المحرق) (والدفاع) (والحد) و(سترة) و(جد حفص)، وبعد ذلك أعلن الاستقلال والذي أدى إلى إلغاء شكل العمل البلدي السابق، لتنشىء الحكومة ما سمي بإدارة شئون القرى للقيام بأعمال البلديات في 56 قرية، حتى كان العام 1971 حيث تم دمج إدارة شئون القرى في وزارة البلديات وأنشأت الحكومة لاحقاً (الهيئة البلدية المركزية المؤقتة) بالانتخاب المباشر وفي عام 1995 ألغيت الصفة المؤقتة عن الهيئة البلدية لتصبح مركزية وتلحق بوزارة الإسكان والبلديات والبيئة.
ميلاد من نوع آخر
شهد العام 2001 ميلاد المرسوم الأميري رقم 35 والخاص بإصدار قانون جديد خاص بالبلديات في البحرين، حيث قسم القانون الجديد المملكة إلى 5 بلديات تمثلت في بلدية المنامة والمحرق والمنطقة الشمالية والمنطقة الوسطى والمنطقة الجنوبية، ويتحدد اختصاص كل بلدية طبقاً للقانون بحدود منطقة المحافظة التي تقع فيها، وتكون للبلدية شخصية اعتبارية وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري، ويتولى السلطة في كل بلدية مجلس من 10 أعضاء يمثلون الدوائر الانتخابية المختلفة للمنطقة البلدية وينتخبون وفقاً لنظام الانتخاب الذي يصدر بقانون ولا يجوز لأعضاء المجلس البلدي الجمع بين عضويته وعضوية أي من المجلس التشريعي أو الوظائف الحكومية، ويشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية المجلس البلدي أن يكون بحريني الجنسية لا يقل عمره عن 30 سنة ويجيد اللغة العربية قراءة وكتابة.
هذا وينتخب المجلس من بين أعضائه رئيساً ونائباً للرئيس وتكون مدة المجلس البلدي 4 سنوات تبدأ من تاريخ أول اجتماع له.. وتجرى في خلال الشهرين الأخيرين من هذه المدة انتخابات المجلس الجديد.. وتجوز إعادة انتخابات من انتهت عضويته.
ويختص المجلس البلدي بتقديم كافة الخدمات البلدية في دائرة اختصاصه مثل اقتراح إنشاء وتحسين الطرق ووضع الأنظمة المتعلقة بإشغالها واقتراح أنظمة الصحة العامة أو حماية البيئة.. وتقرير إنشاء الأسواق ووضع الأنظمة الخاصة بالمجال العامة كالفنادق والمطاعم وغيرها من المحال التجارية والصناعية ودراسة المخططات العمرانية واقتراح فرض الرسوم البلدية وتعديلها أو الإعفاء منها.
جدير بالذكر أن التحول البحريني باتجاه المملكة الدستورية أدى إلى زيادة عدد البلديات من خمس بلديات إلى اثنتي عشرة بلدية معينة حكومياً تشمل المنامة، المحرق، الحد، جد حفص، الشمالية، الغربية، الوسطى، مدينة عيسى، سترة، الرفاع، الجنوبية، مدينة حمد. وتوكل لها الحكومة المركزية نفس الصلاحيات المذكورة آنفاً.
خصوصية أهلية
إذا كانت المجالس البلدية في البحرين تتمتع بكافة الصلاحيات المتعارف عليها في العمل البلدي باعتبارها البداية الصحيحة للتمثيل الشعبي على مستوى القاعدة، فإن البلديات البحرينية على العكس من ذلك تتعمق وبقوة في المجال الخدمي الأهلي لتدير بدورها الميزانية الممنوحة لها من الدولة، وذلك من خلال أشخاص منتخبين مباشرة من فئات المجتمع الموجهة لهم تلك الخدمات والمجلس البلدي ليس له علاقة إذن بتحديد سياسة الدولة وليس له الحق في ممارسة سلطة تشريعية أو في التشكيك بشرعية الدولة، فالبلديات أساساً تختص بالجانب الخدمي فقط، حيث تتمتع هذه المجالس البلدية بالصلاحية في إدارة مصالح المواطنين الخدمية لتوفير أفضل الخدمات للمواطنين القاطنين في منطقة البلدية، الأمر الذي يؤدي إلى فعالية ونشاط البلديات البحرينية في هذا المجال ارتباطاً برغبة أعضاء هذه المجالس في كسب أصوات الناخبين من أجل عضوية متجددة بمجلس جديد بعد انقضاء مدة ا السنوات الأربع المحددة قانوناً وبلدياً.
الواقع لا يتجمل!
في الواقع لا تزال التجربة البلدية البحرينية متخلفة بعض الشئ مقارنة بمستوى التجربة القطرية التي أعطت المرأة حق التصويت والترشيح وليس التصويت فقط، كما أنه ورغم تشابه المجالس البلدية البحرينية مع القانون البلدي الكويتي إلا أن الصلاحية تختلف عما يتمتع به المجلس البلدي الكويتي حيث إن المجلس البلدي في البحرين يرفع قراراته وتوصياته إلى الوزير المختص، أي أن المجلس بدون صلاحية اتخاذ قرار مباشر ولا يتمتع بشخصية مستقلة في اتخاذ القرار مثل المجلس الكويتي. هذا ويعد شرط إجادة القراءة والكتابة للمرشح البحريني للمجالس البلدية، أمراً عفا عليه الزمن، وليس مخولاً كافياً بالنظر إلى تقدم العملية التعليمية بالبحرين وتطورها، زد على ذلك أن نص قانون المجالس البلدية البحرينية بالتحديد سنة واحدة للمجالس البلدية ليس في صالح الناخب في المجلس، بالإضافة إلى أن إعطاء السلطة التنفيذية أحقية حل المجلس، وإبلاغ السلطة التنفيذية عن علاقة المجلس بالوزير المختص وبمجلس الوزراء، كلها من الأمور التي تقلل من فرص نجاح خلق مناخ ديمقراطي على المستوى البلدي بمملكة البحرين.
في الإمارات
بلديات مختنقة ظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الحياة في عام 1971، تشتمل على ست إمارات هي أبو ظبي ودبي والشارقة والفجيرة وأم القوين وعجمان، فيما انضمت إمارة رأس الخيمة إلى الكيان الناشئ في فبراير من عام 1972 ليكتمل العقد مستمداً ترابطه من دستور الدولة الذي تم الإعلان عنه في الثاني عشر من ديسمبر 1971، والذي جاء ليؤكد على استمرار الكيان الناشئ في ظل دولة اتحادية أقرب إلى الفيدرالية، محدداً الدستور اختصاصات الإمارات الأعضاء التشريعية والبلدية.
وتعد الإمارة داخل دولة الإمارات بمثابة السلطة المركزية العليا المعنية بتنظيم الشئون البلدية، فيما يعد الأمر أو حاكم الإمارة هو المشرع الحقيقي في هذا المجال، بالنظر إلى صلاحياته المطلقة في إنشاء (البلديات) بمرسوم أميري مباشر منه، تتحدد فيه صلاحياتها الإدارية حسبما يتراءى له، حيث لا يوجد تماثل أو نمطية في عمليات إنشاء وتعديل قدرة وحجم البلديات مادياً وجغرافياً وسكانياً، وإنما يوجد تفاوت واضح فيما بينها حتى داخل الإمارة الواحدة.
كما لم توجد سلطة عليا أو وزارة تشرف على شئون البلديات سواء على المستوى الاتحادي أو على مستوى الإمارة الواحدة، إلا أنه منذ عام 1980 حين تم إنشاء (الأمانة العامة للبلديات) على المستوى الاتحادي لتحاول التنسيق بين بلديات الإمارات السبع.
وقد أخذت دولة الإمارات بنظام محلي ذي المستوى الواحد، أي أنه لا توجد تنظيمات محلية داخل الإمارات الواحدة سوى في مستوى (البلديات)، وهي تنشأ بمراسيم أميرية، لا بقوانين، وحتى 1980 كان هناك ثماني بلديات رئيسية بالدولة ثم بدأت تظهر بلديات صغيرة مستقلة.
نطاق محدد
على هذا النحو، تأخذ دولة الإمارات بنظام المجلسين في إدارة الوحدة المحلية، أحدهما المجلس البلدي والآخر هو المجلس التنفيذي، أي أنه يوجد 'بلدية' بالإشارة للمجلس التنفيذي ومجلس البلدية الذي يسمى المجلس المحلي بالبلدية. وبالنسبة لمجالس البلديات الإماراتية، فإنها مجالس معينة غير منتخبة بمقتضى مرسوم أميري، وغالباً من بين سكان البلدية، ويرأسها أحد الشيوخ من ذوي صلة القرابة بالحاكم عادة، لمدة تتراوح ما بين سنتين وثلاث سنوات، وقد تطول حتى تشكيل مجلس بلدية جديد، أو تحل بلا تشكيل مجلس جديد، كما في حالة مجلس بلدية أبو ظبي الذي تم حله في عام 1975، كما قد تسقط العضوية عن أحد الأعضاء لأسباب معينة مثل التغيب بدون عذر مدة طويلة أو الاشتراك في أمر ما، أو العمل في قضية ضد المجلس أما عدد أعضاء المجلس البلدي فيتراوح ما بين 20 إلى40 عضواً في البلديات الرئيسية، وبين 15 إلى عشرين عضواً في البلديات الصغيرة، وتأخذ دولة الإمارات بنظام مقابل العضوية على هيئة مكافآت للأعضاء يحددها حاكم الإمارة حسب ظروفها الاقتصادية. وبخصوص صلاحيات المجالس البلدية الإماراتية، فإنها تتسم بأنها غير محددة أو نمطية في تنظيمها ولكنها محددة في نطاقها، فهي ترتبط بمرسوم إنشاء البلدية ذاتها، كما تقتصر عموماً على (التوصية) والإقتراح بشأن تنظيم المباني والمرافق والأسواق والتعويضات المستحقة عن نزع الملكية الخاصة لإنشاء مشروعات عامة ولا تضع المجالس أنظمة عقابية أو رسوما وضرائب وغرامات محلية إلا بموافقة حاكم الإمارة. هذا وتمارس المجالس البلدية دورها من خلال لجان فرعية تشكل حسب الحاجة في أمور معينة، وتصدر توصيات ليقرها المجلس كلجان التخطيط والصحة العامة.
معوقات حقيقية
جدير بالإشارة إلى أنه رغم الطابع الاستشاري لاختصاصات المجالس البلدية في الإمارات وضرورة تصديق حاكم الإمارة حتى على قرارات لجانها الفنية المتخصصة، فإن تلك المجالس البلدية تخضع لهيمنة شبكة رقابية معقدة وكثيفة الفاعلية، حيث يعطي حاكم الإمارة الحق في تشكيل المجلس وحله واختيار أعضائه وعزلهم، بالإضافة إلى ذلك فإن الأمير يملك الحق في الموافقة أو الرفض لقرارات المجالس بنزع الملكية للمصلحة العامة مثلاً.
ليس هذا فحسب بل إن حاكم الإمارة يطلب من المجلس مناقشة أي موضوع يراه هاماً، ويمنع المجلس البلدي من طرح موضوع ما حتى لو كان من اختصاصات المجلس كذلك هناك رقابة مالية ومحاسبية تحت إشراف جهات مالية حكومية ورقابة قضائية، فضلاً عن رقابة الرأي العام التي قد تتمثل في شكاوي مباشرة للحاكم يقوم بالتحقيق والفصل فيها وتكون أوامره ملزمة تماماً للمجالس البلدية التابعة للإمارة. وعلى الجانب الآخر توجد بدولة الإمارات المجالس التنفيذية المحلية التي تعد واجهة السلطة في نظر المواطنين وهي الجناح الأقوى في الحياة المحلية، كما أنها التعبير المنظم عن السلطة المركزية للحاكم في الإمارة، وتتكون المجالس التنفيذية البلدية من رئيس ومدير أقسام إدارية متخصصة فرئيس البلدية هو رئيس المجلس البلدي والرئيس التنفيذي الأعلى بالبلدية وممثل حاكم الإمارة بها ولذلك يعين بمرسوم أميري، يخول من خلاله بتنفيذ قرارات المجلس البلدي ويمثل البلدية أمام القضاء، كما يتولى رئيس البلدية تنظيم وإدارة شئونها المالية وتعيين وعزل المديرين الفرعين ورؤساء الأقسام، وقد يكون له نائب أو أكثر، ويجوز له تفويضهم في بعض المهام بحيث تكون تحت إشرافه.
أما مدير البلدية فيعين بمرسوم أميري أيضاً، ويعتبر المدير الأول بالبلدية، والمسئول عن تنفيذ أوامر رئيسها، كما يمثل البلدية في الأمانة العامة للبلديات على المستوى الاتحادي بالدولة.
وفي نفس الإطار، تأتي أقسام البلدية وهي وحدات تنفيذية متخصصة يحددها رئيس البلدية وتخضع لإشراف مدير البلدية المباشر.. وقد يبلغ عدد الأقسام خمسة عشر قسماً، كما توجد لوائح خاصة لموظفي البلديات، تختلف من إمارة لأخرى من حيث نظم المكافآت والحوافز والترقيات.
استخلاصاً مما سبق يتضح لنا أن الأداء البلدي بدولة الإمارات العربية المتحدة لا يزال رهن قيود حكام الإمارات السبع كل في إمارته، حيث يختفي أسلوب الانتخاب الحر المباشر من تشكيل المجالس البلدية بمختلف الإمارات، وحتى مع إنشاء الأمانة العامة للبلديات لتفعيل وتقوية أدوار المجالس البلدية منذ عام 1980 وحتى الآن لم يتجاوز دور العمل البلدي الخطوط التقليدية المرسومة له مسبقاً، كما لو يحاول أعضاء هذه المجالس المطالبة بزيادة الصلاحيات أو التوصية بإجراء إنتخابات مباشرة لمجالسهم، الأمر الذي يأخذنا إلي نتيجة نهائية مفادها أن أداء البلديات محلياً مربوط ربطاً كاملاً بما يتراءى لحاكم الإمارة ويراه متوافقاً وهواه.

..... الرجوع .....

الفن السابع
الفن العربي
المنزل الانيق
رياضة عالمية
عواصم ودول
نادي العلوم
المستكشف
الصحة والتغذية
خارج الحدود
الملف السياسي
فضائيات
السوق المفتوح
العناية المنزلية
برلمانيات
العمر الثالث
استراحة
أقتصاد
منتدى الهاتف
بانوراما
تحقيق
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved