الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 6th June,2006 العدد : 176

الثلاثاء 10 ,جمادى الاولى 1427

لماذا ومتى وكيف نختلف؟!
قد تقسو الظروف على الإنسان، فلا يملك بعضنا ممن مسّه ولو سهمٌ واحدٌ من قسوتها حيلة للتغلُّب عليها، ولا وسيلة قادرة للانتصار في موقف كهذا، أو الظَّفر بما تتمنّاه النفس ويرتاح له الضمير.
وقد يواجه المرء الكثير من التحدِّيات وقسوة هذا النوع من الظروف، دون أن تكون لديه القدرة على الصمود أمامها، فيتأثَّر مع الزمن مزاجه وسلوكه وتعاملاته وكلُّ ما يؤثِّر في شخصيته، بما قد يكون سبباً مهماً بما شابها من متغيِّرات.
***
وفي ضوء هذا..
ومثلما قلنا..
فنحن أمام حالة ينبغي التعاطي معها باهتمام، في ظل ما نشهده من مستجدات في سلوك وتصرُّفات بعض أفراد مجتمعنا، فمثل هذه الظروف، قد تكون مؤثرة وجاذبة لبناء شبكات إرهابية جديدة ومتطوّرة في حياة وسلوك الناس باستثمارها لهذا الهدف.
وإذا سلّمنا بهذا التوصيف لتصرُّفات الإنسان وطبيعة سلوكه وقابليته ليكون حاضناً ومستعداً وحملاً وديعاً لما يمليه عليه غير الأسوياء من عارفيه وجلسائه، وأمكننا أن نمسك بالخيط الرفيع عن أسبابها، فعلينا أن نتأكد أولاً مما قد يؤدِّي إليه ذلك من تأثير في تصرفات الإنسان نسبة إلى طابع الظروف في سلوكه التي نتحدّث عنها، وبالتالي علينا أن نتعامل مع ما يليها من تصرُّفات مضرّة على مستوى الأفراد والمجتمع والدولة، بما يحمي الجميع من أضرارها.
***
إنّ أيَّ كلام عن المناهج الدراسية، أو الخطاب الدعوي أو الإعلامي، وأيّ حديث عن المنتديات أو النشاطات غير المنهجية في مدارسنا، وما يقال عن دور البيت أو المدرسة، وتأثير الأصدقاء أو الشارع، هو كلام حقيقي، فهذه هي مصادر ثقافة المجتمع، وهي المموِّل الحقيقي للإرهاب أو حماية المجتمع منه بقدر ما تصدِّره لعقول الشباب من أفكار.
وإنّ المراجعة المطلوبة لشؤوننا كما يطالب بذلك بعضنا، لا يعني بالضرورة إلغاء الجيِّد منها، كما أنّه لا يعني استيراد ثقافات أو ممارسات تتعارض مع قيمنا وأخلاقنا وقبل ذلك ديننا الذي هو عصمة أمرنا.
وفي مقابل ذلك، فإن الإصرار على الجمود وعدم التحديث، واعتبار أنّ ما هو قائم في أيِّ شأن من شؤون حياتنا كافٍ عن أيِّ تعديل أو تحسين أو إضافة، وبالتالي فلا ينبغي مسّه أو إحداث أيِّ تغيير فيه، هو خطأ جسيم يبقي الجميع على مرمى حجر من الاعتداء على كلِّ ما هو جميل مما نحبه ونتمناه ونسعى إليه.
***
ولهذا يجب أن نقبل بالحوار، ونرحب بالرأي الآخر، ونتعامل مع المستجدات في هذه الحياة بما يخدمنا ويقوي من إرادتنا، ويحصّن دولتنا من أي سبب من أسباب الضعف والخوف دون أن نخوِّن أحداً أو نتهمه في دينه ووطنيته.
ولا بد من كل صاحب رأي أو موقف أن ينأى بنفسه عن هذا الترصد البغيض لما يُكتب في صحفنا، وأن يقبل بمبدأ الحق لكل المجتهدين في التعبير عن وجهات نظرهم، وأن نتيح لكلا الطرفين في ذلك فرصاً متساوية في حدود أدب الحوار وأخلاقياته.
***
إن أخطر ما تواجهه الدول والمجتمعات والأمم في حاضرها ومستقبلها حين يتحول الحوار فيما بينها إلى عناد وصراع وتصادم غير عاقل على الأفكار ووجهات النظر المتباينة، وبخاصة حين يتبيَّن للعقلاء أن نقاشاً فاسداً يجري على الساحة، وأنه قد يقود إلى إيجاد شرخ في جسم المجتمع، وبالتالي يؤجج حياة الناس نحو إشعال الفتن وإشاعة المزيد من الأعمال الإرهابية التي لا يستفيد منها أي أحد.
والرسالة التي ينبغي أن نؤديها جميعاً نحو الوطن والأمة، هي القبول بما يفيدنا جميعاً من أفكار، فلا ننكفئ على أنفسنا بحجة الخوف من الغريب، والشك بكل جديد، والحذر من أي طرح لم نألفه من قبل، بداعي أن ذلك سوف يقودنا إلى ما يدمر قيمنا ويؤثِّر على سلوكياتنا وأخلاقياتنا.
ومثله، فإن من الخطأ أن نطالب بما يمس الثوابت، أو أن نرحب بما يتبيّن لنا بأنه غزو أجنبي لقيمنا واختراق مشبوه لتعاليم ديننا، إلاّ إذا اتضح لنا أن هذا التخوّف ليس له ما يبرره، وأن ما يُعترض عليه لا يعدو أن يكون أوهاماً وادعاءً في عقول وتفكير بعضنا، فهنا علينا أن نترك العربة تسير دون أن نلقي بالاً أو نعطي أهمية لهؤلاء، وأن نمضي بحماس وتفاعل مستجيبين لما يكون حينئذ قد تأكد لنا أنه في صالحنا ومصلحتنا.
***
فالعالم يمضي سريعاً، يتطور وينجز، بينما نحن نتخاصم ونختلف، ونترصد لأخطاء بعضنا، وننشغل عن مصالحنا، وقد آن الأوان لنتدبر أمورنا حتى لا يفوتنا القطار ونحن نتفرج.
فالقطار يتسع الآن لنا، كما اتسع من قبل لغيرنا. أما في المستقبل، فقد يتعذَّر عليه استقبال المزيد بعد أن يكون قد سبقنا إلى مقاعده أولئك الذين اختلفوا ليتفقوا وتحاوروا لكي يتصالحوا، فالله الله أن يؤخرنا الاختلاف - غير الرشيد - عن بلوغ حقنا في ركوب القطار قبل أن يتحرك وحينها لن ينفع الندم.


خالد المالك

تنافسا على الجائزة الذهبية
(بابل) و(مواطنون) فيلمان يبحثان التواصل الإنساني.. وفضل العرب على الغرب

* إعداد - محمد رضا
هل هذه هي أفضل دورة منذ عدة سنوات، كما يقول البعض في وصفه لها، او دورة عادية خالية من المفاجآت كما يقول البعض الآخر؟
مبدئياً يمكن القول: إن وجود مثل هذا التفاوت في النظرة الى ما تم توفيره من أفلام في هذه الدورة يعتبر تعيراً عن أن الدورة لم تكن على خير ما يرام، والا لما اختلفت الآراء حولها لدرجة الانقسام الى معسكرين متساويين، الحقيقة أن معظم ما تم عرضه بدا، كما لو أنه بلا قدرة على إنجاز المهمة على خير وجه. فحتى فيلم صوفيا كوبولا حول (ماري أنطوانيت) لم ينجز ما وعد به، رغم حسناته، وكذلك الحال بالنسبة لفيلم (فولفر) للأسباني بدرو ألمادوفار، الذي كان في نهاية الحصيلة عملاً جديراً بالجائزة، كذلك، جاء فيلم الأميركي رتشارد لينكلاتر (أمّة الوجبات السريعة) أكثر سذاجة مما ينبغي، أما الفيلم الإيطالي (التمساح) لنينو موريتي فجاء معتدلاً، بينما جاء فيلم البريطاني كن لوتش (الريح التي هزّت الشعير) أقل من مستوى معظم أعمال المخرج السابقة، أما الفيلم التركي (فصول) للمخرج نوري سيلان لم يترك سوى أثر مستطيب لكنه ليس حاسماً.
الفيلمان الوحيدان اللذان اخترقا هذا اللاتنويع، إن صح التعبير، فهما الفيلم المكسيكي الأميركي المشترك (بابل) والفيلم المشترك الآخر بين الجزائر والمغرب وفرنسا وهو (مواطنون) بلديّون كما يقول العنوان بلغة المنطقة. وفيلم (بابل) ليس فيلماً تاريخياً عن مدينة بابل لكنه فيلم تاريخي نسبة لكونه حدثاً فنيا كبيراً، إنه للمخرج المكسيكي ألييندرو غونزاليز إناريتو صاحب الفيلمين الشهيرين في أوساط المهرجانات، وهما (الحب كلب) و (12غراما).
ولسبر غور فيلمه الجديد هذا على المرء ملاحظة أن المخرج يبني سرده على قاعدة أن حدثاً واحداً مهمّاً (وهو حدث ينتج عنه موت او ملامسة للموت) يقع ذات مرة وعلى نحو مفاجئ سرعان ما يربط بين شخصيات قادمة من اتجاهات مختلفة من الحياة. في (الحب كلب) مثلاً هناك حادثة صدام لسيارتين، يُطلق منها المخرج ليسبر غور ثلاثة قصص كل منها بشخصياتها المختلفة التي لا علاقة لبعضها بالبعض الآخر، فقصة ركّاب السيارة الأولى وقصة ركّاب السيارة الثانية، ثم قصّة عابر سبيل شهد الحادثة وأنقذ كلباً من الموت، وفي الفيلم الآخر تقع حادثة تتفرق مقدماتها وأسبابها ثم نتائجها وتبعاتها على عدة شخصيات.
في فيلم (بابل) الأمر نفسه الفارق المهم، والمتطوّر الى حد، هو أن المخرج الشاب أناريتو يقوم هنا بسرد القصص الثلاثة متوازية عبر الانتقال بينها في حين سردها في (الحب كلب) متلاحقة (انتهى من قصة ركّاب السيارة الأولى ثم انتقل الى الثانية وهكذا)، ما يساعده هنا كثيراً أن أحداث الفيلم تقع في ثلاث مناطق متباعدة: المغرب، الولايات المتحدة - المكسيك، اليابان.
والقصة بإيجاز تدور حول صبي في قرية مغربية يطلق رصاصة من بندقية صيد على حافلة سياحية فيصيب امرأة أميركية داخلها (الممثلة كيت بلانشيت). وتتوقف الحافلة ويهرع زوجها (براد بت) باحثاً عن طبيب في القرية الصغيرة القريبة، وتعتبر الولايات المتحدة هذا العمل إرهابياً وتنفي الحكومة المغربية ذلك وتنطلق التحقيقات، كل ذلك وسواه يتقاطع مع قصة فتاة يابانية صمّاء بكماء تشعر بالوحدة القاسية وهي في مطلع سنوات شبابها، تحاول بكثير من الرعونة، استدراج العشّاق ولكنها تفشل، والدتها كانت انتحرت ووالدها الثري هو كل من بقي لهذه الفتاة في الحياة، وهو الذي كان قد أهدى البندقية التي انطلقت منها الرصاصة فأصابت الأميركية، وذلك قبل ثلاثة عشر عاماً حين كان في زيارة للمغرب، فأهدى البندقية لفلاح تعرّف عليه هناك، في الوقت ذاته، ها هي مربية الأطفال المكسيكية (طيّبة) تطلب الإذن من رب عملها اصطحاب طفليه (ولد وبنت) معها من أميركا الى المكسيك، وذلك لأنها مضطرة لحضور حفلة عرس إبنها. وهي تطلب ذلك هاتفياً لأن الرجل وزوجته قد ذهبا في رحلة.لاحقاً ما نعلم (ولو أننا نتوقع من البداية) أن هذين الزوجين هما نفسيهما المرأة المصابة وزوجها اليائس الذي يحاول إنقاذها من الموت، هذه هي العلاقة، هنا كما أن البندقية هي العلاقة في القصة الثانية، وهي البندقية التي شوهدت في مطلع الفيلم.
ينتقل المخرج بذكاء بين المواقع والقصص الثلاثة، ويجدول اهتماماته جيّداً. فمثلاً، همّه ألا ينجذب الى نوع من العرض العاطفي الميلودرامي السهل والمسطّح. لدى إناريتو القدرة على استخراج الأفضل من شخصياته ومن ممثليه. وهم يديرهم جميعاً على أفضل وجه، والأهم في هذه الجدولة هو أن الفيلم يدعو لفهم الثقافات وربط الجسور، كما لا يفعل فيلم آخر منذ حين، وفيلم (بابل) يفعل ذلك بتصوير شخصياته العربية والمكسيكية بتعاطف جلي ما يجعل الصورة الأميركية موزّعة بين الإيجاب الفعلي (الزوجين) وبين مواقف دبلوماسية جامدة مثل جمود القوانين التي تترك المربية المكسيكية غير قادرة على العودة الى الولايات المتحدة لأنها في الأساس لا تقيم شرعياً في البلاد.
أما فيلم (مواطنون) فيطرح فيه المخرج الجزائري رشيد بوشارب قضية بالغة الأهمية في خصوصية العلاقة بين فرنسا ودول شمال إفريقيا، وفي أثرها مباشرة خصوصية العلاقة بين العالمين الإسلامي العربي والغربي، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في العام الماضي أخرج حقق المخرج الألماني الأصل ميشيل هنيكي فيلماً بعنوان (المخبوء) الذي دفع فيه الى الواجهة حادثة لم تطرح سينمائياً منذ وقوعها، تلك الحادثة التي وقعت في مطلع الستينيات حين تظاهر آلاف الجزائريين في باريس مطالبين برحيل الجيش الفرنسي من الجزائر ومنحه استقلاله، وكان البوليس الفرنسي في هذه الواقعة غليظا وقاسياً وعنيفاً في تصديه ما تسبب عنه سقوط أكثر من مئة قتيل، لقد قام المخرج بوشارب بجلب هذا الموضوع إلى الشاشة لكونه موضوعا لم تتطرّق اليه السينما من قبل، كما جسد معاناة أولئك الجنود المسلمين الآتين من شمال القارة الإفريقية الذين لبّوا نداء التطوّع وانخرطوا في جيش شارل ديغول لتحرير فرنسا من الفاشية الألمانية، هؤلاء الجنود بذلوا في سبيل ما آمنوا به منتظرين الإنصاف والحرية والمساواة، لكن القيادة الفرنسية واجهتهم بالتجاهل والتغاضي مميّزة بينهم وبين الفرنسي الأصل، ولو كان من ذات الرتبة او دونها، الأمر الذي أدّى الى حالات نزاع حتى داخل المنضمّين الى هذا الجيش الفرنسي، وفي هذه الحالات يدور قسم كبير من الفيلم وصولاً إلى قيام فيلق من هذا الجيش العربي الأصل بدخول جبال الألزاس الفرنسية والسيطرة على قرية صغيرة لمنع تقدّم فرقة من الجيش الألماني ومحاصرتها لقوّة أميركية، لقد كان رجال هذا الفيلق يتساقطون قتلى مضحّين بحياتهم في سبيل الذود عن أرض ليست أرضهم في الأساس ووطن لم يولدوا فيه، ورغم ذلك فقد أبلوا بلاء حسناً، وكانت رسالة الفيلم المدوّية مزدوجة، وهي أن فرنسا لا تستطيع محو هذا التاريخ المشرّف لها الذي أنجزه مسلمون عرب.
وعلى ذلك فإن العالم اليوم بحاجة لأن يعرف كم حارب المسلمون والعرب لجانب قضايا التحرر والوطنية، الرسالة تصل التصفيق الذي حققه الفيلم استمر طويلاً من فرنسيين بعضهم نسي، وبعضهم لا يعلم شيئاً مطلقاً عن هذا الجزء من تاريخ بلادهم الذين يرونه مشرفاً، إلا أن هناك ما يمكن أن نسميه بعض المشكلات الفنية في الفيلم التي يُسأل عنها المخرج بالطبع، لا يمكننا القول: إن بوشارب مخرج متمكن في إخراج مشاهد الحرب ومشاهد المعارك الحربية، رغم أن الفيلم يصنف فيلماً حربياً، إلا أن المخرج يحاول أحياناً إقحام بعض المواقف الدرامية وسط الرصاص المنهمر مما يعرّض المشاهد لنوع من عدم الاتزان ويفقدها حيويّتها، كما أن بعض الطروحات متوقعة، لكن الرسالة تطغى على هذين العيبين وتفي بالغاية من الفيلم مجسّدة شخصيات تبقى طويلاً في ذهن المشاهد ومانحة لممثلين جزائريين ومغربيين فرصة العمل في إنتاج عالمي يعتبر الأول من نوعه.

..... الرجوع .....

الفن السابع
فن عربي
عالم الاسرة
رياضة عالمية
أنت وطفلك
الملف السياسي
استراحة
اقتصاد
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
تحقيق
مجتمعات
روابط اجتماعية
صحة وغذاء
شاشات عالمية
تميز بلا حدود
تقارير
سوق الانترنت
الحديقة الخلفية
غرائب وعجائب
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved