الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 6th July,2004 العدد : 88

الثلاثاء 18 ,جمادى الاولى 1425

الافتتاحية
فصل من مصير العراق
من السابق لأوانه التوقع بما سيؤول إليه الوضع في العراق، حتى بعد تشكيل الحكومة العراقية ومباشرتها لسلطاتها بحماية أمريكية، على النحو الذي تم قبل الموعد المحدد لها بيومين، بانتظار إجراء الانتخابات العامة في العام القادم.
أقول ذلك، وقد اقتيد صدام حسين أخيراً مُكَبَّلاً بالأغلال إلى المحكمة ليقول القضاء كلمته في حقبة طويلة من تاريخ العراق الدموي بقيادة رئيسه السابق صدام حسين، الذي يواجه سبع تهم جنائية، تكفي إدانته بواحدة منها لتنفيذ حكم الإعدام فيه.
نعم، لا يمكن التنبؤ بحقيقة المستقبل الذي ينتظر العراق وشعب العراق في ضوء المناخ الذي يسود الحياة في العراق، منذ سقوط حكم البعث ووقوع العراق في قبضة المحتل بالسيناريو الدامي الذي دفع ثمنه الكثير من الأبرياء العراقيين وغير العراقيين.
ولا شك أنَّ مشهد مثول أحد عشر مسؤولاً كبيراً من رموز نظام صدام حسين أمام شاشات التلفازات وعدسات المصورين، وإن كان يؤكد أنَّ النظام السابق قد انتهى وولَّى وأصبح جزءاً من التاريخ، إلاَّ أنه غير كافٍ لإعطاء قراءة صحيحة للتطورات المستقبلية المتوقعة في هذا البلد الشقيق.
أما لماذا هذه النظرة غير المتفائلة لمستقبل العراق، ولمَ الخوف عليه ومنه، والثقة من أنَّ ما يخفيه المستقبل من تطورات قد لا تصب في مصلحة هذا البلد الشقيق؛ فلأنَّ الممارسات الإرهابية التي تشهدها الساحة العراقية صباح مساء تعطي مؤشراً غير سار، وقد تعيق أي محاولة للخروج من هذا النفق المظلم.
فالعراق يفتقر اليوم إلى الحد الأدنى من الأمن..
وهناك كما هو معروف ثارات قديمة بين أفراده وقبائله..
فضلاً عن التدخلات الخارجية لزعزعة استقراره..
وما يصاحبها من أطماع ورغبة في السيطرة على مقدراته من الداخل والخارج..
وهناك قائمة أخرى طويلة تعزز من حجم الخوف على بلاد الرافدين.
والمطلوب في هذه المرحلة الدقيقة والصعبة والقاتلة في تاريخ العراق..
وما ينبغي عمله في هذا المنعطف الخطير الذي توجهه البوصلة، على ما يبدو، نحو ما هو أسوأ..
أن يكفَّ العدوّ عن إشعال الفتنة بين المواطنين..
وأن يُترك الخيار لأبناء العراق في تصريف أمور بلادهم..
بلا وصاية منه..
أو مخططات لا تخدم استقراره..
وأن يلتفَّ المجتمع العراقي نحو ما يعزز استقرار بلاده.
وبهذا تفوت الفرصة على الأعداء المتربصين شراً بالعراق..
سواء كانوا من الداخل..
أو من أولئك الذين جاءوا من الخارج..
وهنا سوف يسرع المحتل بأخذ عتاده والرحيل من أرض الرافدين..
ويعود العراق كما يريد أهله، وكما نتمنى أبيَّاً وقوياً وسنداً لقضايانا العربية.
خالد المالك
بعد نقل السيادة في الأول من يوليو
الأمن لا يزال السؤال الأصعب في العراق !

* إعداد إسلام السعدني
قبل بضعة أيام شهدت بلاد الرافدين حدثاً قد يشكل نقلة مهمة في تاريخها السياسي ألا وهو تنفيذ اتفاق نقل السلطة من سلطة التحالف التي تقودها الولايات المتحدة للعراقيين، ذلك الاتفاق الذي طال الحديث عنه على مدار الشهور الماضية، وهو حديث دار على وقع تفجيرات لم تهدأ وتيرتها، واصطبغ بدماء أبرياء ومحتلين لم يعد بينها من فارق تقريباً.
الخطوة المرتقبة فرضت نفسها على مختلف الصحف العالمية التي حفلت بمقالات تناولت هذا الموضوع من أبعاده كافة.
صحيفة «كريستيان ساينس» ركزت على قضية من أهم القضايا المتعلقة بعملية نقل السلطة، ألا وهي بناء قوة أمنية عراقية قادرة على إرساء الاستقرار في البلاد بغية تمهيد الطريق نحو بناء عراق جديد، ويستهل مراسلها من العراق «بلانفورد» مقاله بالتأكيد على أن تشكيل جيش وشرطة جديدين في العراق يعد مسألة شديدة الخطورة والأهمية خاصة بالنسبة لإنجاح عملية نقل السلطة في البلاد.
ويوضح أن من شأن نجاح هذه العملية إفساح المجال نحو ظهور عراق مستقر وآمن مما يسمح بانسحاب القوات الأجنبية من أراضيه، أما الفشل فسيؤدي حسبما يرى الكاتب إلى أن تدخل البلاد في آتون دوامة أكبر من الفوضى، قد تؤدي لاندلاع حرب أهلية في نهاية المطاف، ويشير«بلانفورد» إلى أن ما حدث خلال العام الماضي على صعيد النتائج المتمخضة عن الجهود التي بذلت من أجل تشكيل قوة أمنية عراقية كان مخيباً للآمال إلى حد كبير، وينقل عن مسئولين عسكريين أمريكيين قولهم في هذا الشأن: إن قلة الخطط واتخاذ بعض القرارات الخاطئة والتمسك بتوقعات لم تكن متلائمة مع الواقع كل ذلك لم يؤد إلى إلا ظهور قوة أمنية عراقية ضعيفة التدريب وغير مجهزة بشكل جيد.
ويلقي الكاتب الضوء على أحد الأخطاء الإستراتيجية التي ارتكبت في هذا الصدد وهو المتمثل في القرار الذي اتخذه «بول بريمر» رئيس الإدارة المدنية الأمريكية في العراق في شهر مايو من العام الماضي والخاص بحل الجيش العراقي السابق الذي كان يبلغ قوامه أربعمائة ألف جندي، مشيراً إلى أن ذلك القرار أدى إلى أن ينضم بعض الجنود المسرحين من الجيش إلى تنظيمات المقاومة.
ويستعرض«بلانفورد» في مقاله مراحل تشكيل الجيش العراقي الجديد، تلك المراحل التي بدأت في يوليو 2003، موضحاً أن أول كتيبة من الجيش تخرجت في أغسطس من نفس العام وكانت تضم 700 عسكري، مضيفاً في الوقت نفسه أن قرابة نصف عناصر هذه الكتيبة قدموا استقالاتهم في نهاية العام الماضي احتجاجاً على قلة الرواتب التي يتقاضونها وصعوبة الظروف التي يعملون في ظلها.
وأشار «نيكولاس بلانفورد» إلى أن العمليات الدامية التي شنها رجال المقاومة على عناصر القوات العراقية الجديدة زادت من صعوبة الموقف بالنسبة لهذه العناصر، موضحاً أن هذه الموجة من العمليات التي تمثلت في عمليات انتحارية وهجمات بالقنابل ضد مراكز الشرطة ومكاتب التجنيد أسفرت منذ شهر سبتمبر من العام الماضي عن مقتل ثلاثمائة من رجال الشرطة والدفاع المدني.
عامل آخر يشير الكاتب إلى أنه أسهم في إضعاف الروح المعنوية لقوات الأمن العراقية، ألا وهو عجز سلطات التحالف عن إمداد هذه القوات بالمعدات اللازمة للاضطلاع بمهامها، قائلاً: إن العديد من رجال الشرطة لا يزالون يفتقرون إلى السلاح اللازم للدفاع عن النفس والسترات الواقية، ولا يقتصر الأمر على هذا الحد كما يوضح الكاتب بل إن قوات الشرطة تعاني من عجز في المركبات العسكرية والأسلحة الثقيلة إلى جانب افتقارها للذخيرة ولوسائل الاتصالات. وأكد«بلانفورد» أن نقص المعدات أدى إلى أن يسود شعور بالإحباط بين الضباط التابعين لسلطة التحالف ممن يعملون في مجال المساعدة على بناء قوة أمنية عراقية.
وينقل الكاتب عن أحد هؤلاء الضباط قوله إنه لا يزال يعاني من عجز في الرشاشات والأسلحة الآلية، متسائلاً عن كيفية نجاح رجال الأمن العراقيين في أداء مهامهم في بلد مثل العراق دون أن يكونوا مجهزين بأسلحة آلية؟! ويتناول«بلانفورد» بعد ذلك ما حدث خلال شهر أبريل الماضي عندما ألقى العديد من عناصر قوات الأمن العراقية أسلحتهم في أعقاب اندلاع اشتباكات ضارية بين قوات التحالف ومسلحين عراقيين سواء في مدينة «الفلوجة» السنية، أو في المدن الشيعية الكبرى مثل «النجف الأشرف» و«كربلاء».
ويشير إلى أن أسوأ ما شهدته تلك الفترة تمثل في رفض إحدى كتائب الجيش العراقي الجديد الانتشار في «الفلوجة» لدعم العمليات التي كان يقوم بها الجيش الأمريكي هناك ضد المقاومة العراقية، لافتاً النظر إلى أن تلك كانت المرة الأولى التي يتم فيها توجيه أوامر لكتيبة من ذلك الجيش بالمشاركة في قتال فعلي.
ويؤكد الكاتب أن هذه الواقعة تلقي بظلال من الشكوك حول إمكانية نقل مهمة القيام بعمليات حفظ الأمن من قوات التحالف إلى قوات الشرطة العراقية.
الملك ديفيد :
ثم يلقي «بلانفورد» الضوء بعد ذلك على قرار وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» بإسناد مهمة قيادة برنامج تدريب عناصر الجيش العراقي الجديد إلى الجنرال «ديفيد بيترايوس» قائد الفرقة 101 المحمولة جواً، مشيراً إلى أن ذلك القرار اتخذ لكفاءة هذا الرجل، وللنجاحات التي تحققت على يديه في مدينة «الموصل» التي كان قائداً للقوات الأمريكية المتمركزة فيها بعد الحرب. ويستطرد الكاتب موضحاً أن «بيترايوس» نجح في فرض النظام في «الموصل» التي كانت أول مدينة عراقية تشهد انتخابات لمجلسها المحلي، مشيراً إلى أن هذه المدينة شهدت أيضاً عودة للحياة الطبيعية تمثلت في إنشاء منطقة حرة هناك.
وأكد أن هذه الإنجازات جعلت ذلك الرجل جديراً بلقب (الملك ديفيد)!
وقال بلانفورد: إن «بيترايوس» الذي تمت ترقيته في شهر أبريل الماضي اختير لرئاسة المكتب المسئول عن نقل الصلاحيات والمسئوليات الأمنية للعراقيين، وهو المكتب الذي يتمثل الهدف الرئيسي من إنشائه في تدريب وتجهيز خمس
كتائب يبلغ مجموع عناصرها 35 ألف عسكري بجانب تدريب وتجهيز قوة حرس سواحل محدودة العدد إلى جانب نواة للسلاح الجوي العراقي.
وأوضح الكاتب أن نحو مائتي ألف عراقي قد انضموا بالفعل إلى الأفرع الأمنية المختلفة التي تنضوي تحت لواء الجيش والشرطة في العهد الجديد، مشيراً إلى أنه من بينهم 87 ألفاً انضموا إلى قوات الشرطة، و15 ألفاً لقوات حرس الحدود، و28 ألفاً لقوات الدفاع المدني، وأخيراً أربعة آلاف للجيش.
معضلة الولاء :
ويقول «بلانفورد»: إن الجنرال «بيترايوس» اعترف بأنه لا يزال قلقاً إزاء مدى مقدرة ورغبة القوات العراقية الجديدة في محاربة عناصر المقاومة، ويرجع الكاتب هذا القلق إلى أن الولاء للقبيلة أو للعشيرة أو للأسرة في بلد مثل العراق، ربما يفوق الولاء للوطن، ويضرب مثالاً على ذلك من خلال واقعة حدثت قبل أسابيع قليلة عندما اعتقلت قوات التحالف ستة من عناصر الدفاع المدني للاشتباه في ضلوعهم في هجمات بالقنابل وقعت في مدينة «الرمادي» إحدى مدن المثلث السني، وتثير مثل هذه الحوادث كما يرى الكاتب الشكوك حول إمكانية أن تكون هناك صفقات قد أجراها بعض عناصر الدفاع المدني والشرطة العراقية مع رجال المقاومة، وذلك بغية حماية أنفسهم من الاغتيالات، أو وفاء من بعضهم لانتماءاته القبلية.
ويشير «بيترايوس» حسبما ينقل عنه «بلانفورد» إلى أن حل هذه المعضلة يكمن في أن يتم غرس الولاء في نفوس المنضمين لقوات الأمن العراقية الجديدة ليكون هذا الولاء مماثلاً لذاك الذي يشعر به عناصر هذه القوات تجاه عائلاتهم أو عشائرهم.
ويوضح الجنرال الأمريكي أن هناك جهوداً تبذل لغرس فكرة وجود أسرة عسكرية واحدة ينتمي إليها كل رجال الجيش والشرطة في العراق، مؤكداً أن النجاح في هذا الصدد يعد أمراً مهماً للغاية.
ومضى «بيترايوس» قائلاً بحسب ما ينقل عنه«بلانفورد» إنه فيما يتعلق بمشكلة نقص المعدات فقد بات من المقرر أن يتم إبرام عقود قيمتها ثلاثة مليارات دولار لتدريب وتجهيز قوات الأمن العراقية الجديدة، وذلك من أجل التغلب على هذه المشكلة.
ثم يلقي الكاتب الضوء في مقاله على الاهتمام الذي يوليه مكتب نقل الصلاحيات والمسئوليات الأمنية للعراقيين لإجراء عمليات تدريب الجنود العراقيين الجدد على يد مدربين عراقيين أيضاً، ولكن تحت إشراف خبراء من سلطة التحالف.
ويكشف«بلانفورد» النقاب عن أنه تجرى حالياً عمليات تدريب لوحدة عراقية خاصة لتتولى مهمة قتال من سماهم ب «المتمردين»، مشيراً إلى أن القائمين على هذه الوحدة التي تجرى تدريباتها في مدينة «التاجي» يأملون في أنها ستكون رأس حربة عمليات قمع عناصر المقاومة.
ويوضح أن عناصر هذه الوحدة يخضعون لتدريبات شاقة على قتال الشوارع، ومداهمة المنازل، وغيرها من المهارات التي تكفل لهم النجاح في المهام التي ستناط بهم.
وينقل الكاتب عن أحد عناصر الجيش العراقي الجديد ويدعى «جابر عباس» ويبلغ من العمر 23 عاماً قوله إنه أقدم على الانضمام للجيش «للمساعدة على الدفاع عن بلادي وأبناء وطني»، ويشير «عباس» وهو خريج جامعي إلى أنه يعتبر «المتمردين» خارجين عن القانون، قائلاً: إن مواصلتهم القتال ضد القوات الأمريكية ستعرقل عملية إرساء دعائم الديمقراطية في العراق.
ويتابع «بلانفورد» استعراضه لملامح الحياة داخل معسكرات تدريب الجيش العراقي الجديد، حيث يروي أن الجنرال «بيترايوس» سأل أحد المجندين ذات مرة عن ماهية المشاعر التي تنتابه وهو بين أبناء «عشيرته» الجديدة، مشيراً إلى أن المجند أجاب بشكل عسكري منضبط قائلاً: «لا توجد بيننا أية فوارق.. في العراق كلنا أسرة واحدة».
قوات على المحك :
ويؤكد الكاتب أن ولاء هؤلاء الجنود للجيش العراقي ومن ثم للنظام الجديد في البلاد سيوضع على المحك خلال الأسابيع المقبلة، عندما يتم تخريج أولى وحدات القوات العراقية الخاصة من معسكر «التاجي»، ونشرها في المناطق الواقعة جنوب العاصمة بغداد.
ويشير «نيكولاس بلانفورد» إلى أنه لا يوجد بين المسئولين العسكريين الأمريكيين من يتوقع أن تؤتي عمليات تجنيد وتدريب رجال الأمن العراقيين الجدد ثمارها بشكل سريع، مؤكداً أن هؤلاء المسئولين ينظرون إلى ذلك الأمر باعتباره سيستغرق أعواماً وليس شهوراً.
ويقول في هذا الصدد إن الجنرال «بيترايوس» يرفض حتى الآن الإفصاح عن توقعاته إزاء المدى الزمني الذي يمكن خلاله إتمام نقل المسئوليات الأمنية للعراقيين، وينقل عنه قوله إن إتمام هذه العملية سيعتمد على الظروف المحيطة وليس على عنصر الزمن.
وفي الختام يشير مسئول عسكري أمريكي رفيع المستوى يورد تصريحاته الكاتب إلى أنه سيكون مخطئاً من يتصور أن القوات الأمريكية سترحل خلال عام واحد من العراق، ويستطرد هذا المسئول قائلاً: «إن عملية بناء قوة أمنية عراقية ستأخذ وقتاً طويلاً إذا أخذنا في الاعتبار الانقسامات الطائفية والعرقية والقبلية السائدة في العراق، فإذا نظر المرء إلى ما تستغرقه عمليات تدريب قوات الأمن في أمريكا في ظل ظروف وأجواء مثالية، سيصبح قادراً على أن يتصور أن الأمر في الأراضي العراقية لن يتم بسرعة على الإطلاق».
رسالة الإنذار :
أما الكاتب «دان مورفي» فيستهل مقاله بالحديث عن الانفجار الذي هز العاصمة العراقية بغداد مؤخراً، واستهدف مركز تجنيد تابعاً للجيش العراقي، حيث أوضح أن هذا الانفجار الذي وقع في ساعة مبكرة من الصباح على بعد ميلين فحسب من المنطقة الخضراء التي تقع فيها المقار التابعة لسلطة التحالف كان بمثابة رسالة إنذار تشير إلى أن الطريق المؤدي لاستعادة العراق استقلاله سيكون حافلاً بالمخاطر التي ستظهر أكثر وأكثر بعد تنفيذ اتفاق نقل السلطة الذي يمنح الحكومة الانتقالية في بغداد سيادة محدودة.
وأضاف «مورفي» أن الانفجار الذي وقع بمنطقة المثنى وأسفر عن مقتل خمسة وثلاثين عراقياً وإصابة مائة آخرين، دون أن يوقع أية خسائر بشرية في صفوف الجنود الأمريكيين يعد جزءًا من موجة عمليات ترمي إلى نشر الفوضى في الأراضي العراقية، وتقويض الخطط الأمريكية الخاصة بعراق ما بعد نقل السلطة.
وأكد أن انفجار«المثنى» لا يعد الأول من نوعه، مشيراً إلى أن مراكز التجنيد والتدريب العراقية تعرضت من قبل لهجمات مماثلة، ذكر منها هجوماً وقع في شهر فبراير الماضي في المنطقة نفسها، وهو الهجوم الذي أودى بحياة ثمانية وأربعين عراقياً كانوا ينتظرون خارج القاعدة العسكرية الموجودة هناك، والتي تتمركز فيها وحدات من قوات الدفاع المدني التي يعرفها الكاتب بقوله: إنها مجموعات شبه عسكرية تقوم بدوريات منفصلة عن دوريات قوات التحالف.
ويمضي «مورفي» قائلاً: إن الأسابيع الماضية شهدت هجوماً نفذ بسيارة مفخخة واستهدف قوات الدفاع المدني بالقرب من بلدة (بلد) الواقعة شمال بغداد مما أدى إلى مقتل ستة من هؤلاء العناصر.
ويعود «دان مورفي» بعد ذلك للانفجار الذي استهدف مركز التجنيد في بغداد، لينقل عن أحد حراس الأمن العراقيين الذين كانوا موجودين في موقع الحادث قوله إنه التحق بهذا العمل لأنه في حاجة إلى وظيفة، ولأنه يرغب أيضاً في المشاركة في عمليات حفظ الأمن في بلاده.
ويواصل هذا المواطن العراقي حديثه من داخل أحد المستشفيات التي نقل إليها بعد إصابته بجروح جراء الانفجار حيث يشير إلى أنه لا يعتزم العودة مرة أخرى إلى وظيفته تلك، ويفسر موقفه في هذا الصدد بقوله: إن الانخراط في مثل هذه النشاطات أمر محفوف بالمخاطر في ظل الظروف الراهنة، مشيراً إلى أن لديه زوجة وأبناءً يتولى أمرهم.
الأمن حجر الزاوية :
وبعيداً عن تفاصيل انفجار «المثنى» الذي نفذ باستخدام سيارة مفخخة، شدد «دان مورفي» على أن الاضطلاع بمهام حفظ الأمن في العراق، سيقود إلى تزايد الحاجة إلى الاستعانة بالعديد والعديد من العراقيين من ذوي الكفاءة وممن يتمتعون بالالتزام.
ويعيد الكاتب التأكيد على أن إرساء الاستقرار في الأراضي العراقية يعد بمثابة حجر الزاوية لتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، ولإجراء انتخابات نزيهة هناك، وكذلك لحمل المواطنين العراقيين على قبول فكرة بقاء قوات أمريكية كبيرة العديد على أراضيهم.
ويشدد «مورفي» على وجود عدة عقبات تقف حجر عثرة في وجه الجهود الأمريكية الهادفة إلى تجنيد المزيد من العراقيين للانضواء تحت لواء قوات الأمن الجديدة، موضحاً أن هذه العقبات تتمثل في الهجمات الانتحارية وعمليات الاغتيال التي تستهدف الراغبين في الانضمام إلى هذه القوات، إلى جانب هروب بعض المجندين الجدد من الخدمة العسكرية.
وأشار إلى أن هذه المشكلات تثير تساؤلات جدية حول حجم الصلاحيات الأمنية التي سيكون بوسع سلطة التحالف منحها للعراقيين، قائلاً: إن الشكوك المثارة في هذا الشأن أدت إلى أن تعلن الولايات المتحدة أن قواتها المرابطة حالياً في العراق، والبالغ قوامها قرابة مائة وخمسين ألف عسكري ستبقى هناك في المستقبل المنظور على الأقل.
وينقل الكاتب عن «بول ولفوويتز» مساعد وزير الدفاع الأمريكي «دونالد رامسفيلد» قوله في هذا الشأن: إن «دور قوات التحالف بعد الأول من يوليو سيتمثل في تقديم الدعم اللازم لقوات الأمن العراقية بالقدر الذي تحتاجه إذ أن هذه القوات ستبقى لبعض الوقت في حاجة لمساعدة إضافية».
وأضاف «ولفوويتز» في تصريحات أدلى بها للصحفيين في مدينة «الموصل» خلال زيارته الأخيرة للعراق قائلاً: إن «قوات الأمن العراقية ليست جاهزة في الفترة الراهنة للوفاء بواجباتها، (ولذا) يمكنها الاعتماد علينا في هذا الصدد حتى يتسنى لها استكمال استعداداتها للقيام بمهامها».
ويشير الكاتب إلى أن تصاعد الهجمات التي تستهدف القواعد العسكرية والمعسكرات التي يتم فيها استقبال الراغبين في الانضمام لقوات الأمن العراقية الجديدة، صار يتوافق مع عمليات تخريب أنابيب البترول، وهي العمليات التي ترمي إلى تقويض دعائم صناعة النفط في البلاد.
ويستطرد قائلاً: إن الهجمات ضد المنشآت النفطية عادة ما تؤدي إلى وقف الصادرات العراقية من النفط، وهو ما يكبد العراق خسائر تقدر بعشرات الملايين من الدولارات يومياً.
ويلفت الكاتب الانتباه إلى التصريحات التي دأب المسئولون الأمريكيون والعراقيون على الإدلاء بها في الفترة الأخيرة، والتي أعربوا فيها عن اعتقادهم بأن أعمال العنف ستتصاعد، ويشير بصفة خاصة إلى ما قاله رئيس الحكومة الانتقالية «إياد علاوي» من أن ما يشهده العراق حالياً من عمليات مسلحة يمثل ذاك التصعيد الذي كان متوقعاً، وشدد على أن حكومته تعتزم تقديم منفذي هذه العمليات للقضاء، متعهداً في تصريحات له خلال تفقده لموقع هجوم «المثنى» بأن تسود العدالة البلاد.
وعلى الرغم من هذه التصريحات يؤكد «مورفي» في مقاله أنه لم يتم إحراز تقدم ملموس على صعيد الحد من الهجمات التي تنفذ باستخدام سيارات مفخخة، وهي الهجمات التي تصاعدت بشكل ملموس في الفترة الماضية، مشيراً إلى أنه لم يتم اعتقال سوى القليل من منفذي هذه العمليات.
ويوضح الكاتب أن هذه العمليات التي اتهم المسئولون العراقيون مقاتلين أجانب وأتباع الرئيس المخلوع «صدام حسين» بالمسئولية عنها قد أسفرت عن مقتل أربعة وثمانين شخصاً خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر يونيو.
شبح الزرقاوي :
ويقول إنه على الرغم من أن المسئولين الأمريكيين قد أكدوا أن أغلب العمليات المسلحة التي يشهدها العراق حالياً ذات صلة ب «أبو مصعب الزرقاوي» ذلك الأردني الأصل المرتبط بتنظيم القاعدة إلا أنه يعود ليشير إلى أن القوات الأمريكية لم تنجح حتى الآن في تحديد المكان الذي يختبئ فيه «الزرقاوي»، وكذلك لم تعتقل سوى عدد محدود من أنصاره وأتباعه، مضيفاً أن الولايات المتحدة رصدت عشرة ملايين دولار كمكافأة لمن يدلها على مكان هذا الرجل.
ويؤكد «دان مورفي» أن العديد من المحللين يحذرون من أن رغبة الزرقاوي في تحقيق أهدافه عبر تنفيذ عمليات إرهابية ستزداد قوة وعنفاً مع اقتراب الموعد المحدد لإجراء أول انتخابات عامة في بلاد الرافدين، والمقرر لها يناير من العام المقبل.
ومن بين هؤلاء «حازم عوادي» الذي كان أحد عناصر جهاز الأمن العراقي السابق والذي يشير إلى أنه من المرجح أن يشهد العراق المزيد من أعمال العنف جراء تصاعد حمية المنافسة التي ستسبق الانتخابات، خاصة من قبل أناس يخشون من أنهم سيفقدون كل شيء.
ويضيف «عوادي» الذي يعد من بين مؤيدي رئيس الحكومة الانتقالية في بغداد أن ما هو مطلوب في هذه المرحلة يكمن في إشراك المزيد من العراقيين في عمليات حفظ الأمن في البلاد.
حكاية حسن :
ويعقب «دان مورفي» على حديث المحلل العراقي بالقول: إن مسألة حمل العراقيين على المشاركة في الاضطلاع بهذه المهام تبدو حالياً أكثر صعوبة، ويورد في هذا الشأن حواراً جرى بينه وبين أحد عناصر القوات البحرية العراقية السابقة، أوضح فيه هذا الرجل ويدعى «حسن» أنه حاول خلال العام الماضي مراراً وتكراراً الانضمام مجدداً للجيش، ولكنه فشل في ذلك، مشيراً إلى أنه قام بخمس وعشرين زيارة لقاعدة «المثنى» من أجل هذا الغرض، إلا أن كل هذه الزيارات باءت بالفشل، ويردف «حسن» قائلاً: إنه يفكر حالياً في الذهاب لمراكز التجنيد الموجودة بمدينة «البصرة» جنوب البلاد، حيث يأمل أن تسهم الأوضاع الأمنية الأكثر استقراراً هناك في إنجاح محاولاته للانضمام إلى قوات الأمن دون أن يتعرض للخطر.
ولكن «مورفي» يأبى على ما يبدو أن يختتم مقاله دون أن يشير إلى أن توقعات العسكري العراقي السابق قد لا تكون صحيحة تماماً، إذ أن مدينة «البصرة» نفسها قد شهدت في أبريل الماضي كما يذكرنا الكاتب خمس هجمات منسقة بسيارات مفخخة ضد عدد من مراكز الشرطة هناك أودت بحياة أكثر من سبعين شخصاً!

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
عواصم ودول
نادي العلوم
المستكشف
خارج الحدود
الملف السياسي
فضائيات
السوق المفتوح
العمر الثالث
استراحة
تقرير
أقتصاد
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
بانوراما
من الذاكرة
جزيرة النشاط
روابط اجتماعية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved