الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 7th September,2004 العدد : 97

الثلاثاء 22 ,رجب 1425

الأفتتاحية
الوشاية بلا طلب!!
جُبِل بعض الناس على الوشاية بين الشخص ومن يعمل معه أو تربطه به صداقة أو علاقة من أي نوع..
والبحث عن كل ما يسيء إلى هذه العلاقة بوضع ما يكفي لتوتيرها بالافتئات على الحقائق وممارسة أساليب الدس والخداع..
وهذا مرض لا نستطيع أن نعممه على جسم أفراد المجتمع.. ولكننا في المقابل لا نستطيع أن نتجاهل وجود مرض بهذا المستوى وبهذا النوع ووجود من يغذيه من بعض أفراد المجتمع ليستمر نقطة سوداء في العلاقات الإنسانية.
***
والوشاية قد تنطلي على البعض..
وقد يصدقها أو لا يصدقها آخرون..
ما لم تفضحها التداعيات..
وتكشفها التناقضات والمواقف وحكمة الطرفين المتضررين.. والوشاية أسلوب خسيس لا يقوم به ولا يقدم عليه إلا من افتقد الحس الإنساني والأخلاقي..
وهو مرفوض من المجتمع بكل شرائحه وإن شذ منه من شذ..
ولحسن الحظ أن هؤلاء يتوارون عادة خلف الأسوار ولا نرى وجوههم أو نسمع أصواتهم أو نقرأ أسماءهم أو يمكنوننا من معرفتهم حين يحبكون مخططاتهم..
وهذا كاف لكشف زيف ما يقولون وعدم صحته البتة, ومن أنه لا يعدو أن يكون هراء مصدره إنسان غير سوي ويعاني من مشاكل نفسية تترجمها مثل هذه التصرفات التي تصدر منه.
***
أنا هنا لا أتحدث عن حالة خاصة..
ولا عن موقف معين..
وإنما أتناول بالنقد قضية تسيء إلى الصورة الجميلة للمجتمعات..
وهي قضية حين تتفشى فإنها تدمر مجتمعات ومؤسسات وأفراداً..
وأول من سوف يكتوي بنارها..
وأول من سيتضرر منها..
هم أولئك الذين يشعلون الفتنة..
من يمارسون هذا العمل اللا إنساني وغير الأخلاقي..
لأن سلوكهم هذا ترفضه المجتمعات المتحضرة..
ويتنافى مع كل المبادئ وتعاليم الأديان..
وهو بالتالي محكوم عليه بالوأد..
ولا خوف منه.


خالد المالك

التعليم في ليسوتو.. للفتيات فقط!
* إعداد إسلام السعدني

يقضي الصبي (تانكيسو سالمين) أغلب وقته يمارس هوايته في تسلق الصخور البارزة في سهول وطنه (ليسوتو)، تلك الدولة الواقعة في جنوب القارة الإفريقية، ولكن هذه الهواية لا تحول دون أن يظل ذلك الفتى واضعاً نصب عينيه الحفاظ على الثروة التي تمتلكها أسرته، تلك المتمثلة في ثمان من الأبقار هزيلة الجسم، التي غالباً ما ستستخدم في يوم من الأيام ك(مهر) لعروسه أو لعروس أي من أخوته.
ولأعوام طويلة، كان (سالمين) يحرس تلك الأبقار من خلال الاعتماد على قدرته على تمييز شكلها وألوانها فحسب، وهو ما جعل بوسعه التعرف عليها وهي ترعى مع غيرها من الماشية، ولكن لم يكن هذا الصبي الذي يبلغ عمره نحو سبعة عشر عاماً قادراً على إحصاء ما تمتلكه الأسرة من حيوانات، نظراً لأنه لم يكن حتى شهور قليلة يستطيع العد من (1 إلى 10)، أو يستطيع كتابة اسمه أو قراءة اللافتات في الطرقات، وذلك ما تغير إلى حد ما بعد أن التحق بفصول التعليم المسائية التي أنشأتها الحكومة في بلاده.
* الكثير من الذكور أميون بشكل كامل وغير قادرين على إجراء أي عمليات حسابية
*****
اهتمام بالماشية
ويقول (سالمين) بخجل، طبقاً لما نشرته (كريستيان ساينس مونيتور): (لقد تركت الدراسة وأنا في الصف الثاني، إذ أنه لم يكن هناك من يعتني بالماشية غيري)، ويضيف دون أن تبدو منه تقريباً غير عينيه اللتين تلمعان تحت القبعة الصوفية التي يرتديها فوق رأسه، والرداء الثقيل الذي يحاول الاحتماء به من الصقيع في ليسوتو التي تعد إحدى البلدان الإفريقية القليلة التي تشهد تساقط ثلوج بصورة دورية لقد تعلمت (الحروف والأرقام في المدرسة في تلك الفترة ولكنني نسيتها بعد ذلك).
ظاهرة فريدة
وتوجد في ليسوتو ظاهرة فريدة من نوعها في العالم، ألا وهي أن نسبة الإناث اللواتي يلتحقن بالمدرسة تفوق نسبة الذكور، وهو عكس المألوف في البلدان الفقيرة التي تكرس فيها الأسر عادة مواردها المحدودة لتعليم أبنائها وليس بناتها، بينما تبقى الفتيات في المنزل إما لعدم القدرة على توفير الأموال اللازمة لدفع المصروفات المدرسية لهن، أو للرغبة في إلحاقهن بأعمال يمكن من خلالها الحصول على المال الضروري لتلبية احتياجات أخوتهن الذكور الذين انخرطوا في سلك التعليم، تلك الاحتياجات التي يمكن أن تتمثل في الزي المدرسي أو الكتب الدراسية.
ولكن الأمر يختلف تماماً في هذه المملكة الجبلية الصغيرة التي يتجاوز عدد سكانها بالكاد مليوني نسمة، والتي تحيطها دولة جنوب إفريقيا من كل الجهات، فالذكور هناك في عمر السابعة والثامنة لا يحفلون كثيراً بالذهاب إلى المدرسة، حيث تشير الإحصائيات التي أعدتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن 20% من الأولاد في هذا العمر يعملون في الرعي بدلاً من الالتحاق بالمدارس.
وتتفاقم هذه المشكلة في المناطق الجبلية النائية من البلاد، حيث لا يصل إلى الصف الخامس الابتدائي سوى 59% فقط من الصبية، مقارنة بـ(73% من الإناث)، فيما يوجد الكثيرون من الذكور أميين بشكل كامل غير قادرين على إجراء أي عمليات حسابية ولو كانت شديدة البساطة.
ونعود إلى (تانكيسو سالمين) الذي يمكن أن نرى عندما ينحسر رداؤه الصوفي عن وجهه ندبة لم تلتئم بعد على خده الأيسر، وهي ندبة ناجمة عن مشاجرة وقعت بينه وبين صبي يفوقه سناً ويعمل هو الآخر راعياً للماشية، ولكن (سالمين) الذي يبدو جسمه ضئيلاً بالنسبة لسنه يقسم بإصرار على أنه عادة ما يكون المنتصر في مثل هذه المشاجرات، وأنه هو من يترك الندوب في وجوه وأجساد خصومه وليس العكس!
تشوهات نفسية
ولكن خسائر هؤلاء الصبية من عدم الالتحاق بالمدرسة لا تقتصر على عدم تعلم الحروف والأرقام فحسب، ولكن تتعدى ذلك لتؤثر على شخصياتهم، حيث يصبحون أكثر عدوانية وأقل قدرة على التواصل الاجتماعي مع الآخرين جراء بقائهم فترات طويلة قد تصل إلى أسابيع في مناطق الرعي النائية والمنعزلة وهم في سن صغيرة للغاية.
وتقول (نادي ألبينو) التي تدير برامج التعليم التابعة لمنظمة (اليونيسيف) في ليسوتو: إنه في غالبية هذه المناطق المنعزلة يفتقر الصبية إلى المهارات الاجتماعية الرئيسية بشكل ربما يجعلهم أقل قدرة على التواصل الاجتماعي من أولئك الأطفال الذين يتم استخدامهم كمقاتلين في السودان!
وتضيف ألبينو وهي سودانية الجنسية قائلة: (إن هؤلاء الصبية الرعاة لا يعرفون كيف يمكنهم العيش بين البشر في مجتمع.. إنهم شديدو العنف والصرامة لأنهم تعلموا أن القتال هو السبيل الوحيد للبقاء على قيد الحياة).
وعلى الرغم من كل هذه السمات العدوانية إلا أن المسؤولة الدولية تشير إلى أن أولئك الصبية شديدو الخجل!، وتقول: ( لو أنك قابلتهم لوجدتهم بالكاد قادرين على الحديث معك.. لقد تعاملت مع أطفال كانوا منخرطين في صفوف ميلشيات مسلحة، ورأيت نظرة أعينهم.. ولكن لم أكن أرى في نظراتهم تلك الوحدة التي رأيتها في نظرة صبية ليسوتو ممن يعملون في الرعي.. لأن الأطفال المقاتلين على الأقل يتحركون في مجموعات) مما يكسبهم القدرة على التفاعل مع الآخرين.
الاتجاه للتعليم
وعلى الرغم من أن الآباء والأمهات في ليسوتو بدأوا يدركون شيئاً فشيئاً أهمية تعليم أطفالهم من البنين والبنات، إلا أن وتيرة التقدم على هذا الصعيد لا تزال تسير بمعدلات متباطئة.
ويمكن القول: إن من بين العوامل التي دفعت الكثيرين في البلاد إلى إدراك القيمة الاقتصادية للتعليم ذاك التدهور الذي حل بصناعة الذهب بجنوب إفريقيا، تلك الصناعة التي كانت توفر فيما سبق فرص عمل لعشرات الآلاف من مواطني ليسوتو حتى وإن كانوا غير متعلمين، وقد أدى هذا التدهور إلى تقلص فرص العمل لغير المتعلمين في ليسوتو بشكل حاد.
ونتيجة لقلة نسبة المتعلمين من الذكور في البلاد، يمكن للمرء ملاحظة أن أغلب العاملين في المؤسسات الحكومية هم من النساء وهو أمر غير معتاد في إفريقيا.
تغير تدريجي
ويقول (نيو مولهوني) أحد الموظفين الرجال القلائل الذين يعملون في الوكالة الحكومية الخاصة ببرامج التعليم عن بعد في ليسوتو: إن الجميع الآن باتوا يدركون أهمية التعليم.
ويضيف مولهوني الذي تتولى الوكالة التي يعمل بها إدارة فصول التعليم المسائية والتي يطلق عليها اسم مراكز التعلم: إن الأمور تتغير خطوة بخطوة، والناس يتفهمون بشكل تدريجي في الوقت الراهن أنه من الضروري تعليم الكل حتى الصبية منهم لأن فرصة الحصول على عمل تتقلص كثيراً إذا ما لم يكن المرء ملماً بالقراءة والكتابة.
وقد بدأت الأسر في ليسوتو تهتم بإرسال أبنائها إلى المدارس وتسعى للموازنة بين البنين والبنات في هذا المجال، مما أدى إلى تقلص الفجوة بين الجانبين، خاصة في ضوء حقيقة مفادها أن الفتيات صرن يتركن التعليم مبكراً عندما يصاب أفراد من الأسرة بمرض نقص المناعة المكتسبة المعروف باسم (الإيدز).
خطوات حكومية
وفي محاولة منها لتشجيع المواطنين على إلحاق أبنائهم وبناتهم بالمدارس قررت الحكومة في ليسوتو تخفيض المصروفات المدرسية بشكل كبير، وقد كانت هذه المصروفات تعد أحد أكبر العقبات التي تحول دون انتظام الأطفال في سلك التعليم لا سيما في الأسر الفقيرة.
وإلى جانب ذلك، قررت الحكومة فتح العديد من مراكز التعليم المسائية لخدمة هؤلاء الذين صاروا أكبر سناً من أن يلتحقوا بالمدارس النظامية، وتتخذ هذه المراكز من منازل المواطنين مقار لها حيث يحصل المواطن الذي يتم استخدام منزله لهذا الغرض على عشرين دولاراً شهرياً.
وتجتذب تلك المراكز الصبية من أمثال (تانكيسو سالمين) الذي تحدثنا عنه في بداية هذه السطور، كما تجتذب أيضاً عمال مناجم سابقين مثل (تيميان سالماني) الذي تقدم في العمر دون أن يتعلم مبادئ القراءة.
ويستهدف هذا المشروع تعليم المواطنين في ليسوتو ممن فاتهم قطار التعليم النظامي المهارات الأساسية للقراءة والكتابة، إضافة إلى قواعد الرياضيات وهو ما يمنحهم الشعور بأنهم قادرون على إنجاز شيء ما يعتد به.
وهكذا فإنه من خلال مثل هذه المراكز صار (تانكيسو سالمين) قادراً على أن يقول بفخر: (لقد تعلمت كيف أكتب اسمي.. وتعلمت أيضاً بعض الحروف الأبجدية)، ويضيف وعيناه تومضان: (أريد أن أتعلم كيف أكتب كل شيء).

..... الرجوع .....

الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
المستكشف
خارج الحدود
الملف السياسي
فضائيات
استراحة
منتدى الهاتف
جزيرة النشاط
روابط اجتماعية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved