Al Jazirah Magazine Tuesday  10/07/2007 G Issue 226
قادمون
الثلاثاء 25 ,جمادى الثانية 1428   العدد  226
 

معجزة على نهر هان كانج (2-3)
كوريا الجنوبية من أكبر اقتصاديات العالم

 

 

* إعداد - أشرف البربري

تحدثنا في الحلقة الأولى عن الخلفية التاريخية لشبه الجزيرة الكورية كمدخل للحديث عن التجربة أو المعجزة الكورية الجنوبية في التنمية والتقدم والتي تحولت إلى نموذج تم استنساخه تقريبا في أغلب دول جنوب شرق آسيا.

وتناولت الحلقة الأولى تاريخ كوريا منذ عصور ما قبل الميلاد والممالك البدائية التي ظهرت في هذه المنطقة التي وقعت بين إمبراطوريتين هما الصين واليابان ودفعت لذلك ثمنا باهظا استمر حتى انتهاء الحرب الكورية عام 1953م.

طورت كوريا الجنوبية في بداية ستينيات القرن العشرين نموذجا تنمويا جمع بين نظام اقتصاد التخطيط المركزي ونظام اقتصاد السوق واستفادت بشدة من سنوات الحرب الباردة خاصة في عقدي الستينيات والسبعينيات حيث حظيت بدعم المعسكر الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة التي تغاضت عن الحكم المستبد للجنرال بارك شونج الذي وصل إلى الحكم في انقلاب عسكري في مايو 1961م واستمر في حكم كوريا حتى عام 1979 عندما تم اغتياله بعد أن وضع أسس المعجزة الاقتصادية لكوريا الجنوبية.

كانت كوريا الجنوبية حتى بداية الستينيات معروفة بأنها واحدة من أكثر المجتمعات الزراعية الفقيرة. وقد انطلقت خطة التنمية الاقتصادية والصناعية منذ عام 1962م وفي أقل من أربعة عقود، استطاعت كوريا تحقيق ما يسمى (بالمعجزة الاقتصادية على نهر الهان-كانج) وهو نهر يجري في وسط العاصمة سول. فقد زاد اجمالي الدخل القومي الكوري من 2.3 مليار دولار في سنة 1962م إلى 477 مليار دولار عام 2002م واستمر في الزيادة حتى وصل إلى 931 مليار دولار عام 2005م وأصبحت كوريا الجنوبية واحدة من أكبر عشر اقتصاديات في العالم كما ارتفع نصيب دخل الفرد من اجمالي الدخل القومي من 87 دولارا عام 1962م إلى أكثر 19.4 ألف دولار أمريكي حاليا.

وقد ركزت الخطة الخمسية الأولى للتنمية (1962-1966م) على وضع اسس التصنيع. ونجحت الخطة في تهيئة البناء الصناعي لدولة تعتمد على الموارد الزراعية وتحويلها إلى دولة تقوم على التصنيع الحديث والتصدير، وفي خلال عملية التنمية الاقتصادية، قامت كوريا بتنفيذ نشاط صناعي شامل.

حيث انخفض نصيب الصناعات الأولية من البناء الصناعي الكلي من 31.5% في عام 1970م إلى 15.7% في عام 1980م، وانخفض مرة أخرى إلى نسبة 5% في عام 2002م. على الجانب الآخر، زاد نصيب السلع المصنعة في البناء الصناعي الكلي من 14.7% في عام 1970م إلى 36.0% في عام 2002م.

وقد اعتمد النمو الاقتصادي الكوري مبدئياً على الصناعات الخفيفة ذات الكثافة العمالية كصناعة النسيج على وجه الخصوص. وتم تغيير الصناعات الخفيفة بصورة منتظمة لتحل محلها الصناعات الثقيلة والصناعات الكيماوية التي تمثل أكثر من نصف إجمالي الإنتاج الصناعي. وعلى سبيل المثال، فبعد اكتمال فرن كونج-يانج الثالث في ديسمبر 1990م، أصبحت كوريا من أهم المنتجين للصلب في العالم. تنتج كوريا كذلك أنواعا مختلفة من المعدات والآلات. كما وصلت صناعة السفن والسيارات إلى أعلى مستوياتها، في الوقت الذي أصبحت فيه الصناعات الالكترونية هي الرائدة في النمو وأهم عامل لتوفير النقد الأجنبي.

وجاءت كوريا في المرتبة السادسة بين أكبر مصنعي السيارات في العالم، حيث تنتج سنويا أكثر من 3 ملايين سيارة. ولمجابهة الطلب المتزايد على الوقود، تم تطوير مجمعات بتروكيماوية ضخمة مع تدعيمها بالعديد من مصافي البترول الكبيرة على طول المدن الساحلية للبلاد.

كما توجد العديد من الصناعات الأساسية لإنتاج الأسمنت، والأطعمة، والأسمدة الكيماوية، والخشب الحبيبي، والملابس، والسيراميك، والزجاج، والمعدات الزراعية والمعادن غير الحديدية.

وقد نمت كوريا بسرعة فاقت بها فترة الستينيات، حيث ساعدتها في ذلك معدلات الادخار والاستثمارات العالمية والتركيز القوي على التعليم.

وأصبحت كوريا العضو التاسع والعشرين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وذلك في 12 ديسمبر 1996م. وتعرضت التجربة الكورية الجنوبية لضربة موجعة عامي 1997 و1998م اللذين شهدا الأزمة الاقتصادية الآسيوية التي ضربت النمور الآسيوية ككل فانخفض إجمالي الدخل القومي إلى 312 مليار دولار، كما انخفض نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي إلى 6744 دولار وذلك بسبب تذبذب معدلات الصرف الأجنبي.

وبعد التغيير الذي حدث في الحكومة الكورية عام 1998 جددت كوريا التزاماتها في العمل مع صندوق النقد الدولي والتطبيق الكامل للإجراءات الإصلاحية. وهكذا، فقد صممت كوريا على تبني هذه الإصلاحات الصارمة بهدف تجاوزها لأزمتها الاقتصادية.

وقد اتخذت القيادة الجديدة عدة خطوات بهدف تطوير الإصلاح في كل الميادين وبخاصة في القطاعات المالية، والشركات والقطاع العام والعمال بهدف إعادة كسب ثقة المستثمرين الأجانب وكذلك الالتزام بمبادئ السوق الحر وإعادة هيكلة الشركات الكورية العظمى المعروفة باسم (جيبول) وزيادة المرونة في سوق العمال. أما احتياطي البلاد من العملة الأجنبية فقد بلغ 3.8 بلايين دولار في نهاية عام 1997م، وقد ارتفع إلى 155.325 مليار دولار في نهاية عام 2003م وتمكنت البلاد من دفع قروض الطوارىء البالغة 13.5 مليار دولار.

وأعلن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 16 ديسمبر 1999م أن أزمة النقد الأجنبي التي واجهتها كوريا قد تم حلها بالكامل. وتم حفظ معدل الديون الكورية لتكون بمثابة أساس للاستثمار ورغم الطفرة الصناعية الهائلة التي حققتها كوريا الجنوبية خلال العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين فقد تضاعف معدل الإنتاج الزراعي الكلي في كوريا خلال الخمسة عشر عاما الماضية. أما بالنسبة للواردات الكورية فقد زادت بمعدل منتظم بسبب سياسة التحرير التي طبقتها كوريا وزيادة مستويات دخل الفرد. وبوصفها واحدة من أكبر الأسواق المستوردة في العالم، فقد تجاوز حجم الواردات الكورية الواردات الصينية في سنة 1995م، واقتربت من الواردات الماليزية والإندونيسية والفلبينية.

هذا وقد شملت الواردات الرئيسية الكلية على المواد الخام التصنيعية مثل البترول الخام، والمعادن الطبيعية، والبضائع الاستهلاكية، والأغذية، والمعدات الالكترونية ومعدات النقل.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة