الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 11th January,2005 العدد : 113

الثلاثاء 30 ,ذو القعدة 1425

التنظيم المفقود!!
مشهد غريب..
يتدافع فيه الإنسان مع أخيه الإنسان..
في سباق محموم..
يفتقد إلى النظام..
بل وإلى الاحترام..
وتضيع معه هيبة المكان والزمان والمناسبة التي جاء هؤلاء من أجلها..
وتختفي بذلك تلك الصورة التي تمثل انعكاساً لمناسبة هذا التجمع العاطفي والإنساني بين المحبين.
***
يتساءل الجميع باندهاش واستغراب، حيث يتواصل الحديث فيما بينهم ولا يتوقف..
وحيث يمسهم شعور بالأسى والحيرة مع تكرار السؤال..
فيما لا جواب عن السؤال..
السؤال إذاً هو السؤال..
والصمت هو الصمت عن إعطاء الجواب..
سيّان إن كان هو الجواب أو اللاَّ جواب!.
فيما الناس يلقون بأسباب متاعبهم وذلك العرق الذي ينزف من مسامات أجسامهم على غياب هذا الجواب.
***
ففي (مقبرة النسيم) حيث زوارها بالآلاف من المعزين..
هنا يختلط ويتزاحم الجميع باتجاه من سيواسونهم..
في مشهد فوضوي لا مبرر له ومثير للانتباه..
وكأننا بفعلنا هذا لا نملك القدرة على تنظيم حركة هذه الأعداد من الناس دون أن نسيء لحرمة المكان..
ما أعنيه باختصار، أن بين هؤلاء من هو كبير أو طاعن في السن..
ومن هو في حالة صحية لا تساعده على أخذ مكانه وطريقه بين الأقوياء في هذه الجموع الغفيرة..
فلماذا لا يبحث أصحاب الفضيلة العلماء عن مخرج يعالج هذه المشكلة بما يتوافق ويتفق وينسجم مع تعاليم ديننا الحنيف؟.
***
اقتراح قد يكون مقبولاً أو جديراً بالمناقشة ضمن آراء أخرى قد يراها آخرون..
هذا الاقتراح ألخصه بأن يتم وضع مسارات مؤقتة (متحركة) لتنظيم حركة المعزين في المقبرة..
أي أن الخوف من المحاذير الشرعية التي تشير إلى ما هي عليه المقابر في بعض الدول من مظاهر بدع وضلال لن يكون وارداً بإزالة هذه الحواجز الحديدية بانتهاء دفن الميت وانصراف المشاركين في دفنه بعد تعزية ذويه.
***
لعل هيئة كبار العلماء تتكرم فتعيد دراسة هذه الحالة من الوجهة الشرعية..
وهي بلا شك موضع ثقة الجميع بأعضائها وفتواها وما ترى أن فيه مصلحة للمسلمين..
المهم أن تعيد هيئة كبار العلماء النظر في هذا الموضوع على ضوء ما سبق لها من فتوى حوله إن كانت مثل هذه الفتوى قد صدرت في ظل تزايد أعداد المشاركين في دفن الأموات تحت وهج الشمس ومع نزول المطر وأثناء مواسم البرد القارس.


خالد المالك

العراق والدائرة الجهنمية
* إعداد: أشرف البربري

ربما لم يزر أي صحفي أو كاتب محايد أو حتى منحاز من أي دولة من دول العالم العراق وعاد منه إلا وكتب عن تلك الدائرة الجهنمية التي يعيش فيها العراقيون منذ بدء الاحتلال الأمريكي لبلادهم في التاسع من إبريل عام 2003م.
ومن الشهادات الجديرة بالقراءة تلك الشهادة التي نشرتها صحيفة الجارديان البريطانية لشخصية عربية هي غيث عبد الأحد الذي أمضى شهرين في جحيم بغداد عاد بعدهما ليكتب قائلاً: ها قد عدت إلى لندن بعد شهرين قضيتهما في العراق، الآن أحاول الاستمتاع بشمس الخريف الحانية وأن احتسي كوباً من الشاي وأقرأ كتاباً خفيفاً وأبذل كل طاقتي من أجل نسيان الشهرين اللذين قضيتهما في العراق. أنا أحاول لكن كل المحيطين بي لا يفعلون شيئاً سوى سؤالي دائماً عن الوضع في العراق. وهل الوضع سيئ بالفعل في بغداد؟ وهل الوضع كما ترويه نشرات الأخبار؟ ويضيف عبد الأحد: قبل شهرين كنت سأقول لهم (إنها ليست سيئة للغاية) ولكن الآن إجابتي هي (إنها أسوأ مما تتصورون).
وعن تلك المفارقة البشرية المثيرة للبكاء قول عبد الأحد: الحقيقة أن صورة بغداد وعنفها من هنا في لندن غير حقيقية فهي تبعد عن لندن بمليون سنة ضوئية، فباستثناء الخبطات العنيفة للأوز البري على الباب كل صباح لا شيء يذكِّرني بالرعب الذي يسود بغداد، ومهما كان اهتمام شعوب العالم بمأساة العراقيين فإنه اهتمام هامشي، ومهما كانت درجة الانفعال بما يحدث فلن يلبث هذا الانفعال أن يهدأ ليتجه الاهتمام والانفعال نحو أمور أخرى.
ويقول غيث عبد الأحد وعلى أي حال فإنه وعندما أحضر حفل عشاء في لندن لا يكون هناك حديث للحاضرين سوى عما يحدث في بغداد، ومع ذلك فإنهم وبصبر نافد ينتظرون حتى أفرغ من محاضرتي عن العراق والأسباب التي جعلته ينتهي إلى هذه الحالة لكي ينتقلوا إلى الحديث عن المبنى المعروف باسم مبنى هاري والذي يحتاج إلى بعض الفحوصات الهندسية، ثم عن أسعار العقارات التي تتراجع بشدة في لندن.
فعندما تكون في لندن وتفتح جريدة الصباح لتقرأ نبأ مقتل 35 طفلاً عراقياً في اليوم السابق نتيجة تفجير انتحاري من تلك التفجيرات التي تشهدها بغداد كثيراً لن تتمكن من تخيل حجم الرعب والارتباك الذي يعيشه الناس في العراق لأنه أكبر من أن تنقله صورة أو تترجمه كلمات. أما بالنسبة للناس في لندن أو في أي مدينة أخرى من العالم فالأمر لن يمثِّل أكثر من يوم آخر وتفجير آخر، والحقيقة أن حجم الرعب والخوف الذي يواجهه العراقيون يومياً لا يمكن وصفه لسببين: الأول لأن الصحفيين والمراسلين العسكريين الأجانب في العراق يعيشون تحت حصار الرعب والخوف نفسه سواء داخل الفنادق أو في المجمعات السكنية. والثاني أن العراق الآن يعني الحرب والحرب تعني الخراب ولذلك فإن انفجار سيارة ملغومة بالنسبة لهم لم يعد نبأ عاجلاً.
وقد عاش العراقيون حلماً خاطفاً لشهور قليلة بعد سقوط نظام حكم صدام حسين، حيث شعروا أنه يمكنهم بالفعل الحياة بدون خوف، وربما كانوا قد بدؤوا التخطيط لمستقبلهم ومستقبل أطفالهم وهو أمر لم يكن متخيلاً على الإطلاق في ظل حكم صدام حسين الذي
اتسم عهده بالحروب والقمع والقتل، ولكن أول مجموعة سيارات مفخخة انفجرت بددت هذه الأحلام.
وأدرك العراقيون أن الوعد الذي طال انتظاره بالرخاء والسلام لن يتحقق قريباً، ليس هذا فحسب، بل إن هؤلاء الناس بدؤوا يشعرون وكأن أيام صدام حسين كانت أفضل لأن أغلب العراقيين كانوا يدركون جيداً قواعد اللعبة، فقد كانوا يعرفون كيف يحافظون على حياتهم. كل المطلوب هو عدم البروز في المجتمع وعدم التفكير في السياسة أو ربما عدم التفكير من الأصل، ولكن الموقف الآن أصبح أكثر تقلباً وفقد الناس الحاسة السادسة التي كانت تضمن لهم البقاء.
وأصبح السؤال الملح الآن هو ما هي قواعد اللعبة الجديدة؟ لا أحد يعرف، هل هي ألا تظهر برفقة الأمريكيين؟ وهل هي ألا تعمل في الشرطة أو الحرس الوطني العراقي؟ وهل هي عدم العمل في الحكومة العراقية الجديدة على الإطلاق؟ وبالطبع من الأفضل ألا تذهب بسيارتك إلى الأماكن المليئة بالعبوات الناسفة.
ولكن أين توجد تلك العبوات على وجه الدقة؟ وكيف يتوقع العراقيون أن يعيشوا حياتهم اليومية ناهيك عن إقامة الديموقراطية عندما لا يشعرون أنهم سيعودون إلى منازلهم كلما غادروها لأي سبب؟ والحقيقة أن الخوف ليس ناجماً فقط عن السيارات المفخخة أو قذائف الهاون. إنه المناخ العام من غياب القانون وانعدام النظام والأمن والفوضى التي يعيشها العراق.
والمشكلات الحقيقية التي تواجه العائلات العراقية العادية هي الفساد والبلطجة وعمليات الاختطاف من أجل الحصول على فدية.
ويزداد الأمر سوءاً إذا كنت طبيباً أو أستاذاً جامعياً أو مهنياً من أي نوع أو رجل أعمال، ففي هذه الحالة لن تكون فقط هدفاً للجماعات المسلحة التي تستهدف المتعاونين من قوات الاحتلال أو الحكومة الجديدة ولكن أيضاً هدفاً لعدد كبير من العصابات والمجرمين.
وبالطبع فالعامل الأمريكي حاضر بقوة في معادلة خوف العراقيين، فيكفي أن تنفجر سيارة مفخخة في دورية أمريكية بالقرب من منزلك حتى تصبح هدفاً للاعتقال وربما يصبح منزلك هدفاً لقصف الطائرات الأمريكية خاصة إذا كان لك قريب ضابط سابق في جيش العراق ومن طائفة السنة.
والأمر يبدو وكأن المقاومة والأمريكيين اتفقوا على أن العنف هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق أهدافهم، وحل مشكلات العراق من وجهة نظر كل منهما هي طرد الطرف الآخر دون الاهتمام بما يريده العراقيون بالفعل.
والعراقيون أنفسهم يبدون غير قادرين على فهم ما يحدث، وأغلب العراقيين فقدوا انبهارهم بالجهود الأمريكية إن كان لهذه الجهود وجود من أجل إعادة بناء ما دمرته الحرب في العراق.
وساعدت الممارسات الأمريكية على الأرض وأعمال العنف والقمع التي تمارسها في حق العراقيين في زيادة مشاعر الكراهية لدى هؤلاء العراقيين تجاه الحكومة العراقية والأمريكيين الذين يساندونها والمقاومة تتغذى على هذه المشاعر، ومع تنامي مشاعر الكراهية تزداد وتيرة العنف، ومع تزايد العنف يزداد عدد الضحايا العراقيين، ومع زيادة عدد الضحايا تستمر الكارثة الاقتصادية، وهكذا تستمر الدائرة الجهنمية التي يدور بداخلها العراق.

..... الرجوع .....

الفن السابع
الفن العربي
المنزل الانيق
خارج الحدود
الملف السياسي
حوار
السوق المفتوح
استراحة
تقرير
إقتصاد
منتدى الهاتف
مجتمعات
اثار
من الذاكرة
جزيرة النشاط
روابط اجتماعية
x7سياسة
الحديقة الخلفية
شاشات عالمية
رياضة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved