الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 12th July,2005 العدد : 135

الثلاثاء 6 ,جمادى الثانية 1426

لماذا التحفظ على حجم التوزيع؟!
تتحفظ الصحف السعودية على حجم توزيعها، كلما كان هناك سؤال أو استفسار أو رغبة في الحصول على معلومة ولو صغيرة عن توزيعها..
وتتعمد اللجوء إلى إخفاء هذه المعلومات وتغييبها عن الآخرين، وكأنها شيء خاص بها ولا مصلحة لأطراف أخرى في التعرف عليها..
***
ومثل هذا الطلب هو بنظرنا حق مشروع لمن يعلن بالصحيفة أو يرغب بأن يتعاون معها في أي مجال، غير أن صحفنا لا تعير ذلك شيئا من اهتمامها..
وهي بذلك تضع نفسها في موقف من يضلل الآخرين بحقيقة أرقام توزيعها وسعة انتشارها مفضلة عدم الإعلان عن الحجم الحقيقي والصحيح لتوزيعها..
***
واللافت للنظر أن الصحف السعودية تتسابق على إعطاء معلومات مبالغ فيها عن عدد النسخ التي تباع منها في منافذ التوزيع يوميا..
ضمن الحرص على أن تأخذ الصحيفة مكانها في الصفوف الأولى بين زميلاتها ولو بشكل غير مشروع..
***
وأرقام التوزيع مثلما يعرف الجميع ممن يقرأ الصحيفة أو يعلن فيها أو يكتب ضمن كتابها أو يعمل ضمن كوادرها يهمهم أن يكونوا على علم بمكانها بين الصحف..
فالتوزيع ضمن أمور أخرى كثيرة يقاس عليه نجاح الصحيفة وتأثيرها وقدرتها وتميزها في إيصال الرسالة إلى المتلقي والوصول بنجاح إلى النقاط المستهدفة صحفيا وتسويقيا..
***
غير أن المؤسسات الصحفية ودون استثناء تغيّب هذه المعلومة وتحاصر مصادرها للحيلولة دون اختراقها حتى لا تتبين الحقيقة فينكشف المستور..
إذ إن هناك بعض الصحف تُتَدَاول معلومات مبالغ فيها عن حجم كبير عن توزيعها وهي مرتاحة لهذا الانطباع الإيجابي عن توزيعها، وصحف أخرى يتحدث الناس عن حجم متواضع عن توزيعها بما يخالف الواقع وهي مع هذا الظلم لا تستطيع أن تتفرد لوحدها بالإعلان عن عدد ما يباع من نسخها يوميا..
***
وشركات التحقق من الانتشار (قد لا يُطمأن إلى أرقامها) لأنها لا تتقصى الحقيقة وتقدم معلومات من حين لآخر قد لا تكون دقيقة ، بما يسيء إلى صحف ويفيد أخرى في ظل غياب الأرقام الرسمية لتوزيعها..
لكل هذا، أناشد الصحف السعودية وأدعوها إلى أخذ زمام المبادرة والاتفاق الجدِّي على أسلوب صحيح لتقديم المعلومة التسويقية العلمية عن توزيع الصحف لما في ذلك من خدمة لها وللآخرين.


خالد المالك

width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
قرر العودة لبغداد رغم خطورة الأوضاع
الواقع العراقي بعيون صحفي أمريكي!

* إعداد أشرف البربري
ضاهر جميل مراسل صحفي مستقل لا ينتمي إلى مؤسسة صحفية محددة كان يعيش في ولاية آلاسكا الأمريكية وسافر إلى العراق لتغطية الاحداث في العراق منذ اوائل عام 2004 وحتى أوائل 2005 قبل أن يعود إلى الولايات المتحدة في وقت سابق من العام الحالي.
ونظراً لأنه مراسل مستقل ويعمل بشكل (فردي) فقد كان شخصية متميزة في بغداد.
وعلى عكس أغلب مراسلي وسائل الإعلام الغربية في العراق فقد كان ضاهر جميل يفتقر إلى وجود حراس أو سيارة أو مسكن مؤمن أو حتى دعم فني أو أجهزة اتصالات وغير ذلك من الأمور المتاحة لأي صحفي أمريكي في العراق. يحمل هذا الصحفي الأمريكي اسما عربيا رغم أنه مولود في مدينة هيوستون بولاية تكساس الأمريكية وكذلك والده وجده.
وفي سؤال عن هذا الاسم العربي يقول ضاهر ان جذوره البعيدة تعود إلى عائلة لبنانية مسيحية هاجرت منذ ثلاثة أجيال إلى الولايات المتحدة وتمسكت أسرته بهذا الطابع العربي فأصبح اسمه (ضاهر جميل) رغم أنه الجيل الرابع لعائلة مهاجرة تعيش في الولايات المتحدة منذ أكثر من قرن من الزمان.
جاء ذلك في تقرير نشرته صحيفة (آسيا تايمز) على موقعها على شبكة الانترنت عن انطباعات الصحفي الأمريكي للفترة التي قضاها كمراسل حر في العراق.
***
في البداية يشير التقرير إلى رفض جميل على عكس أغلب الصحفيين الأمريكيين الاحتماء بالفندق الذي يقيم فيه في العراق؛ لذلك فقد كانت تقاريره من القلة النادرة التي تتم من خارج المنطقة الخضراء الأشد تأمينا في قلب بغداد حيث تتمتع بحماية أمنية صارمة ويتواجد فيها أغلب الأمريكيين الذين يعملون في بغداد سواء مع قوات الاحتلال الأمريكي أو مع أي جهات أخرى.
وكأغلب الذين يعيشون وقتا طويلا في أماكن الصراع من الصحفيين فإن الرجل لم يتمكن من الاستمرار في آلاسكا أكثر من أسابيع قليلة بعد عودته من العراق.
وهو يقول إن قرار عودته إلى الشرق الأوسط بعد 11 أسبوعا فقط من العودة إلى أمريكا لم يكن مصادفة فقد وجدت نفسي أعيش في شوارع أمريكا لكن قلبي وعقلي ظلا في العراق. وعندما كان ضاهر جميل في القطار الذي يقله من فيلادلفيا إلى نيويورك ليركب الطائرة التي ستعود به إلى العراق مرة أخرى ألح عليه خاطر قوي للاتصال بالعراق وبخاصة بالمترجم الذي كان يعمل معه في بغداد ويدعى أبو طلعت.
ففي صباح ذلك اليوم نقلت الأنباء إليه انفجار أربع سيارات ملغومة في عدة مناطق بالعاصمة العراقية.
والمشكلة أن الاتصالات الهاتفية مع العراق غير منتظمة ورغم ذلك نجح الاتصال وسمع صوت صديقه المترجم يقول (كيف حالك يا صديقي).
ويقول ضاهر جميل إنه خلال هذه المكالمة الهاتفية أدرك حجم الاختلاف بين المكان الذي يوجد فيه في الولايات المتحدة والمكان الذي يوجد فيه صديقه على الطرف الثاني من الخط الهاتفي بالعراق، وبدا الأمر وكأن كل واحد منهما في عالم مختلف تماما.
والتقط ضاهر نفسا عميقا قبل أن يرد على صديقه العراقي في بلاد الخطر والموت (فقط أردت أن اطمئن عليك يا حبيبي).
يقول ضاهر جميل: أدركت كم هو مؤلم أن يكون لك صديق أو قريب يعيش بعيدا عنك بآلاف الأميال وفي منطقة مليئة بالأخطار. وقد أصبحت القصص الدامية مجرد جزء من نشرة الأخبار في مختلف وسائل الإعلام بالولايات المتحدة. ورغم ذلك، يقول ضاهر جميل، مازلت أشعر بالفزع كلما سمعت قصص الرعب الدامي عن بغداد وضواحيها.
ويقول إنه كان يراسل أبو طلعت وغيره من الأصدقاء عبر البريد الإلكتروني بانتظام خلال فترة تواجده في الولايات المتحدة من أجل الاطمئنان على سلامتهم في ظل الأجواء المخيفة التي يعني منها العراق والتي تركها وعاد إلى الولايات المتحدة.
ويضيف أنه حاول ممارسة حياته في أمريكا بعد العودة في حين أن جزءا من قلبه وأغلب عقله مهموم بما يدور في العراق الذي يعاني من حريق لا يتوقف مما أصابه بما يشبه الانفصام في الشخصية.
فالرجل يبدو كمَنْ ينظر إلى بلده أمريكا من الناحية الخطأ للمنظار حيث تبدو الصورة أمامه كئيبة ومشوشة حتى وهو يسير في شوارع أكثر المدن الأمريكية انضباطا أو وهو يجلس في المقاهي التي تتردد فيها ضحكات الرواد أو وهو يجلس ساعات في حجرة تتحقق فيها معجزة المعجزات بالنسبة للعراقيين حاليا وهي أن الكهرباء لا تنقطع.
كابوس السيارات المفخخة
والحقيقة أن السيارات المفخخة جاءت لتضيف كابوسا جديدا إلى حياة العراقيين وبخاصة في بغداد لتصبح الحياة فيها لا تطاق بالفعل هذه الأيام حتى بالنسبة لهؤلاء الذين يعلمون إلى أي مدى يعاني العراقيون.
ومع استمرار تدفق الأنباء الدامية من بغداد وبخاصة أنباء السيارات المفخخة التي تحصد من أرواح العراقيين المدنيين أكثر مما تحصد من قوات الاحتلال الأمريكية أو حتى القوات الحكومية العراقية الموالية لها وجد ضاهر جميل نفسه مدفوعا بقوة للتفكير في العودة إلى العراق.
والغريب أن الدافع وراء التفكير في العودة إلى مكان أصبح من أخطر الأماكن في العالم هو دافع إنساني.
فهذا الرجل يريد أن يكون قريبا من صديقه الحميم أبو طلعت ليعلن تضامنه مع الشعب العراقي في محنته.
وفي المكالمة الهاتفية قال ضاهر لصديقه أبو طلعت (حافظ على سلامتك قدر الإمكان يا حبيبي وسوف أراك قريبا) مضيفا أنه في القطار متجها إلى المطار ليركب الطائرة التي ستحمله إلى العراق.
ورد عليه صديقه (إن شاء الله سأحاول الحفاظ على سلامتي. سوف أراك قريبا يا حبيبي إن شاء الله). ثم قال له إن هناك إطلاق نار قريبا منه وأنه مضطر لإنهاء المكالمة.
وانتظر ضاهر حتى يغلق أبو طلعت الخط ليشعر ساعتها أنه عاد من العراق مرة أخرى بعد لحظات خاطفة أمضاها هناك رغم أنه لم يغادر الأراضي الأمريكية بعد.
ومن خلال نافذة القطار كان ضاهر جميل يراقب الأشجار والمنازل التي تمر سريعا أمام ناظريه.
وكان القطار يعبر الريف الأمريكي الذي ينعم بالسلام فانتقل عقل الرجل إلى العراق مرة أخرى حيث تذكر أن صديقه الحميم أبو طلعت أرسل زوجته وأطفاله إلى منزل والده في إحدى قرى العراق بعيدا عن بغداد وما يحيط بها من مخاطر.
فالطريق إلى منزل أبو طلعت في بغداد مليء بالعصابات المسلحة وعناصر المقاومة العراقية ونقاط التفتيش التابعة للقوات الأمريكية أو للقوات العراقية الموالية لها، وكل هذه العناصر هي مصدر خطر دائم على حياة المارة.
في الوقت نفسه فإن أبو طلعت يشعر أن منزله سيكون عرضة للنهب والسلب إذا لم يبِت فيه كل ليلة. وكان الأمر من وجهة نظره يستحق المخاطرة بحياته كل يوم لكي يعود إلى المنزل ليبيت فيه ويحرس محتوياته. ولم يكن وجود القوات الأمريكية في المنطقة التي يوجد بها المنزل يعني الشعور بالأمن بأي صورة من الصور بل إن العكس ربما كان صحيحا.
وعندما عاد جميل إلى أمريكا قادما من ميدان المعركة في العراق وجد نفسه أمام ثنائية من نوع آخر.. فقد كان الأمر بالنسبة له يبدو وكأن الحرب التي تركها قبل قليل في العراق مستمرة في مسقط وطنه على جبهات عديدة وأن أكثر الناس تبدو غير مدركة لهذه الحقيقة. فقد كان جميل في مدينة جينوا بولاية آلاسكا عندما صوت مجلس الشيوخ الأمريكي على اتخاذ خطوة جديدة في اتجاه فتح المحمية القومية للحياة البرية في آلاسكا أمام شركات التنقيب عن النفط وهي الخطوة التي تواجه معارضة شرسة من جانب جماعات الدفاع عن البيئة في الولايات المتحدة، وبدا الأمر وكأنه معركة من نوع آخر.
وكان جميل يشعر بغضب شديد تجاه محاولات البعض تدمير تلك المحمية الطبيعية طمعا في براميل النفط التي ربما لن تستخدم في الولايات المتحدة وإنما سيجري بيعها لليابان.
وقد أمضى جميل عشرة أسابيع يتنقل بين مدن الساحل الشرقي للولايات المتحدة ليقدم محاضرات عن الحرب في العراق، حيث اكتشف نهما غريبا لدى الأمريكيين للمعلومات القادمة من ميدان القتال بعد أن تلاشت ثقتهم فيما يصلهم من معلومات عبر القنوات الرسمية.
وكانت المفاجأة كبيرة لهذا العائد من العراق أن يجد كل هذا الشعور بالاهتمام والشعور بالغضب من جانب الأمريكيين تجاه ما يحدث باسمهم وبأموال ضرائبهم في العراق.
سؤال استفزازي!
وامتد نشاط جميل إلى كندا حيث ذهب إلى مدينة فانكوفر لتقديم محاضرة عن الحرب هناك. وفي طريق عودته إلى الولايات المتحدة انتظر موظف نقطة الحدود لكي يفحص جواز سفره ويسمح له بدخول الأراضي الأمريكية.
وجاء الموظف ليقلب صفحات جواز السفر التي تحمل أختام دخول وخروج مصرية وعراقية وأردنية ولبنانية.
وسأله الموظف ماذا كنت تفعل في الشرق الأوسط؟ (ويقول ضاهر) رغم أنني فكرت في البداية أن أرد عليه بالقول إنه ليس من حقه طرح هذا السؤال وهو لا يعنيه في شيء وأن الولايات المتحدة دولة حرة على الأقل من الناحية النظرية، ولكنني رددت عليه بالقول إنني صحفي. فنظر إليه الموظف برهة وأعطاه الجواز دون كلام وعاد ضاهر إلى منزله مرة أخرى.
ورغم ذلك تملكه الغضب من تصرف موظف الحدود. ولم يمر وقت طويل على هذه الواقعة حتى تلقى جميل رسالة عبر البريد الإلكتروني من أحد أصدقائه في العراق الذي كان قد تحدث للتو مع صديقة مشتركة تعمل مدرسة في مدينة الفلوجة العراقية التي تحاصرها القوات الأمريكية وتقيم حولها سياجا حدوديا وكأنها أصبحت خارج دولة العراق.
وروت له هذه المعلمة العراقية كيف أن الأمريكيين أخذوا بصمات أصابعها العشرة وصورة بالماسح الضوئي لقرنية العين لكي تحصل على بطاقة هوية تضمن لها دخول مدينتها.
وعندما خرجت للتسوق من أحد الأسواق بمدينة بغداد فقدت هذه البطاقة فأصبحت غير قادرة على دخول المدينة حيث ترفض قوات الحرس الوطني العراقي الموالية للأمريكيين السماح لها بالعودة إلى منزلها داخل المدينة. وقد اخبرتهم المعلمة بأنها فقدت بطاقة هويتها في بغداد أثناء التسوق وأنها تريد العودة إلى منزلها ولكن القوات العراقية والأمريكية رفضت السماح لها بالعودة!!.
وقد كان بعض جيرانها في مدينة الفلوجة متواجدين عند نقطة التفتيش على مدخل المدينة وأكدوا للقوات العراقية أن هذه السيدة من سكان المدينة وأنها جارتهم ولكن أيضا لم ينصت لهم أحد. واتصلت بزوجها عبر الهاتف المحمول الخاص بأحد جيرانها عند نقطة التفتيش لكي يحضر لها الأوراق الدالة على هويتها وأنها زوجته وأنها تعيش في الفلوجة ولكن القوات المرابطة عند نقطة التفتيش رفضت أيضا السماح لها بالدخول إلى المدينة.
وقد صرخت السيدة بعد أن نفد صبرها وقالت لتلك القوات: إن لها ثأرا لديهم ولعنتهم لأن القوات الأمريكية قتلت تسعة من أقاربها في هجومها على الفلوجة في نوفمبر الماضي، والآن تأتي تلك القوات الأمريكية والقوات العراقية لتمنعها من العودة إلى منزلها!!.
وطلب الصديق العراقي في ختام المكالمة الهاتفية من صديقه الأمريكي أن يثير هذه القضية لدى الشعب الأمريكي ويسأل أفراد الشعب عن شعورهم إذا ما وجدوا نقطة تفتيش تمنعهم من دخول مدينتهم رغم أن سكان المدينة يؤكدون أن الشخص الممنوع هو من سكانها وأنه معلم في إحدى مدارسها؟!! كما طرح الصديق العراقي عبر الصحفي الأمريكي على الأمريكيين سؤالا عما يمكن أن يفعلونه إذا ما تعرضت بلادهم للغزو كما هو الحال في العراق فما قيمة بطاقة هوية أصدرتها القوة الغازية إذا كان الشخص يمتلك كل الأوراق والوثائق الرسمية التي تثبت هويته؟ بالطبع فإن غالبية الأمريكيين الذين لم يغادروا بلادهم لا يعرفون سوى أقل القليل عما يحدث بالعراق. والفضل في ذلك يرجع إلى وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى لدورها في خداع الأمريكيين وفرض حجاب كثيف بين الشعب الأمريكي وما يحدث في العراق.
فمدينة الفلوجة تحولت إلى معسكر اعتقال كبير أشبه بمعسكرات اعتقال اليهود في ألمانيا النازية أثناء الحرب العالمية الثانية.
وأعداد القتلى في صفوف المدنيين العراقيين الأبرياء تتصاعد وأصبحت جماعات المقاومة العراقية والمنظمات الإرهابية المتطرفة تركز على الموظفين العراقيين وقوات الجيش والشرطة العراقية. كما أن القوات الأمريكية تواصل عملياتها ضد المدن والقرى العراقية التي يكون أغلب ضحاياها من المدنيين الأبرياء.
ورغم ذلك فإن الصورة التي تنقلها وسائل الإعلام الأمريكية للشعب الأمريكي تجعل العراق وكأنه بلد ينعم بالسلام والهدوء باستثناء بعض التفجيرات هنا وبعض السيارات المفخخة هناك!!!. ولعل الموقف الحالي يعيد إلى الأذهان مذبحة قرية ماي لي الفيتنامية عندما نفذت القوات الأمريكية تلك المذبحة ضد سكان القرية وكان أغلبهم من الأطفال والنساء وبلغت حصيلتها حوالي أربعمائة قتيل وذلك عام 1968.
وفي نوفمبر عام 2004 ارتكبت القوات الأمريكية مذبحة أكبر ضد سكان مدينة الفلوجة العراقية عندما قتلت أكثر من ألف مدني بريء في المدينة تحت زعم محاربة المسلحين. وكان أغلب ضحايا مذبحة الفلوجة من الأطفال والنساء والمسنين أيضا.
منطقة النيران الحرة
والحقيقة التي تعمدت الإدارة الأمريكية ووسائل الإعلام تجاهلها في مذبحة الفلوجة هي أن القوات الأمريكية عادت إلى استخدام مبدأ (منطقة النيران الحرة) الذي كان يعطي الجنود الأمريكيين الحق في إطلاق النار على أي شخص وأي شيء في هذه المنطقة، وهذا هو السبب وراء سقوط هذا العدد الكبير من المدنيين الذين يفترض أن تتولى قوة الاحتلال الأمريكي حمايتهم وفقا لمعاهدات جنيف الدولية!!.
ويقول ضاهر جميل: حسنا فعل المحلل النفسي الأمريكي الشهير روبرت جاي في مقاله المهم بمجلة (ذا نيشن) الأمريكية تحت عنوان (شروط الشر) عندما حمّل القيادة الأمريكي في أعلى مستوياتها مسؤولية الجرائم التي ترتكب في العراق.
ففي هذا التحليل العلمي لسلوك الجرائم العسكرية الأمريكية من ماي لاي في فيتنام إلى أبو غريب في العراق يخلص الخبير الأمريكي إلى أن بنية المؤسسة العسكرية الرسمية والفلسفة الحاكمة لها هي التي توفر المناخ المسؤول عن ظهور أشخاص من نوعية لينداي إنجلاند المتهمة بتعذيب السجناء العراقيين في أبو غريب.
ففي فيتنام كانت فكرة (مناطق النيران الحرة) والتنافس بين القادة الأمريكيين على تحقيق أكبر قدر من الخسائر في صفوف الفيتناميين السبب الرئيسي وراء مقتل عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء بنيران القوات الأمريكية وربما بدون أي ضرورة عسكرية. ويقول جاي إن هذه (المواقف المفرزة للشر) تتحقق في أغلب الحروب بدرجات متفاوتة.
ولكن عندما تتحول القوة الأمريكية إلى قوة احتلال تواجه مقاومة وطنية تذوب وسط السكان تصبح تلك المواقف (المفرزة للشر) شديدة الخطورة؛ لأنها تؤدي إلى ظهور جنود يمتلكون أشد الأسلحة تدميرا في مناطق مأهولة بالسكان وأغلبهم مدنيون أبرياء. ولكن الجندي الأمريكي لا ينتظر أي مبرر ليفتح نيرانه على سكان هذه المناطق لمجرد الشك أو الاشتباه وربما بدون ذلك.
ونعود إلى مراسلنا العائد من العراق والعائد إليه مرة أخرى فيقول ضاهر جميل إنه كان مازال في القطار يتابع مرور المنازل والأشجار في الريف الأمريكي الآمن لتتسلل مشاعر الغيرة والحسد إلى قلبه تجاه هؤلاء الأمريكيين الذين لا يدركون شيئا عن الكارثة التي ترتكب باسمهم وبأموالهم في العراق.
وفي هذه اللحظة كان أحد المسافرين يقرأ في جريدة فالتفت إلى ضاهر جميل وسأله هل تابعت المؤتمر الصحفي الأخير للرئيس بوش؟ فرد عليه ضاهر بالنفي. رد عليه الرجل قائلا إنه حارب في فيتنام وأن ابنه عاد لتوه من العراق حيث كان قد شارك في معركة الفلوجة في نوفمبر الماضي. وأضاف أن ابنه لا يحب الحديث عما جرى له في العراق تماما كما كان الحال مع الأب عندما عاد من فيتنام.
لكن الولد تحدث إلى والده وقال له إن القادة الأمريكيين لا يمتلكون أي خطط للتعامل مع الموقف في العراق ولا يمتلكون أي حل وكل ما يفعلونه هو محاولة السيطرة على الموقف واحتوائه فقط!!. وشعر ضاهر جميل ان العراق يطارده أينما حل.
فهذا الكلام الذي قاله الرجل سمعه صاحبنا قبل قليل عندما تحدث مع صديقه العراقي أبو طلعت عبر الهاتف منذ قليل. واضطر ضاهر جميل إلى أن يقول للرجل إنه يعلم كل ما يقوله لأنه صحفي وأمضى وقتا طويلا في العراق. فغادر الرجل مقعده في القطار ليتنفس صاحبنا الصعداء. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يجد ضاهر جميل نفسه أمام شخص يحدثه عما يحدث في العراق بكلام لا يحمل أي قيمة بالنسبة له. وقبل أن يتمكن اليأس من ضاهر جميل وهو يرى الحياة تسير في أمريكا سيرها المعتاد دون أن يتوقف الأمريكيون عند ما يجري في العراق من تدمير وقتل باسم أمريكا وبأموالها وصلته رسالة بالبريد الإلكتروني من أحد الأشخاص الذين حضروا محاضراته عن حرب العراق. تضمنت الرسالة شكرا له لأنه أتاح لهذا المواطن الأمريكي الفرصة ليعرف الحقيقة بالصور والأرقام وشهادات الجنود الأمريكيين والمواطنين العراقيين.
وتعهد الرجل في نهاية الرسالة بأن يفعل كل ما في وسعه (لإنهاء الاحتلال).

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
خارج الحدود
الملف السياسي
السوق المفتوح
استراحة
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
مجتمعات
من الذاكرة
روابط اجتماعية
x7سياسة
الحديقة الخلفية
صحة وغذاء
رياضة
تميز بلا حدود
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved