الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 12th November,2002 العدد : 9

الثلاثاء 7 ,رمضان 1423

المنافسة على القارىء..!
تحرص الصحافة على ان تدخل الى كل بيت وأن توجد في كل مكتب..
يتابعها ويطلع عليها ويتفاعل معها اكبر عدد من القراء..
وهي لهذا توظف كل امكاناتها من اجل كسب متابعتهم لها وقناعتهم بما يكتب فيها..
وفي سعيها لتحقيق هذا الغرض تتجاوب عادة مع قرائها بما يؤدي الى تقريبهم اليها وبالتالي الى انجاح هذا الهدف..
***
ولأن عنصر المنافسة بين الصحف والمجلات يقوم في جزء منه على التميز والابتكار والتجديد..
ضمن جهد يفترض انه يستند إلى أصول المهنة وأخلاقياتها..
وبالاعتماد على آليات وأدوات تستثمرها الصحيفة أو المجلة لانجاح برنامجها في انجاز ما تخطط له..
وصولا الى تحقيق ماهو مطلوب لكسب السبق في المنافسة مع رصيفاتها..
فإن القارىء يلحظ التباين أحيانا بين هذه الصحيفة او المجلة وتلك..
في اخراجها..
ومستوى الطباعة..
في مادتها..
وتوجهاتها..
بل وفي اسلوبها لمخاطبة القراء..
والمحصلة ان كل صحيفة او مجلة موعودة بشيء من النجاح او الفشل بقدر ما تبذله من جهد وتقدمه من عطاء..
***
وفي مجلة الجزيرة..
هناك محاولات للتجديد..
بتقديم ما لا يقدمه الزملاء في الاصدارات الاخرى..
لكيلا تكون مجلة الجزيرة محاكاة لأفكار الآخرين..
وتكراراً لطروحات غيرها..
وهذا يتطلب قراءة جيدة ومتواصلة لكل ما يعج به السوق من اصدارات..
***
وعليَّ أن أؤكد أن الزملاء يقومون بذلك..
الصحيح انهم يحاولون..
لكن السؤال: هل كسبوا الرهان..؟
وقدموا هذه المجلة كما لو انها عروس كل المجلات الاسبوعية..
في منافسة شريفة تقوم على عنصر الابداع..
وبالاعتماد على الطرح الرصين والجاد..
***
للاجابة على ذلك أقول:
ليس من الانصاف في شيء ان نتجاهل كل هذا الجهد..
ان ننسى او نتناسى هذا العمل الأنيق..
ان نغفل او نتغافل عن هذا الانجاز المميز..
ونشيح بوجوهنا عن عمل خلاق كهذا..
والا لأصبحنا كمن لا يعنيه هذا الحماس المتقد..
كما لو اننا لا نتجاوب مع مثل هذا النشاط الابداعي المتفوق..
بصورته الجميلة التي نراها في مجلة الجزيرة..
بملامحه الأنيقة في كل صفحات المجلة..
***
دعوني، باسم قراء المجلة، أقول بتجرد للزملاء في اسرة تحريرها، شكراً لكم، فأنتم تؤكدون مع زملائكم في صحيفة الجزيرة لقرائكم: ان الجزيرة تكفيك.

++
خالد المالك

++
الباحث السعودي العمري في رسالة لوزير المياه:
النفط مقابل الماء.. لم لا؟!!

بقلم: طراد بن سعيد العمري(*)
منذ أن تولى د. غازي القصيبي وزارة المياه والحديث عن المياه ووزيرها الجديد القديم يزداد ويحتدم يوماً بعد يوم سواء في الصحف المحلية أم المجالس الاجتماعية، وهذا من وجهة نظرنا، يشكل بداية مشجعة. قطعاً للإشاعات ومنعاً للتنبؤات ظهر معالي الوزير في مناسبتين: الأولى، حديثه مع الأستاذ عبدالرحمن الراشد في تلفزيون المستقبل، والثانية، المؤتمر الصحفي الذي عقده في الرياض مع الصحف المحلية، وهذا ما سنبني عليه موضع مقالتنا هذه.
في الأحاديث التي أدلى بها معالي الوزير يمكن لنا أن نتبين بعض النقاط المهمة ومنها: استراتيجية وطنية للمياه، خطة وطنية للمياه، خطة متعددة الجوانب للأزمات والطوارئ، وخصخصة المياه. أما في ما يخص أولويات العمل فقد بين معالي الوزير أن أولويات العمل ستكون على النحو الآتي: دراسة موضوع التعرفة، معالجة التسربات، ترشيد الاستهلاك المنزلي، البحث عن مصادر جديدة، تطوير المحطات القائمة، إنشاء محطات جديدة وترشيد الاستهلاك الزراعي.
في ظننا أن أولويات معالي الوزير كثيرة حيث يملك أكثر من قائمة تحمل كل منها سلم أولويات خاصة بها، أو بمعنى آخر، يعمل الوزير الجديد على أكثر من مسار لكي يضمن تحقيق الأهداف ولكي لا يتم شيء على حساب الآخر. فالهيكل الإداري للوزارة الجديدة يشكل في ذاته أهمية كبرى لضمان استمرار العمل، خصوصاً أن أعمال الوزارة الجديدة مقسمة ومتداخلة مع عدد من الوزارات مثل: وزارة البلديات، وزارة الزراعة، الأرصاد وحماية البيئة، المؤسسة العامة لتحلية المياه، ومصالح المياه والصرف الصحي.
كما أن اختيار الكفاءات الإدارية الوطنية القادرة على مناقشة الخطط المائية وتنفيذها يشكل هاجساً للوزير الجديد.وبعيدا عن هموم معالي الوزير والمهمة التي نعرف جميعا مدى صعوبتها يستند نقاشنا في هذه المقالة مع معالي الوزير إلى مقتطفات من كتابه الشهير «حياة في الإدارة»، ومعطيات أخرى ثلاثة: كوزير وزارة جديدة بكل ما يصاحب ذلك من توقعات وآمال، كإداري سابق ساعد على تحقيق مشاريع بدت حينها كالأحلام، كأستاذ في العلاقات الدولية وواحد من طلبة العلوم السياسية كما يحب أن يصف نفسه.
لقد عرف عن الوزير الجديد من صفات علمية وعملية في ربع القرن الماضي. فهو إداري ناجح يمكنه «معرفة القرار الصحيح» و«اتخاذ القرار الصحيح»، وأيضا، «تنفيذ القرار الصحيح». «حياة في الإدارة: ص 128 130» ومن نتائج الاستبشار وآثاره، بتعيينه وزيراً، مقدار التفاؤل وحجم الأحلام وكثرة الآمال المعقودة على الوزير الجديد منها ما هو خاص ويرتبط بشخص الوزير ذاته ومنها ما هو عام يصاحب كل تعيين جديد.
والتفاؤل من أهم الوسائل الإيجابية المحققة للأهداف اذا أحسن تجييرها لصالح العمل بالطبع. ولكن، بدا معالي الوزير وكأنه يطلب منا عدم التفاؤل والإحجام عن الأحلام وخفض مستوى التوقعات والآمال.
بدا الوزير الجديد يحوم حول النواحي المادية ودراسة التعرفة والترشيد والخصخصة وما إلى ذلك من المصطلحات التي لا يمكن أن يستشف منها سوى شيء واحد: النواحي المالية. وبودنا أن نُذكِّر معاليه أن «المال عنصر أساسي في الإدارة ولكنه ليس العنصر الأوحد، وقد لا يكون العنصر الأهم». «حياة في الإدارة: ص 250» ونستهل جدلنا بالآتي:
أولاً: نود أن نجادل بأن المقولة السائدة عن نقص المداخيل وانتهاء الوفرة المالية أمر مبالغ فيه جداً وأنً الأمر لا يعدو كونه عدم وجود أولويات استراتيجية وهو ما سنتعرض له لاحقاً تلميحاً وباختصار.
ثانياً: لقد عاش شعب الجزيرة قروناً طويلة من التنقل والترحال وأبصارهم شاخصة إلى السماء بحثاً عن سحابة مطر وجرياً خلفها علها تدر لهم ولمواشيهم الحياة، {وّفٌي پسَّمّاءٌ رٌزًقٍكٍمً وّمّا تٍوعّدٍونّ } .
انعكس تأثير ذلك الترحال وانتفاء الاستقرار في طبيعة تفكيرهم وأسلوب حياتهم بشكل سلبي حتى أنعم الله على هذه البلاد بنعم كثيرة منها نعمتان: واحدة، نعمة التوحيد ولم الشمل على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز والأخرى، نعمة الخير وأنهار الذهب الأسود التي تجري في باطن الأرض. تلك النعمتان ولدت نعماً كثيرة منها نعمة الاستقرار والأمن ونعمة الرفاه ورغد العيش التي من ضمنها مزيد من النظافة والاستئناس بالخضرة من حدائق عامة وخاصة. ولذا يشكل الماء أهمية قصوى في الموروث الفكري لسكان الجزيرة يتضاءل معه أي أمر آخر، والأمل الذي يراود كل فرد ألا تعامل مادة الماء كغيرها من المواد.
ثالثا: قالت الواشنطن بوست عن وزيرنا القديم الجديد انه «من أوائل التكنوقراطيين»، وقالت عنه مجلة نيشون انه من «أكثر التكنوقراطيين موهبة»، ووصفته الوول ستريت جورنال بأنه «مثلاً أعلى للتكنوقراطيين الشباب»، أما صحيفة الفاينانشال تايمز فكتبت انه «كان أكثر التكنوقراطيين فعالية» «حياة في الإدارة: ص 274» أما نحن، فنقول للوزير، بكل صراحة، بأننا نعدّه تكنوقراطياً من الدرجة الأولى وليس مثل أكثرية تكنوقراط الدرجة العاشرة أولئك الذين استحسنوا القوالب الجاهزة والحلول السريعة والقرارات الانفعالية ولم يعرفوا سوى رفع أسعار الخدمات ووضع رسوم بشكل مباشر وغير مباشر. وإذا كانت مهمة الوزير هي خلق استراتيجية وأولويات فالأمل ألا تكون زيادة التعرفة ورفع التكلفة من بينها.
رابعاً: قال أستاذنا القصيبي في أكثر من مناسبة:
«1» ان الخصخصة تتطلب وجود قطاع خاص وهذا ما لا يتوافر في كثير من دول العالم الثالث ومنها المملكة، فالموجود هو قطاع عائلي أو أهلي يطلق عليها، مجازاً، قطاع خاص.
«2» ان الخصخصة تتطلب أيضا، بيئة اقتصادية مناسبة لكي تنمو وتترعرع كما انها تتداخل ولا تنفصل عن بيئة اجتماعية وسياسية ذات ملامح وصفات يقل وجودها في الدول غير الغربية وتشكلان كلاً لا يتجزأ من البيئة الاقتصادية.
«3» ان الخصخصة تقوم على المنافسة في نوعية الخدمة والسعر وهذا ما لا يتأتى في قطاع المياه.
«4» ان القطاع الخاص، لو افترضنا وجوده، يؤمن بالربحية وهذا ما يتنافى مع مادة حيوية كالمياه.
«5» ان معظم حكومات العالم الثالث تعرف من الخصخصة جانباً واحداً فقط ألا وهو بيع مؤسسات القطاع العام، والسيء والمكلف منها في أكثر الأحيان، إلى القطاع الخاص لزيادة المداخيل أو تعويض الصندوق العام، ولذا نأمل من وزيرنا الجديد القديم أن يكون تقليدياً حتى النخاع في ما يخص الخصخصة.
خامسا: يمكن لوزيرنا أن يغطي جزءاً أو أجزاء من تكلفة المياه من خلال الصناعات التحويلية المصاحبة للمياه والناتجة منها مثل: الصناعة، الكهرباء، الزراعة، النفط ،وغيرها.
سادساً: ان المنطق الاستراتيجي يفترض إيجاد محطات تحلية على بحيرات مرة في وسط الجزيرة يتم نقلها من البحار المحيطة لكي تكون بدائل في حالة الأزمات. كما يفترض إيجاد محطات تحلية من منافذ خاصة على البحار العالية «البحر العربي» عن طريق الإيجار طويل المدى من الدول ذات السيادة على تلك المناطق لتكون تلك المحطات بديلاً للمحطات القائمة على البحار شبه المغلقة «البحر الأحمر والخليج» في حالة الطوارئ.
سابعاً: قد يكون من المفيد، بل من الواجب، من الناحية الاستراتيجية والاجتماعية والبيئية أن يقام عدد من البحيرات الحلوة في مناطق مختلفة من وسط الجزيرة لتعويض جزء من فاقد المياه الجوفية، للاستخدام في الري المنزلي والزراعي والصناعي والكهرباء والأغراض البيئية المختلفة كالحدائق والمتنزهات وإقامة الغابات وتلطيف الجو والأماكن السياحية واستقرار الطيور العابرة وغير ذلك. ولا نشك أن وزيرنا «الكهل» قد سمع أو رأى وهو «سائح في كليفورنيا» سد هوفر الشهير، الواقع بين ولايتي أريزونا ونيفادا الصحراويتين وتم إنشاؤه بين عامي 1931 1936، وبالتقنية المتوافرة آنذاك. كما يزود ذلك السد ولايات أريزونا ونيفادا وجنوب كاليفورنيا بالكهرباء من خلال مياه بحيرة «ميد» أكبر بحيرة صناعية شيدتها يد الإنسان في العالم تصل أطوال شواطئها إلى 885 كيلو مترا.
في تصريحات متعاقبة يرى د. غازي القصيبي من ناحية، بأن الأفكار المتداولة حول استيراد الماء من الرافدين أو النيل هي أفكار وهمية، ولكننا نختلف مع معاليه ونجادل بأن تلك الأفكار أحلام يمكن تحقيقها وأماني ترتبط بالواقع. فمن حقنا جميعا،
أولاً : أن نحلم ونتمنى فالأحلام والأماني هي البذور لحياة الأمم والشعوب. ألم تبلغ أمريكا أوج مجدها من خلال مجموعة من الأحلام جالت في خواطر وأذهان عدد من المستضعفين والمقهورين الذين هاجروا من أوروبا وافريقيا وبقية دول العالم؟! ألم تكن كثير من المشاريع العملاقة التي تحققت في المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية ضرباً من الأحلام التي بدت حينذاك لكثير من المشككين انها نوع من الأوهام؟! ألم تكن الصناعات الأساسية في المملكة، التي ساعد في تأسيسها وزيرنا القديم الجديد، واحدة من أحلام كثيرة تم تحقيقها بفضل الله ثم بفضل عزيمة الرجال المخلصين؟! تلك الإنجازات التي يقول عنها معالي الوزير «لم يكن الإنجاز الذي تحقق إنجاز فرد، كان إنجاز دولة». «حياة في الإدارة: ص 191» وأخيرا، هل يشكل النضوب المادي، الدائم أو المؤقت، ونقص المداخيل المالية سببا في ترك الأحلام وهجر الأماني؟!.
ثامناً ، لا نظن ان استيراد الماء يختلف كثيرا عن استيراد أي مادة حيوية أخرى، فالنفط مثلا، تستورده اليابان ودول أخرى كثيرة، وتقيم عليه صناعات أساسية وتحويلية يعتمد عليها جل رفاهيتهم. كما أن المملكة قد أقامت خط أنابيب لنقل النفط من الخليج في الشرق إلى البحر الأحمر في الغرب، كما أنشأت شركة أرامكو، أيضا، خط أنابيب عبر المملكة لنقل النفط شمالا إلى الشام «التابلاين» .
مؤخرا شاهدنا وشاهد الجميع مشاريع الخزن الاستراتيجي في مناطق متعددة من المملكة التي كلفت أموالا باهظة بقصد التحسب للمستقبل. فما بالك بمادة الماء التي يعتمد عليها عنصر الحياة، وصناعات الماء التحويلية من زراعة وكهرباء وغيرها التي تشكل شرايين الحياة. أليس من الأجدى والأهم نقل الأساسيات واستيرادها وخزنها قبل الكماليات؟.
من ناحية أخرى، يغالبنا الظن، أن معالي الوزير يعد إقامة البحيرات واستيراد المياه من الرافدين أو النيل أفكارا وهمية لارتباطها بنواحي سياسية إضافة إلى التكلفة المادية. ونحن نتفق مع أستاذنا القصيبي انه ما دخلت السياسة شيئاً إلا عابته، وخصوصا في المفهوم العربي للسياسة، إذ عندما تختلف دولتان من دول العالم الثالث تقفل السفارة ومعها الحدود بدون أي حسابات اقتصادية أو اجتماعية وبالتالي تصبح العلاقات البينية بين دول العالم الثالث هشة بالقدر الذي لا يمكن معه لأي عاقل سياسي أن يبني على تلك العلاقات مشاريع استراتيجية تشكل الأساس في حياة الشعوب. ولكننا نظن، أيضا، انه من المعروف:
«1» أن السياسة مواسم تختلف من حقبة إلى أخرى، فيها مواسم سمان وأخرى عجاف ولذا يجدر بالسياسي صاحب النظرة الاستراتيجية أن يغتنم المواسم السياسية الجيدة، أو يوفرها اذا استطاع، لكي ينتفع بها خلال المواسم السياسية السيئة.
«2» يرى البعض أن تنويع وتكثير أوجه العلاقات بين الدول يقلل، في بعض الأحيان، من المواجهة العسكرية أو المواجهة الصلبة أو الساخنة لكي تنتقل أو تتحول بفعل التعامد والتكامل البيني إلى مواجهة ناعمة أو باردة كما يجادل بعض الباحثين.
«3» يمكن لأي مراقب سياسي أن يجادل بأن السعودية تعيش حاليا حقبة سياسية ممتازة في علاقاتها مع الدول العربية وخصوصا الدول المجاورة.
«4» ان الدراسات البيئية تتفق معظمها على ما يسمى بظاهرة الاحتباس الحراري «Global Warming» التي تؤدي إلى نتائج منها كثرة ذوبان الثلوج والجبال الجليدية مما يخلق مزيداً من مياه الأنهار والفيضانات.
«5» إذا قبلنا مبدأ التشابه بين النفط والماء، نقول ان هناك الكثير من المشاريع الاقتصادية التي تقوم على أنابيب نفطية تم قفلها وتجميدها في فترات معينة نتيجة لظروف سياسية معروفة ولكن ذلك لم يلغ الفكرة أو المشروع الاقتصادي القائم. ولذا نظن، أن في فكرة استيراد الماء عبر أنابيب من الرافدين والنيل وتوزيعها على عدد معلوم من البحيرات هي فكرة جيدة تستحق الدراسة والتأمل من النواحي الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والبيئية.
أخيرا، نعود إلى «مربط الفرس» الاستراتيجية الوطنية للمياه. لنقول أولاً: لا نظن أننا سمعنا بالخطأ حديث الوزير وهو يتحدث عن استراتيجية وطنية بالإضافة إلى خطة وطنية للمياه، ونحسب أن الفرق بينهما كبير، إذ لا بد من وجود الاثنتين معاً. فالاستراتيجية الوطنية، اختصاراً، تعنى بأولويات الدولة، أما الخطة الوطنية، تعنى بأولويات الوزارة. ثانياً: ان تأخير الحديث عن الاستراتيجية الوطنية في مقالتنا هذه، لا يعني عدم أهميتها بل العكس من ذلك تماما.
يقول أستاذنا القصيبي في إحدى محاضراته عن الشعر انه سمع من الشاعر عمر أبو ريشة «رحمه الله» قوله «إن آخر بيت في قصيدته هو أهم بيت وما قبله ليس سوى مقدمة أو ديكور». ولذا يطيب لنا الحديث حول الاستراتيجية الوطنية وأولويتها على ما سواها. ويمكن لنا هنا أن ندرج تساؤل معالي الوزير في مقابلة تلفزيون المستقبل «هل المصير أن نشرب ماء أم نموت من العطش؟» لكي يكون السؤال المحوري في خلق وتكوين الاستراتيجية الوطنية. فلا يمكن لأحد كائن من كان أن يشكك في دور الماء في الحياة {$ّجّعّلًنّا مٌنّ پًمّاءٌ كٍلَّ شّيًءُ حّيَُ } ولهذا فالماء ومشاريع الماء مهما بلغت تكاليفها يجب أن يكون لها الأولوية القصوى وبأرخص الأثمان . كل شيء قابل للتأجيل ومعه النظريات والمدارس الفكرية بمختلف أنواعها، ما عدا الماء. ثم ان الدولة تملك مداخيل كافية، لكي تقيم جميع المشاريع المائية المطلوبة في الحاضر والمستقبل.
كما أن وزارة المياه ووزيرها الجديد قادران على توزيع التكلفة من خلال الصناعات التحويلية، الكهرباء والزراعة والصناعة والنفط وغيرها.
وختاما، نتمنى لوزيرنا الكهل كل التوفيق في وزارته الجديدة، ونلخص له أمنياتنا في الآتي:
«1» أن يحتل سكان المناطق التي لا تغطيها الشبكة الأولوية القصوى، الذين تبلغ نسبتهم 30% أي ثمانية ملايين نسمة «حسب تقديرات معالي الوزير». إذ ان «مهمة وزير الخدمات هي أن يوصل الخدمة إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين بأقل تكلفة ممكنة وبأكبر قدر ممكن من الكفاءة، وهذه مهمة إدارية خالصة».. «حياة في الإدارة ص 244».
«2» أن يأتي اليوم الذي يصلنا فيه تيار الماء النظيف مباشرة ويتم التخلص فيه من خزانات المياه في المنازل والبنايات، التي تشكل سبباً رئيسياً في الهدر المائي والتسرب وخزن ملايين الأمتار المكعبة من الماء غير المستخدم والتلوث الناتج من النضح المعاكس، فكما يقول وزيرنا «الكهل» عندما يشرب المواطن المياه الملوثة يصبح علاجه فيما بعد، عملية صعبة ومعقدة». «حياة في الإدارة ص 252».
«3» ألا تتكثف، أو تتكاتف، الجهود لزيادة تعرفة المياه.
«4» أن يكون لنا ولأحفادنا، كما لغيرنا، الحق في مزيد من النظافة والحدائق الخاصة والعامة وأن ننعم وينعمون برؤية اللون الأخضر في كل مكان وزمان.
ألا يَذكرُ وزيرنا الشاعر تأثير البيئة في ذلك الشاعر القديم الذي انتقل من بيئة الصحراء إلى بيئة الماء والخضرة وعيون المها التي «بين الرصافة والجسر» .
ونختم بعبارة تستحق التأمل وردت في كتاب «حياة في الإدارة» ... ولو كنت في سن أكبر ...» عين غازي القصيبي وزيراً في المرة الأولى وعمره لا يتجاوز الخامسة والثلاثين « ... لما كان بوسعي أن أصل الليل بالنهار في دوامة محمومة من العمل والمواجهات. لو توليت الوزارة في سني الحالية ..».
صدرت الطبعة الأولى من كتاب «حياة في الإدارة» في عام 1998م «.... لكان من المشكوك فيه، وأوشك أن أقول من المستحيل، أو أواجه التحديات بتلك الروح العنيدة التي تؤججها حماسة الشباب. الأرجح أني كنت سأختار الطريق السهل وأترك كل شيء كما وجدته تماماً، أو أسوأ قليلا. «حياة في الإدارة ص 126» ونحن جميعا نعرف، أن أبا سهيل سيواصل الليل مع النهار وسيواجه التحديات ولن يختار الطريق السهل ولن يترك كل شيء كما وجده بل أحسن كثيرا، بالتأكيد انه لن يعود شاباً كما كان، أو كما يتمنى، ولكنه سيكون كما قال ليوبولد سنغور: «أكثر حذراً

++
(*) باحث سعودي رئيس مركز سعيد العمري للدراسات الإستراتيجية والأمنية
turad2002@yahoo.com

++

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
قضية العدد
تحت الضوء
الطابور الخامس
الجريمة والعقاب
تكنولوجيا الحرب
فن الادراة
حول العالم
الطب البديل
تحت المجهر
العاب الكمبيوتر
الفن السابع
عالم الاسرة
كتاب الاسبوع
ثقافة عالمية
رياضة عالمية
عواصم ودول
الفيروسات والاختراقات
نادي العلوم
هنا نلتقي
الصحة والتغذية
ملف المياه
عالم الغد
الصحة والتأمين
أنت وطفلك
ملف العدد
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved