الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 13th April,2004 العدد : 76

الثلاثاء 23 ,صفر 1425

أمريكا بين فيتنام والعراق
تغيّر الزمن..
مثلما تغيّر المكان أيضاً..
اختفت دول من خريطة العالم..
وولدت أخرى..
فيما أمريكا لا غيرها! لم تتغير.
***
فبين عدوان أمريكا على فيتنام وعدوانها على العراق هناك مسافة زمنية طويلة..
كنا نعتقد أنها فترة زمنية كافية لأمريكا كي تتأمل وتتعلم..
وأن إذلالها في فيتنام ربما علّمها الكثير من الدروس والعبر..
فإذا بها تكرر الخطأ وتعود من جديد لممارسته؛ ما كرّه العالم بها على نحو ما نراه اليوم في العراق الشقيق.
***
يا لها من مأساة!!..
أطفال عراقيون يُقتلون بوحشية..
ونساء لا ترحم الطائرات ضعفهن..
وعدوان لا يفرّق بين البريء والمذنب..
ولا يستثنى الشجر والحجر من هذا التمادي في العدوان.
***
نعم كان (صدام) طاغية العصر..
ومجرماً ووحشاً أذاق شعب العراق السمّ الزعاف..
واتسم حكمه ولأكثر من ثلاثة عقود بالفساد وظلم الشعب..
وهذا هو قدر كل شعب يُحكم بالأغلال والحديد والنار، ومصير كلّ حاكم فاسد.
***
واليوم، وقد اختفى نظام صدام حسين..
وغاب حزبه عن مسرح الحياة وإلى الأبد..
ما الذي تريده أمريكا من احتلالها العراق..؟
وما الهدف من هذا التسلط الأمريكي الذي يودي يومياً بحياة المئات من الأبرياء..؟
وما الفارق بين نار صدام وما يُزعم عن جنة أمريكا..؟
***
إن حرب فيتنام تتكرر وتتجدد ولكن هذه المرة من بلاد الرافدين..
وهناك قواسم مشتركة بين ما كان يجري ذات يوم في فيتنام وما يجري اليوم في عاصمة العباسيين..
بل إن ما يمارس اليوم في العراق لا يبعد كثيراً من حيث الشبه عمّا يجري لإخواننا في فلسطين على أيدي اليهود المعتدين..
إنه مثلث كريه لمساحة يُعتدى فيها على شعبين أعزلين..
والسؤال: متى تتعلم الولايات المتحدة أن شعوب العالم وقد ولدوا أحراراً لن يقبلوا أن تستعبدهم أو تنال هي أو غيرها من كراماتهم؟


خالد المالك

الديموقراطيون الجدد نسخة مكررة من صقور الجمهوريين
صحافي بريطاني: بوش وكيري وجهان لعملة واحدة!!

* إعداد أشرف البربري
بعد أكثر من ثلاث سنوات أمضاها الرئيس الأمريكي جورج بوش و المحافظون الجدد في سدة الحكم في واشنطن شنوا خلالها حربين رسميتين الأولى ضد أفغانستان والثانية ضد العراق بالإضافة إلى سلسلة لا تنتهي من التحركات العسكرية التي أصابت شعوب العالم بالرعب من المستقبل بدأ الكثيرون يتلفتون حولهم بحثاً عمن سيأتي ليحل محهلم في البيت الأبيض حتى لا تستمر أربع سنوات أخرى في الحكم تجر على العالم المزيد من الكوارث.
وقد تقدم المرشح الديموقراطي جون كيري بقوة ليصبح المرشح الديموقراطي المؤهل لمواجهة بوش وإخراجه من السلطة.
ولكن الكاتب والاعلامي جون بيلجر يحذر هؤلاء الذين يراهنون على كيري للنجاة من سياسات بوش بأنهم سيجدون أنفسهم كمن يستجير من الرمضاء بالنار.
جون بيلجر الصحفي البريطاني ولد وتلقى تعليمه في مدينة سيدني الاسترالية قبل أن ينتقل إلى بريطانيا حيث عمل كمراسل عسكري لعدة صحف وهو أيضا كاتب مسرحي ومخرج سينمائي.
حصل على جائزة (صحفي العام) وهي أرفع جوائز الصحافة في بريطانيا مرتين، سافر إلى العديد من دول العالم بحكم عمله الصحفي ويقود حملة لمناهضة أحلام الإمبراطورية الأمريكية التي يراها خطراً يهدد العالم كله.
جون كيري يشير بعلامة النصر وبجانبه آل جور ودين وكلينتون
الشبه والاختلاف
في مقال له نشرته مجلة (نيو ستيتسمان) مؤخراً تحت عنوان (بوش أو كيري؟) أكد بيلجر أن أوجه الشبه بين بوش وكيري تفوق كثيراً أوجه الاختلاف.
يقول بيلجر : إن هناك أسطورة جديدة تساوي تماماً أسطورة أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة تكتسب قوة على جانبي المحيط الأطلنطي من أمريكا إلى أوروبا.
هذه الأسطورة الجديدة هي أن المرشح الديموقراطي للرئاسة الأمريكية يقدم رؤية للعالم تختلف عن رؤية الرئيس الحالي جورج بوش.
راقب هذه الأكذوبة وهي تنمو منذ فاز جون كيري بترشيح الحزب الديموقراطي له لكي يخوض سباق الرئاسة ضد جورج بوش وكذلك منذ أصبح شعار (أي شخص غير بوش) رئيساً لأمريكا طليعة المعسكر الليبرالي في أمريكا. وفي حين كانت قوة ادارة بوش من المحافظين الجدد تنمو بعيداً عن اهتمام وسائل الإعلام التي انتبهت لها مؤخراً فإن رسالة نظراء المحافظين الجدد في الحزب الديموقراطي كانت أقل إثارة للاهتمام، لذلك فأوجه الشبه بين الجمهوريين والديموقراطيين عديدة جدا، فقبل وقت قليل من انتخاب جورج بوش رئيسا للولايات المتحدة عام 2000 نشرت مجموعة المحافظين الجدد التي كانت تعرف باسم مجموعة (مشروع القرن الأمريكي الجديد) خطة فكرية من أجل الحفاظ على السيطرة الأمريكية على العالم ومنع ظهور أي قوة عظمى منافسة وصياغة نظام أمن دولي وفقا للمبادئ والمصالح الأمريكية.
ثم جاءت إدارة بوش لتتبنى كل ما تضمنته هذه الخطة من توصيات بتبني سياسة عدوانية وغزو الدول الأخرى.
الممارسة الشجاعة للقوة وفي معرض تأكيده على أوجه التلاقي بين المحافظين الجدد والديموقراطيين الجدد الذين ينتمي إليهم كيري أشار بيلجر إلى كتيب أصدره الديموقراطيون الجدد بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2000 بعام واحد من خلال معهد السياسات التقدمية وهو مؤسسة بحثية تابعة لمجلس قيادة الديموقراطيين التابع للحزب الديموقراطي ويتكون من 19 ورقة تحت عنوان (الديموقراطيون الجدد) والذي ضم كل الأشخاص الذين خاضوا انتخابات الرئاسة التمهيدية داخل الحزب الديموقراطي وبخاصة جون كيري.
وهذا البيان دعا إلى (الممارسة الشجاعة للقوة الأمريكية) باعتبارها تمثل قلب (استراتيجية الديموقراطيين الجديدة القائمة على أساس المبدأ الأساسي للحزب الديموقراطي الداعي إلى استخدام القوة في إطار دولي)، ومثل هذه الاستراتيجية سوف (تجعل الأمريكيين أكثر أمناً مقارنة باستراتيجية الانفرادية التي يتبناها الجمهوريون التي نفرت أغلب حلفائنا وإرهاق مواردنا. فنحن نريد إيجاد أساس أخلاقي للقيادة الأمريكية للعالم).
الحرب على العراق
ما هو الفرق بين هذا الكلام وبين كلام بوش ؟ بعيداً عن الكلام المعسول الذي يعبر عن شيء بغيض فلا يوجد فرق بين الحديثين.
فقد أيد كل مرشحي الرئاسة الديموقراطيين باستثناء هيوارد دين الغزو الأمريكي للعراق قبل الحرب.
فعندما صوت الكونجرس على تفويض الرئيس بوش باستخدام القوة ضد العراق أيد التفويض كل المرشحين بمن فيهم كيري ولم يصوت ضده غير هيوارد دين.
أما كيري فإن مشكلته أنه يشعر بخيبة أمل لأن الغزو تم دون خطة.
فقد قال لمجلة (رولنج ستون): (هل كنت أتوقع أن الرئيس بوش سينفذ الغزو بهذه الطريقة السيئة للغاية؟ لم أتوقع ولا أعتقد أن أحداً توقع هذا).
أيضا فإنه لا كيري ولا غيره من المرشحين الديموقراطيين دعا إلى إنهاء الاحتلال الدامي وغير المشروع، بل على العكس فإنهم جميعا طالبوا بإرسال المزيد من القوات إلى العراق.
وقد دعا كيري على وجه التحديد إلى إرسال أربعين ألف جندي إضافي إلى هناك. كما أنه يؤيد استمرار بوش في هجماته الدامية في أفغانستان وخطط الإدارة (لإعادة أمريكا اللاتينية إلى كنف القيادة الأمريكية) من خلال الإطاحة بالديموقراطية في فنزويلا مثلا.
التفوق العسكري الامريكي
وقبل كل شيء فإنه لم يعارض بأي صورة من الصور
فكرة التفوق العسكري الأمريكي على كل دول العالم التي أدت إلى زيادة عدد القواعد العسكرية الأمريكية في الخارج إلى أكثر من 750 قاعدة.
كما لم يلمح بأي شكل من الأشكال إلى السيطرة الفعلية لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) على مقاليد الأمور في واشنطن وهدفها المعلن (السيطرة الأمريكية الكاملة) على العالم.
وبالنسبة لمبدأ (الحرب الاستباقية) الذي يتبناه الرئيس بوش ويعني مهاجمة الدول الاخرى، فإن الأمر لا يختلف كثيراً لدى كيري.
فهوارد دين الذي يعد أكثر الديموقراطيين ليبرالية يقول إنه مستعد لاستخدام (قوتنا المسلحة الشجاعة والمتميزة) ضد أي (تهديد حالي) وهذا هو ما يقوله بوش.
والحقيقة أن ما يعارضه الديموقراطيون الجدد هو الصراحة أو قل الأمانة التي تتحدث ادارة بوش في الكشف عن أهدافها وخططها بوضوح وبطريقة علنية دون التستر وراء حجاب معتاد أو كلمات غامضة عن الحرية الإمبريالية و(سلطتها الأخلاقية)، فالديموقراطيون الجدد الذين يمثلهم كيري يؤمنون بالإمبراطورية الأمريكية ولكنهم لا يفضلون استخدام هذه الكلمة ويفضلون بدلا منها كلمات أكثر قبولاً مثل (الدولية التقدمية).
دعوة للخدمة
ويواصل بيلجر رصد أوجه التلاقي بين كيري وبوش
فيقول : إنه كما كتبت ادارة بوش خططها لبناء الإمبراطورية الأمريكية بأقلام المحافظين الجدد فإن جون كيري كتب خططه المماثلة في كتيب خاص بحملته الانتخابية تحت عنوان (دعوة للخدمة)، حمل الكتاب أغلب الكلمات التي رددها بيان الديموقراطيين الجدد من قبل.
فقد كتب كيري: (حان الوقت لكي نحيي رؤية شجاعة للدولية التقدمية) جنبا إلى جنب مع الاستراتيجية (التقليدية) والشريفة (للتدخل الدولي وقيادة العالم التي صاغها رؤساء أمريكا العظام ويدرو ويلسون وفرانكلين روزفلت وهاري ترومان وجون كيندي.
هذه تقريباً نفس الأفكار التي ظهرت في الصفحة الثالثة من بيان الديموقراطيين الجدد. كديموقراطيين، يقول البيان، فإننا فخورون بتقليد حزبنا الخاص بالالتزام الصارم بالدولية والسجل القوي في الدفاع عن أمريكا، والرؤساء ويلسون وروزفلت وهاري ترومان قادوا الولايات المتحدة إلى الانتصار في حربين عالميتين، وسياسات ترومان قادت فيما بعد إلى الانتصار في الحرب الباردة ثم جاء كيندي ليضيف إلى هذا التقليد التزام أمريكا (بإحياء ونجاح الحرية)، وهنا نتوقع بعض المغالطات التاريخية والأكاذيب التي ينطوي عليها حديث الديموقراطيين الجدد هذا. فهم يعتبرون تدخل أمريكا في الحرب العالمية الأولى والحرب تضع أوزارها (انتصاراً)، ثم تجاهل وإغفال دور الاتحاد السوفيتي في انتصار الحلفاء على محور الفاشية والنازية في الحرب العالمية الثانية.
وكذلك ادعاء دور غير موجود للنخبة الأمريكية في انهيار الاتحاد السوفيتي في نهاية الحرب الباردة لان هذا الانهيار جاء من داخل هذا الاتحاد.
ثم أن التزام كيندي الشهير (بالحرية) أدى إلى مقتل حوالي ثلاثة ملايين شخص في منطقة الهند الصينية.
حرب فيتنام
من جانبه ، يقول مارك هاند رئيس تحرير دورية (برس أكشن) وهي تصدر عن منظمة تحمل نفس الاسم وتعني بمراقبة الأعلام الأمريكي يقول (ربما يكون أسوأ أقسام كتاب (كيري) هو ذلك القسم الذي يناقش فيه كيري حرب فيتنام وحركة مناهضة الحرب.
فكيري الذي يروج لنفسه باعتباره أحد أبطال حرب فيتنام، انضم فور عودته من فيتنام إلى الحركة المناهضة للحرب. يقول كيري في كتابه: (أقول لكل من المحافظين والليبراليين إن الوقت قد حان من أجل التخلص من كل سوء فهم يتعلق بهذه الحرب ويجب الاعتراف أنها كانت استثناء وليست نموذجا حاكما للتدخل العسكري الأمريكي في القرن العشرين).
ويتابع هاند تعليقا على هذا الجزء من كتاب كيري: (في فقرة واحدة يحاول كيري تبرير ذبح ملايين البشر على يد العسكرية الأمريكية وعملائها خلال القرن العشرين ويشير إلى أن الاهتمام بجرائم الحرب التي ارتكبها الأمريكيون في فيتنام لم يعد ضروريا. إذن فكيري ورفاقه لا يختلفون كثيرا عن أقرانهم القابعين الآن في البيت الأبيض.
في بريطانيا وقبل سبع سنوات حدثت مسرحية هزلية مشابهة وكانت تدور حول من يستطيع أن يكتشف أوجه التشابه بين توني بلير ورئيسة الوزراء الأسطورية مارجريت تاتشر.
وكتب هويل وليامز في صحيفة الجارديان البريطانية في ذلك الوقت يقول (إنها أسطورة لطيفة ومريحة أن يكون الليبراليون حماة السلام والمحافظون مشعلي حروب. ولكن إمبريالية الليبراليين قد تكون أشد خطورة بسبب طبيعتها اللانهائية واقتناعها أنها تمثل التفوق في الحياة).
وكما هو الحال مع (البليريين) أنصار توني بلير فإن جون كيري ورفاقه من المحافظين الجدد جاءوا من قاعدة الليبرالية التي تقيم الإمبراطورية الأمريكية وتدافع عنها كمشروع (أخلاقي).
والحقيقة أن وراء الحزب الديموقراطي الأمريكي تاريخ طويل من الدموية والاستعباد يفوق ما قام به الجمهوريون.
وفي كتابه الرائع (مصائب الإمبراطورية) كتب كالمرز جونسون (وضع ويدرو ويلسون الاسس الفكرية للامبريالية الأمريكية. وجاء تيودور روزفلت ليمثل الرؤية الواقعية المدفوعة أوروبيا للامبريالية لا يسانده شيء جوهري أكثر من القول بأن قدر الولايات المتحدة أن تحكم شعوب أمريكا اللاتينية وشرق آسيا على أسس عنصرية.
وقد كذب ويلسون بحديثه عن فكرته فائقة المثالية والعاطفية والتاريخية للتغطية على (سيطرة أمريكا على العالم).
والحقيقة أن ما كان ويلسون يفكر فيه ليس سوى مشروع سياسي لا يقل طموحا ولا يقل نزوعاً للسيطرة على المشروع الشيوعي الذي كان قد انطلق من روسيا في ذلك الوقت بعد قيام الثورة البلشفية (الشيوعية) وقيام الاتحاد السوفيتي).
كما أن إدارة الرئيس الديموقراطي هاري ترومان المؤمنة بأفكار ويلسون هي التي أقامت (دولة الأمن القومي) بعد الحرب العالمية الثانية وأقامت أعمدة الحرب الباردة وهي وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) والبنتاجون (مقر وزارة الدفاع الامريكية) ومجلس الأمن القومي.
وباعتباره رئيس الدولة الوحيد في التاريخ الذي أمر باستخدام القنبلة النووية فإن ترومان أعطى القوات الأمريكية الحق في التدخل في أي مكان (للدفاع عن مشروع الحرية)، في عام 1945 أنشأت إدارته البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كوكيلين للاستعمار الاقتصادي الأمريكي.
وفيما بعد لجأ الرئيس الأمريكي الديموقراطي جون كيندي الى اللغة الأخلاقية التي كان يستخدمها ويدرو ويلسون لغزو فيتنام في مطلع ستينيات القرن العشرين وإطلاق العنان للقوات الخاصة الأمريكية للتحول إلى كتائب للإعدام.
والآن فإن هذه القوات الخاصة الأمريكية تنتشر في كل قارات الأرض.
وقد استفاد الرئيس الأمريكي جورج بوش من كل هذا، فلم ينطلق المحافظون الجدد الذين يوجهون إدارته لم ينطلقوا من الجذور التقليدية لحزبهم الجمهوري وإنما من أرضية الصقور في الحزب الديموقراطي مثل منظمة النقابات العمالية الأمريكية.
وهذه المنظمة تحصل على ملايين الدولارات من أجل تخريب النقابات العمالية والأحزاب السياسية في كل أنحاء العالم.
هذه المنظمة أسسها السيناتور الديموقراطي هنري جاكسون. وقد بدأ بول وولفويتز نائب وزير الدفاع الأمريكي حاليا وعراب الصقور في إدارة الرئيس بوش حياته السياسية في واشنطن بالعمل مع السيناتور هنري جاكسون. وفي عام 1972 تصور جورج ماكجفرن أنه يستطيع أن يواجه ريتشارد نيكسون كمرشح مناهض للحرب في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية داخل الحزب الديموقراطي.
فقد أطيح بماكجفرن وانهار مستقبله السياسي تماما.
مقولة مثيرة للضحك
وجاء الرئيس الديموقراطي الأخير بيل كلينتون عام 1992 بطل بالنسبة للبراليين ليستوعب هذا الدرس.
فقد ازدهرت أسطورة تقول إن عصر كلينتون كان (العصر الذهبي لليبرالية) كمقولة مثيرة للضحك.
وقد جسد المراسل السياسي لصحيفة الجارديان البريطانية هذا الانبهار المخدوع بالرئيس كلينتون عندما كتب تقريره عن الخطاب الذي ألقاه الرئيس كلينتون أمام مؤتمر حزب العمال البريطاني عام 2002 فقال : (بيل كلينتون استخدام خطابا ساحرا في كلمات رقيقة ومتوازنة بصورة جدلية استطاعت ان تأسر قلوب المشاركين في مؤتمر جاردن وينتر بمدينة بلاكبول، كما وصف المراقبون أيضا الخطاب بأنه واحد من أهم الأحداث في تاريخ مؤتمرات حزب العمال.
ووصفت بارتيشيا هويت وزيرة الصناعة والتجارة البريطانية الخطاب بأنه (ذكي بصورة مطلقة)، وفي افتتاحية بمناسبة المؤتمر كتبت (الجارديان) تقول (بنبرة حميمية بارعة: استطاع بيل كلينتون الذي كان يتحدث من ورقة تتضمن نقاطاً عامة فقط، أن يلقي خطاباً لأستاذ سياسي حقيقي. . فإذا ما راجع أحد هذا الخطاب فإنه سيجد أن خمسة نجوم غير كافية للتعبير عن عظمته. يا له من خطاب يا له من محترف. ويا لها من خسارة قيادة لأمريكا وللعالم كله).
وفي أحد المهرجانات حظي كلينتون قائد (الطريق الثالث) و(الدولية التقدمية) على اهتمام إعلامي صاخب كما أن أنصار بلير رحبوا به باعتباره قائداً خسروه وبطلاً ليسار الوسط. والحقيقة التي يجب أن نعترف بها هي أن كلينتون مختلف قليلا عن بوش حيث كان وكأنه عضو سري في جماعة فاشية. ففي سنوات حكم بيل كلينتون تراجعت بشدة شبكات الضمان الاجتماعي وتزايدت معدلات الفقر بدرجة كبيرة وأثير مشروع إنشاء مشروع الدفاع الصاروخي الذي يتكلف مليارات الدولارات وأقرت أكبر ميزانية عسكرية في التاريخ وتم رفض التوقيع على المعاهدة الدولية للتفتيش على الأسلحة البيولوجية الأمريكية إلى جانب خروج أمريكا على المعاهدة الدولية لحظر إجراء التجارب النووية. ورفضت أمريكا الانضمام إلى محكمة الجزاء الدولية وإلى معاهدة حظر الألغام الأرضية على مستوى العالم.
وعلى عكس الاسطورة السائدة فإن إدارة كلينتون وليست بوش هي المسؤولة عن تدمير الحركة العالمية لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض. وبالاضافة إلى هايتي وأفغانستان اللتين تم غزوهما في عهد الرئيس بوش فإن إدارة الرئيس بيل كلينتون شددت الحصار على كوبا والعقوبات الاقتصادية على العراق التي أودت بحياة أكثر من مليون شخص في العراق بسبب نقص الغذاء والدواء في الوقت الذي تعرض فيه العراق للهجوم العسكري الأنجلو أمريكي.
وفي عام 1999 قاد بيل كلينتون هجوماً عسكرياص على جمهورية صربيا في إطار (حملة أخلاقية) استهدفت وسائل النقل العام والمصانع غير الحربية ومصانع الأغذية والمستشفيات والمدارس والمتاحف والكنائس والكثير من المباني التي تعتبر من التراث الإنساني والمزارع.
يقول جيمس بيسيت السفير الكندي السابق في يوغوسلافيا إن قوات حلف شمال الأطلنطي (الناتو) التي قادتها أمريكا ضد صربيا انتهت (من الأهداف العسكرية في الأسبوعين الأولين للحرب)، وقد كان من الواضح تماما أن قوات الناتو بدأت المرحلة الثالثة وهي ضرب أهداف مدنية.
ثم انطلقت صواريخ بيل كلينتون العابرة للقارات لكي تدمر مصنعا في السودان كان يوفر الجانب الأكبر من احتياجات هذه الدولة الافريقية الفقيرة باحتياجاتها من الادوية.
وقال السفير الألماني في السودان : من الصعب تقدير عدد الفقراء الذين سيتأثرون بالقصف الأمريكي لمصنع الدواء السوداني ولكن القول بأن عشرات الآلاف من السودانيين سيعانون بسبب هذا القصف يصبح قولا مقبولا.
وربما يمكن القول ان (الكلنتونيين) (معسكر الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون) اختبأوا وراء شعارات براقة عن (إقامة الديموقراطية) و(حفظ السلام) و(التدخل الانساني) و(التدخل الليبرالي) لتحقيق الإمبراطورية الاستعمارية الأمريكية بصورة أكثر نجاحاً مما فعله رجال بوش من المحافظين الجدد.
فقد تمكنت واشنطن خلال إدارة كلينتون من ضمان الدور الشكلي لأوروبا ومشاركة حلف الناتو في تنفيذ الأجندة الأمريكية.
والحقيقة أن كلينتون يفوق بوش بالنسبة لإراقة أكبر قدر من الدماء.
والسؤال الذي يحب الديموقراطيون الجدد طرحه يقول (ما الذي كان سيفعله أل جور لو لم يبعد عن الرئاسة من جانب جورج بوش؟) فقد كان أكبر مستشاري أل جور هو الصقر المتطرف ليون فويرث الذي قال: يجب على الولايات المتحدة (تدمير نظام الحكم العراقي من جذوره) كما أن السيناتور الديموقراطي جوزيف ليبرمان الذي كان مرشحا نائبا للرئيس مع أل جور هو الذي ساعد الرئيس جورج بوش في الحصول على قرار من الكونجرس يفوضه باستخدام القوة ضد العراق وهو تصريح بالحرب في أكتوبر 2002.
وأل جور نفسه قال عام 2002 إن غزو العراق (ليس جوهريا على المدى القصير) ولكن يجب أن يعلم جميع الأمريكيين أن العراق يمثل بالفعل تهديدا للأمن القومي الأمريكي.
ومثل توني بلير فإن كل ما كان يريده أل جورهو (تحالف دولي) لتنفيذ الخطط التي تم وضعها منذ سنوات طويلة للسيطرة على الشرق الأوسط.
وكان اعتراض أل جور على بوش هو أن الذهاب إلى حرب العراق (بصورة منفردة) سوف يضعف قدرة أمريكا على قيادة العالم في القرن الجديد.
تواطؤ مشترك
والتواطؤ مشترك بين معسكري بوش وآل جور. فخلال الانتخابات الرئاسية الماضية عام 2000 تآمر ريتشارد هولبروك الذي كان مفترضاً أن يتولى وزارة الخارجية الأمريكية في حالة فوز أل جور مع بول ولفوفيتز لكي يضمنا ألا يتحدث أي من المرشحين الديموقراطي ولا الجمهوري عن الدور الدامي الذي تقوم به إندونيسيا في جنوب شرق آسيا.
يقول هولبروك (كنت على اتصال دائم مع ولفوفيتز حتى نضمن استمرار قضية تيمور الشرقية بعيداً عن الحملة الانتخابية الرئاسية في أمريكا لأن إثارتها لن يخدم لا المصالح الأمريكية ولا المصالح الإندونيسية).
نفس الأمر ينطبق على التوسع الإسرائيلي غير المشروع في الأراضي المحتلة.
فهذه الجريمة الإسرائيلية تتم بدعم كامل من جانب كل من الديموقراطيين والجمهوريين على السواء.
جون كيري أيد رفع أسماء ملايين الأمريكيين الفقراء من كشوف الحصول على مخصصات الضمان الاجتماعي وساند التوسع في عقوبة الإعدام. كما أنه (بطل الحرب) الذي دشن حملته الانتخابية بصورة إلى جوار حاملة طائرات مرابطة.
كما أنه هاجم الرئيس بوش بسبب عدم اهتمام الأخير بتقديم المزيد من الدعم للمؤسسة الوطنية للديموقراطية.
يقول المؤرخ الأمريكي وليام بلوم عن هذه المؤسسة: (إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية هي التي أسستها بالفعل. وعلى مدى عشرين عاما قامت المؤسسة الأمريكية التي ترفع شعار الديموقراطية بالاطاحة بحكومات العديد من الدول وتخريب الحركات التقدمية والنقابات العمالية وأي شخص آخر على قائمة الاستهداف الأمريكية).
قيم القوة الامريكية
ومثله مثل بوش وكل الذين مهدوا الطريق لبوش من ويدرو ويلسون إلى بيل كلينتون فإن جون كيري يروج شعار (قيم القوة الأمريكية) وما سماه الكاتب الأمريكي آرييل دورفمان (كارثة الاحساس بأنك ضحية، فلا شيء أخطر من العملاق الخائف).
والناس الذين يدركون مثل هذا الخطر يؤيدون اقتراحات كيري بشكل يرونه مقبولاً ويعتقدون أنهم يستطيعون عمل ذلك بكلا الطريقتين ولكنهم لا يستطيعون.
والحقيقة أن المخرج الأمريكي مايكل مور يدرك هذا أكثر من غيره، فقد أيد القائد السابق لحلف الناتو الجنرال ويسلي كلارك كمرشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية عن الحزب الديموقراطي في الانتخابات الأولية.
وتأثير مثل هذا الموقف يضاعف الخطر الذي يهدد امريكا لأنه يقول موافق للقصف والقتل ثم يتحدث عن السلام. وكما هو الحال بالنسبة لنظام حكم الرئيس بوش، فإن الديموقراطيين الجدد يخافون حقيقة من الأصوات المعارضة والحركات الشعبية. فهذه هي الديموقراطية الحقيقية داخل أمريكا وخارجها.
ومن الواضح أن إدارة الرئيس بوش لا تريد إقامة ديموقراطية حقيقية في العراق بعد غزوه.
يقول نواه فيلدمان المستشار القانون السابق للحاكم الأمريكي في العراق (إذا تحركت بسرعة فقد يتم انتخاب الأشخاص الخطأ).
أما توني بلير فقد مضى إلى ما هو أبعد من ذلك عندما قال (لا يمكن فتح تحقيق من أجل معرفة ما إذا كانت الحرب (ضد العراق) صواب أم خطأ. فهذا أمر نقرره نحن السياسيين).

..... الرجوع .....

الفن السابع
الفن العربي
المنزل الانيق
رياضة عالمية
عواصم ودول
نادي العلوم
المستكشف
الصحة والتغذية
خارج الحدود
الملف السياسي
فضائيات
السوق المفتوح
برلمانيات
استراحة
أقتصاد
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
بانوراما
عالم الجمال
ندوات
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved