Al Jazirah Magazine Tuesday  13/11/2007 G Issue 242
تحقيق
الثلاثاء 3 ,ذو القعدة 1428   العدد  242
 

(عصر الموضة.. والرغبة
في التحرر)!

 

 

* إعداد - سلوى عبد الله

مرحلة المراهقة هي مرحلة طبيعية يمر بها كل شاب وفتاة، فيتأثرون بكل ما يصاحب هذه المرحلة من تغيرات، كالتمرّد والتقلّب، والبحث دائما عن كل ما هو عصري وجديد. فنجد هذه الأيام أن صرعات الموضة هي من أولويات اهتمام الشباب والشابّات وهذه الفئة العمرية بالذات، تعتمد على الغرابة في الموضة وصرعاتها! فنجد البعض يفضّل الأشكال الغريبة والمتطرّفة، والبعض الآخر يفضّل ما يرتديه كبار ممثلي هوليوود، وهناك فئة أخرى تفضّل أزياء غريبة لا يجمعها خط واحد أو موضة معينة، فنجدها تبتكر لنفسها شكلا خاصا بها! ومنهم من يميز نفسه بملابس وتسريحة شعر مغنيي الراب الأمريكي! كل هذا من أجل البحث عن التميّز ولفت الأنظار.

ثقافة القشور

وهذه الأشكال نراها في كل الأماكن التي يكثر فيها تجمّع الشباب كالشاليهات، والأماكن الترفيهية، حتى على الكورنيش وفي الشوارع فما هي الأسباب التي أدت إلى تعلّق الشباب بهذه الظاهرة واتخاذهم صوراً غريبة، وبعيدة كل البعد عن مجتمعنا، التي جعلت المجتمع ينظر إليهم بهذه النظرة السلبية.

نجد أن معظم الشباب قد تأثروا كثيرا بالغرب فللأسف انتشر في بعض المجتمعات العربية ما يسمى ب(اللوك الغربي) الطاغي على شبابنا العربي وأصبح الهدف الأساسي للتطوّر ومواكبة العصر هو الأخذ من الغرب.

وماذا أخذنا من الغرب ؟! هل استفدنا من التطورات والإبداعات التي وصل إليها بعضهم، وحاولنا أن نعمل ونجتهد ونكون الأفضل؟! هل نظرنا إلى الجوانب الإيجابية، وحاولنا الاستفادة منها لنرتقي بمجتمعنا؟!

للأسف لا البعض منّا لم يأخذ إلا الشكل الخارجي فقط، إننا لنأسف لحال شبابنا اليوم انظر إلى الشارع العربي، ستجد أشكالا غربية بهوية عربية! تحت مسمّى (الموضة)، أصبحنا نقلّد الغرب في الشكل الخارجي، نضع الوشم (التاتو) الذي يعتبر بعيدا عن ثقافتنا وديننا، دون الوعي بمدى خطورته! حتى أننا الآن لا نستطيع أن نفرّق بين الشاب والفتاة! فالشباب أصبحت لديهم حرية تامة في ارتداء ملابس متعددة الألوان بالإضافة إلى الحلي والسلاسل في العنق، وارتداء (تي شيرتات) طويلة تحمل كلمات وصوراً غريبة، والأغرب من ذلك أن البعض يجهل معنى هذه الكلمات المطبوعة عليها!

انبهار سلبي

* فخالد، 21 سنة، طالب جامعي يقول: نحن لدينا الحرية التامة بأن نأخذ كل ما يستهوينا فالأخذ من الغرب هو نوع من الانفتاح، وهذا لن يلغي الطابع الشرقي والإسلامي لدينا، فأنا أميل دائما إلى الستايل الغربي وأجده مناسباً جدا لي، ولا أجد حرجاً أبدا وأنا أسير في الشارع بهذه الملابس!

* أما مها، 18 سنة طالبة في الثانوية العامة، ترى أن الأفلام والموسيقى الغربية، أفضل بكثير من الفن العربي التقليدي والممل.

ويختلف معهم في الرأي محمد، 28 سنة، مغترب، يقول: أصبحنا نلاحظ فئة كبيرة من الشباب يتأثرون بشكل كبير جدا بالغرب وهذا أمر طبيعي، ولكن المشكلة أن هذا التأثر لم يكن إيجابياً، بل هو انبهار سلبي فهم لم يأخذوا إلا الطابع السيئ من الغرب وهو المظهر الخارجي، وإنكار الذات وفي المقابل نجد الشاب الغربي متمسكا بعاداته وأصوله، وإن أرادوا الأخذ منّا فهم لايأخذون إلا ما هو مفيد فقط.

بداية التأثر

البعض يرى أنه لا يحق لنا منعه من هذه الأمور، ونسي أن هذه ليست إلا بداية للتأثر وبداية للمرض الذي سرعان ما ينتشر ليتمكّن من صاحبه! فتأثرهم بالغرب من هذا الجانب خصوصا، أدى إلى ظهور أشياء دخيلة في المجتمع، لأنهم لم يأخذوا إلا الجانب السلبي الذي يرميه لنا الغرب! فالفكر الغربي لم يؤثر على الفكر العربي إلا بقدر ما استطاع هذا الفكر العربي أن يستوعب! ومع هذا كله نرى أن هذه الرغبة الشكلية لن تتلقى أي قبول اجتماعي.

الإعلام هو المسئول

* من جهتها تقول هند، 35 سنة - أستاذة جامعية:

الثقافة تعني أسلوب الحياة السائد في مجتمع من المجتمعات فالأفراد في كل مجتمع يتشرّبون ثقافة الأمة التي يعيشون فيها وتؤثر هذه الثقافة في تكوينهم الفكري والعقائدي والخلقي، وبذلك يندمج الفرد مع مجتمعه وتتكون عاداته وتقاليده ولكن للأسف، فالملاحظ هذه الأيام من شبابنا، محاولة كسر هذا النظام وإدخال عنصر غريب إلى بلدنا ومجتمعنا، فأصبحنا نستقبل هذا الطابع الغربي السيئ الذي يحاول الآن الغرب التخلّص منه!

ونحن على أتم الاستعداد لاحتضانه والتمثّل به فالشباب والفتيات لم يأخذوا من الغرب إلا العادات السيئة فقط، وأنا أرى أن الإعلام هو المسئول الأول عن هذا التأثر.

فضائيات هابطة

نجد هنا أيضا أن انتشار الفضائيات، والفيديو كليبات والقنوات الهابطة له تأثير كبير، فما يعرض فيها بشكل يومي أصبح نموذجا مثاليا يقلده الشباب والشابات فالإعلام بشكل عام من إذاعة وتلفزيون وصحف له تأثير كبير على الشباب فقد أصبحوا يلهثون وراء الموضة التي تروج لها مؤسسات إعلامية ففي أحد الأماكن الترفيهية المشهورة في الرياض، والمعروفة بتجمّع كبير للشباب بمختلف الأشكال.

* يعلّق فهد، 22سنة طالب جامعي، مبيناً وجهة نظره: ليست مسألة تأثر، وإنما حب التغيير والظهور بأشكال جديدة فالحياة الشبابية واقع لابد من الرضوخ له، وفي النهاية هذه أمور عاديه ل تسيء لنا، فهي مجرد شكليات لا أكثر.

* بينما فاتن، 25 سنة، خريجة جامعية تؤكد أنا أؤيد الانفتاح والاستفادة من كل ما هو إيجابي ومفيد ولكن أجد أن الشكل الخارجي أصبح تقليدا استهلاكيا بالدرجة الأولى فالشباب لن يتمسكوا بالتقاليد مهما فعلنا ومهما حاولنا، مادام هناك ما يسمى بالإعلام ، والقنوات الهابطة وأنا لست ضد هذا التقليد الشكلي إذا توقف الأمر على مجرد ملابس لاتسيء لنا أو لصاحبها، أما إذا وصل هذا التقليد إلى وضع الحلي والوشم وارتداء ملابس تخدش الحياء، واستخدام الألفاظ والوصول الى العلاقات المحرمة، فهذا بحد ذاته ضياع لنا ولشبابنا.

وهم الحرية

* أما أحمد، 21 سنة طالب جامعي، له وجهة نظر مختلفة فعند مشاهدتنا لأحمد، لم نجد فيه أي مظهر يدل على أنه شاب عربي فقد اعتمد تسريحة شعر غريبة ومضحكة، على هيئة (ضفائر صغيرة)! ويرتدي بنطلونا فضفاضا يحمل صوراً غريبة، واعتمد الرسم على الكتف!

يقول أحمد : تروقني هذه الملابس، وأجد راحة نفسية عند شرائها وأفضل دائما الظهور بشكل مختلف، رغبة في التميز وأنا أحب الحياة الغربية بشكل عام، فهي حياة جميلة، وغير مقيدة بقيود، وكل فرد هناك له الحرية التامة في فعل ما يريده.

وعندما سألناه عن المرسوم في كتفه قال: هي علامة يضعها فنان غربي مشهور، وأنه معجب جدا به وبفنه ويضيف وهو يضحك، هذا ليس وشما وإنما مجرد رسم عادي أستطيع إزالته.

نرى هنا أن علماء النفس أشاروا إلى أن هناك خصائص تميز مرحلة الشباب وتؤثر على اختيار أزيائهم،مثل التغيرات النفسية والفسيولوجية التي يمر بها الشباب في هذه المرحلة وتؤثر على حالتهم الانفعالية، مما يجعلهم سريعي الانفعال، ويتميزون بالحساسية والتقلب المزاجي، وهذا يجعلهم أكثر تأثر بالألوان والخطوط، ويدفعهم إلى اختيار الأزياء التي تحقق لهم انسجاما مع النمط اللائق الذي يساعدهم على تحقيق الاستمرار النفسي، وتبعدهم عن الشعور بالخجل والانطواء، هذا بالإضافة إلى ما يتميز به الشباب من تهور وانطلاق وهو ما يدفعهم إلى الاستجابة لسلوك الجمهرة الثائرة، مثل ارتداء الأزياء الغريبة ومتابعة الموضات الغريبة بشكل عام.

تقليد أعمى

* فالشاب (س.ع) رفض التحدث في هذه المسألة! وبعد إصرارنا على ضرورة معرفة رأيه، خصوصا أنه من أصحاب هذه الموجة والتي تظهر على مظهره الخارجي بشكل واضح!

يقول: لماذا أنا على وجه التحديد، فكل شباب هذا الجيل يعشقون هذا (الستايل) ولا أجد أننا قمنا بعمل محرم! فارتداؤنا لهذه الملابس هو نوع من الحرية الشخصية ولا يحق لأي شخص التدخل في هذه الأمور، وأنا مقتنع جدا بما أقوم به.

والبعض يرى أن المجتمع لم يعط هذه المسألة أهمية، فقد بدأنا نغرق دون أن نشعر ونتجاهل عيوبنا ولم ننظر إلى حال شبابنا وماوصلو إليه من تقليد أعمى، فكان من واجبنا أن نصحح هذه الأمور، وأن نوضّح للشباب ما يجب أخذه والاستفادة منه، قد نختلف مع الغرب في الرأي والدين، ولكن هذا لا يمنع أن نأخذ منهم كل ما هو إيجابي ومفيد. فينبغي حل هذه المشكلة بطريقة إيجابية صحيحة وناجحة، أو محاولة التخفيف من أضرارها فلا توجد قضايا جوهرية تشغل بال الشباب، لذلك اتجهوا إلى هذه الأمور السطحية التافهة، ومن الممكن أن يكون هناك إعجاب بالفن من موسيقى وأفلام ولكن يجب أن يكون في حد المعقول، مع الابتعاد التام عن النوع الهابط من هذا الفن.

* يقول عبد الرحمن، 38 سنة موظف أنه لواقع مؤلم، فقد انبهر شبابنا ببريق الغرب الزائف! واتجهوا إلى كل ما هو سطحي وتافه، وهذا كله تخطيط لسلخ شبابنا عن هويته العربية! فقد انبهروا بالحرية المطلقة، دون الاستفادة مما قدمه الغرب في مجالات التقدم والرقي والتكنولوجيا، فأصبحوا يركضون خلف شهوات النفس وقنوات العري والإباحية! فهناك عدة أسباب لهذا الانحراف، منها الإعلام والفن الهابط، والبطالة والفراغ الثقافي، وغيرها هذا بالإضافة إلى الأهل، فلهم الدور الأساسي في توجيه أبنائهم نحالطريق المستقيم.

انفتاح إيجابي

منهم من يرى أن هذا التأثر مجرد انفتاح وحرية ومنهم من يرى أن هذا التأثر أساء لنا كثيرا كعرب . أنا أجد أن قوة أمتنا في شبابها، فهم المحرك الأساسي الذي باستطاعته الرقي بها، فمن أجل ذلك ينبغي أن تصحح هذه الأمور فلماذا نتجاهل هذا الجانب السلبي المنتشر، والذي سيجعل منّا مع مرور الأيام، أضحوكة! لماذا لا نحاول الإصلاح، لنرتقي بهذا المجتمع ؟ لماذا نتجاهل دائما سيئاتنا ؟ نحن إذا ذكرنا دائما الجانب الإيجابي لنا، لن نستفيد ولن يتغير شيء سنظل نقف في مكان واحد، وندور في نفس المحيط! فنحن مازلنا شبابا والثقافة الحقيقية، هي أن نحاول أخذ كل ما هو مفيد فالانفتاح الاجتماعي أساء كثيرا لشبابنا، والتأثر قد يؤدي فيما بعد إلى انحلال الأخلاق العربية لدى الفتيات والشباب، وإلى انتشار العادات السيئة من علاقات محرّمه، وإجرام وغيرها من الأمراض الاجتماعية فنحن لسنا ضد الانفتاح بشكل عام ، بل علينا أن ننفتح أولا على كل ما هو إيجابي ومفيد فلماذا نوصد أبوابنا أمام كل ثقافة، ولا نأخذ إلا العادات السيئة لماذا لا ننفتح بعقولنا، ولا نجعل أعيننا تبصر إلا على كل ما هو جيد ومفيد فهذا هو المبدأ العام! فمهما ارتقينا يجب ألا نقف أبدا، وأن ننظر دائما إلى عيوبنا وأخطائنا لنصححها ونستفيد منها، فنحن دائما إن سؤلنا عن تاريخنا وحضاراتنا، نجد فخرا كبيرا بما قدّمه العلماء العرب والمثقفون والأدباء والملوك قديما، فمن أجل هذا يجب أن نترك مجالا للأجيال القادمة أن يرو ويفتخروا بنا علينا أن نكون تتمّة لذلك التاريخ القديم، وأن نرتقي به لأعلى المستويات فقد توفرت لدينا الآن كل الوسائل التي بإمكانها أن تصل بنا إلى القمة نسأل الله تعالى أن يصلح حال هذه الأمة، وأن يصلح شبابها.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة