الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 15th April,2003 العدد : 30

الثلاثاء 13 ,صفر 1424

وماذا بعد..؟!
انتهى نظام صدام حسين..
فلم يحزننا ذلك..
ولم نشعر أن رحيله يعد خسارة قد لحقت بالعراق الشقيق..
أو أن هزيمته وغياب حكمه قد يلقي بظلال من الضرر على أشقائنا في العراق..
ذلك لأن نظام حكمه تميز بالفساد..
وبتعذيب الشعب..
وأكل ثرواته..
وحرمانه من حقوقه..
وجرِّه إلى أتون المعارك الدموية المتواصلة..
دون هدف أو غرض أو مصلحة لعراقنا الشقيق..
مذكياً بذلك نار الفتنة مع الأشقاء..
ومؤججاً بتصرفاته هذه الخلافات مع جيرانه والأبعدين..
***
ومع ذلك فقد أحزننا غزو العراق..
وساءنا أن يكون تغيير النظام من خلال قوى أجنبية..
وأن يتعرض الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن إلى ما تعرضوا إليه من قتل وتدمير..
وأن تكون صورة نهاية الحرب على نحو ما شاهدناه من دمار وتخريب وسرقة لكل ما وقعت عليه يد اللصوص..
مثلما ساءنا هذا العبث المجنون الذي لم يوفِّر أدوية المستشفيات وأسرَّتها ومتاحف المدن والأملاك الخاصة والعامة من النشل والتخريب..
ودون أن تضبط القوى الغازية الأمن وتحمي تاريخ العراق ووثائقه من الضياع..
***
لم نكن مع نظام صدام..
لكننا كنا بالتأكيد ضد الغزو الأجنبي للعراق..
ضد أي غزو أجنبي لأي دولة عربية..
ضد تغيير أي نظام إلا من صاحب الحق في ذلك وهو المواطن..
لسنا مع حروب لا تأخذ شرعيتها من خلال مجلس الأمن..
حتى لا يكون أمن واستقرار الدول الصغرى عرضة للهيمنة من الدول الكبرى..
دون أن يقال لها لا..
من غير أن يُعترض لها سبيل..
أو يُرد لها طلب..
أو يُحال دون تحقيق مطامعها ..
***
إن ما حدث في العراق درس وأي درس..
لعالمنا العربي الكبير..
للدول المصنفة بأنها إرهابية..
وللدول المعتبرة أنها خارج بيت طاعة الدول الكبرى..
وإسرائيل في كل هذا هي المستفيد الأول والسعيد بما حدث..
والمتضرر الأكبر بكل تأكيد هو العراق ودول المنطقة..
فهل من متعظ..؟


خالد المالك

قرب عن بعد هولندا والعالم العربي
أيام في الأراضي المنخفضة (2-2)
علاقات متعددة الجوانب امتدت لنحو سبعة قرون
أمستردام تدعم الحقوق الفلسطينية وترفض الضغوط الإسرائيلية

* إعداد المستشار الإعلامي:
عميد جلال المهتدي
اين هولندا من العالم العربي الآن؟ .. كيف تنظر إلى ارتباطاتها الحالية مع هذا العالم الفسيح الممتد من الخليج إلى المحيط.. وما هو السبيل إلى إعادة دفء العلاقات التاريخية وعمق المصالح المشتركة إلى سابق عهدها مما يدعم التوازن الحيوي المطلوب بين الأماني العربية المشروعة وبين تنمية العلاقات العربية الهولندية الرسمية؟
كيف تأثر الهولنديون بثقافات الحضارة العربية والإسلامية؟متى بدأت العلاقات التاريخية بين العرب وهولندا؟، ما هي وجهات النظر الرسمية تجاه قضية الشرق الأوسط كما يراها كبارالمسؤولين الهولنديين؟وما هي حقيقة المواقف العادلة التي تطالب بها المنظمات الإنسانية الهولندية..
تساؤلات عديدة تنتظر أن تجد لها إجابات محددة ومقنعة..
لم يتيسر للحضارة العربية والإسلامية الغنية بثقافتها البليغة وعلومها الفريدة أن تنطلق وتنتشر في شمال أوروبا مثلما فعلت في جنوب القارة العجوز، وقد عانت هولندا كثيرا من ثلاثة أمور بالغة الأهمية والتأثير ساعدت على ابتعادها عن هذه الحضارة العريقة هي : البعد الجغرافي عن مراكز الحضارات التاريخية، والانشغال برد الحملات الشرسة للأعداء النورمان، وسيطرة الكنيسة في القرون الوسطى وتحذيرها من الاتصال بالمسلمين.
المحاولات العنيدة
لم تنقطع الصلات تماما مع الحضارات العربية والإسلامية رغم كل المحاولات العنيدة،واقتربت هولندا بطرق غير مباشرة من هذه الحضارة وتعرفت عليها عن طريق غير العرب والمسلمين، وكان لقيام الشاعر الهولندي « فان مارلانت» بترجمة النص اللاتيني للكتابين العربيين الشهيرين «سر الأسرار»، «عروة وعفراء» الدافع الرئيسي للعلماء الهولنديين لمعرفة روعة اللغة العربية وأهمية تعلمها للإطلاع على الأبعاد الثقافية والعلمية لهذه الحضارة الشرقية الراقية، خاصة في المجالات الأكثر تقدما كالأدب والفلسفة وعلوم الطب والفيزياء والكيمياء والرياضيات والجغرافيا والفلك وغيرها، ومن جهة ثانية كان تعلم اللغة العربية ضروريا لتدعيم النشاطات التجارية المتميزة التي اشتهرت بها هولندا في تعاملاتها مع البلاد العربية وغيرها، وباتت مفردات اللغة الهولندية، وفق المصادرالرسمية، تتضمن أكثر من 160 من الكلمات ذات الأصل العربي.
مصدر هـام
وتواصلت الاهتمامات الهولندية لتشمل معرفة معاني الحرية والتسامح في الدين الإسلامي ودراسة حقائق هذا الدين العظيم في ذات الوقت الذي كانت أوروبا بصفة عامة وهولندا بصفة خاصة تعاني طويلا من سيطرة واضطهاد الكنيسة، فتدافع المفكرون والعلماء إلى مناهضة الخرافات والأساطير والمناداة بإحلال الحقائق وحدها التي أوردها الدين الإسلامي، ونشر بعض الكتاب والمؤرخين العديد من الكتب القيمة التي تناولت مزايا الإسلام كان أبرزها كتاب«المعجم التاريخي النقدي» الذي طبع في روتردام عام 1697 للمؤلف الإنجليزي لوك والفرنسيين ديكارت ودانييل،وكتاب «الديانة الإسلامية» للمؤلف الهولندي ريلاند.
وفي مجال الشعر الشرقي برز الأديب الهولندي سخولتنس عام 1776 1788 بمحاضراته الزاخرة في جمعيات ومنتديات أمستردام عن الفطرة والعبقرية والذوق الذي يمتلكه شعراء العرب، بينما قاد مواطنه الشهير دوزي، مسيرة الاهتمام بالدراسات العربية بإعداده عام 1881 أهم المراجع المعتمدة حتى يومنا هذا وهو معجم «ملحق وتكملة القواميس العربية».
واستمرت أعمال نشر وترجمة أشهر المؤلفات العربية المتنوعة لكبار الأدباء والعلماء أمثال:الجاحظ، الخوارزمي ابن سينا،ابن رشد، الرازي.. وهـكذا أصبحت هولندا، الدولة الأوروبية الصغيرة أبرز الدول في العالم التي تمتلك مكتباتها الشهيرة أهم المصادر التاريخية للكتب والمراجع العربية النادرة في أرقى مجالات الثقافة والعلوم التي اشتهر بها العرب الأفذاذ ودخلت سجلات التاريخ.
صرخة ضمير !
«غريتا ديسينبورغ».. تذكروا اسم هذه المرأة الهولندية زوجة مدير البنك المركزي الأوروبي، سيدة من نوع خاص جدا تمتلك شجاعة قوية وجرأة نادرة، تعلن صراحة عن تعاطفها الإنساني مع قضية الشعب الفلسطيني وتشعر بالأسى للأوضاع المريرة التي يفرزها الاحتلال البغيض، ترأست منظمة«أوقفواالاحتلال»، وزارت المدن والمخيمات الفلسطينية والتقت مع رئيس السلطة الفلسطينية، وعندما رفعت العلم الفلسطيني عبر نافذة منزلها لمدة شهرين كاملين في العام الماضي أثارت اللوبي اليهودي الذي بدأ سريعا في التحرك ضدها وممارسة الضغوط المعتادة، ولكن السيدة«غريتا ديسينبورغ » مستمرة في تأييدها للقضية العادلة وفضح المغتصبين، وهي تستمد قوتها من دعم زوجها ومن الناس الشرفاء في بلادها وفي العالم كله حتى ارتفعت الأعلام الفلسطينية ترفرف عبر نوافذ وشرفات منازل أمستردام من دون أن يتمكن أحد من إخماد صرخة حق أو اغتيال يقظة ضمير !
علاقات متعددة
اهتمت هولندا بالعالم العربي وتابعت عن قرب حضارته الغنية وتاريخه العريق حتى تمكنت من إقامة علاقات متعددة الجوانب لنحو سبعة قرون من الزمن، فمنذ القرون الوسطى دأب الهولنديون على زيارة العالم العربي كحجاج وفنانين وتجار ثم كرحالة ومستكشفين وعلماء وتقنيين ودبلوماسيين، وكان لاهتمام هولندا المتزايد بالثقافة الإسلامية والحضارة العربية منذ القرن السابع عشر الميلادي الدورالأوروبي الرئيسي للمساهمة في تطوير العلاقات مع العالم العربي، خاصة تلك النشاطات الهولندية الاقتصادية والسياسية عبر سواحل شبة الجزيرة العربية وفي مشرق ومغرب العالم العربي، ولعل ما تتضمنه المتاحف الهولندية الشهيرة من مخطوطات ومطبوعات وخرائط ووثائق عربية نادرة، فضلا عما تحتويه اللغة الهولندية من مفردات عديدة ذات الأصل العربي تدل على ما وصلت إليه الحضارة العربية من تأثير وإشعاع في مختلف المجالات على مر القرون.
ويعود عمق العلاقات التاريخية بين شبة الجزيرة العربية والمملكة الهولندية لمدة تقارب الثلاثة قرون حيث بدأت تحديدا في عام 1614 ميلادي حيث قامت علاقات تجارية بين جنوب وشرق شبة الجزيرة العربية، خاصة تجار جدة ومكة وعدن، وبين شركة الهند الشرقية الهولندية التي كانت بمنزلة دولة شبه مستقلة في آسيا تعقد الصفقات وتنشئ العلاقات التجارية والسياسية حتى تحولت فيما بعد إلى حكومة استعمارية في إندونيسيا أظهرت الكثير من الاهتمام بالعلاقات المتميزة بين مسلمي شرق الهند وبين شبة الجزيرة العربية، وبعد حصول إندونيسيا على استقلالها عام 1948 تطورت العلاقات السياسية والتجارية بين شبة الجزيرة العربية وهولندا حتى أصبحت الأخيرة الآن من بين أكبر الدول التي تربطها علاقات تجارية واقتصادية بالمملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج العربي.
تقريب وجهات النظر
مسؤول وزارة الخارجية ويليام بيلارتس بلوكلاند ورئيس قسم الشرق الأوسط ومساعد مدير إدارة شمال أفريقيا والشرق الأوسط بوازرة الخارجية الهولندية أكد لمجلة«الجزيرة » أن حكومة هولندا تدعم الحقوق الفلسطينية وترفض بإصرار كل الضغوط الإسرائيلية موضحا أن موقف الاتحاد الأوروبي يختلف عن الموقف الأمريكي وقال:«هولندا حكومة وشعبا تتفهم القضية الفلسطينية وتدعم بكل الطرق المعنوية والمادية الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية ومنظماته الأهلية ونستقبل أعدادا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، ودعمنا يتم بواسطة الدعم المباشر والدعم غير المباشر عبر الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، وهولندا إحدى أكبر الدول الأوروبية استقبالا لللاجئين قبل اتفاقيات أوسلو.
وأضاف: أنا شخصيا كنت أول ممثل لهولندا في مناطق السلطة الفلسطينية عام 1993حيث أسسنا مكاتب لنا في مدينتي أريحا ورام الله، وكان دعمنا الرئيسي في اتجاه مجالات التعليم وتوفير المياه وهذا الدعم مستمر رغم كل الصعوبات التي نواجهها نتيجة للضغوط الكبيرة التي تمارسها إسرائيل على السلطة الفلسطينية، ونساهم قدر استطاعتنا في معاونة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
مساعدات كريمة
وأوضح بلوكلاند ردا على التساؤل حول حجم الدعم الهولندي للفلسطينيين:«إن الدعم الهولندي المتواصل لايشمل تفهم الوضع الإنساني فقط بل أيضا تقديم الدعم المالي حيث تبلغ الميزانية السنوية التي خصصتها الحكومة الهولندية لتقديم مساعدة للفلسطينيين نحو 25 مليون دولار، فكما هو معروف كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي لها برنامجها الخاص للمساعدة سواء بالطرق المباشرة أو عبر الأمم المتحدة، بالإضافة إلى قيام الاتحاد الأوروبي بتقديم مساعدة شهرية للسلطة الفلسطينية قدرها 10 ملايين دولار لإعادة بناء خدمات البنية التحتية إلى جانب قطاع التعليم الذي يعاني كثيرا من الوضع السيء للغاية الذي يعيشه الفلسطينيون».
رفض الابتزاز
وقال مسؤول الخارجية الهولندية ردا على سؤالنا حول المحاولات الإسرائيلية المستمرة لتهميش دور دول الاتحاد الأوروبي في مساعدة الفلسطينيين: «نحن في وزارة الخارجية الهولندية نشعر بأن واجبنا الإنساني يدعونا إلى الاستمرار في تقديم العون للفلسطينيين على الرغم من وجود بعض الخلافات السياسية والانتقادات المستمرة التي توجه لنا من إسرائيل، وإذا كنتم تتابعون التعليقات الرسمية الإسرائيلية فلن تجدوا يوما يمضي من دون أن ينتقدونا بقسوة، ولكننا نرفض هذا النقد وهذا الابتزاز ونعلم جيدا أين تذهب أموال دعمنا المستمر».
وشرح المسؤول الهولندي الكيفية التي تراها بلاده لإقامة السلام في المنطقة قائلا:الموقف الهولندي مع ضرورة إعادة الحياة لعملية السلام ومعاودة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، هذا هو الحل الوحيد في نظرنا لتهدئة الأمور وتحسين الأوضاع، نحن نعي أن المشكلة الحقيقية سياسية ويجب التعامل معها من هذا المنطلق بإرادة كبرى وضبط فعال للنفس للحفاظ على الأمن ليس فقط من قبل الفلسطينيين بل أيضا من قبل إسرائيل، إن موقف الاتحاد الأوروبي واضح في هذا الشأن.
اختلاف المواقف
وأوضح المسؤول الهولندي بأن موقف هولندا والاتحاد الأوروبي ليس مشابها لموقف الولايات المتحدة الأمريكية خاصة فيما يتعلق بالتدخل في شؤون الفلسطينيين الداخلية وفي حرية اختيارهم لقياداتهم، نحن نصر على احترام وتنفيذ خطة الطريق ويبقى على أمريكا أن تضغط في هذا الشأن لضمان التنفيذ، وحول النظرة الأمريكية والأوروبية بضرورة توقف الفلسطينيين عن استخدام العنف في إشارة غير منطقية للمساواة بين طرفين متناقضين، كان سؤالنا الأخير يدورعن غرابة التعاطف مع طرف محتل معتد وتجاهل آخر صاحب الحق والأرض، وأوضحنا كيف تنظرون إلى امتناع الفلسطينيين عن العمليات الانتقامية لفترة بلغت أكثر من ستة أسابيع بالإضافة إلى المساعي العربية للتهدئة التي قادتها مصر بصبر وهدوء بينما بطش الآلة الحربية الإسرائيلية لم يتوقف يوما واحدا ؟وتوخى المسؤول الهولندي الحذر وهو يختم حديثه معنا موضحا:«.. إن الاتحاد الأوروبي يختلف في الرأي مع الولايات المتحدة حول كيفية العودة إلى العملية السلمية وفي الوصول إلى الحل المطلوب، ولكننا بالتأكيد هدفنا واحد مشترك. إن موقف الاتحاد الأوروبي واضح وثابت في أن التعاون يجب أن يكون من الجميع وليس من جهة واحدة للتقدم إلى الأمام، إننا نعلم أن الأمور معقدة وفي الوقت الذي نتفهم حق الفلسطينيين في حرية إصلاح أوضاعهم الداخلية، فمن المستحيل علينا أن نضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، والشارع الإسرائيلي في ظل العمليات التفجيرية يشعر أنه تحت الضغط والكراهية، هذا لا يعني أننا نتحيز لإسرائيل، إننا نشعر بالأسف لقتل الأبرياء من الجانبين يوميا لتزيد الأمور تعقيداً.
قلب المأساة
في مقر وزارة الخارجية الهولندية في لاهاي التقينا مع السيدة جين عبد الله مسؤولة برنامج تقديم المساعدات إلى منطقة الشرق الأوسط في منظمة «كوردياد CORDIAD».
حيث قالت:«تحاول كوردياد الوصول إلى قلب المأساة الإنسانية في الشرق الأوسط لتطرق الأبواب المغلقة أو إن شئت المحرمة بأمر جشع السياسة وبشاعة السيطرة التي تمارس في هذه المنطقة الوحيدة التي مازالت ساحاتها تمتلئ بالحزن والمآسي، وفي سبيل تحقيق أهدافنا المتعددة تحصل كوردياد على الأموال اللازمة لعلميات الإغاثة والتطوير من مصادر متنوعة إذ تقدم الحكومة الهولندية الجزء الأكبر من هذه الأموال فيما تمول الجزء الباقي منظمات أهلية أخرى».
وأضافت:«لا يقتصر دور كوردياد على تقديم الدعم المادي والمعنوي بالطرق المعتادة مثل المحافظة على حقوق الإنسان والمساهمة في بناء الديموقراطية وتسهيل ممارسة الحريات الشخصية في الأراضي الفلسطينية التي تعاني من أوضاع متردية للغاية، بل ان الأمر يتطلب المساعدة في توفير أبسط وسائل الحياة الكريمة ومن بينها أهم العناصرالرئيسية وهو تنقية المياه الصالحة للشرب ومعالجة صرفها درءا لانتشارالأوبئة الفتاكة، إلى جانب المساهمة المستمرة في إعادة مقومات البنية التحتية وتأمين المعدات والخبرات اللازمة لتوفير ما يمكن من الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم وتحسين أوضاع المرأة وغير ذلك، وكل هذا يعتبر أقل ما يحتاجه الشعب الفلسطيني الذي يعتبر أكثر شعوب العالم تعرضا للويلات والمآسي التي تسببت في تناقص كبير في عدد سكانه نتيجة للقهر والتهجير خلال عقود طويلة، ويشمل دعم كوردياد أيضا المنظمات الفلسطينية غير الحكومية والمنظمات الفلسطينية الإسرائيلية المشتركة حيث ان الفلسطينيين يمثلون نحو 20% من سكان إسرائيل أيضا».
الأوضاع الصارخة
وتابعت: «نحن ننادي دوما بضرورة مواجهة لب الصراع المرير بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والذي يتمثل في المشاكل السياسية وليست الأمنية وحدها، ونبحث مع العديد من المنظمات المختصة في مختلف أنحاء العالم لتحقيق ذلك، ودورنا لايتوقف مطلقا عند تحديد أسباب المشكلة والتنسيق بشأنها بل نحاول جاهدين تغيير قناعات الحكومة الهولندية السياسية والضغط لتعديل مواقفها المعلنة ونحاول تحقيق ذلك بالاجتماعات المستمرة مع المسؤولين في الحكومة ومع أعضاء البرلمان الهولندي إلى جانب المنظمات غير الحكومية ذات العلاقة ليتعرفوا على حقيقة الأوضاع الصارخة في الأراضي الفلسطينية، ونطالب بالمزيد من الدعم فالمساعدات الحالية للفلسطينيين لم تعد كافية، إننا سنستمر في محاولاتنا لتحقيق أهدافنا النبيلة بطريقة جيدة ومناسبة».
الخيط الفاصل
تكاتفت الجهود بعد كارثة الفيضانات التي أغرقت البلاد في بداية عام 1953، وللحيلولة ما أمكن من خطورة ارتفاع مناسيب المياه وتدفق الفيضانات المستمرة تم في منتصف عام 1997 استكمال إنشاء مشروع الدلتا العملاق الذي يهدف إلى إغلاق منفذي البحر في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد وتحقيق الأمان والرخاء للمناطق الطبيعية المتنوعة والحفاظ على الأراضي الريفية والآثار الثقافية والتاريخية، إلى جانب حماية الملاحة وصيد الأسماك، والجدير بالذكر أن خبرة السواعد الهولندية تمكنت أيضا من بناء مشروع ضخم في شمال البلاد لا مثيل له يدعى مشروع سد بحر الجنوب «أفسلاوتدايك» وهو يربط بين محافظتي فريزلاند وشمال هولندا، ويبلغ طول هذا السد الهائل 32 كيلو مترا يفصل بحر الجنوب عن بحر الشمال ويحوله إلى بحيرة تدعى «أيسيلمير» وهي البحيرة التي تحولت مياهها تدريجيا لتصبح مياه عذبة، وتسببت هذه البحيرة في اكتساب مايعادل 1650 كيلو مترا مربعا من الأراضي المستصلحة المنخفضة الصالحة للعيش والاستثمار.
والصراع مع المياه في هولندا هو سبب استمرار الحياة والخيط الفاصل بين بقاءالبلاد وفنائها كما يعتقد السكان هنا، لذا فإن دوائر المصالح المائية تتولى بدقة متناهية تنظيم توزيع المياه، وتتحمل كل منطقة مسؤولية عمليات تنقية ومعالجة المياه والري والصرف إلى جانب أعمال الصيانة المستمرة للأنهاروالقنوات الجارية. كل هذه الاهتمامات ساهمت إلى حد كبير في اكتساب الخبرات العالية والمتخصصة في إيجاد أفضل الحلول لمشاكل إدارة وتنظيم المياه واتباع أحدث الأساليب التقنية لمعالجة وتنقية المياه والحرص على كل نقطة ثمينة منها، هذه الخبرات الواسعة أصبحت الآن تشكل نخبة من أمهر العلماء والخبراء والمهندسين والفنيين.
الدولة والناس
تعتبر هولندا مملكة دستورية ذات نظام برلماني، تتكون فيه الحكومة من الملكة بياتركس ورئيس الوزراء والوزراء، وتتشكل الحكومة في الوقت الراهن من تآلف بين الديموقراطيين والاشتراكيين والليبراليين، ويوجد مقر الحكومة في مدينة لاهاي بينما تعتبر أمستردام العاصمة الرسمية للبلاد.
وتتكون مملكة هولندا من ثلاثة أجزاء وهي: هولندا في غرب أوروبا، وجزر الأنتيل الهولندية، وجزيرة أروبا في منطقة البحر الكاريبي بأمريكا الوسطى، وتبلغ مساحة هولندا التي تقع في الجزء الأوروبي 526،41 كيلومترا مربعا، كما وصل تعداد سكانها في نهاية عام 2002 إلى 16 مليون نسمة، بزيادة سنوية قدرها100 ألف نسمة، ويبلغ معدل السكان في الكيلو متر المربع نحو 386 فردا كواحدة من الدول الأعلى كثافة سكانية في العالم، وهي إحدى الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي EU، اتحاد غرب أوروبا WEU، حلف شمال الأطلسي NATO، الأمم المتحدة UN ، صندوق النقد الدولي IMF، البنك الدولي IBRD.
وتتميز العلاقة الاجتماعية الاقتصادية الهولندية بطابعها الفريد والمتمثل بوجود نظام قائم على الحوار بين الحكومة وقطاع الشركات والنقابات، وقد أدى هذا التميز إلى رخاء الاقتصاد الهولندي وثبات مكانته الدولية ضمن أفضل اقتصاديات العالم، ويوجد نظام للتأمينات الصحية الرسمية إلى جانب التأمينات الأهلية للعناية الفائقة بالرعاية الصحية، كما يوجد نظام التأمينات الاجتماعية الذي ينص على مشاركة جميع أفراد الشعب للحصول على أكبر قدر من اهتمام الدولة بما في ذلك الحصول على العناية والمساعدة المالية في حالات المرض والبطالة والشيخوخة، والتعليم في هولندا يشهد تنوعا كبيرا من حيث نوعية التعليم والعقائد المتبعة، ويخضع الأطفال للتعليم الإلزامي المجاني من عمر خمس سنوات حتى عمر 16 سنة، كما أن التعليم المهني والعالي تتيحه مجموعة كبيرة من المعاهد والجامعات المعروفة.
اقتصاد مزدهر
يعد الاقتصاد الهولندي من أقوى 15 اقتصادا في العالم ويحتل المرتبةالسادسة داخل الاتحاد الأوروبي، إذ يبلغ حجم الناتج القومي السنوي 400 مليار دولار، ويتكون من قطاعات الخدمات (59% )، الصناعة (22%)، الحكومة ( 12 % )، الزراعة ( 4% ) ، التعدين (3 % )، ويعتبر هذا الاقتصاد المزدهر من أكثر المراكز التجارية والصناعية حركة في أوروبا تشمل نحو 450 ألف شركة هولندية ومايزيد عن 700 شركة أجنبية، ويعتمد الاقتصاد على العلاقات الدولية ويجري تصدير مايزيد عن نصف الناتج القومي الهولندي إلى الخارج، وتأتي ألمانيا وبلجيكا والمملكة المتحدة وفرنسا في مقدمه الدول اقتصاد مزدهر
يعد الاقتصاد الهولندي من أقوى 15 اقتصادا في العالم ويحتل المرتبةالسادسة داخل الاتحاد الأوروبي، إذ يبلغ حجم الناتج القومي السنوي 400 مليار دولار، ويتكون من قطاعات الخدمات (59% )، الصناعة (22%)، الحكومة ( 12 % )، الزراعة ( 4% ) ، التعدين (3 % )، ويعتبر هذا الاقتصاد المزدهر من أكثر المراكز التجارية والصناعية حركة في أوروبا تشمل نحو 450 ألف شركة هولندية ومايزيد عن 700 شركة أجنبية، ويعتمد الاقتصاد على العلاقات الدولية ويجري تصدير مايزيد عن نصف الناتج القومي الهولندي إلى الخارج، وتأتي ألمانيا وبلجيكا والمملكة المتحدة وفرنسا في مقدمه الدول التي يجري التعامل معها تجاريا.
ومن جهة أخرى تمتلك هولندا حقولا ضخمة من الغاز الطبيعي في شمال البلاد تقوم باستغلالها جيدا حتى أصبحت أكبر منتج للغاز الطبيعي في غرب أوروبا، إلاأن الصناعة تظل القوة الدافعة للاقتصاد، والقطاعين الهامين فيها هما الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية، ويلاحظ أن النقل هو الدعامة التي يرتكز عليها قطاع الخدمات، فمن اجمالي حجم النقل البحري الأوروبي، البالغ 300 مليون طن من البضائع سنويا، تذهب منها نسبة 30% عبر روتردام أكبر ميناء في العالم، ويعد مطار شيبول أمستردام أحد أكبر الموانئ الجوية لنقل البضائع في أوروبا حيث تبلغ طاقته الاجمالية 975 ألف طن سنويا، لذا اشتهرت هولندا بكونها «بوابة أوروبا» الحقيقية.
وتخصصت في انتاج المواد الغذائية الأساسية والكمالية ذات الجودة العالية، ويتم طرح تشكيلة واسعة من المنتجات الزراعية في الأسواق من ضمنها المنتجات الحيوية، وبالرغم من صغر مساحة الرقعة الزراعية بالمقارنة مع المستوى العالمي إلا أن هولندا تحتل المرتبة الثالثة عالميا فيما يتعلق بتصدير المنتجات الزراعية وخاصة منتجات الألبان ومحاصيل الزينة وأبرزها الورود والأزهار المتميزة.
تحتضن هولندا معالم غنية وفريدة من نوعها وهي محط أنظار الملايين من السياح الذين يزورونها سنويا، وأهم مايشد اهتمام هؤلاء الزوار روعة الأماكن التاريخية والأنهار الجارية والقنوات الساحرة والطواحين الهوائية القديمة التي لايزال نحو ألف طاحونة منها منتشرة في كل مكان، ولا يمكن إغفال جمال حقول الزهور الشهيرة الممتدة من شمال البلاد إلى جنوبها والزاخرة بأزهار النرجس والزنابق وخاصة أزهارالتيوليب البديعة المتعددة الألوان والتي تمثل أحد الشعارات المحببة للهولنديين.
رياضة العشاق
وتمثل الرياضة احد أبرز اهتمامات الشعب الهولندي حيث ان هناك شخصا من بين كل ثلاثة هولنديين يشترك رسميا في أحد النوادي الرياضية، وأن معظم الهولنديين يجيدون السباحة والتزلج على الجليد.. وفي حين تحتل لعبة الملايين صدارة الاهتمامات الرياضية لشهرتها الباهرة في ابتكار مدرسة الكرة الشاملة، إلى جانب التفوق اللافت في ألعاب أخرى كالهوكي والكرة الطائرة وسباقات الفروسية، فإن الهواية الأهم على الإطلاق هي ممارسة قيادة الدراجات الهوائية بمتعة بالغة يحرص عليها الجميع من مختلف الأعمار، وتؤكد الإحصائيات المدهشة أن كل فرد في هولندا يمتلك دراجة هوائية، وأن عدد الدراجات في هولندا يفوق أكثر من ضعف عدد السيارات، وتتمتع البلاد بوجود شبكة نادرة من الطرقات المخصصة للدراجات تشمل نحو 16 ألف كيلو متر دفعة واحدة، وتضيف البيانات الرسمية أن هناك أكثر من مائة محطة من محطات القطارات تتيح فرصة استئجارالدراجات للمواطنين والمقيمين على السواء للتنقل في كل مكان بسهولة تامة.
ويصل عشق الهولنديين بالدراجات الهوائية إلى القمة عندما نجحوا ببراعة مؤخرا في دخول موسوعة«غينيس» للأرقام القياسية بعد قيام الطالبين في قسم الهندسة الميكانيكية بجامعة أمستردام « تابي ماير، يان بارت برينك» بصناعة أطول دراجة في العالم يبلغ طولها 28 مترا وتزن أربعة أطنان من مادة الألمينيوم (الرقم السابق 9،25 مترا سجل باسم أربعة إيطاليين عام 1998 ) .. كما يعتز البعض الآخر باستخدام الدراجات الهوائية في المناسبات خاصة في ختام احتفالات الزفاف، فيقوم «العريس» أمام مرأى من الأهل والمحبين وكل الناس بمساعدة «عروسته» الحسناء وهي تأخذ مكانها بملابسها البيضاء الفضفاضة في المقعد الخلفي للدراجة التي سرعان ما ينطلق بها رجلها الهمام في الطريق إلى عش الزوجية بسلام !
الأنامل الساحرة !
تنبض هولندا بحركة واسعة من الثقافات المختلفة والفنون المتعددة تتضمن مجالات رحبة ومزدهرة من الأدب والمسرح والفنون بأنواعها الثلاثة الجميلة والتشكيلية والمعمارية، وهي تمثل في مجملها انعكاسا عصريا وانفتاحا راقيا يلتقي من خلالها تراث الماضي العريق مع أنماط التقاليد الحديثة.. ففي مجال الأدب الهولندي وعلى مر القرون ظهر الكثير من الأدباء والكتاب البارزين تتقدمهم مجموعة من أكبر الكتاب العالميين في القرن العشرين أمثال هيرمانس، هاري موليش، خيريت رييف.
المدن الهولندية تتضمن 1200 مكتبة حكومية عامة، وتمتلئ شوارعها بنحو 55 ألف نصب تذكاري حكومي، وتتميز مجالات الفنون الهولندية بسمعة منقطعة النظير تتخللها عروض فنية رائعة وتظاهرات تقليدية وتجريبية، ولعل أبرز هذه الفنون وأكثرها شهرة عالميا هي الفنون الجميلة الهولندية والتي يمكن الاستمتاع برؤية مقتنياتها النادرة عبر أكثر من 1100 متحف متنوع، أهمها على الإطلاق ماتحتضنه العاصمة أمستردام وهما : المتحف القومي Rijksmuseum ومتحف فان غوخ The Van Gogh Museum، وتضم القائمة الذهبية للفنانين الهولنديين نخبة مرموقة لا مثيل لها من الرسامين أمثال رامبرانت فان ريجن، يوهانس فيرمير، فينسنت فان جوخ.

..... الرجوع .....

قضية العدد
تحت الضوء
تكنولوجيا الحرب
فن الادراة
تحت المجهر
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
نادي العلوم
الصحة والتأمين
الملف السياسي
فضائيات
الفتاوى
السوق المفتوح
العمر الثالث
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved