الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 15th July,2003 العدد : 42

الثلاثاء 15 ,جمادى الاولى 1424

المزاج الأمريكي..!
لا أحد يعرف كيف يصطاد المزاج الأمريكي..
ليستثمره عند الحاجة..
ويستقوي به على غيره من الظَّلَمة والقَتَلة وآكلي حقوق الآخرين..
كلُّ حاول ثم حاول وحاول..
ولكن التَّعب والإجهاد ثم اليأس أدركه قبل أن ينعم بهذا المزاج الغريب..
كلُّ الدول فيما عدا دولة واحدة لا تزال تدور في حلقة مفرغة بأمل الحصول على رضا أمريكا ولكن دونما فائدة..
***
لا أحدَ يعرف أين هو الطريق المؤدِّي إلى نقطة التلاقي مع المزاج الأمريكي..!!
فإسرائيل هي الاستثناء..
وأمرها مُطاع..
ورغبتها مُستجابة..
وما تراه هو عينُ الصّواب..
وما يراه غيرُها هو الخطأ بعينه..
وكلُّ ما يعارض مصالحها فينبغي أن يُؤدَّب الفاعل..
وُيعاقَبُ المتسبِّب..
حتى ولو كان معه الحق..
حتى ولو كان هو المعتَدى عليه..
فإسرائيل أولاً..
والعالم مجتمعاً بعد ذلك..
يرضى من يرضى ويغضبُ مَنْ يغضبُ..!!
***
لماذا هذا الخلل في العلاقات الدولية..؟!
وكيف يغيب العدلُ من قبضة أقوى دول العالم..؟
ومتى تكفُّ أمريكا عن دعم إسرائيل..؟
متى تبدأ رحلتَها لمناصرة من يتعرَّض لظلم إسرائيل..؟!
ليزول كره الشعوب لها..
ولينتهي هذا الاحتقان بالألم من تصرفاتها..
***
هل نقول: إن المزاج الأمريكي سرُّ لا يعرف كنهه سوى إسرائيل..
ولم يذق حلاوته سواها..
وهي لا غيرها مَنْ يستمتع بتصرفاته ومواقفه..
من استفاد ويستفيد من عدم واقعيته في النظرة إلى الأمور..!!
فمتى تفيق دولة القانون والمؤسسات والحرية وحقوق الإنسان كما تدَّعي من غفلتها..
***
العالم يحاول أن يتغيَّر نحو الأفضل..
وأمريكا هي الأقدر لتحقيق ذلك..
كما أنَّها الأكثر تمكُّناً لإعاقة هذا المشروع..
ولها أن تختار بين أن ترضى عنها إسرائيل وحدها..
أو أن تكون موضع الرضا من الأمم كلها..
خالد المالك
بعد زيارة فاجباي "النيكسونية" لبكين
صفة جديدة في العلاقات الهندية الصينية
هل الزيارة تأتي مقدمة لمحور صيني هندي روسي؟!
مات نهرو والمرارة تملأ جوانحه من الصين

إعداد محمد داود
احتفظت كل من الهند والصين، اللتين تضمان داخل حدودهما ثلثي تعداد البشرية بأطول ضغينة منذ اشتباكهما في حرب في عام 1962 حول منطقة صغيرة في جبال الهملايا، وقد أدت تلك الحرب قصيرة الأمد إلى تلاشي آمال رئيس الوزراء الهندي آنذاك جواهر لال نهرو في اقامة إخاء هنديصيني أطلق عليه "باي باي".
الزيارة الناجحة لبكين لرئيس الوزراء اتال بيهاري فاجباي، وهو قومي من الجناح اليميني، تمثل زيارة اختراق نيكسونية (نسبة إلى الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون) لخصم قديم، الخصومة بين البلدين جرى استبدالها بمصافحة قوية للأيادي عبر جبال الهملايا يمكن أن تعيد صياغة كل من السياسة الدولية والاقتصاد العالمي.
يقول روبرت ماركواند في تقرير نشر بصحيفة "كريستيان ساينس مونيتور"ان من بين أمور أخرى، اتفقت الهند والصين على فتح الحدود في إقليم سيكيم الهندي، حيث خاضتا الحرب، وتركيز علاقاتهما على التجارة، مع قيام هذين العملاقين الآسيويين بفتح ذراعيهما لاقتصاديات السوق، يستطيع كليهما أن يتعلم من النجاحات التجارية التي حققها الآخر.
سباق التنمية
ويتابع ماراكواند قائلا: رغم ديمقراطيتها المهتزة، فقد ظلت الهند متخلفة كثيرا في سباقها المفتوح مع الصين للتنمية الاقتصادية حيث يبلغ متوسط الدخل أكثر من الضعف في الصين، و تحتاج الهند بشدة للانضمام إلى السوق الآسيوية، التي تقودها الصين واليابان.
في الوقت نفسه، أدركت الصين أنها لا تستطيع أن تبقى على فتور مع جارتها الجنوبية بعدما فجرت الهند قنبلة نووية في عام 1998، في الواقع، قال وزير الدفاع الهندي إن القنبلة جرى تطويرها للوقاية من الصين أكثر من باكستان، و يبحث قادة الصين الشيوعيين عن الاستقرار على كافة حدود الصين وذلك للإبقاء على الاقتصاد نشطا والحزب في السلطة.
بنفس القدر، تحاول الهند مرة أخرى من أجل السلام مع باكستان حول قضية كشمير، مدركة أنها لن تحصل على الاستثمار الأجنبي الذي تحتاج إليه طالما كانت هناك إمكانية لحرب نووية في جنوب آسيا.
اقليم التبت
ويؤكد ماراكوند إن أحد جوانب حل المشكلة في تقارب الهند الصين هو استعداد الهند للاعتراف بسيطرة الصين على اقليم التبت بقيادة الدلاي لاما الذي يحتاج لحماية الهند إذا ما كان لأهل التبت أن يحصلوا على حريتهم من قبضة بكين القوية على وطنهم، مع ذلك، يستطيع العالم أن يجد الكثير من النقاط الايجابية نتيجة للدفء الذي تسلل إلى حرب الهملايا الباردة الطويلة، فالتقاء هذين العملاقين العالميين يتعين عليه أن يعين في استقرار المنطقة والدفع أكثر بالمسيرة نحو الديموقراطية في العديد من الدول الآسيوية.
بالسعي لتهدئة نزاعات الحدود القديمة وتعزيز التجارة، اتخذت الهند والصين خطوات ثنائية معتدلة يمكن لها أن تساعد أكبر الدول الآسيوية على وضع 40 عاما من الصقيع وراء ظهرهما.
وزيارة رئيس الوزراء الهندي اتال بيهاري فاجباي للصين تشير على الأقل والحديث لروبرت ماراكوند لنوايا كلا البلدين على البحث عن علاقة جديدة وبدايات لتفاهم آسيوي يمتد عبر جبال الهملايا، إنها الخطوة الأولى التي يتخذها الجانبان كي يصبحا جيران حقيقيين، كما يقول بعض المحللين، رغم أنها قد تكون الخطوةالأولى في رحلة طولها 1000 ميل، فقد قبلت الهند رسميا تعريف الصين ل"التبت" وتعهدت بتقييد أبناء التبت ذوي العقلية القتالية الذين يعيشون في الهند.
والصين بافتتاحها طريقا تجاريا إلى سيكيم على حدودها الجنوبية، وافقت رسميا على أن سيادة الهند تمتد إلى ذلك الإقليم الجبلي، إلى الآن يبدو أن اتفاقا أشيع عنه بالسماح بزيارة للدلاي لاما إلى لهاسا، التبت، أعدته نيودلهي، لم يتحقق رغم أن المصادر تقول إن الموضوع ربما يكون قد أثير بشكل غير رسمي.
تحالفات مرنة
في عصر ما بعد 11 سبتمبر، الذي تتجه فيه الولايات المتحدة نحو تحالفات مصالح شديدة المرونة، ربما تكون الهند والصين تقتفيان نفس النهج عن طريق البحث عن صلات أفضل مع واشنطن ومع بعضهما البعض، وكما قال الزعيم الصيني هو جينتاو في اجتماع مع رئيس الوزراء فاجباي، "سوف يوضح التاريخ أننا شركاء، ولسنا خصوماً".
أو على نحو ما يقول به دارس غربي في بكين: هناك ما يكفي من التعقل والنضوج في كل من الهند والصين للتفكير في علاقة تقوم على التقارب الآسيوي والتضامن الآسيوي، وهي أمور جرى التحدث عنها كثيرا، غير أنها لم تتحقق.
يبدو ذلك جيدا على الورق، زادت التجارة بين البلدين من بضع مئات الملايين من الدولارات في التسعينيات إلى 5 مليار دولار ، وفقا لأرقام وزارة الخارجية الصينية، الرحلات المباشرة بين دلهي وبكين ظلت مستمرة لأكثر من عام.
مع ذلك، يوجد هناك قدر كبير من المشاعر المعادية للصين في دلهي، حين جاءت الحكومة القومية الهندوسية الحالية للسلطة في عام 1998، فإن تبريرها العلني لاختبار سلاح نووي بعد أيام قليلة وهو تصرف أجبر باكستان على إجراء اختبار أيضا كان الإحساس بتهديد من الصين، لقد نظرت العقلية الأمنية في دلهي للصين كخطر إقليمي، وانزعج أهل الفكر فيها من النبذ الثقافي الصيني للهند.
نقطة مضيئة
كانت هناك فترة هدوء قصيرة في أواخر الخمسينيات عندما أعتقد رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو أن البلدين سيشبكان أيديهما، يعيدان صياغة آسيا، ويقيمان واحة لعالم نامٍ، حين زار الرئيس الصيني زهاو انلاي الهند في عام 1956، احتشد الهنود في الطرقات يهتفون الهندالصين "باي باي" أي الهند والصين صديقين.
لكن بعد أشهر لاحقة، غزت الصين مناطق حدودية على امتداد الحدود الهندية الشمالية. جرى إذلال الجيش الهندي، ويقول بعض المؤرخين إن إحساس نهرو بالخزي والعار كان شاملا، مات نهرو بعد وقت قصير من ذلك، ومضت العلاقة إلى برودة شديدة لسنوات مع بروز الصين كبطل لدى العدو باكستان وغدت ابنة نهرو أنديرا غاند بقوة في السياسة الهندية، وصديقة لموسكو.
هذا الشهر، تجنب المسئولون الصينيون بحذر وهم يتحدثون إلى الصحفيين محاولة الإشارة إلى المسئولية عن أزمة 1962 الحدودية وعزوها إلى مرحلة معتمة من "التاريخ" و"الاستعمار"، يصف المسئولون الهنود الآن ما حدث في 1962 بأنه كان "مناوشة".
لكن أخذا في الحسبان لعقود من العداء، هل تمثل تعبيرات التعاون التي صدرت خلال زيارة فاجباي للصين أكثر من كونها إنجازات دبلوماسية؟
ربما، فكلا البلدين أكثر ثقة، أكثر تكاملا في الاقتصاد العالمي، ومتحرران من قيود الحرب الباردة، كما يلحظ الخبراء، كلا البلدين قوة نووية، وتدفع الهند باتجاه أن تصبح عضوة دائمة في مجلس الأمن الدولي.
في الهند أبناء الحزب وأصحاب الأعمال التجارية في الصين يزاملون بعضهم بعضا في الدراسة بالجامعات الأمريكية، يمتلكون أجهزة الكمبيوتر المحمول، وربما شاهدوا فيلم المصفوفة (Matrix) في عرضه الجديد.
من المبكر جدا القول ما إن كانت زيارة فاجباي إرهاصا لتوازن معاكس صيني روسيهندي مقابل الولايات المتحدة، كما يقول بعض المراقبين، أو مجرد بناء روابط مفيدة تدعم المصالح الثنائية، إن فكرة "مثلث استراتيجي" كانت حلما لوقت طويل لرجال دولة هنود من امثال آي، كيه، قوجورال، الذي نظر إليه باعتباره موازنة قوةمع الناتو (حلف شمال الأطلسي)، غير أن الجهود لبناء مثل هذه الروابط خلال حملة كوسوفو، على وجه الخصوص، كان مصيرها الفشل.
تبقى مسألة رئيسية هي وضع الدلاي لاما، تقول بعض المصادر أن الجانبين ينتظران تهميشا أكبر للقائد التبتي المنفي، الذي يعيش في شمال الهند،آخرون يقولون بأن الهند لم تكن لتقبل بسيادة الصين على التبت بدون تفاهم ضمني على أن الدلاي لاما سوف يعود في وقت قريب ويتفاوض حول السبل لحماية الميراث الثقافي للتبت، إذا صدق هذا الأمر، فانه يفسر رد الفعل الإيجابي من الحكومة التبتية المنفية في شمال الهند.
الخوف الهندي
وتقول مجلة الايكونوميست البريطانية ان بعض المقارنات قاسية بما يكفي لإثارة عقدة نقص وطنية، ففي عام 1980، كان تعداد السكان في الهند نحو 687 مليون نسمة، ما يقل بـ 300 مليون نسمة عن الصين حينئذ، كانت المقارنة في مستويات المعيشة، كما تقاس بنصيب الفرد من إنتاج الطاقة، متماثلة إلى حد كبير، ثم، بعد تبني الصين لنظام السوق الحر في بعض مناطقها، اتسعت الهوة وغدت الهندفي المؤخرة، وفي السنوات الـ 21 التالية، تفوقت الهند على جارتها في كل شيء باستثناء نمو تعداد السكان.
بحلول عام 2001، كان لدى الهند 1033 مليون نسمة (مليار و33 مليون) مقابل1272 مليار للصين، لكن الدخل القومي للصين مقابل كل فرد، وفقا للبنك الدولي، بلغ 890 دولار، ما يعني ضعف دخل الفرد في الهند تقريبا، 450 دولار، في ما يتعلق بمعدل القوة الشرائية، كان الصينيون ما يزالون أكثر غنى من الهنود بنسبة 70 في المائة، الآن، يعيش نحو 5 في المائة من الصينيين تحت خط الفقر، مقارنة بـ 29 في المائة من الهنود.
غالبا ما يتساءل الكثير من الهنود الآن حول لماذا يبدو الغرب مهووسا بالنجاح الاقتصادي الصيني، غير أن الهوس هندي أيضا، المقارنة مع الصين أصبحت بمثابة مرآة مشوهة ينظر فيها الهنود اخفاقاتهم وينطبق نفس الأمر مع إحساس الهند بالدونية الجيوسياسية، لقد جعلت صدفة تاريخية الصين أحد الأعضاء الدائمين المتمتعين بحق النقض في مجلس الأمن الدولي، غير أنذلك المقعد يبدو الآن كما لو أنه حق لها، بإحساسها أنه يتعين لها أن تحوز هي الأخرى مقعدا دائما، فالهند واحدة من بين دول كبرى تزعم ذلك الحق وترثي ضعفها الجيوسياسي المقارن.
التهديد الصيني
بالنسبة للهنود، فإن "التهديد" الصيني يأتي في ثلاثة أشكال على الأقل: أن يقود التنافس الجيوسياسي مع الصين ورعبه إلى حرب أخرى بين البلدين ذات يوم، الكابوس الثاني للهند هو كابوس اقتصادي عندما ينفق العمال الزراعيون الفقراء مداخيلهم الضعيفة على سلع صينية مستوردة، والكابوس الثالث هو الشك الأيديولوجي من أن تجربة الهند البطولية مع الديموقراطية ربما استدعت وانتزعت ثمنا أكبر مما اضطرت له الديكتاتورية الصينية.
ليس هذا هو ما كان يرغب فيه وخطط له جواهر لال نهرو، علاقات الهند بالصين ما تزال تنضح بالمرارة التي قضت على حلم أول رئيس وزراء هندي بعلاقة هندية صينية ودودة، والأخوة الهنديةالصينية جرى إغلاقها وختمها في معاهدة عام 1954، عاد التوتر إلى السطح بين الأشقاء، وازداد حدة عندما منحت الهند ملاذا في عام 1959 للدلاي لاما و 100000 من أتباعه حين فروا من القمع الصيني بعد انتفاضة التبت، انتهت الأزمة، بخيانة مذلة للسيد نهرو والهند، في حرب عام1962، والصراع، الذي تجاوز كونه أزمة إقليمية، انتهى بانتصار صيني شامل.
نسيان الماضي
استغرقت عودة العلاقات إلى ما يشبه الطبيعية لربع قرن من الزمان، في عام 1988 وافق رئيسا الوزراء، راجيف غاندي ولي بينغ، على تنحية النزاع الحدودي بينهما جانبا، منذ ذلك الوقت انعقد 14 اجتماعاً لمجموعة عمل مشتركة جرى إنشاؤها لمعالجة الأمر، في العام الماضي قام زو رونجي، وكان رئيس الوزراء الصيني آنذاك، بزيارة الهند، وقام نظيره الهندي، اتال بيهاري فاجباي، برد الزيارة قبل اسبوعين وهي أول مرة يزور فيها رئيس وزراء هندي الصين منذ عام 1993.
يتفق البلدان في العديد من القضايا الدولية من نحو الحرب في العراق، في اليوم الأول من زيارة فاجباي، وقع المسئولون الهنود والصينيون على مجموعة من الاتفاقات، منها اتفاق بتسهيل إجراءات تأشيرات الدخول ووعد صيني بـ 500مليون دولار للبنى التحتية في الهند، قال السيد فاجباي: يتعين علينا أن نركز على الحقيقة البسيطة التي مفادها أنه ليس هناك سبب موضوعي للخلاف بيننا، وأن أيا منا لا يمثل تهديدا للآخر.
في بعض الأحيان، يسقط قناع الاحترام المتبادل، حين فجرت الهند قنبلة نووية في عام 1998، لم يخف وزير دفاعها جورج فيرنانديز أن الترسانة النووية مطلوبة ليس بسبب الطموحات النووية الباكستانية وحسب، بل أكثر من ذلك للتهديد الذي طال عهده من الصين، الحقيقة المؤكدة هي أن برنامج الهند النووي، الذي بدأ في أواسط الستينيات، كان رد فعل لهزيمتها في حرب عام 1962 ولامتلاك الصين القنبلة النووية بعد ذلك بعامين.
فاجباي يأمل في أن تكون الصين عنصر تأثير على جنرالات باكستان، يصبغ اعتقاد واسع التحليل الهندي للسياسات الاقتصادية الصينية وكذا دبلوماسيتها: أن لدى الصين خطة كبيرة وبارعة، صمدت أمام كل مشكلاتها السياسية، كان رد فعل كثيرمن رجال الأعمال وصانعي السياسة الصينيين تجاه تفوق الأداء الاقتصادي الصيني هو الإنكار أول الأمر، ثم الغضب بعد ذلك: الصين معروفة "بطبخ" إحصائياتها، وبصفة خاصة تلك المتعلقة بإجمالي الدخل القومي وبيانات الاستثمار الهند، التي عانت من المقارنة، كانت ضحية الخداع الإحصائي الجيوسياسي، من الصواب القول بأن الأرقام الصينية محل شك كبير، وفقا للأرقام الرسمية، حصلت الصين 7 ،52 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر في العام الماضي، بينما حصلت الهند فقط على 4 في المائة من ذلك المبلغ، أي 3 ،2 مليار دولار، لكن سادهانا سرايفاستافا، في مقال بالأسبوعية الاقتصادية والسياسية الهندية، أعاد تقييم أرقام كل من الهند والصين للعام 2000 لإجراء مقارنة أكثر عدالة. وجد سادهانا أن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين قد تراجع إلى النصف، في الوقت الذي تضاعف فيه ثلاث مرات تقريبا الرقم الهندي.
مع ذلك، حتى على هذا الأساس، كانت الهند ما تزال تستقطب 40 في المائة فقط من حجم الاستثمار الأجنبي الذي اتجه للصين، إن كثيرا من الفجوة يعود إلى صينيي الخارج (ما وراء البحار) في تايوان، هونغ كونغ، جنوب شرق آسيا وأمريكا، لقد در هؤلاء بأموال لبلدهم أكثر بكثير مما يملكه الهنود غير المقيمين، على الرغم من النجاح الذي حققه الهنود اقتصاديا في بلدان عديدة.
تحسين الأوضاع
حتى مع إنحاء المراوغة الإحصائية جانبا، فإنه لا يمكن المجادلة حول السرعة النسبية للنمو الذي تغذيه مثل هذه الاستثمارات، ربما يكون النمو الصيني مشوشا، محليا ومبالغا فيه، لكن كل الدلائل تشير إلى أنه أسرع منه في الهند، يصدق هذا بصفة خاصة في النمو الصناعي، وقبل كل شيء في التصنيع، والذي حقق في عام 2002 خمسة عشر في المائة فقط من الدخل القومي الإجمالي في الهند، مقارنة مع 30 في المائة في الصين، يصاب رجال الأعمال الهنود بالإرتباك من قدرة الصين على التفوق عليهم، وهم يلقون باللائمة عادة على دعم خفي في شكل مواد خام مدعومة وقروض ميسرة، فسر تقرير حديث الأسعار الصينية المتدنية باعتبارهإلى حد كبير نتيجة التكدس المرهق والممل للأضرار الصغيرة للتكلفة في الصناعة الهندية، يتمثل أكبر هذه الأضرار في ضرائب المبيعات والممارسة التي تتبعها كلفة رأس المال، ويعتبر هذا مسئولا عن نحو نصف الفجوة القائمة بين البلدين في مجال الصناعة، يبلغ أكبر رسوم استيراد مفروضة في الهند نحو 24 في المائةمقارنة بـ 13 في المائة في الصين مما يتسبب أيضا في دفع كلفة المدخلات لأعلى.
يمكن لتعديلات في السياسة أن تعين الهند كثيرا في تقليص الفجوة واللحاق: خفض رسوم الاستيراد، تبسيط وخفض الضرائب غير المباشرة، تقصير قائمة الصناعات "الموقوفة" على الشركات الصغيرة، تيسير قوانين العمل حتى يسهل التوظيف وإنهاء الخدمة واستخدام عمال التعاقد، في الواقع فإن بعض هذه الإصلاحات جرى ويجري العمل فيها بالفعل، ببطء، أو هي تحت الدراسة على الأقل.
لكن كل هذه الإصلاحات تقريبا صعبة سياسيا، تشمئز الحكومة من استعداء العديد من جماعات المصالح التي عارضت الإصلاحات بشكل أو آخر، يعتقد كثير من الهنود أن القسط الأكبر من اللوم في دونية الأداء الاقتصادي لبلدهم يعود إلى النظام السياسي، الصين، كما تقول الحجة، ديكتاتورية تستطيع الحكومة أو المؤسسات التجارية فيها أن تفعل ما تشاء تغيير القوانين، إقامة البنى التحتية، تأمين الأذون والرخص، العبث بالتقارير المالية، كل ذلك بدون مواجهة أية معارضة، في الهند، من ناحية ثانية، فإن كل خطوة لا تستدعي فقط التعامل مع قلة الكفاءة، الفساد والبيروقراطية المتفشية، لكن النظام الديموقراطي نفسه يفرض تكاليف وتأخيرات إضافية، مقابل كل إصلاح هام ومفيد، هناك جماعة ضغط قوية تقوم في مواجهته.
تتضمن مثل هذه المقارنات السياسية، مع ذلك، على الكثير من المغالطة، أولا، وكما يعرف أولئك الذين تعاملوا تجاريا مع الصين، فاتخاذ القرار هناك مسألة أكثر ميلا للربحية من قبل المسئولين من ما يبدو عليه الأمر بالنسبة لبعض الهنود الغيورين. ثانيا، إن ما يعوق اقتصاد الهند ونشاطها التجاري ليس له علاقة كبيرة بالديموقراطية من نحو: الفساد، سوء الإدارة المالية، قلة الطموح الدولي وتاريخ من الحماية المفرطة في الداخل، متى ما تغلبت الهند على هذه العقبات، وكانت لديها فرص تنافسية أكثر وضوحا، كما في برامج الكمبيوتر وخدمات تقنية المعلومات الأخرى فيمكن لها عندئذ أن تحقق نجاحا هائلا.

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
الجريمة والعقاب
تكنولوجيا الحرب
فن الادراة
حول العالم
الفن السابع
عالم الاسرة
رياضة عالمية
عواصم ودول
نادي العلوم
الصحة والتغذية
أنت وطفلك
الملف السياسي
فضائيات
السوق المفتوح
برلمانيات
المقهى
أقتصاد
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved