الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 17th June,2003 العدد : 38

الثلاثاء 17 ,ربيع الثاني 1424

لماذا..؟!
عندما يحاول أي منا أن يحصل على تأشيرة سائح تعطيه الحق في الدخول الى الولايات المتحدة الأمريكية فان الانتظار سوف يطول به قبل أن يستجاب لطلبه، إن كان صاحب حظ سعيد في الحصول عليها..
بعضنا يتقدم للسفارة لأخذ موافقتها على دخول الأراضي الأمريكية للدراسة أو للعلاج، فيواجه من المسؤولين بشيء من التردد بعد لقاءات وفتح محضر تحقيق معه وربما انتهى الأمر بعدم الموافقة على طلبه..
وفي بقية دول الغرب هناك تغير واضح في معاملة سفاراتها مع كل من يحمل الهوية السعودية، فقد أصبح يقابل عند حاجته إلى تأشيرة دخول لأراضيها مهما كانت مبرراتها بشيء من الخوف والريبة والشك.
***
وعلى المستوى المحلي..
هناك نقاط تفتيش مرورية في كل مكان بما لم نعتده من قبل للتأكد من هوية كل منا ومن أنه لا يشكل خطراً أمنياً على بلاده..
وهناك تطويق أمني لبعض الأحياء ومراقبة أمنية متواصلة لأحياء أخرى للحيلولة دون إساءة الإرهابيين لأمن المواطن وللأمن في الوطن..
وهو ما عطل حركة السير وعرقل انسياب مرور المركبات على امتداد الطرق بين المدن وداخلها.
***
أسألكم بعد كل ذلك، مَنْ الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم..؟
مَنْ المسؤول عن ذلك..؟
ولماذا وضعنا أنفسنا في هذا الموقع الذي ما كان ينبغي أن نصل إليه..
وأين هي المصلحة التي تحققت لنا في كل ما حدث من تفجيرات محلياً ودولياً..؟
وهل قمنا بمقارنة ولو سريعة بين ما كنا عليه وما أصبحنا نئن اليوم منه..؟
***
كانت كما تذكرون أبواب السفارات الأجنبية مفتوحة للسعوديين وتقدم الخدمة لنا بشيء من التميز..
وكانت جامعاتها ومصحاتها في خدمة الراغبين والمحتاجين منا..
وكنا نجد عند وصولنا إلى مطاراتهم مرونة لا تُعطى لغيرنا لإنجاز إجراءات الدخول المعتادة..
كنا نشعر كسعوديين بمعاملة خاصة متميزة نباهي بها ويغبطنا الآخرون عليها..
فما الذي تبدل وتغير وأوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من حال لا تسر..؟
***
أحداث الحادي عشر من سبتمبر..
وما سبقها وما جاء بعدها..
وتلك الأسماء السعودية التي ورد ذكرها ضمن مَنْ قام بهذه الأعمال الإرهابية..
هي بالتأكيد ما قادتنا إلى هذا الوضع المقيت..
وليس عندي شك في ان التمادي بممارسة هذا الأسلوب من الأعمال الإرهابية قد يقودنا الى ما هو أسوأ...
فهل نفكر..؟
وهل حان الوقت للتفكير..؟
أم أننا لا نزال في غيّنا..؟!
خالد المالك
العراق ينفض غبار الحرب
طلبت من الجندي الأمريكي التزام الهدوء فصوب بندقيته تجاهي!!
هل كانت عملية نزع أسلحة العراق محاولة لتطويق الفرنسيين؟!

* بغداد بوريس جونسون
لا تزال الأوضاع في العراق، وعلى رغم مرور اكثر من شهرين على سقوط النظام، غير مستقرة. فالفوضى تضرب بأطنابها، والجنود الأمريكيون لم يتمكنوا من السيطرة على الأوضاع أمنيا ويتعاملون بتوتر شديد مع المواطنين العراقيين خوفا من هجمات يقوم بها أعضاء فدائيي صدام أو آخرين عليهم. الصحافي البريطاني بوريسجونسون يسجل في هذا التقرير الذي نشرته مجلة "سبيتكتاتور" نبضات الشارع العراقي وشعور العراقيين في الوقت الحالي بعد ان انزاح الكابوس الصدامي عن صدورهم. كما يتطرق الكاتب الى رؤيتهم المستقبلية لعراق يحكم بطريقة تعددية ويسود فيه القانون بدلا من المزاج الشخصي الذي قاد هذا البلد الى كوارث عديدة التهمت الاخضر واليابس فيه:
لقد ساورني احساس بأن شيئا ما غيرعادي سوف يحدث في الوقت الذي اقتربنا فيه من محطة البترول فقد كانت هناك دبابة أمريكية تقف وسط حشد كبير من العراقيين وعلى غير العادة كان الجنود يتجولون حول الدبابة ولكن مدافعها كانت جاهزة للعمل. ماهي إلا لحظات حتى سمعت صياحا ورأيت الجنود الأمريكيين يستخدمون بنادقهم الصغيرة مثل العصي لدفع العراقيين وهنا ظهر رقيب بالقرب مني وبدأ في المناداة على شخص عراقي وهو يلوح ببندقيته قائلا: "أنت، لقد قلت لك ابتعد عن هنا" ويبدو ان هذا الرجل يعمل فني اصلاح تليفونات حيث كان يمسك بيده كماشة وجهاز تليفون ويقف أمام صندوق مفتوح خاص بالتليفونات وعلى أذنيه بعض الاسلاك محاولا اصلاح بعض الدمار الذي جعل بغداد تعيش بدون اتصالات هاتفية وكهرباء على مدى أربعة اسابيع وفي بعض الأماكن لم تكن هناك مياه صالحة للشرب أو صرف صحي.
البنادق المصوبة
كرر الرقيب الأمريكي أمره مرة تلو المرة إلا ان العراقي لم يتحرك من مكانه في الوقت الذي حاول فيه أشخاص آخرون بحماس وبشكل مبهم شرح ما يقوم به العامل العراقي غير ان صبر الرقيب الأمريكي يبدو انه نفد فصاح رافعا البندقية الى كتفه وصوبها باتجاه رأس العراقي من مسافة قريبة لاتزيد على قدمين قائلا "أيها الرجال اذا لم تتحركوا فاني سوف أطلق النار عليكم" وعند هذا الحد بدا كما لوان هناك كارثة سوف تقع لامحالة وخشيت ان أتدخل في الأمر ولكني طلبت من الأمريكي ان "يهدأ" عندئذ تحرك نحوي ثلاثة جنود أمريكيين بينما تم تصويب بندقيتين أمريكيتين باتجاهي.
مواجهة اللصوص
تشهد بغداد حاليا اطلاق نار طوال الوقت في كل ليلة وفي كل ركن بالشوارع محدثة موجات صوتيه كما لو ان شخصا يمزق قطعة من الورق على بعد اقدام قليلة وخلال ساعة ونصف الساعة مررت خلسة بطفل يبلغ من العمر عشرة أعوام يحمل على كتفه بندقية كلاشنكوف عيار 47 يمضغ قطعة من الدهون مع والده داخل المتجر وقبل خمس دقائق فقط كنت قد جفلت عندما أشهرصاحب متجر آخر بندقيته الأوتوماتيكية في وجهي لاظهار كيفية تعامله مع اللصوص. ان الأيام الثلاثة التي قضيتها في بغداد كانت من أندر الأوقات فهذه هي المرة الأولى التي تمنيت لو انني أرتديت السترة الواقية من الرصاص التي أعارني إياها فيرجال كين من هيئة الاذاعة البريطانية.
خوف وضغوط
صرخ أمريكي يضع على خوذته شارة تدل على ان اسمه كوتشما قائلا: "أنت..من أنت؟ اذهب بعيدا .. هذا ليس مكان انتظار.. أعطني هذا.. وإلا فانني سوف أعتقلك "قال ذلك وهو يهتزغضبا عندما شاهد الكاميرا الخاصة بي إلا إنني رفضت ان أجيبه ومرت دقيقتان قبل ان يهدّىء كل منا الآخر وشرح لي كوتشما الضغوط الهائلة التي يتعرض لها رجاله الذين يحاولون حفظ النظام في مدينة لا توجد بها سلطة معترف بها في الوقت الذي توجد فيه بندقية تحت وسادة كل عراقي مع وجود عدد قليل من القوات اللازمة لحفظ الأمن واعتذرت له عن تدخلي في عمله وتصافحنا وتبادلت معه بعض عبارات التهاني بمرح إزاء الانجاز العظيم لرجاله وبقية القوات الأمريكية.
بريق الماغنسيوم
لقد كنت أعني ما أقصده من التهاني التي وجهتها اليه ولازلت أعنيها. لقد سأل كوتشما مثل أي شخص في بغداد عن الجحيم الذي القيت نفسي فيه هنا ..لقد ذهبت بنفسي لاشباع فضولي ولكن الهدف الأساسي من الرحلة هو تبرئة ضميري فقد كتبت وتحدثت وأدليت بصوتي لصالح شن الحرب وشعرت بارتياح شديد بعد النصر الذي تحقق لنا إلا انه بسبب بعض القصور في شخصيتي وجدت انه من الصعب القيام بعمل دون التفكير في عواقبه الخطيرة "ان حبي للقتال لن يحرقه بريق الماغنسيوم" كما يقول مارك شتاين.
حساب المنفعة
من المثير للمتاعب اننا كنا نعد للحرب ضد دولة ذات سيادة لم تلحق بنا حتى الآن أي أذى مباشر وكلما تجول بليكس وفريقه بحثا عن أسلحة الدمار الشامل زادت شكوكي إزاء الذريعة الكامنة وراء ذلك واذا نظرت الى عملية أسلحة الدمار الشامل على انها مجرد هراء ومحاولة فاشلة لتطويق الفرنسيين وآخرين فان هناك قولاً واحداً جيداً هو الاطاحة بصدام حسين من السلطة وان ذلك لن يكون في صالح السلام والامن الدوليين فقط بل سوف يكون في صالح الشعب العراقي لذلك فانه كان عملاً نفعياً بالطريقة الحسابية وكان ينبغي عليك ان تزن كوارث الحرب في مقابل كابوس الحياة في ظل حكم صدام حسين وان تضع معاناة المسنين العراقيين في مواجهة حالة الشكوك والتقلبات في دولة حرة. هذا هو الحساب ومن السهل تماما الاعتقاد بأن الممارسة ليست سوى كارثة انك لاتحتاج الى ان تكون مثل روبرتفيسك بل ما عليك إلا ان تغمض عيناً عن العراق وان تنظر حولك.
كوسوفا والعراق
في الوقت الذي كنا نقود فيه السيارة من الاردن الى بغداد شاهدت بعض المناظر المألوفة من كوسوفا مثل الطريقة التي تتعامل بها القنبلة الذكية مع جسر لمرور السيارات السريعة: حيث انبعجت اسياخ الصلب وتحولت الى مايشبه خيوط المكرونة في الوقت الذي تناثرت عليها قطع الأسمنت وعلى مسافة خمسين ميلا من المدينة في منطقة الرمادي أصبح من الواضح ان هذا الأمر يفوق كثيرا ما حدث في كوسوفا حيث لم يتم فقط تحييد الدبابات بل أصبحت بالية يعلوها الصدأ وفي بعض الحالات ظهرت الثقوب عليها في الوقت الذي تم فيه نسف أبراج مدافعها وظهرت السيارات المحطمة متناثرة على جوانب الطرق والجسور كما لو كانت كريات من الورق ومع كل مدفع مضاد للطائرات وفي كل موضع عسكري مهجور يمكن أن تلمس الذل والهوان الذي لحق بالجيش العراقي.
دمار شامل
لقد سرنا بالسيارة امام متحف بغداد الذي لم يستعد حتى الآن الفازة الورقية وتمثال الملك الأكادي المصنوع من البرونز ويزن ثلاثمائة كيلو جرام والذي يعتقد العراقيون انه تم نهبه. ومررنا أمام مركز تجاري تمت تسويته بالأرض بالقنابل وأشار المترجم المرافق لي الى مبنى وزارة الهجرة وكان مليئا بالثقوب.
إن أسوأ صور الدمار التي شهدتها بغداد لم يقم بها الأمريكيون فبعد أسابيع من الغزو ظل المبنى يحترق ليس بسبب الصواريخ بل بسبب عمليات النهب والسلب ولازالت معظم المحال التجارية مغلقة في الوقت الذي تناثرت فيه قطع الزجاج المهشم والقمامة في كل مكان بالشوارع بسبب عدم وجود أجهزة خدمة مدنية في ظل انهيار النظام المدني بينما تنطلق سيارات النقل اليابانية مسرعة وهي تحمل أسلاك النحاس التي تم اقتلاعها من الشوارع في الوقت الذي يرفع نفس اللصوص قبضاتهم في الهواء شاكين من عدم وجود الكهرباء.
خروف للبيع
ومثل أي صحفي آخر في بغداد قمت باجراء عشرات من المقابلات مع المارة للتعرف على آرائهم في التغيير المثير الذي قمنا به في مدينتهم وعن ترتيباتهم السياسية وذهبت مع المترجم الخاص بي "توماس" الى مدينة صدام سابقا حيث يعيش بها مليونان من الشيعة في الوقت الذي اختفت فيه الأسواق وبدأت تظهر من جديد شوارع واسعة وتوجهت الى حمد قاسم راعي الأغنام محييا وسألته: "كيف حالك؟ هل أنت سعيد برحيل صدام"؟ لوح الراعي بيديه في الهواء كما لو كان يطرد ذبابة عن أذنيه وقال: "لقد عشنا 35 عاما في ظل الاضطهاد واننا نشعر بسعادة بالغة لوجود الأمريكان بيننا" وحاول بعد ذلك ان يبيع لي خروفا بمبلغ خمسين دولاراً.
مجرد وعود
رأى بعض الواقفين ان كلمات حمد بحاجة الى الاسهاب والتوضيح حيث صاح رجل آخر "لقد جاء الأمريكيون وطهرونا من صدام حسين إلا اننا لم نر شيئا حتى الآن منهم" وفي هذه الأثناء أصبح طابع الحشد أكثر شدة وانخرطوا في تشاحن غاضب مع توماس حيث وجدوا ان لغتي العربية غير كافية لافهامهم وتساءلوا "أين غازنا، وطاقتنا الكهربائية ؟ انهم يقدمون الوعود فقط".
وعندما اشتدت حدة النقاش والحماس من جانبهم قمت باعادة ترتيب أزرار معطفي وتراجعت مع توماس الى السيارة ولكن قبل ان تتحرك السيارة بنا حشر رجل نحيل أنفه عبر النافذة وقال: "إني لا أجد عملا وليس لدي أموال وهناك عصابات تطلق النارعلى الناس في كل مكان" وصاح وهو يلوح بمعطفه في الهواء في بادرة احتجاج قائلا : "اذا استمرهذا الوضع فانني سوف أتحول الى "انتحاري" تلك هي الكلمات التي تثير الرعب في نفوس أشخاص مثل كوتشما رجل مشاة البحرية الذي أصدر أوامره لرجاله بقتل أي رجل يبدو في صورة عامل اصلاح تليفونات ثم يفجر شيئا ما.
صدام أم اثنان ؟!
يبدو ان القوات الأمريكية غير مستعدة تماما بعد الاطاحة بنظام صدام حسين لمهمة اعمار العراق التي قامت بغزوها بحماس رائع في الوقت الذي بدأ فيه العراقيون يقارنون همسا من وراء الستار الوضع الحالي بالنظام القديم حيث يقول توماس الذي أشك في انه بعثي بعض الشيء" عندما انتهت حرب الخليج الأخيرة عام 1991م استغرق الأمر أسبوعا واحدا فقط من صدام حسين ليعيد ترتيب كل شيء" ووافقه على هذا الرأي زميله محمد وقال "إنكم تحتاجون الى صدامين اثنين لادارة البلاد".
الطاغية والزعيم
وقال توماس وهو يحرك عينيه ويلوح باصبعه "لقد كتب وليام شكسبير في مسرحيته "يوليوس قيصر" يقول "ان وجود دولة يحكمها طاغية أفضل من دولة بلا زعيم على الاطلاق" وقال شخص آخر "حقا ربما كان صدام حسين قاتلاً ولكنه كانت لديه على الأقل سياسة خاصة بالقانون والنظام" ربما نكون قد فشلنا حتى الآن في القبض على صدام حسين أو اظهار جثته ذات الشاربين الكبيرين. ان الديكتاتور لا يزال يخيم على هذه المدينة مثل الجن .
إذن .. أين هو؟ وماذا حدث له ؟ يقول البعض انه شوهد في مسجد الأعظمية في اليوم الذي اخترق فيه طابور أمريكي خط ماجينو المثير للأسى في بغداد بينما يقول البعض الآخر انه محاصر في الرمادي وهي المنطقة القاحلة الواقعة الى الغرب من بغدا د التي دارت عليها معارك على مدى ستة أيام ويرى فريق آخر انه يتنقل بين الكثير من العائلات التي تبدي استعدادا لاستضافته .
سوف أخبركم عن مكان وجوده، قال شاب عراقي، انه ليس في قاع الحفرة الهائلة التي أحدثتها القوات الجوية الأمريكية في منطقة المنصورعندما حصلوا على معلومات تفيد بانه يتناول عشاء عمل مع رجاله ومساعديه. ربما كان حقا في مطعم الشعب وهو مبنى جميل قدم لي ساندوتش شاورما الى جانب بعض شرائح البطاطس المقلية إلا ان القنبلة سقطت على بعد نحو مائة متر من المكان وبالتالي فانها لم تحدث أي دمار.
عقب القصف ظهرت بعض هياكل الأسرة المنبعجة من اثر النيران وقطع ممزقة من الستائر والبقايا الأخرى لأربعة منازل مدنية ولكن لم يظهر أي أثر لوجود صدام هناك لقد كان يوم الاثنين من الناحية النظرية هو يوم مولده وفي الحقيقة لايعرف احد تاريخ ميلاده في قرية العوجة البائسة بالقرب من تكريت مثل كل شيء آخر في حياته حيث يحجب صدام تاريخ ميلاده عن أي أحد آخر. الأمر الذي أصاب الآخرين بجنون العظمة واخفاء تاريخ ميلادهم أسوة بصدام واحيائه باحتفال خاص.
علامات العبوس
لقد تم اسقاط كل صورة أو تشويهها وكان سائقي محمد سعيدا جدا يقفز على التمثال الملقى على الأرض مرات ومرات ولكن الصورة لا تزا ل هناك في كل ركن حيث علامات العبوس تبدو تحت كل حفرة بازوكا مما يكشف بوضوح استمرار بقاء اسم صدام حسين قويا يتم الحديث عنه باحترام غيرعادي وربما يرجع ذلك الى انه لم يتول أحد آخر غيره الحكم على الأقل بالأسلوب الذي يقدره العراقيون.
ان الأمريكيين يدورون في سياراتهم أو يجلسون في ظلها وليس لديهم العدد الكافي من الرجال للقيام بدوريات وهم لايقدمون على أي محاولة لمصادرة البنادق من السكان فالأمر لا يختلف هنا عن محاولة مصادرة الحشيش في بريكستون ونتيجة ذلك هي انهم لا يسيطرون على الشوارع ولايقوم احد بهذه المهمة.
فراغ سياسي
إن أي شخص مهتم بالسلطة والنفوذ سوف يدرس عراق 2003 لأجيال قادمة الى جانب ظهور سلطة المجتمع الانساني. لقد تدفق على الفراغ السياسي اعداد من رجال الدين والعسكريين والعلمانيين ومجموعة من الأحزاب السياسية التي تكشف عن الاشمئزاز المتبادل فيما بينها، كما ان الأمريكيين يسيطرون حاليا على قصور صدام حسين وقد أصبت بخيبة الأمل مرارا وتكرارا في محاولاتي لدخول أحد هذه القصور وهناك الكثير من قصور الشخصيات البارزة في حزب البعث التي نهبها اللصوص.
فيلا عزيز
يبدو ان كل طوائف الشعب مسؤولة حاليا حيث تشير علامة خارج منزل الأخ غير الشقيق لصدام حسين وهو وطبان التكريتي انه أصبح الآن مقرا لحزب الحرية والديموقراطية وسألت الرجال الذين سمحوا لي بالدخول عن أهدافهم السياسية فارتسمت على وجوههم الابتسامات الساخرة وقالوا ان برنامج حزب الحرية والديموقراطية هو تحرير ممتلكات وطبان التكريتي بأسلوب ديموقراطي وبعد ذلك ذهبت الى فيلا طارق عزيز في محاولة يائسة لمحاكاة ديفيد بلير والعثور على بعض الوثائق التي تجرم السياسيين الغربيين وقبضت يداي بجشع على بعض الأوراق الملقاه في الخارج.. نعم .. إنها تتضمن معلومات عن اتصالات بين العراق وقوة أجنبية فقد كانت عبارة عن مجموعة رسائل من السفير السويدي بتاريخ 1982 يشكو فيها من الاساءة الى وضعه وتسجيل استيراده "فورد كابري" وادخالها بغداد.
الحزب المستور
كانت تراقبني مجموعة من الأشخاص تحمل اسم "ضباط التحرير العسكرييين" وقالوا ان هدفهم هو تطهير الجيش من الفساد وكان على جباههم علامات اللصوص أيضا وذهبت الى القصر التالي المنهوب الذي كان يمتلكه في السابق نائب بعثي للرئيس وكانت هناك مجموعة أخرى مسؤولة عنه "وقال شخص عراقي: "إننا حزب الآن ولكننا لانريد كشف اسم الحزب" فقلت: حسنا ما هو اسم زعيمكم؟ قالوا: انه رجل دين ولانريد ان نذكر اسمه قلت: حسنا وما الذي يريده؟ قالوا: انه يريد حكومة قلت: أي نوع من الحكومة؟ قالوا انه يريد حكومة وطنية.. انه يريد الحرية.
الصراع الخفي
يقبع التنافس على السلطة في كل ركن بين الشيعة فضلا عن الصراع على النفوذ بين الأحزاب الكردية والأشورية والعلمانية وبالطبع فان هناك شيئامضحكا بشأن المؤتمر الذي نظمه الأمريكيون وتدورثرثرة لاتنتهي تحت صورة جدارية زيتية لتمثال لصدام حسين وهو يصد قاذفات القنابل الأمريكية لم يتمكن فيصل ايشتارابي ان يتذكر ما اذا كان حزبه اسمه الحزب الديموقراطي المستقل أوالحزب المستقل الديموقراطى العراقي وكانت تلك لحظة ثمينة .. ولكن هل هذا يهم؟
يتعلق بهذه العملية شيء آخر هام انها بازار أو سوق لم يتمكن العراقيون من ممارسة نشاطهم فيه على مدى ثلاثين عاما انه سوق حر للسياسيين وبكلمة واحدة.. انها الديموقراطية.. سوف تكون هناك انتخابات ان آجلا أو عاجلا في العراق ولن يكون هناك المزيد من أعمال التعذيب للضحايا مثل تلك التي جرت للرجل الذي أظهر لي غضروف اذنه الذي قطعه صدام بسبب فراره من الجيش أو الرجل العجوز المتعثر الخطوات الذي زعم ان البعثيين قتلوا أولاده الثلاثة.
أخبار سارة
اذا كانت هناك أي أسلحة دمار شامل فان الأخبار السارة هي انها لن تكون بحوزة صدام حسين أو أي جماعة ارهابية وحيث ان الوقت قد حان لاعلان الأخبار السارة فان هناك احصائية ينبغي ان تعوها جميعا فيسك وبيلجر وروبن كوك الذين تنبأوا بوقوع آلاف القتلى.
لقد توجهت لمقابلة قصي علي المفرجي رئيس هيئة الهلال الأحمر في بغداد ورغم فقدان بعض الأسماء المختصرة في الوقت الذي لايزال يتعين فيه على بعض المناطق ان تقوم بتسليم الحصر النهائي لعدد الضحايا بها ترى ماهو عدد القتلى العراقيين الذين سجلتهم الهيئة من المدنيين والعسكريين في منطقة بغداد؟ قال لي المفرجي انهم 150 قتيلا مع مراعاة انه ليس لديه ما يدعوه للكذب بالطبع انها تضحية بالحياة رهيبة ولكن اذا سألتني عما اذا كان مقابل هذا الثمن هو الاطاحة بصدام حسين ونظام قتل وعذب مئات الآلاف عندئذ أقول لك .. نعم.
الأطباق الصناعية
وما الذي تراه الآن عندما تسير أمام متاجر السلع الكهربائية العراقية التي تفتح ابوابها بثقة أكبر كل يوم ؟ انك تشاهد أطباق الأقمار الصناعية وأشياء كانت محظورة في ظل حكم صدام حسين لقد أبلغني رجل انه باع عشرة أطباق خلال الأيام الأربعة الماضية بما يتراوح بين 200300 دولار رغم ما يقوله الليبراليون والمحافظون بأن هذه الأشياء مبتذلة ويسخرون من الفقراء العراقيين الذين يخضعون حاليا لاعلام روبرت ميردوخ.
انفتاح إعلامي
إن ما لم يفهمه الذين يناهضون الحرب هو ان العراقيين لاتتاح لهم فقط أول فرصة للتعرف على الدول الأخرى بل أيضا التعرف على انفسهم وبوسعهم حاليا ان يشاهدوا القنوات الفضائية التي لاتقتصر فقط على اذاعة أعمال صدام حسين ورغم ما شهدته هذه الحملة من أخطاء كبيرة إلا ان الذين تابعوا الاحداث المثيرة التي تعرض لها متحف بغداد ربما يهتمون بمعرفة انه عندما ذهبت الى هناك كان يجري تسليم ثلاثة صناديق من التحف بعد استعادتها من اللصوص مع افتراض انه تمت سرقة 170 ألف قطعة أثرية من بينها عدد من الأحرف البابلية والأشورية التي يزدحم بها السوق بغض النظر عن تاريخها.
النوافذ المفتوحة
لقد قال الرئيس جورج بوش في خطاب له بعد انتهاء الحرب "ان النوافذ أصبحت مفتوحة أمام العراقيين حاليا" بما يعني انه بوسع الشعب ان يتحدث دون خوف على حياته عندئذ ضحك العراقيون وضربوا الطاولة بأيديهم وهنا تخيلت الأعداد الكبيرة المناهضة للحرب في بريطانيا من غير المؤيدين لجورج بوش وهم يضحكون على خطابه العامي.
الشبح المخيف
وعندما سألت العراقيين عما يعتقدونه إزاء هذا الخطاب اكتشفت أنني اسأت تماما فهم مغزى ضحكهم حيث قال لي أحدهم "إننا نتفق مع بوش تماما" ووافقواعلى ذلك جميعا بحماس قلت لهم: حقا؟ قال الرجل ".. نعم .. إننا أحرار الآن" ان لدى العراقيين مشاكل كثيرة من بينها الديون الهائلة التي يصعب السيطرة عليها ومما هو غير وارد التفكير فيه بالنسبة لبريطانيا والولايات المتحدة هو الانسحاب، ولكنه قال ان بلاده حرة الآن وهو أمر يستحق القتال من أجله.. ربما كان صدام شبحا مخيفا ولكن كان هذا هو كل ما في الأمر.

..... الرجوع .....

قضية العدد
الجريمة والعقاب
تكنولوجيا الحرب
فن الادراة
تحت المجهر
تربية عالمية
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
نادي العلوم
داخل الحدود
خارج الحدود
الملف السياسي
فضائيات
غرائب الشعوب
أطفال التوحد
من الصفر
السوق المفتوح
المقهى
أماكن
استراحة
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved