الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 17th December,2002 العدد : 14

الثلاثاء 13 ,شوال 1423

الخطاب الإعلامي...!
لا تتوفر بين يدي معلومات عن حجم حقيقي بأعداد وسائل الإعلام العربية، وأزعم أن كثيرين مثلي يبحثون عن جهة توثيقية تملك مثل هذه المعلومة وقد أصيبوا بخيبة الأمل والإحباط بعد أن تأكد لهم بأنه لا وجود لها البتة..
وبقدر ما يستجد من إطلالات لصحف ومحطات تلفزة عربية جديدة، بقدر ما يعلن عن إقفال وتوقف لكثير مما كان قائماً منها، في ظاهرة تكاد تنفرد بها الدول العربية، مما يحول دون قدرة المهتمين على اصطياد المعلومة المطلوبة وعلى إجراء رصد علمي سليم لها.
***
أريد بعد هذه الاستهلالة، أن أتجاوز في حديثي لكم نقاط القوة في الإعلام العربي وهي محدودة إلى مناقشة نقطة واحدة من نقاط ضعفه وما أكثرها لإبلاغ رسالة من خلال هذه السياحة معكم لكل من وجد نفسه في هذا الجو المزاجي المتقلب بسبب ضعف الخطاب الإعلامي العربي وخلوه من قيمه النبيلة ضمن التهميش المتواصل وربما المتعمد!! لدور وسائل الاعلام في الدفاع عن قضايا الأمة ومكتسباتها وتفريغها من كل مضمون يساعدها على أداء هذا الدور الذي ينبغي أن يتنامى نحو الأفضل في ظل المستجدات والتحديات الجديدة التي نواجهها.
***
وبنظرة فاحصة نتوقف من خلالها عند مضمون الطرح الإعلامي العربي ومدى ملاءمته لواقعنا اليوم، مستذكرين هذا الكم الهائل من المحطات الفضائية والصحف والمجلات والدوريات العربية في مقابل وسائل الإعلام الأجنبية وما هي عليه الأخيرة من مستوى متميز أهّلها لكي تلعب دوراً مؤثراً في توجيه الرأي العام ورسم السياسات لحكوماتها ضمن إستراتيجية بعيدة المدى هدفها تفكيك تماسك أمتنا واسقاط كل ما تم إنجازه عربياً وإسلامياً على مدى سنوات طويلة من عمر هذه الشعوب بأساليب وأفكار وإن بدت في ظاهرها جيدة حد الإغراء الا أن ما تخفيه غير ذلك.
***
ولا شك عندي أن الخطاب الإعلامي العربي المفرغ من كل ما يشير إلى دفاعه عن هموم الأمة، سواء قيل عن طريق القنوات الفضائية أو بيح به من خلال وسائل الإعلام الأخرى، هو خطاب لا يعول عليه ولا يعتد به ولا ينتظر منه فائدة لخلق جيل إعلامي متمرس وقادر على مواجهة العدو بذات السلاح الذي ترشنا به وسائل الإعلام الأجنبية صباح مساء..
إن على المؤسسات الإعلامية، حكومية أو أهلية، ما هو موجود منها على الأرض العربية، ومن اختارت وطناً بديلاً لبثها وطباعتها، أن توازن بين ما تؤديه من دور يشوبه الحذر والتردد في مقابل دور منهجي وفاعل وقوي ومؤثر يرسم من خلاله الإعلام الغربي خريطة العالم المستقبلية.
***
وأنا لا أزعم أن الاعلام العربي يملك كل الادوات والآليات بما في ذلك العناصر البشرية المؤهلة للقيام بمثل هذا الدور، وأعرف أن أحدا منا لا يملك كل القدرات القادرة على إيصال صوته وفكره وثقافته على النحو الذي نتمنى، غير أننا نرتكب خطأً كبيراً إذا ما استسلمنا لمثل ذلك دون محاولة منا لمواجهته بما ينبغي، لأن الشعور بالدونية بانتظار هذه الوجبات الإعلامية اليومية التي يقدمها الإعلام الأجنبي بعناية فائقة للقضاء على طموحاتنا وآمالنا في هذه الحياة، إنما يؤصل بذلك هذا التوجه الاستعماري ويجسِّد نجاحاته ضمن الحرص على حرمان الشعوب الصغيرة من حقها في حياة كريمة.
***
إذاً..
لابد من منهجية إعلامية عربية أفضل..
ومن خطاب إعلامي فاعل..
في الطريق إلى خلق موقف عربي قوي وموحد..
وهذا هو الأمل..

++
خالد المالك

++
أين أنت يا بن لادن؟!!
الأمريكيون قلقون والإدارة حائرة

* مجلة الجزيرة الترجمة(*):
لماذا لم نعثر على بن لادن حتى الآن؟.. تساؤل يطرحه الشارع الامريكي وبخاصة بعد آخر تسجيل صوتي لزعيم القاعدة. واشنطن اصبحت متأكدة الآن ان عدوها اللدود ما زال حيا يبعث الاشارات التي تهدد بوقوع المزيد من الاعمال المعادية لها في الداخل والخارج!!.. من خلال هذا التحليل للصحفي الامريكي دوجلاس والير نتعرف عن قرب على كيفية تفكير الامريكيين من ناحية زعيم تنظيم القاعدة المطارد والقاء القبض عليه.
عندما أراد أسامة بن لادن أن يتحدث أخيرا إلى أتباعه كانت الإدارة الأمريكية سعيدة فقط لاعتقادها أن هذه الرسالة منه لاتباعه يمكن أن تساعدها في مطاردته.
عبر هذه الرسالة الصوتية التي بعث بها عبر شريط كاسيت أشاد زعيم تنظيم القاعدة بالانفجارات الأخيرة في مدينة بالي الإندونيسية والهجوم الشيشاني على مسرح موسكو، عملاء المخابرات الأمريكية عند زيارتهم لأحد ابرز قادة القاعدة المعتقل منذ سبتمبر الماضي في مكان ما آمن خارج أمريكا وهو رمزي بن الشيبة قاموا بتشغيل شريط بن لادن ومدته ثلاث دقائق، ابن الشيبة منذ اعتقاله وهو يتحدث عن أسرار العمل الداخلي لتنظيم القاعدة، اكد ان الصوت فعلا لابن لادن، وأخبر الرجل المحققين بأن هذا الشريط دليل دامغ على بقاء ابن لادن حيا حتى الآن.
وفي مكان آخر وبالتحديد في معسكر اعتقال مقاتلي القاعدة وطالبان في قاعدة جوانتانامو الأمريكية البحرية بكوبا كان عدد آخر من العملاء يديرون نفس الشريط أمام هؤلاء المعتقلين الأقل مستوى في تنظيم القاعدة، كان رد فعل أغلب المعتقلين هزليا و لم يضف جديدا إلى معلومات المحققين.
يقول مسؤول أمريكي كبير أن المعتقلين أخبروا المحققين أن بعض الرسائل من ابن لادن إلى أعوانه تمثل دعوة لتحرك ما.
هذه الأقوال تتفق مع الكثير من التقارير والمعلومات المتوفرة للمخابرات المركزية الأمريكية والتي تثير جميعها هذا السؤال الهام، هل مازال ابن لادن حيا ولديه القدرة على العمل؟ وأن أمريكا فشلت في العثور عليه؟
الحقيقة أن هذا الشريط حقق تأثيره الكامل عندما أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي تحذيرا واضحا من عمليات إرهابية محتملة.
صحيفة صاندي تايمز اللندنية كانت قد نشرت تقريرا عن اعتقال ثلاثة أشخاص من شمال إفريقيا بعد اكتشاف المخابرات البريطانية أن الثلاثة يدبرون مؤامرة لتنفيذ عملية إرهابية باستخدام غاز كيماوي وربما يكون غاز السيانيد السام في مترو الأنفاق بلندن.
مزيد من الشكوك
الحقيقة أن ظهور ابن لادن من جديد قد أثار المزيد من الشكوك حول نجاح المرحلة الأولى من حرب إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش ضد الإرهاب في الوقت الذي تسعى فيه هذه الإدارة إلى إطلاق المرحلة الثانية من هذه الحرب ضد العراق.
فقد تأكد الرئيس بوش من خلال خبراء «وحدة أسامة بن لادن» في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن زعيم القاعدة مازال حيا وقد نقلت هذا الخبر السيئ إلى بوش مستشارة الأمن القومي الأمريكي كونداليزا رايس واتصلت به لتقول ان خبراء المخابرات استمعوا إلى صوت ابن لادن عبر شريط الكاسيت الذي بثته قناة الجزيرة له وذلك للمرة الأولى منذ أكد هؤلاء الخبراء أنهم تمكنوا من رصد مكالمة تليفونية بين ابن لادن وأحد أعوانه في منطقة تورا بورا شرق أفغانستان قبل نحو ثماينة أشهر وهي المنطقة التي دكتها الطائرات الأمريكية من الجو ومشطتها القوات الأرضية فيما بعد.
يقول أحد اعضاء فريق بوش ان الرئيس حضر في ذلك اليوم اجتماع مسؤولي إدارته وهو متوتر جدا، فرغم كل ذلك مازال الرئيس بوش يحتفظ بصورة ابن لادن وأعوانه على مكتبه ومكتوب عليها أنهم مطلوبون أحياءً أو أمواتاً!
وهنا يتذكر الجميع التعهد الذي أطلقه الرئيس بوش خلال الأيام الأولى للحرب ضد الإرهاب عندما قال إنه سوف يأتي بابن لادن حيا أو ميتا الأمر الذي جعل اعتقال أو قتل ابن لادن المؤشر الرئيسي لنجاح الحملة الأمريكية. لكن ابن لادن مازال حيا ومازالت الشكوك تحيط بالانتصار الأمريكي في أفغانستان، لذلك بدأت الإدارة الأمريكية تقلل من أهمية اعتقال الرجل ذاته لتتحدث عن أهمية تفكيك تنظيم القاعدة الذي يقوده، ورغم ذلك أيضا فهذه المهمة لم تنجح فيما نجحت بقايا تنظيم القاعدة في إعادة تجميع أنفسها وشن هجمات جديدة على أهداف غير متوقعة، ومع الأهمية الرمزية التي يمثلها زعيم تنظيم القاعدة وعودته وتوعده للأمريكيين بالمزيد من الهجمات الإرهابية فإن الأمريكيين يتساءلون عن سبب استمرار أخطر رجل في العالم مطلق السراح حتى الآن.
هاجم الديمقراطيون في أمريكا إدارة الرئيس بوش أثناء معركة انتخابات الكونجرس الأمريكي الماضية بدعوى تراخي هذه الإدارة في الحرب ضد الإرهاب حيث قال توم داشل زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ «اننا لم نعثر على ابن لادن ولم نحقق أي تقدم حقيقي في العثور على القادة الكبار لتنظيم القاعدة وهم مازالوا يمثلون تهديدا خطيرا اليوم تماما كما كانوا قبل هجمات سبتمبر وإطلاق الحرب الأمريكية ضد أفغانستان، لذلك كيف يمكن لنا أن نزعم أننا انتصرنا في هذه الحرب».
البيت الأبيض من جانبه لم يسكت على تصريحات داشل حيث قال أحد مساعدي بوش غاضبا ان داشل شارك في العديد من جلسات الكونجرس السرية والعلنية التي بحثت هذه الحرب لذلك فهو يعلم أكثر من غيره ما حدث فيها، وهو يعرف النجاح الباهرالذي تحقق حتى الآن.
الحقيقة فإن استمرار ابن لادن حيا يلقي بالفعل المزيد من الشكوك حول نجاح الحرب الأمريكية، كما أن عودة ابن لادن إلى الظهور مرة أخرى يمكن أن تعقد مهمة الرئيس الأمريكي بوش في حشد التأييد الداخلي والخارجي ضد صدام حسين من خلال إثارة التناقض بين الأهداف أو على الأقل التناقض الظاهري، لذلك فقد كانت كونداليزا رايس حريصة على التأكيد على أن اهتمام بوش بصدام حسين لم يشتت انتباهه بابن لادن حيث قالت: «الرئيس بوش مازال يبدأ يومه بمناقشة الحرب ضد الإرهاب ودرجة التهديد والمعلومات المتاحة عن أي مخاطر إرهابية تهدد الولايات المتحدة»، هذه الحرب هي مركز اهتمام الإدارة الأمريكية على حد قول رايس، غير ان مسؤولين في البيت الأبيض سربوا معلومات محبطة عن مدى نجاح إدارة الرئيس بوش في حربها ضد القاعدة عندما تحدثوا عن اكتشاف ان العديد ممن تم اعتقالهم بدعوى أنهم اعضاء قياديين في تنظيم القاعدة ليسوا أكثر من أعضاء عاديين فيه.
ما زال حياً؟
والآن بعد أن تأكد أن ابن لادن مازال حيا فقد عاد السؤال القديم الجديد الآن المتمثل في: ما هي درجة التهديد الذي يمثله ولماذا لم يتم العثور عليه؟ إلى الظهور مرة اخرى.
مجلة تايم الأمريكية وشبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية اجرت كل على حدة استطلاعا لرأي الأمريكيين حول هذا الموضوع، قال 42% ممن جرى استطلاع رأيهم ان الشريط الذي سجله ابن لادن قد زاد من درجة خوفهم من عمليات إرهابية محتملة، في حين قال 56 % ان قلقهم لم يزد بعد الاستماع إلى الشريط، الواقع أن صوت ابن لادن على الشريط يبدو هادئا ومتحديا عندما أكد لأعداء القاعدة أنكم «ستقتلون كما تقتلون وسيتم نسفكم كما تنسفون وانتظروا المزيد من الضربات التي تؤلمكم».
رغم أنه لا يوجد نموذج محدد لتحذيرات القاعدة فقد تعامل خبراء المخابرات المتخصصين في تتبع القاعدة مع كلمات الرسالة الصوتية كما هي باعتبارها تحذيراواضحا.
كانت الرسالة المسجلة التي أذيعت من قبل لأيمن الظواهري وهو الرجل الثاني في تنظيم القاعدة قد سبقت مباشرة تفجيرات بالي التي أسفرت عن مقتل أكثر من 180 شخصا.
بيان الظواهري كان قد دان الحلفاء الرئيسيين لأمريكا وهم فرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا وبريطانيا وأستراليا وهدد حكومات هذه الدول بضربات مؤلمة، أما ابن لادن فقد تحدث عن الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني ووزير خارجيته كولن باول ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد وأطلق عليهم اسم «عصابة البيت الأبيض».
وقد حذر خبراء الإرهاب من أن هذه الرسالة تعني أن تنظيم القاعدة يمكن أن يستهدف هذه الاسماء شخصيا، لذلك فقد جاء شريط ابن لادن في الوقت الذي قالت فيه المخابرات الأمريكية انها رصدت خلال الفترة الماضية تحركات واتصالات واسعة تشبه تلك التي تم رصدها قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
تقول وكالة المخابرات المركزية الأمريكية انه تم رصد الكثير من الاتصالات التليفونية الغامضة والكثير من التقارير من عملائها الميدانيين التي تؤكد أن رجال القاعدة بدأوا يتحركون مرة أخرى.
وقال مسؤول كبير في المخابرات الأمريكية ان هناك نشاط ملحوظ في اتصالات «الأشرار» حول العالم، وهناك الكثير من المحادثات المشفرة التي تم رصدها بين أشخاص يتحدثون عن اعتزامهم السفر.
من ناحيته حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي من احتمال وقوع هجمات إرهابية جديدة تسفر عن وقوع خسائر بشرية جسيمة وخسائر اقتصادية مروعة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الذي أكد فيه هذا التحذير أنه لا توجد اي معلومات عن متى ولا أين أوكيف ستقع هذه الهجمات.
وعلى الرغم من أن الإدارة الأمريكية لم ترفع من درجة استعدادها للخطر بصورة رسمية فإن المسؤولين في الإدارة يتعاملون بحساسية مفرطة تجاه أي نشاط مشتبه فيه.
كان مكتب التحقيقات الفيدرالي قبل الحادي عشر من سبتمبر يفضل إبقاء الأشخاص المطلوبين لديه تحت الرقابة المباشرة لأطول فترة ممكنة حتى يتمكن عملاء المكتب من الحصول على أدلة مادية على وجود مؤامرة محددة، واليوم أصبحت مهمة المكتب إحباط المؤامرة أولا، لكن لماذا تحدث ابن لادن الآن وماذا يقول الشريط الصوتي عن الرجل؟.
يقول خبراء المخابرات الأمريكية ان ابن لادن ربما يكون اختار تسجيل شريط صوتي بدلا من شريط الفيديو المرئي كما كان يفعل من قبل حتى لا يكشف عن وجود متاعب صحية أو إصابات لديه، ويقولون ان تحليل تنفس ابن لادن من الشريط يشير إلى أن ابن لادن يعاني من متاعب في الكلي وأنهم يعتقدون أنه كان يقرأ من ورقة مكتوبة، ولكن ربما يكون ابن لادن قد اختار استخدام الصوت لأنه أدرك ببساطة أن مطارديه يمكنهم الحصول على معلومات مفيدة عن مكان وجوده من خلال تحليل الصورة الموجودة في شريط الفيديو.
في ضوء المهارات الدعائية التي أكد ابن لادن أنه يتمتع بها يمكن القول ان هناك أسباب كثيرة لاختياره لهذا التوقيت بالذات للإدلاء بهذا الحديث غير إعطاء إشارة لشن هجمات جديدة.
يقول خبير مكافحة الإرهاب في مؤسسة راند الأمريكية بريان جانكينس ان أعضاء الجماعات الإرهابية لا يحبون أن يكونوا في آخر المسرح ويريدون باستمرار أن يظلوا في الصدارة، لذلك فإن ابن لادن أراد أن يذكر الجميع بأن القاعدة مازالت موجودة في الوقت الذي تحول الاهتمام العالمي إلى العراق، كما أنه ربما أراد ليس فقط تأكيد سيطرته على منظمته ولكن إنعاش الحركات المتطرفة في كل مكان من العالم وذلك من خلال الإشارة إلى حوادث ربما لا يكون تنظيم القاعدة هو المدبر لها مثل الهجوم على مسرح موسكو الذي نفذه الثوار الشيشان.
أدلة عديدة
الآن يأتي السؤال من جديد أين يوجد ابن لادن؟ الحقيقة أن الولايات المتحدة سارت خلف أدلة عديدة قادتهم إلى أماكن عديدة في العالم الإسلامي.. ولكن كل الأبصار انتقلت إلى الحدود الباكستانية الأفغانية في ديسمبر عام 2001 عندما تم رصد صوت قيل انه لابن لادن في منطقة تور بورا الأفغانية، يعترف كبار المسؤولين في إدارة بوش في جلساتهم الخاصة أن فترة الشهر التي استغرقها إعداد القوات الأمريكية اللازمة لغزو أفغانستان منحت ابن لادن وكبار مساعديه الكثير من الوقت لوضع خطط الهرب من أفغانستان.
في الوقت نفسه يرفض العسكريون الأمريكيون الاعتراف بأنهم فقدوا أفضل فرصة أتيحت لهم للعثور على ابن لادن في ديسمبر من العام الماضي أثناء الهجوم على تورا بورا.
يقول ضباط أمريكيون ان واشنطن وفرت عددا قليلا من الجنود لمطاردة ابن لادن في حين اعتمدت بصورة كبيرة على زعماء الحرب الأفغان وكذلك على القوات الباكستانية لقطع طريق الهرب على ابن لادن، ثم اختفى ابن لادن تماما لدرجة دفعت بعض المسؤولين الأمريكيين إلى ان يعلنوا موته.
في الوقت الذي كانت القوات الأمريكية تواصل البحث عنه، وفي أواخر عام 2001 قامت قوة أمريكية من القوات الخاصة وعملاء المخابرات الأمريكية بعملية مطاردة واسعة لابن لادن انطلاقا من قاعدة باجرام الجوية شرق أفغانستان. وفي هذه الأثناء قامت القوة الأمريكية التي كانت تحت قيادة قائد عسكري بعمل دوريات مستمرة على الحدود الشرقية لباكستان حيث عثرت على عدد لا يحصى من ممرات المهربين التي تطل من المرتفعات الجبلية إلى منطقة القبائل في غرب باكستان على الحدودمع أفغانستان، في هذه الأثناء تم رصد اتصال تليفوني بين ابن لادن وأصدقائه.
وعلى الرغم من أن أي من الفرق التي تطارد ابن لادن لم تقترب منه بصورة كافية فإن خبراء المخابرات يعتقدون أنه مازال يتحصن بالمنطقة الحدودية الباكستانية الأفغانية بين القبائل الباكستانية التي لا تعترف كثيرا بالنفوذ القومي لحكومة إسلام آباد عليها، أو أنه يحتمي بالكثير من المتعاطفين معه من بين ثلاثة ملايين شخص يعيشون في مدينة بيشاور الباكستانية وهي المدينة الرئيسية في شمال غرب باكستان.
مهمة المطاردة
تسيطر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية المعروفة باسم السي أي إيه على مهمة مطاردة ابن لادن والقضاء عليه، وعلى الرغم أن هناك حوالي 1100 محلل وعميل سري يعملون في مهمة مكافحة الإرهاب خارج مقر رئاسة المخابرات المركزية في ولاية فرجينيا فإن هناك فريقاً متخصصاً في مطاردة ابن لادن يضم 50 شخصا، يعمل الفريق في مكتب سري، وقد ظل هذا الفريق يعمل بدون اسم حتى أطلق عليه ابن احد الضباط الذين شاركوا في تنظيمه اسم وحدة ابن لادن، هذا الفريق يضم أيضا «خلية حمراء» تتكون من عشرة محللين فقط يحاولون التفكير كما يفكر ابن لادن والحلم بالطريقة التي يمكن أن يحلم بها ابن لادن بتنفيذ هجماته بها، ولكن على الأرض يجب أن تعتمد المخابرات الأمريكية على عملاء محليين يستطيعون الاندماج في المجتمع حتى يمكنهم المراقبة وجمع المعلومات.
أربعة طرق
من الناحية النظرية هناك أربع طرق للعثور على ابن لادن، الأولى: رصده بطائرة مراقبة بدون طيار ثم إسقاط قنبلة دقيقة عليه، وهذه طريقة بسيطة وسريعة وغير مكلفة، وقد نجحت هذه الطريقة في اليمن في الثالث من نوفمبر الماضي عندما قصف صاروخ موجه لاسلكيا سيارة تحمل الحارس الشخصي السابق لابن لادن وخمسة أعضاء آخرين في تنظيم القاعدة وقتلهم جميعا، لكن مثل هذه الضربة الجوية في باكستان تحتاج إلى تعاون الرئيس الباكستاني برويز مشرف بشكل أكبر مما تحصل عليه الولايات المتحدة منه حاليا.
باكستان كانت قد وافقت وبعد تردد على استخدام القوات الأمريكية للقواعد الجوية الباكستانية في الحرب ضد أفغانستان ولكنها تعرقل تحليق أي طائرات مقاتلة أمريكية في الأجواء الباكستانية لتنفيذ عمليات في الدولة.
الطريقة الثانية: هي رصده إلكترونيا وتحديد مكانه بسرعة والاستماع إليه حتى يتم التأكد من أنه الرجل المطلوب ثم إسقاط قنبلة على مخبئه، ولكن ابن لادن توقف عن هذه الوسائل منذ وقت طويل وأصبح يعتمد في اتصالاته على الاتصالات المباشرة والرسل لنقل رسائله إلى أي مكان.
الطريقة الثالثة: هي محاولة تتبعه بالطرق التقليدية وتضييق الخناق عليه وشراء من حوله حتى يجد نفسه في ركن ضيق فيتم حصاره ثم مهاجمة حصنه في الليل واسره.
المشكلة هنا أنه بطل في منطقة القبائل الباكستانية والولايات المتحدة لا تمتلك سوى عدد قليل جدا من العملاء الذين يمكنهم أن يندسوا بين الناس.
الطريقة الرابعة: هي إقناع أي شخص آخر بالإيقاع به، لكن من المستحيل نظريا أن يتم تجنيد أي شخص من الدائرة القريبة منه.
الواقع أن سلسلة الجبال الطويلة في منطقة القبائل غرب باكستان مازالت أفضل مكان لكي يختبئ فيه ابن لادن، فهى تمثل حصنا لا يمكن اقتحامه من الناحية الجغرافية، والمخابرات المركزية لديها 100 عميل باستمرار في هذه المنطقة، وفي أمريكا يقولون انهم يعتقدون أن ابن لادن يحصن نفسه في المكان الذي يقيم فيه ولا يتجول كثيرا، كما أن الصور التي التقطتها أجهزة المخابرات الأمريكية في هذه المنطقة لم ترصد تحركات لحراس أو سيارات يمكن القول انها تخص ابن لادن، كما يبدو أنه لا يعتمد إلا على الاتصالات الشخصية وحملة الرسائل لنقل رسائله من منطقة القبائل حيث يعيش إلى جيوب القاعدة في المدن الباكستانية مثل بيشاور أو كراتشي.
ويقول الخبراء الأمريكيون ان معرفة مكان ابن لادن تقتصر على عدد محدود جدا من أقرب مساعديه لا يزيد عددهم عن عشرين شخصا تعهدوا بالموت دفاعا عنه، كما أن مراقبة قبائل البشتون في المناطق الجبلية التي تحيط بها مرتفعات تصل إلى 15 قدما مهمة صعبة، وكانت الطريقة الوحيدة أمام هؤلاء العملاء للمراقبة هي محاولة اعتقال أي غريب عن المدينة وذلك من خلال رصد أي غبار يمكن أن تثيره سيارة تدخل المنطقة مثلا، ولكن هذا لم يعد يحدث حاليا، فعناصر القاعدة حذرة جدا، بل إن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية أصبحوا هدفا للمطاردة من جانب عناصر القاعدة وطالبان بعد إطلاق عدة صواريخ على مقر وجودهم.
تعاون باكستان
هناك تعاون بين المخابرات الأمريكية وأجهزة الأمن الباكستانية مما أسفر عن اعتقال بعض كبار مساعدي ابن لادن في المدن الباكستانية الكبرى مثل ما حدث لرمزي بن الشيبة وأبي زبيدة، لكن منطقة القبائل قصة مختلفة فهي منطقة شديدة الحساسية، فمن النادر أن يتم السماح للقوات الأمريكية الخاصة المرابطة على الحدود الأفغانية بالدخول إلى الشطر الباكستاني من الحدود سواء بأنفسهم أو حتى برفقة ضباط باكستانيين.
يقول مسؤولون أمريكيون وباكستانيون كبار انه في ظل الظروف الداخلية المعقدة التي يواجهها الرئيس الباكستاني برويز مشرف فإن مثل هذه المهمة تصبح مستحيلة.
فالكثير من القبائل في هذه المنطقة تتعاطف مع ابن لادن كما أنهم ملتزمون بالشرف القبلي بحماية الفارين من الشرطة والجيش الباكستانيين، وحتى جائزة الخمسة والعشرين مليون دولار التي رصدتها الإدارة الأمريكية لمن يدلي بمعلومات تساعد في العثور على ابن لادن لم تحقق أي نتيجة، فالقرويون في هذه المناطق لا يثقون في الحكومة الباكستانية ويدركون أنها ستأخذ منهم هذه الجائزة في حالة حصولهم عليها، هؤلاء القرويون يشكون ايضا في عملاء المخابرات الباكستانية ويعتقدون أنهم سوف يحصلون على المكافآت المرصودة لاعتقال عناصر القاعدة وقد يقتلون هؤلاء القرويين أنفسهم إذا طالبوا بحقهم في هذه المكافآت.
يقول أحد زعماء القبائل في منطقة كويتا ان لديهم الكثير من المعلومات ولكن لا يعرفون كيف ينقلونها إلى الأمريكيين.
وفي الانتخابات العامة الماضية التي جرت في باكستان في العاشر من أكتوبر فازت الأحزاب الدينية المؤيدة لطالبان والقاعدة بحكم الولايات الغربية الباكستانية على الحدود مع أفغانستان.
مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية قال انه إذا أرسل الأمريكيون قوات لتقوم بدوريات في منطقة القبائل الباكستانية فسوف تبدأ الصناديق التي تحمل جثث الأمريكيين في التدفق إلى أمريكا.
كما يؤكد المسؤولون الباكستانيون أنه لم يعد هناك أي أمل في تحقيق المزيد من النجاح في هذه المنطقة من البلاد، ويشيرون إلى أنه في ثمانين في المائة من محاولات مطاردة أي شخص في هذه المنطقة كان الفشل هو النتيجة التي يحصلون عليها.
ويقول ضابط شرطة باكستاني في منطقة كويتا ان المخابرات في هذه المنطقة ليست جيدة على الإطلاق، وهناك اعتقاد لدى البعض بأن الحكومة الباكستانية لا تقدم المساعدات المطلوبة.
الميجورمايك ريتشاردسون أحد الضباط الأمريكيين في أفغانستان يقول ان تقديرهم كأمريكيين أن هذه المليشيات شبه الحكومية تساعد القاعدة، كما يشك بعض محللي المخابرات في المنطقة وواشنطن على السواء أن هناك تعاطفا من بعض العناصر المنشقة في باكستان مع حركة طالبان.
ويقول ضابط مخابرات أفغاني انه متأكد من أن المخابرات الباكستانية وفرت ممرات آمنة لعناصر القاعدة وطالبان الفارين من أفغانستان إلى منطقة القبائل في باكستان.
ويحاول المحققون الأمريكيون إقناع الرئيس مشرف بالسماح لهم بتوسيع نطاق البحث عن ابن لادن في باكستان ليشمل منطقة القبائل، ولكن الباكستانيين لهم أجندة مختلفة في هذا المجال على حد قول أحد الدبلوماسيين الغربيين في العاصمة الباكستانية إسلام اباد، فهدف الأمريكيين هو العثور على الرجال «الأشرار» في هذه المنطقة في حين أن هدف الحكومة الباكستانية هو بسط نفوذها على هذه المنطقة الخارجة على كل القوانين، لعل هذا ما يفسر القلق الشديد الذي عبر عنه الرئيس الباكستاني برويز مشرف عند سقوط صاروخين أمريكيين بالقرب من منطقة القبائل على الحدود الباكستانية الأفغانية، في الوقت نفسه مازالت إدارة بوش تطالب حكومة مشرف بالمزيد من التعاون في الوقت الذي قال فيه مشرف ان ابن لادن مات متأثراً بمرض في الكلى، ولكن عندما تأكد مشرف أن ابن لادن لم يمت فقد انضم إلى طابور المسؤولين الأمريكيين الذين يقولون ان الزعيم الإرهابي ليس الهدف النهائي للحملة العسكرية ولا يمثل الدليل الوحيد على الانتصار.
من ناحيته قال وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد ان تنظيم القاعد لا يعتمد على ابن لادن في تحركاته، في الوقت الذي اعترف فيه هذا الوزير بأن شريط ابن لادن الأخير يمثل تهديدا واضحا للأمريكيين، والحقيقة ان الزمن فقط هو الذي سيكشف أهمية وجود ابن لادن بالنسبة لتنظيم القاعدة. ولكن من الناحية الرمزية فإن قيمة العثور على ابن لادن حيا أو ميتا مازال لا يقدر بثمن.
(*) عن مجلة «تايم»

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
قضية العدد
الطابور الخامس
تكنولوجيا الحرب
النصف الاخر
الطب البديل
تحت المجهر
تربية عالمية
الفن السابع
عالم الاسرة
المنزل الانيق
ثقافة عالمية
رياضة عالمية
عواصم ودول
نادي العلوم
هنا نلتقي
الصحة والتغذية
عالم الغد
الصحة والتأمين
أنت وطفلك
الملف السياسي
فضائيات
غرائب الشعوب
وجهة نظر
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved