الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 18th October,2005 العدد : 148

الثلاثاء 15 ,رمضان 1426

شذراتٌ من هواجس لا تغيب!!
تقلع بك الطائرة في رحلة إلى أقاصي الدنيا أو أدناها..
لا يطرد خوفك من مصير مأساوي قد ينتظرك إلا إيمانك بالله، وإلا فكل الاحتمالات مفتوحة لعطل أو خلل قد يودي بحياة كل من عليها..
***
تسلم نفسك للطبيب الجراح ليجري لك عملية قد تشفى بسببها، وقد تقودك إلى مثواك الأخير، وتظل علاقتك وإيمانك بالله سبب إقدامك على مثل هذه المغامرة التي قد تضع حداً لحياتك..
***
تركب المخاطر في الأرض والبحر والجوّ، فيما الشعور بالخوف يتلاشى كلما تذكرت أن حياتك ومماتك هي بأمر وتوفيق وإرادةٍ من الله، فتكرر المحاولات وتعتاد عليها لأن ما يريده الله لك كائن ومتحقق مهما فعلت من أسباب لتجنبه..
***
كلٌّ منّا يمارس مثل هذا الحذر ويتجنب ما هو محذور، ويضع بينه وبين ذلك الذي قد يضعه في غير ما كان يتمنى الكثير من الاحترازات، لكن مشيئة الله نافذة، والإنسان مع ضعفه، يبقى قوياً وآماله معلقة بتوفيقٍ من الله ورضاه..
***
الإنسان بطبعه يعمل ويزاوج بين كل المتناقضات في عالمه، وينتقي منها ما يتفق مع آماله ويتناسب مع طموحاته، لكنه قد ينهزم وقد يفشل، مثلما أنه قد ينجح وقد يوفق، فهذه سنّة الحياة ولن يجد المرء لسنّة الله تبديلاً..
***
هذه أمثلة رأيت أن أكتب هذه السطور عنها، وأنا بين الأرض والسماء، وقد أثارني الموقف وحرك إحساسي، وشعرت لحظتها ككل مرة أكون على متن طائرة بالخوف وبمزيد من التأمل والتفكير، وتساءلت: كم هو الإنسان غريباً إذ يبحث عن راحته من خلال مغامرات تتنوع وتتجدد، وقد تنتهي به إلى ما يمكن تسميته واختصاره بالمأساة..
***
أسأل الله أن يمنحنا رضاه، ويدلنا على طريق الخير فنتّجه إليه ونسعى نحوه، وأن نمضي حيث يوجد هنا أو هناك شعاعٌ من الأمل والضياء الذي لا يغيب.


خالد المالك

هل خسرت واشنطن الرهان على نفط العراق؟!

* إعداد - أشرف البربري
منذ أن انطلق الحديث في واشنطن عن غزو العراق بدعوى القضاء على خطر أسلحة الدمار الشامل المزعومة لدى بغداد قال الكثيرون أن الهدف الأساسي وراء التحركات الأمريكية المحمومة هو السيطرة على البترول العراقي حيث يمتلك العراق ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم.
الباحث الأمريكي مايكل كيلر قدم تقريرا معمقا عن ملف البترول العراقي في السياسة الأمريكية ونشر في صحيفة (آسيا تايمز) استعرض فيه بكثير من التفصيل والتحليل الدوافع الأمريكية لغزو واحتلال العراق وفشل الولايات المتحدة في تحقيق أي من أهدافها.
مايكل كيلر هو أستاذ الدراسات الأمنية الدولية في كلية هامبشاير كوليدج بالولايات المتحدة وله العديد من المؤلفات أحدثها (الدماء والنفط.. مخاطر تزايد اعتماد أمريكا على النفط المستورد) و(مصادر للحروب) و(خريطة الصراعات العالمية).
وفي هذا التحليل يقول كيلر: إنه على مدى عشرات السنين ترسخ مبدأ لدى كبار صناع السياسة الأمريكيين وتحول إلى عقيدة لا يتزحزح الإيمان بها وهو أن الولايات المتحدة تستطيع استخدام قوتها العسكرية من أجل فرض سيطرتها على موارد البترول في دول العالم.
ولم يتردد أي رئيس أمريكي في استخدام القوة العسكرية أو التلويح باستخدامها من أجل حماية المصالح النفطية الأمريكية في منطقة الخليج. وعندما أقدم الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين على غزو الكويت عام 1990 وتهديد حقول النفط لم يتردد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الاب في إرسال مئات الآلاف من الجنود الأمريكيين إلى منطقة الخليج لتحرير الكويت وحماية حقول النفط في المنطقة.
وقد كان هذا المبدأ حاضرا بقوة لدى مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش الابن أثناء التفكير في غزو واحتلال العراق في مارس عام 2003.
ولكن بعد مرور عامين على احتلال العراق جاءت النتيجة عكسية تماما فلم يؤد الاحتلال الأمريكي للعراق إلى تدفق النفط العراقي بكميات أكبر وإنما حدث العكس وأصبح منتهى الأمل عودة الانتاج النفطي للعراق إلى مستوياته قبل الغزو.
دوافع الغزو
ومن المؤكد أن النفط لم يكن الدافع الوحيد وراء قرار إدارة الرئيس بوش غزو العراق ولكنه كان عاملا مهما للغاية، وقد اتضح ذلك من تصريح لنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني أمام مجموعة من المحاربين القدماء الأمريكيين في أغسطس عام 2002 أي قبل شهور معدودة من غزو العراق عندما قال إنه لا يجب إغفال فكرة السيطرة على البترول العراقي عندما نعدد الأسباب التي تدعونا إلى غزو العراق.
وبالطبع لا يمكن أن نشك في موقف زملاء تشيني السابقين في صناعة النفط حيث كان يرأس شركة هاليبرتون إحدى أكبر شركات النفط الأمريكية قبل انتقاله إلى البيت الأبيض. فمسؤولو صناعة النفط الأمريكية كانوا يتلهفون إلى غزو العراق من أجل السيطرة على ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، كما أن السيطرة على موارد النفط العراقية كانت من العوامل الأساسية التي استخدمها المحافظون الجدد في الإدارة الأمريكية لتبرير الغزو العراقي والتقليل من تداعياته، فهم يرون أن السيطرة على بترول العراق سوف يتيح للولايات المتحدة توجيه ضربة قوية إلى منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) باعتبارها القوة الرئيسة المسيطرة على سوق النفط العالمية.
حرب إجهاضية
وبالطبع فإن هناك عوامل أخرى كانت مهمة وراء قرار صناع السياسة الأمريكية بغزو العراق منها تفعيل مبدأ (الحرب الإجهاضية) الذي كان قد أطلقه الرئيس الأمريكي جورج بوش عام 2002. فقد وجد بعض صقور الإدارة أن العراق يمكن أن يشكل مسرحا ملائما تماما لكي يثبت بوش للعالم جديته في شن الضربات الإجهاضية ضد أية دولة يرى أنها تمتلك أسلحة دمار شامل وتشكل تهديدا للأمن الأمريكي، وبغض النظر عن تباين الأهداف بين صناع السياسة الأمريكية من فكرة غزو واحتلال العراق فإن القاسم المشترك بينهم تمثل في افتراض أن غزو واحتلال العراق يعني زيادة كميات النفط التي ينتجها العراق ويضخها في الأسواق العالمية وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الأمريكي بصورة أو بأخرى.
هذه الرؤية المتفائلة بشأن مستقبل إنتاج النفط العراقي بعد الغزو الأمريكي المرتقب كانت ملموسة جدا في واشنطن خلال الأشهر التي سبقت الغزو، ففي تقريرها الدوري عن النفط العراقي ذكرت وزارة الطاقة الأمريكية بكل ثقة في أواخر عام 2002 أنه بوجود استثمارات أجنبية كافية فإن العراق يمكنه مضاعفة انتاجه النفطي بسرعة بعد الإطاحة بصدام حسين من 2.5 مليون برميل يوميا إلى أكثر من خمسة ملايين برميل يوميا.
أما في وزارة الخارجية الأمريكية فإن الورقة البحثية التي أعدتها مجموعة عمل بشأن النفط والطاقة تحت عنوان (مستقبل مشروع العراق) فقد قالت إنه يجب خصخصة الأصول النفطية العراقية والإسراع بتدفق رؤوس الأموال الغربية والخبرات الفنية إلى صناعة النفط المحلية.
في الوقت نفسه فإن المعارض العراقي في المنفى في ذلك الوقت أحمد الجلبي الذي كان مقربا من البنتاجون ومرشحا قويا لخلافة صدام حسين بعد الإطاحة به والذي يشغل حاليا نائب رئيس الوزراء في العراق والمسؤول عن ملف البنية الأساسية لصناعة النفط العراقية فقد التقى قبل الغزو الأمريكي للعراق بكبار المسؤولين في شركات النفط الأمريكية ووعدهم بدور مهم في تطوير صناعة النفط العراقية، وقال الجلبي في سبتمبر 2002 وقبل الغزو الأمريكي للعراق بستة أشهر (الشركات الأمريكية سيكون لها نصيب كبير في النفط العراقي).
سيناريو متفائل
وبعيدا عن الفوائد المالية المباشرة للاستيلاء على الاحتياطيات النفطية الضخمة للعراق فإن بعض المسؤولين في إدارة بوش كان لديهم سيناريو أكثر تفاؤلا بشأن استغلال النفط العراقي بعد الاستيلاء عليه، هذا السيناريو كان يقول إن الاستيلاء على حقول النفط العراقية وإداراتها سوف يؤدي إلى زيادة عائدات النفط العراقي والتي يمكن استخدامها لتمويل الاحتلال الأمريكي للعراق وسداد تكاليف عملية الغزو ذاتها، وقال لاري ليندساي المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض قبل الغزو الأمريكي للعراق: (يمكننا تحمل تكاليف الغزو والاحتلال) لأن زيادة انتاج العراق من النفط بعد ذلك سوف يساعد في إنعاش الاقتصاد الأمريكي.
وأضاف في تصريحات لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في سبتمبر عام 2002 (عندما نغير نظام الحكم في العراق يمكننا زيادة انتاج هذا البلد بما يتراوح بين ثلاثة وخمسة ملايين برميل يوميا من النفط.. وهذا يعني أن الحرب المنتظرة ستكون مفيدة للاقتصاد الأمريكي) وفي واحدة من أكثر تصريحات المسؤولين الأمريكيين بشأن هذه القضية وضوحا قال نائب وزير الدفاع الأمريكي في ذلك الوقت بول وولفويتز الذي يشغل حاليا منصب رئيس البنك الدولي (إن عائدات النفط العراقي يمكن أن تتراوح بين خمسين ومائة مليار دولار على مدى العامين أو الثلاثة أعوام التالية، فنحن نتعامل مع دولة يمكنها تمويل خطط إعادة بنائها بعد غزوها).
ومن الواضح أن السيطرة على حقول البترول في الدولة التي وصفها وولفويتز ذات مرة بأنها (تسبح فوق بحيرة من النفط) كان إحدى أولويات البنتاجون في الأيام الأولى للغزو، وفي إطار خططها للغزو وضعت وزارة الدفاع الأمريكية خططا مفصلة للاستيلاء على الحقول والمنشآت النفطية العراقية في الأيام الأولى للحرب.
ففي الرابع والعشرين من يناير عام 2003 وقبل الغزو الأمريكي للعراق بأقل من ثلاثة أشهر قال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأمريكية لوسائل الإعلام (من الأمانة القول إن قائد قواتنا البرية وفريق التخطيط العامل معه وضعوا الاستراتيجيات التي تسمح لنا بتأمين وحماية هذه الحقول في أسرع وقت ممكن).
وبالفعل بمجرد دخول القوات الأمريكية العراق انتشرت وحدات قوات خاصة لتأمين حقول النفط وبخاصة في الجنوب، والحقيقة أن أول مهمة نفذتها القوات الخاصة الأمريكية في تلك الحرب كانت تأمين منشآت تصدير النفط العراقية على الخليج العربي.
وقد نشر مراسل نيويورك تايمز في الثالث والعشرين من مارس 2003 بعد ثلاثة أيام تقريبا من بدء الغزو يقول: إن وحدات عسكرية أمريكية تمكنت من السيطرة على ميناءين لتصدير النفط العراقي على ساحل الخليج العربي في هجومين خاطفين لم تسل فيهما دماء لتحقق أمريكا أول انتصار في معركة السيطرة على امبراطورية النفط العراقية الشاسعة.
تدهور الأوضاع
وهذا (الانتصار) المبكر تلته انتصارات أخرى وتمكنت القوات الأمريكية من احتلال مصافي النفط العراقية الكبرى ثم بعد ذلك مبنى وزارة النفط العراقية نفسها في قلب العاصمة بغداد، وكانت الأمور حتى ذلك الوقت تبدو جيدة. ولكنها بدأت تتدهور على نحو واضح بعد ذلك.
فقد أدى نقص عدد القوات الأمريكية إلى غياب الحماية اللازمة لمختلف المنشآت النفطية وغيرها من منشآت البنية الأساسية في بغداد وغيرها من المدن العراقية الكبرى فركزت القوات الأمريكية جهودها على حماية المنشآت النفطية فقط مما جعل باقي المنشآت العامة في العراق هدفا مباحا أمام اعمال السلب والنهب التي قام بها الغوغاء بعيد سقوط نظام صدام حسين في التاسع من إبريل عام 2003.
وقد أدى هذا إلى تدمير سلطة الاحتلال الأمريكية والحكومة المؤقتة المدعومة أمريكيا التي قامت بعد ذلك، ولكي تتدهور الأمور أكثر فإن تركيز الأمريكيين على حماية وتأمين المنشآت النفطية فقط وتجاهل باقي المنشآت أعطى العراقيين انطباعا بأن الأمريكيين إنما جاءوا إلى بلادهم من أجل السيطرة على ثروتها النفطية وليس للتخلص من الديكتاتور صدام حسين كما رددت إدارة بوش.
وانطلاقا من هذه الفكرة انتشرت مشاعر الغضب والسخط لدى شريحة كبيرة من العراقيين ضد القوات الأمريكية وكل شيء مرتبط بها، ومنذ ذلك الوقت لم تتمكن إدارة الرئيس بوش من وقف التداعيات الكارثية للأحداث في العراق.
وبدلا من ان يسبح الأمريكيون في بحر النفط العراقي ويغرفون منه مليارات الدولارات وجدوا أنفسهم يسبحون في بحور من نيران المقاومة العراقية المسلحة متعددة العرقيات والانتماءات الأيديولوجية وليس كما يحاول الأمريكيون تصويرها باعتبارها مقاومة سنية فقط أو أنها تابعة لتنظيم القاعد الإرهابي.
فالغالبية العظمى من العراقيين باتت تدرك العلاقة الواضحة بين الغزو الامريكي لبلادهم وثروة بلادهم النفطية، وهذا الإدراك لعب الدور الأكبر في دفع الآلاف من العراقيين إلى معسكر المقاومة المسلحة على أساس الفكرة التي تروج لها جماعات المقاومة بين العراقيين وهي أن الولايات المتحدة جاءت إلى العراق لاستنزاف ثروته النفطية وحرمان أبنائه منها على حد قول الخبير العراقي المولد الذي يعيش في الولايات المتحدة فلاج الجبوري.
ويضيف الجبوري: إن الكشف عن خطط الولايات المتحدة لخصخصة صناعة البترول العراقية أججت مشاعر الغضب والسخط لدى العراقيين، وقد استغلت جماعات المقاومة خطط الإدارة الأمريكية لخصخصة قطاع النفط العراقي حيث روجت هذه المقاومة لفكرة تقول: (انظروا انتم تفقدون بلدكم وتفقدون ثرواتها لصالح مجموعة من المليارديرات الذين يريدون تحويل حياتكم إلى جحيم).
ويؤكد الجبوري أن هذه الفكرة كانت من أهم أدوات المقاومة في استقطاب آلاف العراقيين إليها.
في الوقت نفسه أدركت المقاومة العراقية منذ البداية عزم الإدارة الأمريكية على تمويل الحرب في العراق من خلال عائدات النفط العراقي لذلك أصبحت المنشآت النفطية وبخاصة خطوط الأنابيب التي تنقله إلى موانئ التصدير على رأس أهداف المقاومة.
ووفقا لأحد المصادر فإن المقاومة في العراق نفذت230 هجوما كبيرا على منشآت نفطية في العراق خلال الفترة من يناير عام 2004 حتى السابع من سبتمبر عام 2005 مما أسفر عن خسائر تقدر بمليارات الدولارات.
ونتيجة لهذه الهجمات التي تتم بشكل يومي تقريبي استمر تدهور إنتاج العراق من النفط منذ الغزو الأمريكي له.
ووفقا لتقديرات وزارة الطاقة الأمريكية نفسها فإن انتاج العراق يصل إلى 1.9 مليون برميل يوميا مقابل 2.6 مليون برميل يوميا في يناير 2003 قبيل الغزو لأمريكي.
في المقابل فإن ما يدفعه الاحتلال من أجل الحفاظ على تدفق الانتاج العراقي من النفط يرتفع بصورة تناقض تماما تصورات المسؤولين الأمريكيين قبل الغزو، فالاحتلال الأمريكي ينفق ملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين لتأمين شبكة خطوط أنابيب ومنشآت صناعة النفط العراقية دون جدوى حقيقية.
والحقيقة أن القوات الأمريكية تركز على حماية اثنين من مكونات البنية الأساسية لصناعة النفط العراقية، الأول: هو خط أنابيب كركوك - جيهان شمال العراق والثاني: موانئ التصدير في الجنوب على الخليج العربي، وتأمين خط الأنابيب في الشمال مسؤولية قوة مشكلة من وحدات مقاتلة متحركة من فرقتي فورت واينرايت وفورت لويس، أما تأمين موانئ تصدير النفط في الجنوب فمسؤولية البحرية الأمريكية وقوات حرس الحدود.
وقد اتضح أن عملية تأمين هذه المنشآت خطيرة للغاية، ففي إبريل عام 2004 على سبيل المثال تعرض ميناء خور الأمية لتصدير البترول على الخليج العربي لهجوم انتحاري باستخدام زورق خفيف مما أدى إلى مقتل اثنين من أفراد البحرية الأمريكية وجندي من قوات حرس الحدود الأمريكية أيضا وكانت أول مرة يلقى فيها جندي حرس حدود أمريكي حتفه في معركة منذ حرب فيتنام قبل أكثر من ثلاثين عاما.
ومما زاد من الأهمية الرمزية لهذا الهجوم أنه استهدف ميناء سيطرت عليه القوات الأمريكية في بداية الحرب دون قطرة دم واحدة في (انتصار خاطف في معركة السيطرة على امبراطورية النفط العراقية العملاقة).
ورغم نشر القوات الأمريكية لتأمين المنشآت النفطية العراقية الأساسية وزيادة المخصصات المالية لتأمين هذه المنشآت فإن وزارة الطاقة الأمريكية لم تحقق أي تقدم تجاه زيادة انتاج النفط العراقي حتى الآن.
وذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية في تقرير لها في يونيو الماضي ان (خط أنابيب الشمال يتعرض دائما للتخريب بحيث يبدو من المستحيل حمايته.. في حين أن الصراعات المحلية بين القبائل العراقية في الجنوب التي لا يتم نشر أخبارها عادة تعرقل المرور السلس للنفط العراقي من حقول الجنوب إلى موانئ التصدير، في الوقت نفسه فإن نفقات تأمين المنشآت النفطية ونفقات عمليات إعادة البناء الأخرى لا تترك القدر الكافي من المال اللازم لتطوير صناعة النفط العراقية).
كما أن هناك مشكلتين أخريين تعرقلان زيادة إنتاج النفط العراقي الأولى: الفساد الواضح في وزارة النفط العراقية حاليا والثانية: الاختلافات الحادة بين الأكراد والسنة والشيعة بشأن توزيع عائدات النفط بين مختلف أقاليم العراق.
ورغم أنه من المستحيل تحديد القيمة الحقيقية لفاتورة الفساد في وزارة النفط العراقية وعمليات بيع النفط في السوق السوداء فإن الخبراء يؤكدون أنها قيمة كبيرة.
وقد قال محمد العبودي مدير عام التنقيب في وزارة النفط العراقية في مارس الماضي إن الفساد الإداري في الوزارة يتخذ أشكالا عديدة.
وأضاف: (عمليات السرقة والسطو تتم بشكل يومي وبالنسبة لوزارة النفط يقوم بها صغار الموظفين وكذلك كبار المسؤولين في الدولة العراقية).
وبالطبع يتم تحميل المسلحين مسؤولية هذه الخسائر حتى يتم تحويل الانتباه عن كبار المسؤولين في الحكومة العراقية الذين يتحملون بشكل مباشر مسؤولية هذه السرقات.
والحقيقة أن هناك تداعيات أخرى خطيرة للفساد وسوء الإدارة في العراق بالنسبة لصناعة النفط العراقية على المدى الطويل، فمن أجل الانتاج بأقل طاقة ممكنة من أجل استمرار تدفق الدولارات على الحكومة العراقية يواصل المسؤولون العراقية استخدام وسائل خطيرة لضخ البترول وهو ما يهدد بإحداث أضرار دائمة للاحتياطات النفطية تحت الأرض.
على سبيل المثال يواصل المديرون استخراج البترول من حقل الرميلة أحد أكبر حقول النفط في العالم رغم توقف أنظمة حقن المياه إلى باطن الأرض من أجل الحفاظ على مستوى الضغط تحت الأرض وهو ما سيؤدي إلى إلحاق أضرار بالغة بالحقل على المدى الطويل وفقا لرؤية الخبراء.
ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن أحد مشتري النفط العراقي في يونيو الماضي أن مشكلات الضغط تحت الأرض في حقول النفط العراقية يمكن أن تؤدي إلى تدهور دائم في الانتاج على المدى الطويل، وبالتالي فإنه حتى إذا سيطرت شركات النفط الأمريكية على الحقول العراقية بعد ذلك فقد تكتشف أن العائد مخيب للآمال.
خلافات عرقية
وهناك مشكلة أخرى أشد خطورة وهي الخلافات بين المجموعات العرقية الكبرى في العراق وهم الشيعة والأكراد والسنة بشأن توزيع عائدات النفط. فأغلب احتياطات النفط العراقية تتركز في المناطق الكردية في الشمال والمناطق الشيعية في الجنوب. والأكراد والشيعة يريدون توزيع عائدات النفط بين المحافظات العراقية المختلفة وفقا لعدد السكان وهو ما يحقق لهم مصالح كبيرة على حساب السنة وربما الحكومة المركزية في بغداد في المستقبل.
والفشل في التوصل إلى تسوية مقبلة لهذه القضية شكل إحدى العقبات الرئيسة في طريق الدستور العراقي الجديد.
كما أن السنة يشعرون بالقلق تجاه بعض مواد الدستور التي تسمح لمجموعات من المحافظات بتشكيل أقاليم فيدرالية وهو ما يمكن أن يؤدي في النهاية إلى تفتيت العراق إلى دويلات حيث يعيش السنة في أصغر وأفقر منطقة في وسط وغرب العراق.
ومثل هذه القضية لن تؤدي فقط إلى تأجيج مشاعر السخط والغضب في قلوب السنة وتدفعهم نحو المزيد من التمرد المسلح ولكنها أيضا ستفرض المزيد من المشكلات على تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى صناعة النفط العراقية في المستقبل وستكون النتيجة النهائية استمرار تدهور الانتاج العراقي من النفط.
من كل ما سبق يمكن الوصول إلى ننتيجة تقول إن انتاج العراق النفطي سيستمر على حده الأدنى لسنوات عديدة مقبلة بغض النظر عن كم الدماء التي ستسيل من أجل سيطرة أمريكا عليه، وقد تأكد بالفعل أن الغزو الأمريكي للعراق لن يؤدي إلى قيام حياة ديمقراطية في العراق كما كانت الإدارة الأمريكية تزعم باستمرار.
وما حدث أن العراق تحول إلى دولة تعيش تحت رحمة الانقسامات العرقية. ولذلك يمكن القول إن الأمريكيين لن يحصلوا على أي إمدادات نفط إضافية رغم كل ما بددته الإدارة الأمريكية من أموال ودماء الأمريكيين في العراق، بل إن استخدام القوة من أجل السيطرة عل حقول النفط العراقية أدى إلى نتائج عكسية حيث تراجعت إمدادات النفط العراقية ولم تزداد.
النفط المستورد
وهذه النتيجة مهمة جدا لغالبية الأمريكيين بعد أن تزايد اعتماد الولايات المتحدة على النفط المستورد لسد الجانب الأكبر من احتياجاتها النفطية، وحتى قبل الإعصار كاترينا المدمر الذي ألحق خسائر فادحة بصناعة النفط الأمريكية في خليج المكسيك في أغسطس الماضي فإن وزارة الطاقة الأمريكية تتوقع زيادة نسبة استهلاك النفط المستورد داخليا من 53 في المائة عام 2002 إلى 66 في المائة عام 2025.
وكنتيجة للإعصار فإن تلك النسبة المئوية مرشحة للزيادة إلى مستوى أعلى لأن أغلب الزيادة المنتظرة في إنتاج أمريكا النفطي ستكون في المياه العميقة لخليج المكسيك الذي أصبح منطقة نشاط إعصاري كبير، وقد أدى الإعصار كاترينا ومن قبل الإعصار إيفان إلى تدمير عدد من منصات انتاج النفط في خليج المكسيك، وإذا كانت المنصات التي نجت من الأعاصير يمكنها العودة إلى الانتاج بعد إصلاحها فإن أسعار التغطية التأمينية لهذه المنصات ارتفعت بصورة كبيرة بسبب مخاطر الأعاصير، كما أن المستثمرين قد يترددون كثيرا قبل إلقاء استثماراتهم في تلك المياه العميقة المعرضة لمخاطر الأعاصير وهو ما يعني تراجع عمليات التنقيب عن النفط في منطقة خليج المكسيك، وهذا يعني أن الانتاج النفطي للولايات المتحدة يمكن أن يكون أقل من تقديرات وزارة الطاقة الأمريكية مما يؤدي إلى زيادة الاعتماد على البترول المستورد.
ولا شك أن أغلب النفط الأمريكي المستورد سيأتي من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وإفريقيا وجبال الأنديز في أمريكا الجنوبية وهي كلها مناطق تعاني اضطرابات مزمنة، فهذه هي المناطق الوحيدة في العالم القادرة على تلبية الاحتياجات الأمريكية من الطاقة، وهي في الوقت نفسه المناطق الوحيدة التي تنشر فيها وزارة الدفاع الأمريكية القوات العسكرية.
وإذا كان لنا أن نسترشد بخبرات الماضي يمكننا القول إن صناع السياسة الأمريكية سوف يتعاملون مع معضلة تزايد الاعتماد على البترول المستورد من الخارج بإرسال المزيد من الجنود الأمريكيين إلى مناطق انتاج هذه السلعة الاستراتيجية في محاولة يائسة لتأمين تدفق النفط إلى المستهلك الأمريكي. ولعل هذا هو السبب الرئيس وراء بحث البنتاجون عن قواعد عسكرية جديدة في آسيا الوسطى والخليج العربي وإفريقيا.
ورغم الفشل المروع في العراق يبدو أن صناع السياسة الأمريكيين ما زالوا مؤمنين إيمانا أعمى بأن القوة العسكرية وحدها كافية لتأمين وصول الأمريكيين إلى موارد النفط الأجنبية والسيطرة عليها، وهذه رؤية وهمية تماما كما أظهرت تجربة التدخل العسكري الأمريكي في العراق، ومعنى هذا أن صناع السياسة الأمريكيين يضحون بأرواح الشباب الأمريكي من أجل استراتيجية فاشلة وغير أخلاقية، وأية محاولة لإعادة صياغة السياسة الخارجية الأمريكية على أسس عقلية وأخلاقية يجب أن تبدأ بالتخلي عن استخدام القوة العسكرية بأي شكل من الأشكال للسيطرة على الثروات النفطية للدول الأخرى.

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
خارج الحدود
الملف السياسي
استراحة
تقرير
إقتصاد
منتدى الهاتف
تحقيق
مجتمعات
روابط اجتماعية
x7سياسة
صحة وغذاء
شاشات عالمية
تميز بلا حدود
سوق الانترنت
الصائم الصغير
استطلاع
الحديقة الخلفية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved