الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 19th April,2005 العدد : 123

الثلاثاء 10 ,ربيع الاول 1426

مستقبل الأمة
ما كان لي أن أقول شيئا عن أوضاع أمتنا..
وأن أتحدث لها وعنها بما أرضى به أو لا أرضى عنه..
لولا ما أراه من حالة تمزق تمر بها..
ومن خوف عليها في ظل تداعيات ما يجري لها ومنها.
***
وأخطر ما نخاف منه..
وأشد إيلاما مما يثير فزعنا..
أن تكون أمتنا اليوم ليست بأحسن مما كانت عليه..
إن لم يكن تشخيص حالتها يقول ويتحدث بما هو أنكى وأشد.
***
وحين تكون الأمة في خطر..
ومع امتداد هذا الخطر إلى كل جزء من جسمها..
مثلما تمتد النار إلى الهشيم..
يكون العلاج وتكون المعالجة..
فوق قدرة البشر وبما لا تحقق له شيئا من تمنياته وآماله..
***
والمأساة الكبرى حيث تتجذر المشاكل..
وتنهش هذا الجسم العليل..
لتسقط في أيدينا وتفكيرنا وعقولنا القدرة على تلمس الأسباب وبالتالي معرفة العلاج..
فنضيع وسط الزحام دون أن تتضح الرؤية لنا أو ينقشع الظلام أمامنا.
***
إن هذه الأمة العربية والإسلامية..
على امتداد المساحة التي تقيم عليها..
وبكل هذه الكثافة السكانية التي تتواجد في هذا الجزء الهام من العالم..
مطالبة الآن وسريعا بمراجعة مواقفها لمعرفة مدى علاقتها بالظروف التي تمر بها..
على أمل أن تتضح الرؤية لما غاب طويلا أو غُيّب عنها..
***
وإن هذه الأمة..
الموصومة مع شديد الأسف بالإرهاب..
المحبطة بفعل الأشرار فيها..
عليها أن تعيد حساباتها..
في مجمل قضاياها وتواجهاتها درءا للخطر المحدق الذي ربما يكون قادما للتأثير سلبا بأكثر مما تواجهه الآن.


خالد المالك

width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
في ظل مخاوف من تكرار سيناريو ما قبل ثورة 1958
الخلافات حول الدستور شوكة في حلق القيادة العراقية الجديدة!

* إعداد إسلام السعدني:
مخاض عسير ذلك الذي سبق الإعلان عن رسم أولى ملامح المستقبل السياسي لعراق ما بعد الغزو . . تلك الملامح التي بدت في الظهور مع إعلان تشكيل الهيئة الرئاسية للجمعية الوطنية التي أفرزتها الانتخابات العامة التي جرت في البلاد نهاية شهر يناير الماضي.
وتلا إعلان تشكيل الهيئة الرئاسية التي تمثل ترويكا سنية شيعية كردية وتتكون من الزعيم الكردي جلال طالباني رئيسا للجمهورية ونائبيه الشيعي عادل عبد المهدي والسني غازي الياور تسمية الهيئة للقيادي الشيعي إبراهيم الجعفري زعيم حزب الدعوة رئيساً للوزراء.
وحسمت تلك التطورات شهرين مريرين حفلا بالمشاورات المحتدمة والخلافات السياسية بين القوائم الفائزة بالأغلبية في الانتخابات العراقية وأبرزها قائمة الائتلاف العراقي الموحد المدعومة من المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، والقائمة الكردية التي يتزعمها كل من طالباني الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني ومسعود برزاني زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني إلى جانب القائمة (العراقية) التي يتزعمها رئيس الوزراء المنتهية ولايته إياد علاوي . . وبطبيعة الحال كانت هذه الخطوات التي تسارعت وتيرتها بغتة خلال الأيام القليلة الماضية محور اهتمام الصحف العالمية وفي مقدمتها (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية التي أفردت صفحاتها لتحليل أبعاد المرحلة الحالية التي يمر بها العراق المثخن بجراح الغزو من جهة والمكتوي بنيران التمزق العرقي والطائفي من جهة أخرى . .
***
كركوك مقابل البشمرجة
وفي هذا الإطار، تناولت الصحيفة في تقرير مشترك لمراسليها في القاهرة وبغداد دان مورفي وجيل كارول ملامح تلك التسوية التي أنهت المأزق المعقد الذي دام أسابيع طويلة بسبب الخلافات الشيعية الكردية حول تشكيلة الحكومة المقبلة، مشيرة إلى أن هذه التسوية تتمحور في الأساس على قبول الجانب الكردي إرجاء المطالبة بضم مدينة كركوك الغنية بالنفط إلى إقليم كردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي إلى وقت لاحق، مقابل موافقة الشيعة على تخفيف موقفهم المطالب بنزع سلاح الميليشيات الكردية المعروفة باسم (البشمرجة).
وتشير الصحيفة في تقريرها إلى أن هذا الاتفاق يعني أن الجانبين الشيعي والكردي اللذين يشكلان القوتين السياسيتين الرئيسيتين في العراق حاليا وافقا على إرجاء بحث القضايا الشائكة محل الخلاف بينهما إلى فترة لاحقة أملا في أن يصير المناخ السياسي في البلاد أكثر هدوءا في المستقبل، وكذلك آملين في أن يكون الوقت كفيلا بأن تصبح وجهات نظريهما أكثر تقاربا.
ويلفت التقرير الانتباه إلى أن الكثير من المراقبين كانوا يتوقعون أن يصل الشيعة والأكراد إلى هذه المرحلة المنشودة من الهدوء والتوافق في غضون أسابيع من الانتخابات، ولكن ذلك لم يحدث، مشيرة في هذا الصدد إلى أنه لا ينبغي علينا أن ننسى أن الحل الوسط الذي توصل إليه الجانبان بشأن الحكومة يمثل اتفاقا بين اتجاهين سياسيين شديدي الاختلاف في وطن اعتاد فيه الفرقاء السياسيون استخدام لغة السلاح والتلويح بالتهديدات بديلا عن الجلوس على مائدة المفاوضات.
اختبار الدستور:
وأكد تقرير الصحيفة الأمريكية أن الاتفاق الشيعي الكردي يعد مؤشراً إيجابياً وسلبياً في الوقت نفسه، مشيراً إلى أن الإيجابية تكمن في أن الاتفاق يكشف عن تسارع الوتيرة التي يتعلم من خلالها العراقيون أبجديات العمل السياسي، أما الجانب السلبي فيكمن في ذلك الوقت الطويل الذي استغرقه الشيعة والأكراد قبل التوصل إليه، وهو ما يعتبر في نظر المحللين إشارة إلى تلك التصدعات التي تحفل بها الساحة السياسية العراقية، والتي تهدد المرحلة الانتقالية في البلاد بالانهيار.
وتنقل (كريستيان ساينس مونيتور) عن هؤلاء المحللين تأكيدهم أن فترة الشهرين التي استغرقتها المفاوضات حول تشكيل الحكومة تجعل من غير المرجح الالتزام بالموعد المحدد لوضع دستور جديد للبلاد والتصديق عليه، وهو ما يجب أن يتم قبل الخامس عشر من أغسطس القادم.
ومن بين هؤلاء المحللين (ناثان براون) المحلل البارز في معهد كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن الذي يؤكد أنه لا يزال هناك الكثير من العمل أمام الساسة العراقيين، لكنه يستدرك قائلاً إن أولئك الساسة ربما قد اكتسبوا حاليا خبرة كانوا يفتقرون إليها في السابق.
ويضيف براون بحسب تقرير الصحيفة الأمريكية قائلاً إن المشكلة الحقيقية تكمن في أن المهلة الممنوحة لوضع الدستور العراقي الجديد والتصديق عليه تبدو حالياً محدودة للغاية، والأسوأ من ذلك أن أغلب الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الكتل السياسية العراقية خلال الأسابيع الماضية تمحورت حول توزيع المناصب والشخصيات التي ستتولاها، وهو ما يجعل من غير الواضح تبين ما إذا كانت هذه الكتل قد توصلت إلى أرضية مشتركة حول المبادئ التي تجمع فيما بينها.
علمانية أم إسلامية
والآن بات على الساسة العراقيين كما تقول (كريستيان ساينس مونيتور) في تقريرها أن يلتفتوا إلى قضايا لا يوجد بينهم اتفاق كبير في الرؤى حولها، مشيرة إلى أن تناول هذه القضايا الشائكة يجب أن يتم برغم تصاعد العمليات المسلحة التي يقودها مقاتلون من السنة العرب، تلك الشريحة التي يشير التقرير إلى أنها قاطعت العملية الانتخابية بشكل عام.
وتؤكد الصحيفة الأمريكية في التقرير أن هناك تهديدين يواجهان القيادة العراقية الجديدة، أولهما على المدى القصير وهو ذاك المتمثل في الفشل في إدارة شؤون البلاد بسبب الانشغال في بحث كيفية حسم القضايا المتعلقة بالدستور، أما التهديد الثاني وهو ذاك الذي سيظهر على المدى البعيد فيتعلق بإمكانية حدوث انقسام حاد بين العراقيين الأكراد من جهة والعراقيين العرب من جهة أخرى.
فالأكراد الذين كانوا كما يشير التقرير في حالة حرب مستمرة ضد الحكومة المركزية في بغداد في أغلب مراحل التاريخ العراقي الحديث الذي بدأ مع إعلان تأسيس الدولة العراقية عام 1921 لا يزالون يريدون أن ينص الدستور الجديد على منحهم كركوك، بينما لا يزال العراقيون العرب الذين يشكلون الغالبية في البلاد سواء كانوا سنة أو شيعة متمسكين برفض هذا المطلب.
ولا تتوقف المطالب الكردية عند هذا الحد إذ يشير تقرير (كريستيان ساينس مونيتور) إلى أن تلك المطالب تشمل أيضاً ضمان استقلالية (البشمرجة)، وهو ما يراه غالبية العراقيين من غير الأكراد أمراً من شأنه زعزعة استقرار البلاد.
الخلافات الشيعية الكردية تمتد أيضاً إلى شكل الدستور، فبينما يريده القادة الشيعة ذا صبغة إسلامية واضحة، يرغب الزعماء الأكراد في أن يكون هذا الدستور على النمط العلماني بشكل أكبر.
قضايا الوضع النهائي
وفي هذا السياق، ينقل التقرير عن (تشارلز تريب) أحد كبار المؤرخين المتخصصين في تاريخ العراق في معهد الدراسات الشرقية والإفريقية التابع لجامعة لندن قوله إن النظر إلى المسائل المتعلقة بالخلافات المثارة في العراق بشأن الدستور تجعل الوضع في بادئ الأمر أشبه بالمفاوضات العربية الإسرائيلية التي يتم فيها إرجاء بحث ما يسمى ب(قضايا الوضع النهائي) حتى النهاية نظراً للتعقيد الذي تتسم به هذه القضايا.
ولكن تريب يشير إلى أن ظروف العراق توجب على الساسة هناك البدء بمعالجة (قضايا الوضع النهائي) الخاصة بهم أولا وليس إرجاؤها.
ويسهب تقرير الصحيفة الأمريكية في تناول ما ينص عليه قانون إدارة الدولة العراقية في المرحلة الانتقالية بشأن مراحل العملية السياسية في البلاد والتي تم قطع جزء منها بالفعل، حيث تبدأ هذه العملية بانتخاب جمعية وطنية انتقالية تختار بأغلبية الثلثين هيئة رئاسية مكونة من رئيس الجمهورية ونائبيه.
ويضيف التقرير أن القانون نص أيضاً على أنه يتعين على هذه الهيئة بعد ذلك أن تختار بالإجماع رئيس الوزراء الجديد الذي سيختار بدوره أعضاء حكومته، مشيراً إلى أن إنهاء هذه الأمور تطلب من القوى السياسية الرئيسية في العراق نحو شهرين من المشاورات والمساومات التي تركزت على الأغلب بين القائمة الشيعية المدعومة من السيستاني والتي فازت بـ 51% من مقاعد الجمعية الوطنية والقائمة الكردية التي جاءت في المركز الثاني من حيث عدد المقاعد التي حصلت عليها في الجمعية.
حقيبة النفط
وأوضحت (كريستيان ساينس مونيتور) في تقريرها أن الاتفاق الشيعي الكردي الذي مهد لإطلاق العملية السياسية في العراق فتح الباب أمام القيادي الشيعي إبراهيم الجعفري للبدء في تشكيل حكومته التي ستتوزع حقائبها على القوى السياسية التي تدعم تشكيلة الهيئة الرئاسية.
ونقل التقرير في هذا الصدد عن مسؤولين شيعة وأكراد قولهم إن القيادي الكردي هوشيار زيباري سيحتفظ بحقيبة الخارجية التي يتولاها حالياً، كما سيحصل الأكراد على سبع أو ثماني حقائب أخرى أقل أهمية إلى جانب منصب أحد نائبي رئيس الوزراء.
وأضاف التقرير نقلاً عن هؤلاء المسؤولين ومن بينهم القيادي الشيعي إبراهيم بحر العلوم أن قائمة الائتلاف الموحد ستحصل على حقائب الداخلية والمالية والكهرباء والنقل والإعلام والصحة والشباب والتعليم العالي، بينما لا تزال الحقيبة الخاصة بالنفط التي تعتبر عادة ذات حظوة ويتركز عليها الاهتمام موضع خلاف حتى الآن.
ويشير التقرير إلى أن هناك تضارباً ساد تصريحات المسؤولين الشيعة في هذا الشأن خلال الأيام الماضية، فبعد أن أعلن البعض منهم أن الأكراد وافقوا على ترك وزارة النفط للقائمة الشيعية، مقابل موقف شيعي مرن من مسألة نزع سلاح (البشمرجة)، عاد مسؤولون شيعة آخرون للقول إن الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه طالباني ويشكل أحد قطبي القائمة الكردية مع الحزب الديموقراطي الكردستاني أعاد طرح مصير هذه الحقيبة المهمة للنقاش.
وفي هذا الصدد تلفت (كريستيان ساينس مونيتور) الانتباه إلى أنه على الرغم من التحالف الذي جمع بين الحزبين الكرديين الرئيسيين في الانتخابات الأخيرة إلا أن الحرب الضارية التي نشبت بينهما خلال تسعينيات القرن الماضي جعلت لكل منهما عاصمة وبرلماناً إقليمياً خاصاً به.
شبح الماضي
ويعود بنا تقرير الصحيفة الأمريكية إلى تريب الذي يذكرنا بوضع العراق في عهد الملكية والذي انتهى بنشوب ثورة عام 1958م، قائلاً إن توزيع المناصب الوزارية في تلك الحقبة وفقاً لاعتبارات تحكمها (المحسوبية) كان عاملا أدى لفشل الحياة السياسية في ذلك الوقت ومن ثم إلى نشوب الثورة.
وأعرب تريب عن قلقه إزاء أن تؤدي الاختلافات العرقية والمذهبية بين العراقيين إلى عرقلة الجهود الرامية لوضع الدستور الجديد، خاصة وأن الشواهد في الفترة الراهنة تشير إلى أنه لا توجد سوى مساحة ضئيلة من الاتفاق بين القوى الرئيسية في البلاد.
والأسوأ من كل ذلك كما تؤكد الصحيفة الأمريكية أن الفشل في إعادة إرساء الأمن أو تحسين الأوضاع الاقتصادية بشكل سريع سيؤدي إلى تقويض التأييد المتوسط الذي يبديه العراقيون حالياً لقيادتهم، تماماً كما حدث عشية ثورة 1958م.
وهنا يقول تريب إن (الأيام كفيلة بأن تجعلنا نرى ما إذا كان النظام السياسي الجديد في العراق سينهار تحت وطأة الوضع الأمني المعقد هناك أم لا)، متسائلاً (عما إذا كان العراقيون سينجحون في تفادي حدوث هذا الاحتمال).
ويضيف الرجل قائلاً إنه على الرغم من أنه من أشد المعارضين لتحميل البشر مسؤولية الأخطاء التي ارتكبها أجدادهم في إشارة إلى عدم قبوله فكرة تحميل الساسة العراقيين مسؤولية ما ارتكبه أسلافهم من أخطاء قادت لانهيار التجربة السياسية في البلاد في العهد الملكي (إلا أن عدم حدوث ذلك مرة أخرى يحتاج إلى رؤية خلاقة من جانب القادة العراقيين الجدد).
رحلة الألف ميل
وفي تقرير آخر نشرته (كريستيان ساينس مونيتور) في الموضوع نفسه أعده هذه المرة (هوارد لافرانشي) الذي يلفت النظر في البداية إلى أن الأزمة المستحكمة التي شهدها العراق قبل إطلاق العملية السياسية هناك أدت لإثارة مشاعر الحنق بين المواطنين العاديين كما أدت أيضاً إلى تعزيز قوة العمليات المسلحة الجارية في أنحاء مختلفة من البلاد.
وأشار لافرانشي إلى أن المسؤولين الأمريكيين على سبيل المثال حاولوا تهدئة مشاعر القلق التي انتابتهم في هذا الصدد من خلال الحديث عن أن القادة العراقيين الجدد في حاجة إلى فسحة من الوقت لصياغة نظام سياسي يختلف تماماً عن ذاك الذي ساد بلادهم طيلة عقود قبل أن يشرعوا في مواجهة التحديات التي تنتظرهم.
ويتحدث الصحفي الأمريكي بدوره عن أن المساومات الشاقة التي جرت بين القوى الرئيسية في العراق حول توزيع المناصب الأساسية في الحكومة الجديدة قد أرجأت بحث القضايا الأكثر أهمية وخطورة والتي تعد بمثابة الشوكة في حلق العملية السياسية برمتها إلى مرحلة قادمة، وهي قضايا من قبيل دور الدين في السياسة وكيفية توزيع عائدات النفط على الأقاليم المختلفة.
ويشير إلى أن التأخر في التوصل إلى اتفاق حول المناصب الحكومية قد أثار مخاوف وتساؤلات شتى حول كم من الوقت سيكون لازما حتى تبدأ الحكومة العراقية بالفعل في ممارسة مهامها والاضطلاع بدورها.
ويتفق لافرانشي مع دان مورفي وجيل كارول في أن التسوية الذي توصلت إليها القائمتان الشيعية والكردية في نهاية الأمر تمثل مؤشراً على أن العراقيين بدأوا في إدراك معنى (الحلول الوسط)، وهو مفهوم يشير الرجل إلى أنه كان لا وجود له تقريباً في ظل نظام الرئيس المخلوع صدام حسين، ولكن استيعاب ذلك المفهوم لا يعد نهاية المطاف كما ينقل الصحفي في تقريره عن عدد من المحللين بل إن هذه المسألة ليست سوى الميل الأول في رحلة طويلة تتضمن وضع الدستور الجديد في البلاد.
تغيرات ثورية
وفي هذا السياق، ينقل لافرانشي عن فيب مار الخبيرة في الشؤون العراقية بمعهد الولايات المتحدة للسلام في واشنطن قولها إن ما جرى بالفعل كان خطوة إيجابية، ولكن ذلك لا يعدو مجرد بداية.
وفيما يقر الصحفي الأمريكي في تقريره ل(كريستيان ساينس مونيتور) بأن الجميع سواء في داخل العراق أو في خارجه بمن فيهم الأمريكيون كانوا يأملون في أن يتم تشكيل الحكومة الجديدة بشكل أسرع، ينقل عن مار قولها إن (العراق يمر بمرحلة تغيرات ثورية، ولا بد أن نتوقع ظهور مشكلات معقدة وأن نتوقع أيضاً أن الأمور لن تتم بشكل مثالي وفقاً للجدول الزمني الذي ننشده).
وتردف الخبيرة الأمريكية قائلة إن المؤشر الأكثر إيجابية في ما جرى مؤخرا على الساحة السياسية في العراق يكمن في أن الأطياف العراقية المختلفة مذهبياً وعرقياً بدأت في أن تتعلم كيفية التفاوض من أجل إيجاد تسويات وحلول وسط.
ولكن المخيب للآمال بعض الشيء حسبما ينقل لافرانشي عن مار يتمثل في أن المشاورات التي دارت بين القوى السياسية العراقية تمخضت عن إرجاء بحث ما تطلق عليه (القضايا الوجودية) بالنسبة للعراق.
ومن جهة أخرى، يؤكد الصحفي الأمريكي أن من بين الأسباب التي تدعو للقلق حالياً في العراق ما خلفته كل هذه الأسابيع التي دارت فيها المشاورات السياسية خلف أبواب مغلقة من تأثيرات على المواطنين العراقيين.
وهنا ينقل عن هنري باركي المحلل السابق للشؤون العراقية في وزارة الخارجية الأمريكية قوله إن تأخر الاتفاق كل هذه المدة أدى إلى تبدد قدر من الحماس الذي كان موجوداً في نفوس العراقيين، مشيراً إلى أن النجاح في تشكيل الحكومة بالسرعة الواجبة ومن ثم التعامل مع المشكلات الأمنية والحياتية التي تواجه العراقيين كان سيجعل تلك الحكومة تستفيد أكثر من مناخ التفاؤل الذي كان سائداً بعد الانتخابات مباشرة.
ويضيف باركي حسبما ينقل عنه لافرانشي أن التأخير في هذا الأمر يعني أن القادة العراقيين الجدد بددوا جزءاً من رصيدهم لدى المواطنين.
مصداقية القيادة الجديدة
ويؤكد هوارد لافرانشي أن العنصر الأكثر أهمية في تكوين مصداقية للحكومة الجديدة في بغداد بين المواطنين يتمثل في تحقيق إنجازات ملموسة على الأرض وخاصة فيما يتعلق بالخدمات الأساسية، مشيراً إلى أن التيار الكهربائي على سبيل المثال لا يزال كثير الانقطاع، وأن العديد من الوزارات في الحكومة المنتهية ولايتها ظلت لأسابيع غير قادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها الأساسية مثل تجديد تراخيص سائقي السيارات مثلا ! .
وهنا يستعين لافرانشي برؤية يطرحها نبيل محمد أحد كبار الأساتذة بمعهد الدراسات الدولية بجامعة بغداد والذي يقول إن أمل العراقيين يتركز حاليا في أن تستطيع الحكومة الجديدة القيام بإجراءات ملموسة وخاصة على صعيد الوضع الأمني.
ويضيف محمد قائلاً (إننا نأمل في أن تنجح هذه الحكومة في مهمتها وأن تقوم بأي شيء من أجل صالح البلاد، (ولكن ) أعلم أن ذلك ليس سهلا على الإطلاق).
ويعود لافرانشي للحديث عن أن الباب صار مفتوحاً الآن أمام الجمعية الوطنية العراقية لوضع الدستور، مشيراً إلى أنه بوسع أعضاء الجمعية طلب تمديد المهلة الممنوحة لوضع هذا الدستور والتصديق عليه والتي تنتهي منتصف أغسطس ستة أشهر إضافية، وهو الأمر الذي يقول الصحفي الأمريكي إن العديد من القادة العراقيين باتوا يشيرون حالياً إلى احتمالية حدوثه.
حدود كردستان
ويعضد تلك الرؤية ما يقوله باركي من أنه من قبيل التفاؤل المفرط أن نتخيل أن الساسة العراقيين الذين أخذوا كل هذا الوقت للبدء في تشكيل حكومة رغم تمتعهم بأغلبية مريحة في البرلمان سيتمكنون من إنجاز الدستور والتصديق عليه بحلول الموعد المحدد لذلك، لأن المباحثات والمشاورات في هذا الصدد ستشمل بحث قضايا أساسية وشديدة الأهمية أهمها ما سينص عليه الدستور بشأن دور الدين سواء على الصعيد السياسي أو على صعيد الحياة العامة في العراق.
ويضيف أن من بين المسائل الشائكة أيضاً في هذا الشأن ترسيم حدود الأقاليم العراقية المختلفة، وهو ما يشير بشكل أساسي لحدود إقليم كردستان الذي يمكن أن يضم في التخطيط الجديد الذي يطالب به الأكراد مدينة كركوك وهو ما يعني تقسيم موارد البلاد من النفط فعليا.
وتوصي (مار) الحكومة العراقية الجديدة بالبدء في التعامل مع المشكلات التي يواجهها العراقيون سواء فيما يتعلق بالأمن أو الخدمات الأساسية للحيلولة دون فقدان شعبيتها في الشارع العراقي، مؤكدة في الوقت نفسه ضرورة مراعاة التوازن بين الاهتمام بقضايا مثل تلك، والاهتمام بمسائل أكثر جوهرية وحيوية مثل علاقة الدين بالدولة، ووضع الحريات في ظل النظام الجديد، تلك المسائل التي ستؤثر على العراق على المدى البعيد.
وتضيف (مار) قائلة إن دور القوى الخارجية سيأتي في هذه الحالة لا للقيام بالمهام المعقدة نيابة عن الحكومة، ولكن لمساعدتها في التعامل مع مشكلات الخدمات الحياتية حتى يتسنى للحكومة العراقية الجديدة إيلاء قضية وضع الدستور ما تستحقه من عناية واهتمام.

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
خارج الحدود
الملف السياسي
السوق المفتوح
استراحة
إقتصاد
منتدى الهاتف
تحقيق
مجتمعات
من الذاكرة
جزيرة النشاط
روابط اجتماعية
x7سياسة
الحديقة الخلفية
صحة وغذاء
شاشات عالمية
رياضة
تميز بلا حدود
نجوم ومحاكم
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved