يقوم المخرج المغربي محمد بلحاج بتصوير فيلم وثائقي تلفزيوني يتناول حياة المخرج السينمائي السوري الراحل مصطفى العقاد الذي قضى مع ابنته في انفجار إرهابي وقع في احد فنادق العاصمة الأردنية عمان قبل نحو سنتين. وبدأ بلحاج عمليات التصوير، في مدينة حلب السورية حيث عاش المخرج طفولته وصباه، ثم انتقل إلى دمشق ليلتقي أشقاء الراحل، ومن المنتظر أن يستكمل عمليات التصوير في بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية التي أمضى فيها الراحل شطراً طويلاً من حياته، في محاولة لتقديم صورة بانورامية مقربة عن المخرج عبر المزج بين الروائي والوثائقي بهدف رصد حالات ومواقف إنسانية مؤثرة عاشها الراحل.
ويعيد هذا الفيلم، الذي ينتج لمصلحة إحدى القنوات الفضائية العربية، إلى الأذهان تلك الدراما الإنسانية المعبّرة التي عاشها العقاد (1930 - 2005)
فقد خرج العقاد من مدينته حلب شاباً معدماً، مليئاً بالحماس، حاملاً حقيبة خالية إلا من الأحلام، والطموحات السينمائية الكبيرة التي مهدت أمامه الطريق ليقتحم قلعة هوليوود المغلقة في وجه الغرباء والطارئين، خصوصاً وأن العقاد ينتمي إلى ثقافة عربية إسلامية غير مرحب بها كثيراً هناك، لكن الموهبة الاستثنائية التي تمتع بها العقاد منحته اعترافاً من قبل صنّاع السينما الأمريكية العملاقة، فاستطاع الراحل أن يحقق سلسلة من أفلام الرعب عرفت باسم (هالوين) أو (عيد التنكر)، كما أنجز فيلمين سينمائيين نالا الكثير من الجوائز وهما (الرسالة) بنسختيه العربية والانكليزية، و(عمر المختار - أسد الصحراء).
وكان العقاد يعتزم إنجاز فيلم عن القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي، وعلى الرغم من أن هذا المشروع كان يدور في ذهن العقاد قبل رحيله بسنوات طويلة غير أن صعوبة العثور على ممول يتصدى لهذا المشروع جعل منه حلما مؤجلا لم يتمكن الراحل من تحقيقه. لاشك أن رحلة العقاد السينمائية تشكل مادة خصبة لفيلم وثائقي، والمفارقة انه كان يصنع أفلاما جميلة، ولم يدر في خلده أن حياته المفعمة بالهزائم، والانتصارات بالمشروعات والأحلام الكبيرة، التي انتهت نهاية تراجيدية مؤلمة، ستتحول ذات يوم إلى موضوع فيلم يعيد تلك الذكريات.
تجدر الإشارة إلى أن مخرج هذا الفيلم الذي يتوقع أن يكون جاهزاً للعرض في أوائل آب المقبل، قد نال الماجستير في الإخراج والإنتاج السينمائي من باريس، وهو مختص في إخراج الأفلام الوثائقية، ويسعى إلى تكريس ثقافة وثائقية في العالم العربي الذي يفتقر إلى مثل هذه الثقافة، وسط غياب أكاديميات متخصصة في التعريف بهذا النوع الفني.
