الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 19th September,2006 العدد : 190

الثلاثاء 26 ,شعبان 1427

العراق في ذكرى أحزان أمريكا!
لم يصغِ الرئيس الأمريكي (بوش) إلى نصيحة العقلاء، وإلاّ لما أقدم على غزو العراق متجاهلاً موقف مجلس الأمن الذي لم يسمح له بالإقدام على هذه الحرب، ليجد نفسه منذ أن وطئت أقدام قواته المسلحة في أرض الرافدين وإلى اليوم في مستنقع لم يعد قادراً على الخروج منه.
صحيح أن أمريكا أُذلت وأسيء إلى كبريائها وهيبتها بتفجير برجي التجارة العالمية، وما أسفر عن هذا الحادث المؤلم من قتل لمجموعة من الناس الأبرياء، ضمن سلسلة أعمال إرهابية تعرضت لها سفارات الولايات المتحدة الأمريكية ورعاياها في عدد من الدول من قبل.
لكن الرئيس الأمريكي مؤيداً ومسانداً من المحافظين الجدد، ذهب - دون أن يدري - إلى أكثر مما كان يجب أن يقدم عليه في تصديه للإرهاب ومعالجته تداعيات ما حدث، حتى وإن أصابه وشعبه شيء كثير من المرارة والشعور بالألم في ظل تدمير البرجين وما تركه من آثار مأساوية.
***
وبخاصة أنه قد تبين له وللعالم أن العراق لم يكن يملك أي أسلحة للدمار الشامل التي روجت لها الإدارة الأمريكية لتبرر بها سبب غزوها العراق، متذرعة بأن صدام حسين وأعوانه يشكلون تهديداً للسلام في العالم، وأن العراق أصبح مزرعة لتنامي الإرهاب وزيادة قدراته على امتداد العالم.
بل أكثر من ذلك، فقد تأكد على لسان المسؤولين الأمريكيين أنفسهم أن صدام حسين لم تكن له علاقة أو تعاون مع القاعدة وبالتالي أي صلة بتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر؛ ما يبطل حجة البيت الأبيض التي سوَّق بها للحرب، واعتمد عليها في حشد التأييد بين وسائل الإعلام والمؤسسات الفاعلة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وهنا يبدو أن أسباب الحرب غير المعلنة أبعد ما تكون عن تلك التي تم إعلانها، بما في ذلك الادعاء الأمريكي بنيته في نشر الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان في دول المنطقة، حيث بدأت التسريبات الأمريكية تتحدث عن الشرق الأوسط الكبير والشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة في المنطقة.
***
إن أي انتقاد للغزو الأمريكي للعراق لا يبنغي أن يُفهم وكأنه دفاع عن صدام حسين ونظامه البائد، أو أنه قبول بأسلوب الحكم الدكتاتوري البغيض الذي كان يحكم به شعب العراق الشقيق على مدى سنوات مضت، وإنما هو من باب التذكير بأنه لا يمكن أن يكون النظام البديل المقبول لحكم العراق بمثل هذا المناخ الذي خيَّم على العراق منذ القضاء على النظام السابق وحتى الآن.
فليس أسوأ من أن نرى القتلى وقد أصبحوا بالعشرات يومياً بعد سقوط نظام صدام حسين، ومن أن الخطوات العملية قد بدأت تأخذ طريقها لتقسيم العراق، مع استمرار الحرب الأهلية بحسب الطوائف والمذاهب والقوميات بين العراقيين، دون أن تملك القوات الأمريكية أي قدرة للسيطرة على زمام الأمور، بما في ذلك حماية جنودها من اصطيادهم لدى من تسميهم بالإرهابيين في مواقع متفرقة وبأساليب مختلفة.
إن خيار التغيير في العراق، بالأسلوب الذي نراه الآن، لم يكن الخيار الأمثل، إذ إنه لو ترك لشعب العراق اختيار قيادته وأسلوب حكمه دون إملاءات خارجية أو دعم أجنبي لهذه الفئة على حساب الأخرى، لكانت الأوضاع في العراق أفضل بكثير مما هي عليه الآن، ولما كانت بهذا السوء الذي يهدد مستقبل العراق بأكثر مما رسمته له الحرب.
***
وبالعودة إلى الإرهاب، فإن العمليات الإرهابية على مستوى العالم قد ازدادت وتفاقمت وليس العكس بدءاً من غزو أمريكا العراق وإلى الآن، بمعنى أن تجفيف منابعه وتطويقه والقضاء على رموزه، لم تكن مرتبطة بالتدخل أو عدم التدخل الأمريكي في الأوضاع العراقية.
وهذا يعني - فيما يعنيه - أن التدخل الأجنبي لتغيير أنظمة الحكم في الدول، وإعطاء المظلة الشرعية أو القانونية لذلك، لا يمكن أن يفهم إلا على أنه بمثابة زيادة المساحة في ملعب الإرهابيين، وكأن الخيارات الأخرى الأفضل والأجدى قد فُقدت لإرساء الأمن والسلام في العالم.
ولعل غزو العراق يعطي للأمريكيين ولدول العالم الأخرى دروساً مستقبلية في أهمية قراءاتها الصحيحة البعيدة عن الهوى للتطورات والمستجدات في العالم وبخاصة في منطقتنا، ضمن التصميم الحازم والمطلوب لحل مشاكل الدول والشعوب، ولتكن لقضية فلسطين الأولوية في ذلك نسبة إلى عدم الاستقرار في منطقتنا بسبب احتلال إسرائيل لفلسطين ودعم الولايات المتحدة الأمريكية الأعمى لها.


خالد المالك

بعد مرور عام على انسحاب الإسرائيليين
أهالي غزة يعيدون بناءها رغم الحصار

* إعداد - محمد الزواوي
بالرغم من الانسحاب الإسرائيلي من غزة العام الماضي، إلا أن قوات الاحتلال لا تزال تمارس جرائمها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وتستمر في مسلسل إرهاب النساء والأطفال، كما تستمر في طلعاتها الجوية بطائراتها النفاثة التي تخترق جدار الصوت فوق المنازل، وتطير على ارتفاع منخفض يوقظ النائمين الآمنين.
وبعد عام من تحرير غزة، لا يزال الوضع كما هو عليه، بسبب القيود التي فرضها الاحتلال على الشعب الفلسطيني، وبسبب المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية التي فرضها الغرب على حكومة حماس.. وقد نشرت صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية تقريراً عن الأوضاع في تلك البقعة الفلسطينية التي تعاني من ويلات الجوع والحصار.
يبدأ التقرير بمشهد لتلك التلال المطلة على البحر الأبيض المتوسط، التي كانت في السابق مقر مستوطنة نيفيه ديكاليم، أكبر مستوطنات قطاع غزة، التي لم يبق منها سوى ركام وهياكل اثنين من المعابد اليهودية التي خلَّفها المحتلون وراءهم.. أما مدخل المستوطنة الذي كان يحتوي على مركز تجاري ومجلس محلي ومدارس، التي تركها الإسرائيليون وراءهم في أغسطس الماضي، فقد تم تحويلها إلى مجمعات سكنية تابعة لجامعة الأقصى.
ويقول كبير المهندسين الذي يشرف على عمليات التجديد إن ما يقرب من ألفي طالب يأتون هنا يومياً لحضور الفصول الدراسية في مواد مثل الكيمياء والأحياء والفيزياء وعلوم الحاسوب.
ويقول محمد ناجي: (لا أستطيع أن أجد الكلمات لأعبر عن سعادتي بوجودي هنا، إنني أشعر وكأني أم فقدت وليدها منذ أكثر من 35 عاماً، ثم فجأة وجدته بين أحضانها)، وذلك أثناء سيره في المجمع السكني الطلابي الذي امتلأ بالزهور، وتدوي في الخلفية أصوات رشاشات المياه التي تروي الحدائق المزروعة حديثاً، التي تنساب في صوت خفيف بين ضجيج عمليات البناء التي تتم في الجوار.. ويقول السيد ناجي إنه بالرغم من أنه يسكن في مكان قريب من غزة، إلا أنه لم يستطع أن يضع قدمه في هذه الأرض أثناء الاحتلال الإسرائيلي، ويضيف: (لقد كانت تلك الأرض محرمة علينا أيام الاحتلال).
وقد حصل الفلسطينيون على موافقة ببدء أعمال التجديدات، وبدؤوا بالأعمال الأساسية مثل استبدال النوافذ والأبواب، التي كان الإسرائيليون قد اقتلعوها عند مغادرتهم، ويضيف ناجي: (عندما وطئت أقدامنا هذه الأرض لأول مرة كان المكان كئيباً وكأنه ميت؛ فلم يكن هناك شيء سوى الجدران).
ولكن مع تعثر الاقتصاد الفلسطيني واندلاع أعمال العنف ثانية فإن تحويل تلك المنطقة - التي كانت مستوطنة قديمة - إلى منطقة للمنفعة العامة الفلسطينية لا يزال حلماً بعيد المنال، فتشير التقارير إلى تعثر معظم أعمال التجديدات التي كان مقرراً إجراؤها في الأراضي التي كانت تضم 21 مستوطنة يهودية قبل الانسحاب الإسرائيلي في أغسطس من العام الماضي، فلا تزال أكوام الركام قابعة، كما فشلت مخططات تحويل مستوطنة موراج إلى حي سكني فلسطيني يقطنه 3 آلاف نسمة من الفلسطينيين ذوي الدخل المحدود، ويقول المسؤولون إن السبب في ذلك هو نقص الأموال والأسمنت ومعدات البناء.. كما تراجعت المشروعات الدولية الأخرى التي كانت تهدف إلى المساعدة في بناء منازل ومشاريع خدمية، وذلك بسبب تولي حماس قيادة الحكومة الفلسطينية، وبخضوعها لمقاطعة دبلوماسية واقتصادية بسبب مواقفها السياسية من إسرائيل.. كما أصبحت عملية نقل الأموال إلى السلطة الفلسطينية صعبة للغاية بسبب الحصار الاقتصادي، وقد استطاع وزراء حماس نقل الأموال عن طريق الحدود المصرية إلى غزة محمَّلة في حقائب، بعد أن أوصدت العديد من البنوك أبوابها أمام حركة حماس، التي لم تجد أي طريق آخر لدفع الرواتب والفواتير سوى المعابر البرية.
ولكل تلك الأسباب السابقة لم يفكر مستثمرو غزة في إنشاء مشاريع كبرى في المنطقة، لكن بدلاً من ذلك تحولوا إلى المشروعات الصغيرة، والشاطئية منها بصفة خاصة.. وقد جاء سعيد رباح وأخوه إلى شاطئ غزة واستأجرا قطعة صغيرة من الشاطئ ليبنوا عليها مقهى على تلك الأرض التي كانت في السابق جزءاً من مستوطنة تل قطيف.
وقد أنفق الأخوان حتى الآن 1400 دولار، وهي مدخراتهما من متجر العائلة الذي يديرانه في المدينة، وشيدا ذلك المقهى الذي أسمياه (مقهى الجزيرة)، وذلك لوجود صخرة كبيرة في مواجهة الشاطئ تظهر فقط في حالات الجزر عندما تنحسر المياه.
وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في غزة، يشير التقرير إلى نقص الأموال لدى العائلات، الذين لا يستطيعون بدورهم إنفاق ما تبقى من أموال لهم في المتنزهات والمقاهي الشاطئية والأكل في المطاعم، لذا لم يأت للأخوين في مقهاهما الجديد حتى الآن سوى 6 زبائن فقط، وذلك بعد أحداث شاطئ غزة التي وقعت مؤخراً.. وأسفرت عن مصرع 7 أفراد من عائلة واحدة بالرصاص الإسرائيلي، ولم يكن لهم ذنب سوى أنهم كانوا يتنزهون على الشاطئ.
ويقول رباح الذي أكسبته الشمس بشرة سمراء ولا يختلف مظهره عن أي شاب من مديري المقاهي الشاطئية حول العالم، بشعره الطويل وقوامه الممشوق: (إن العمل هنا ضعيف للغاية، فما حدث لتلك العائلة جعل الناس يخافون من الذهاب إلى الشاطئ، ذلك لأن ما حدث يمكن أن يتكرر ثانية في أي وقت).
ويشير التقرير إلى أن مجرد افتتاح ذلك المقهى البسيط استغرق منه وقتاً طويلاً بسبب نقص الأسمنت الذي كان يحتاجه لعمل طريق طويل يصل ما بين الطريق إلى المقهى، وقد ندر وجود الأسمنت بعد إغلاق معبر كارني الذي يعد المعبر التجاري الرئيس بين إسرائيل وغزة، الذي ظل مغلقًا لفترات طويلة.
وبالرغم من قلة عدد الزبائن في المنطقة، إلا أن رباح يشعر بالتفاؤل ويقول إن الأمور اليوم أفضل مما كانت عليه من عام قبل الانسحاب الإسرائيلي، ويضيف أن (هذه المنطقة كانت صحراء محرمة علينا ولم يستطع أحد الاقتراب منها، ولم يكن لدينا سوى جزء صغير للغاية من الشاطئ، واليوم أصبح كله ملكاً للفلسطينيين).
ويأمل رباح أنه مع افتتاح موسم الدراسة بعد عدة أسابيع سوف تزدهر التجارة في المنطقة، لكن حتى الآن فلا شيء في المكان يدوي.. سوى صوت قذائف المدافع التي تضرب غزة، التي تأتي من المناطق الشمالية لبيت لاهيا، فمن هذا المكان يقوم الفلسطينيون بإطلاق صواريخ القسام على مدينة سيدروت الإسرائيلية المجاورة.
وفي كثير من الأيام يصحو الناس على الأصوات المدوية التي تخرج من الطائرات الإسرائيلية التي تخترق حاجز الصوت فوق المنازل السكنية، التي تطير مسرعة على ارتفاع منخفض فوق رؤوسهم. ولا يزال الفلسطينيون يفدون إلى شاطئ غزة بالرغم من الكثير من المخاطر التي تحيط بهم، لكن معظم الفلسطينيين لا يمتلكون الأموال التي يستطيعون دفعها لمقاهٍ مثل مقهى (الجزيرة)، لذا يقضون أمسيتهم في الجلوس على الشاطئ مثل عائلة العقاد التي أتت للتنزه في تلك المنطقة التي كانت تحت السيطرة الإسرائيلية الصيف الماضي.
وتقول هنادي العقاد، أم لثلاثة أطفال: (ما حدث لعائلة غالية يجعلنا قلقين بشأن المجيء إلى البحر، لكن ماذا نستطيع فعله سوى ذلك؟ فبسبب الأزمة الاقتصادية لا نستطيع الذهاب إلى تلك المقاهي، لأننا يجب علينا أن ندفع ثمن ما نطلبه ونحن ليس لدينا أموال لشراء مأكولات لكل طفل من الأطفال، فلا أحد لديه مال الآن).
ويعمل زوج هنادي شرطياً في السلطة الفلسطينية، مما يعني أنه لم يحصل على راتبه منذ مارس الماضي، بسبب المقاطعة الاقتصادية الغربية المفروضة على الحكومة التي تقودها حركة حماس.
واستطاعت العائلة أن تدبر أمورها عن طريق بيعها جواهر العائلة، وقد جاءت هذا الشهر دفعة مالية عاجلة من المساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية، وحصل زوجها على 500 شيكل، أو ما يعادل 112 دولاراً.
وقد نزلت السيدة هنادي بحجابها الطويل الأسود، وتقول إن هذه هي المتعة الوحيدة التي تستطيع توفيرها لأطفالها، لذا ألحت على زوجها لكي تأتي إلى الشاطئ هي وأطفالها حتى استجاب لمطلبها.
وتقول: (ليس لدينا أي حدائق عامة أو أي أماكن نستطيع الذهاب إليها، فيجب على الأطفال أن يفعلوا شيئاً، ولا أريد أن أفرض حصاري الخاص عليهم)، في إشارة إلى نفس المصطلح الذي يستخدمه معظم الفلسطينيين لوصف الحالة التي يمرون بها وتوجه المجتمع الدولي ضدهم بعدما قطع المعونات الرسمية عن السلطة الفلسطينية.
وقد أدت سياسة الحصار الغربية إلى خنق العديد من مشاريع البنية التحتية في المنطقة، ومن بينها مشروع المبنى السكني لطلاب جامعة الأقصى التي تُقام على أراضي مستوطنة نيفيه ديكاليم السابقة.
ويقول ناجي، كبير المهندسين، إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قد وعدت بالمساعدة في عمل 5 مشاريع هنا.. لكن تم إيقافها كلها حتى يتم مراجعة المشاريع الممولة أمريكياً في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد فوز حماس في انتخابات يناير الماضي، التي تصفها الخارجية الأمريكية بأنها جماعة إرهابية.

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
فن عربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
المستكشف
خارج الحدود
الملف السياسي
اقتصاد
منتدى الهاتف
مجتمعات
روابط اجتماعية
صحة وتغذية
تميز بلا حدود
أنت وطفلك
تقارير
سوق الانترنت
الحديقة الخلفية
دراسات
جرافيك
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved