الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 20th April,2004 العدد : 77

الثلاثاء 1 ,ربيع الاول 1425

أنحن أحياء أم أموات؟!
نتوارى اليوم كأمة خجلاً مما نراه فينا وعنَّا..
ونشعر بالمهانة مع استخفاف العالم بنا..
فها نحن مع هذا الواقع المرير نبدو وكأننا نتجرد من تاريخنا وعبق الماضي من حياتنا..
فيما أن المطلوب منَّا أن يكون شكلنا خالياً من تلك الملامح التي شوهت وأساءت لنا..
وأن تكون صورتنا اليوم وفي كل يوم مختلفة عن حالنا وواقعنا وما نحن فيه..
***
فصوتُنا الذي كان يدوي ويُستمع إليه بانبهار..
ورأيُنا الذي كان يُصغَى إليه باعجاب وتقدير..
وتلك المواقف الجسورة التي كان يحسب لها ألف حساب..
ها هي قد اختفت وغابت وتوارت عن الأنظار..
بشكل يدعو للألم والأسى والحسرة على ما فات والخوف مما يُحضّر لمستقبلنا الآن..
***
والفجيعة أن نتعامل مع كل هذه المتغيرات الخطيرة..
دون إحساس أو شعور..
وبلا اكتراث أو مبالاة..
وأن يبتلع كل منا هذا (الطعم) القاتل الذي حُضّر لنا دون تردد أو خوف من آثاره السلبية..
وكأننا بهذا أشبه بأمة ميتة..
أو معطلة مداركها..
أمة لا تحسن قراءة مستقبلها كما ينبغي..
بل كأنها لا تملك حق المبادرة في الحفاظ على حقوقها بالتصدي والدفاع عنها..
في زمن يتأكد يوماً بعد آخر بأنه ليس فيه للضعفاء والمترددين إلا التهميش من التاريخ..
***
لقد أضرت بنا الخلافات..
وعصفت بنا كثيراً المؤامرات..
وأخفت موالاتنا للعدو والتنازل له والقبول بإملاءاته كل قدرة لهذه الأمة كي تحيا قوية وعظيمة وبشرف..
فيما لا يزال المستقبل المخيف يلقي بظلاله علينا ودون أن يخفينا الضيف القادم ومستقبله المجهول..
***
إننا نتحسر على الماضي..
يوم كان للأمة صوت وكلمة وإرادة..
ونشعر بالأسى والخزي من حالنا اليوم..
ونذكّر بواقعنا إن كان فينا من تنفع معه وفيه الذكرى والتذكير.


خالد المالك

بعد اتساع نفوذ واشنطن في العالم
الانتخابات الأمريكية ظاهرة كونية!

* إعداد أشرف البربري
الحقيقة المؤكدة أن كل شعوب العالم تتابع باهتمام معركة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية ربما بدرجة تفوق كثيرا الاهتمام بالانتخابات الرئاسية في دول هذه الشعوب. وبالطبع فإن سر هذا الاهتمام ليس الفضول ولا التطفل من جانب شعوب العالم ولا حتى الانبهار بكل ما هو أمريكي وإنما السر يكمن في إدراك هذه الشعوب أن نتائج هذه الانتخابات تؤثر بشكل مباشر على مختلف مناحي حياتهم.
لذلك فلم يكن من الممكن في ظل هذه الحقيقة المؤكدة أن يتجاهل الكتاب والصحفيون غير الأمريكيين الانتخابات الأمريكية. وفي الوقت نفسه لم يكن من المقبول أن تقتصر كتابات هؤلاء المفكرين والكتاب والصحفيين على رصد ومتابعة مشاهد الفيلم المثير للصراع بين رئيس جمهوري يريد فترة رئاسية ثانية وهو جورج بوش ومرشح ديموقراطي يحلم بعرش الإمبراطورية الأمريكية هو جون كيري وهي مشاهد أقرب ما تكون لأفلام هوليوود.
وظهرت رؤى وزوايا جديدة للنظر إلى الانتخابات الرئاسية وإن بدت غريبة إلا أنها لا تقل غرابة عن الحقيقة الراسخة وهي أن الجالس في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن يؤثر بقراراته على الفلاح الفقير الذي يزرع القمح في بنجلاديش ولا يستطيع بيعه بسعر مجز لأن الرئيس الأمريكي يقدم مليارات الدولارات للفلاح الأمريكي حتى يتمكن من بيع قمحه في الأسواق العالمية بأسعار أرخص من التكلفة ويترك الفلاح البنغالي قمحه فريسة للسوس.
الصحفي الهندي الذي يعيش في تايلاند ساتيا ساجار نشر مقالا على موقع التجمع الشعبي من أجل التغيير الاجتماعي تحت عنوان (اتركوا شعوب العالم تصوت في الانتخابات الأمريكية) قال فيها :أنا لست مواطنا أمريكيا ولكنني أتطلع بحرقة إلى التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأضاف قائلا: أجل ما سمعتموه صحيح فأنا هندي أعيش في تايلاند ولم أزر الولايات المتحدة الأمريكية في يوم من الأيام ومع ذلك أريد التصويت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. فهل هذا ممكن؟ قانونا لا يمكن. ولكن منطقيا قد يبدو الأمر مقبولا. فأي عمل يقوم به رئيس أمريكا يؤثر بشكل مباشر على حياتي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. إذن فالوقت قد حان لكي يغير قانون الانتخابات في الولايات المتحدة ليتم السماح لملايين الأشخاص حول العام مثلي بممارسة حقهم الديموقراطي في اختيار الرئيس الجديد للولايات المتحدة.
ويضيف: قبل أن أقدم مبررات موقفي هذا بمزيد من التفصيل دعوني أقول لكم لماذا لدي شعور أنني على صواب. أولا وعلى مدى السنوات العشر الماضية لاحظت أن مذيعي قنوات التلفزيون في كل أنحاء العالم يطلقون على الرؤساء الأمريكيين مجرد كلمة (الرئيس) وكأنهم رؤساء العالم كله. فإذا كان كل هؤلاء المذيعات والمذيعين حسني المظهر يريدون اعتبار بيل كلينتون أو جورج بوش (الرئيس) دون الإشارة إلى من يرأسه هذا الرئيس فأنا أحتج على هذا.
ثانيا، يتابع الصحفي الهندي حديثه، أتذكر أنني كنت أشاهد أحد أفلام السينما الأمريكية الذي كان يدور حول غزو كائنات فضائية لكوكب الأرض. وعندما التقت هذه الكائنات مع أحد سكان كوكبنا قالت له (خذنا إلى زعيمكم) وبالطبع فمعرفة الزعيم ليست عسيرة فلن يكون سوى رئيس الولايات المتحدة بالطبع باعتباره رئيس كوكب الأرض.
فالرئيس الأمريكي في الواقع هو رئيس كوكب الأرض. ويحاول الصحفي الهندي دعم وجهة نظره تلك فيقول، قبل نحو ثلاثة عقود استيقظ رئيس الولايات المتحدة في صباح أحد الأيام وقرر إرسال بعثة إلى سطح القمر.
والآن سمعت أن الرئيس بوش يريد تكرار نفس التجربة.
أعذرني ولكن ألست مضطرا لقول هذا؟ من الذي سمح للأمريكيين بإرسال أي شيء إلى سطح القمر الذي هو مملوك لكل إنسان على سطح الأرض وليس للحكومة الأمريكية فقط؟ هل السبب ببساطة الذي أعطى الأمريكيين هذا الحق هو امتلاكهم للتكنولوجيا الصاروخية اللازمة للوصول إلى القمر؟. فهل لأنني أمتلك سيارة استطيع السفر إلى الدول المجاورة بكل سرور؟
بالطبع لا. فالتفسير الرئيسي المقبول لقيام الأمريكيين بهذه الخطوة هو أن رؤساء الولايات المتحدة هم رؤساء العالم لذلك يستطيعون أن يفعلوا أي شيء على سطح القمر بما في ذلك طلاؤه بألوان زجاجة كوكاكولا الأمريكية. وهذا سيكون أمرا جيدا لكنه يجعل كل العشاق في الهند والعالم يتوقفون عن تشبيه كل هندية جميلة بأنها كالقمر.
قرارات البيت الأبيض
ويواصل الصحافي الهندي حديثه قائلا: دعني أشرح لكم بمزيد من الايضاح لماذا تمثل المشاركة في اختيار الرئيس الامريكي المقبل أهمية كبيرة بالنسبة لي.
إليكم بعض الطرق التي تؤثر بها قرارات البيت الأبيض على حياتي:
على الصعيد السياسي، كمواطن في دولة نامية لا أجد أي معنى في انتخاب أو اختيار أو تأييد قادتي الوطنيين إذا لم أعرف ما يفكر فيه الرئيس الأمريكي بالنسبة للاشخاص الذين سأنتخبهم. ماذا لو لم يكن الرئيس الأمريكي يحب رئيس وزراء بلدي أو رئيس الدولة أو حتى شيخ القبيلة التي انتمي إليها؟ من المؤكد أنه سيأتي على الفور لقصف الحي الذي أعيش فيه. فلماذا هذه المغامرة؟ فبعد كل ما سمعته عما حدث لصربيا والعراق وأفغانستان أدركت أنه لن يكون شيئا جميلا أن تأتي الطائرات الأمريكية لتلقي بحمولتها من القنابل العنقودية فوق رأسي.
الدولار ام الروبية؟
وأشار الصحفي الهندي إلى تأثير قرارات الرئيس الأمريكي على الحياة الاقتصادية لكل سكان الارض فقال: والدي ظل يعمل مدرس فيزياء (طبيعة) في الهند لمدة أربعين عاما وتقاعد في أوائل الثمانينيات عندما كان أجره يبلغ 6000 روبية. وكان هذا الأجر يكفي تماما للحياة الكريمة بالمعايير العامة في الهند في تلك الايام رغم أنه لم يكن يساوي أكثر من مائتي دولار. وقد قررت ألا أحذو حذو والدي واتجهت مباشرة إلى العمل بالدولار وليس بالروبية. وسافرت إلى العديد من بلاد العالم ووجدت الجميع يحاول تجنب الحصول على مرتبه بالروبية ويسعى للحصول عليه بالدولار. فعلى سبيل المثال رفضت البنوك في دولة الإكوادر على سبيل المثال قبول الروبية الهندية.
لا أستطيع أن أعبر بصورة مناسبة عما يعنيه الدولار بالنسبة لي. ربما كانت الاغنية القديمة التي تقول كلماتها (كم تحبني. لا ادري. لكنني أدرك أنني لا أستطيع الحياة بدونك) هي أفضل ما يعبر عن إحساسي تجاه الدولار الأمريكي. فأنا مثل ملايين البشر على كوكب الأرض الذين يقضون الليل بلا نوم يفكرون متى يأتي إليهم محبوبهم الدولار. صدقوني فهو مخادع ومراوغ ويمكن أن يفر منك إلى أي شخص آخر.
والآن أدركت أن مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي هو المؤسسة الوحيدة في العالم صاحبة سلطة اتخاذ القرار بشأن طباعة الدولارات لذلك فهي التي تحدد كم الدولارات التي يجري تداولها حول العالم وقيمة هذه الورقة الخضراء أمام باقي عملات العالم.
من المؤكد أنه من حق كل عشاق الدولار مثلي المشاركة في اختيار رئيس الولايات المتحدة الذي تؤثر سياساته بالتأكيد على محبوبنا الدولار. أليس هذا مطلبا عادلا؟ وهل هناك في العالم مكان للحب القديم الآن؟
ثم انتقل إلى الصعيد الاجتماعي، فقال هل تدرك كيف يؤثر الرئيس الأمريكي على حياتي الاجتماعية؟ ببساطة شديدة فأنا لا أستطيع أن أسير في أي مدينة آسيوية حاليا دون أن اصطدم بشخص أمريكي أو على الأقل تصطدم بهؤلاء الآسيويين الذين يرون أنفسهم أمريكيين فعلا ولكنهم موجودون في هذه المدن الآسيوية لأنهم ولدوا في المكان الخطأ. وأنا شخصيا أعرف بعض الأشخاص الذين يريدون أن يولدوا من جديد ككلاب أليفة لأن هذه الكلاب يمكن أن تحصل على تأشيرة الدخول لأمريكا بصورة أسهل كما إنها لن تؤخذ بصماتها عند دخولها الأراضي الأمريكية وقبل سنوات عندما أعلنت الصحف الهندية أن عدد سكان الهند اقترب من المليار نسمة فإنني رفضت هذا الإحصاء تماما. فأنا أدرك تماما أن ما بين خمسة وعشرة في المئة على الأقل ممن يعيشون في الهند أمريكيون وليسوا هنودا. فهم ولدوا ويأكلون ويتكلمون ويحلمون كأمريكيين على مدار الساعة. وكل واحد منهم يحلم باليوم الذي يحصل فيه على تصريح الاقامة في الولايات المتحدة (الجرين كارد) وينظرون بحسد بالغ إلى هؤلاء الذين حصلوا عليه. وأنا لا أحمل الرئيس الأمريكي المسئولية عن هذه الظاهرة. فهي مشكلة في العديد من دول العالم ومن صنع أيدينا نحن. ولكن ما أريد قوله هو أنه إذا كان كل هؤلاء الأمريكيين يصوتون في انتخاباتنا الوطنية فيجب أن يسمح لي بالتصويت في الانتخابات الأمريكية.
(ملحوظة، لم أتناول كيف تؤثر قرارات رئيس الولايات المتحدة علي جسديا لأنني أعتقد أن جيراننا في أفغانستان والعراق الذين قصفتهم طائرات ومدافع امريكا بقرار من الرئيس الأمريكي أكثر قدرة على وصف هذه الظاهرة).
ووضع ساتيا ساجار مجموعة معايير عامة لتحديد الدول التي يسمح لمواطنيها بالتصويت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وهي: إذا كان بهذه الدولة قواعد عسكرية أمريكية من أي نوع. ووفقا لآخر الأرقام فإن القواعد الأمريكية توجد حاليا في حوالي 130 دولة.
إذا كان الدولار الأمريكي هو العملة الوطنية لهذه الدولة سواء بشكل رسمي أو بحكم الأمر الواقع فإن من حق كل الناس الذين يمضون ساعات يقظتهم يبحثون عن وجوه رؤساء أمريكا الراحلين المطبوعة على أوراق الدولار الخضراء أن يصوتوا في انتخاب الرؤساء الأحياء.
إذا كانت حكومة هذه الدولة تستخدم أموال دافعي الضرائب من مواطنيها من أجل شراء سندات الخزانة الأمريكية بقيمة مليارات الدولارات لمساعدة الرئيس الأمريكي في خفض الضرائب على الأغنياء في أمريكا.
(ويمكن أن نضع مجموعة أكثر صرامة من المعايير لتحديد أصحاب الحق في التصويت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد الاعتراف بحق هؤلاء الناس في التصويت من حيث المبدأ).
ثم انتقل إلى الحديث عن بعض المزايا التي ستعود على غير الأمريكيين في حالة مشاركتهم في انتخاب رئيس أمريكا فقال: يدفع الناس الذين يعيشون خارج الولايات المتحدة ثمنا باهظا لعدم كونهم جزءا من الأجندة المحلية للرئيس الأمريكي لذلك فهم مستهدفون من جانب سياساته الخارجية النارية. فعلى مدى عقود طويلة عانى الكثير من شعوب الأرض من قسوة رؤساء أمريكا لأنها لا تؤثر في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
فالحصول على حق التصويت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية سيعني جعل غير الأمريكيين جزءا من السياسات المحلية للرؤساء الأمريكيين وفي هذه الحالة سوف تتجه قاذفات القنابل الأمريكية نحو القمر أو المريخ لقصفهما.
كما أن منح باقي شعوب العالم الحق في التصويت في الانتخابات الأمريكية سوف يوفر الكثير من نفقات طوابع البريد لهؤلاء الذين ينفقون ملايين الدولارات من أجل إرسال الرسائل التي تحمل معاني الكراهية إلى الصحف الأمريكية وغيرها من المؤسسات الأمريكية لأنهم ساخطون على السياسة الخارجية للولايات المتحدة. كما أن الشعور بالقدرة على تحديد مصير الرئيس الأمريكي بطريقة ديموقراطية سوف يقضي على مبررات التطرف لدى شعوب العالم.
والفائدة الاخرى العظيمة التي اعتقدت أنها ستعود علينا بحصولنا على حق المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية تتمثل في احتمال قدوم مرشحي الرئاسة الأمريكيين إلينا وتقديم الرشى لنا مقابل انتخابهم.
ولم يكن لكاتب ذكي أن يتجاهل المذهب النفعي الذي يسيطر على تفكير الأمريكي من المهد إلى اللحد فقدم قائمة بالفوائد التي يمكن أن تعود على الأمريكيين إذا ما تنازلوا وقبلوا مشاركة شعوب العالم لهم في انتخاب رئيس الولايات المتحدة وهي:
ربما تساعد أصوات الناخبين غير الأمريكيين في وصول شخص ودود ذي حس إنساني إلى الرئاسة ولو على سبيل التغيير. فبدلا من وقوع الأمريكيين فريسة الاختيار البائس بين جورج بوش وجون كيري ربما يختار الناخبون غير الأمريكيين مرشحاً آخر مثل رالف نادر على سبيل المثال.
كما أن السماح لغير الأمريكيين بالتصويت في الانتخابات الرئاسية يمكن أن يؤدي إلى تخفيف التوتر السياسي في الولايات المتحدة نفسها. كما أنه لو اكتشف الأمريكيون أن رئيسهم شخص سيىء فإنهم لن يشعروا بذنب خطأ الاختيار ويمكنهم تحميل شعوب العالم الاخرى مسئولية معاناتهم. فالوضع الراهن يجعل العالم كله يدفع ثمن سوء اختيار الأمريكيين لرئيسهم. وهناك فائدة أخرى يمكن أن تعود على الأمريكيين في حالة إشراك غير الأمريكيين في اختيار الرئيس الأمريكي وهي انتشار (الحرية والديموقراطية) في كل أنحاء العالم كانتشار النار في الهشيم. فمن خلال التصويت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية سيتم تدعيم الحرية والديموقراطية لدى شعوب الدول الاخرى. و(الحرية والديموقراطية) إذا لم أكن مخطئا هي العلامة التجارية الخاصة لزبدة الفول السوداني التي توضع على قمة أي طعام والتي تذوب في الفم بصورة أسرع إذا ما تناولنها مباشرة بدون وسيط من أي أنواع الخبز.
وجهة نظر استرالية
أما الصحفية الاسترالية مارجو كينجستون فنشرت مقالا تحت عنوان (الانتخابات الأمريكية ومستقبل التحالف) في صحيفة (سيدني مورننج هيرالد) الاسترالية تناولت فيه تأثير الانتخابات الأمريكية على العالم من زاوية مختلفة وهي زاوية مستقبل التحالفات التي تقيمها الولايات المتحدة حاليا مع أغلب دول العالم.
بدأت الكاتبة الاسترالية مقالها بالقول أنه إذا أعيد انتخاب الرئيس الأمريكي جورج بوش لفترة رئاسية ثانية فسيكون النظام العالمي عند انتهاء فترته الثانية عام 2008 مختلفا تماما عما هو عليه اليوم وبدرجة أكثر قليلا عما كان عليه عام 1999، ولكن لا يوجد أي سبب يجعلنا نعتقد أن التقييم الموضوعي لتكاليف وعواقب أفعال الرئيس بوش يمكن أن تؤدي إلى تغييرات جوهرية في أولويات السياسة الخارجية الأمريكية خلال السنوات الأربع المقبلة.
وتؤكد الصحفية الاسترالية انه إذا فاز الديموقراطيون فإنهم سيحاولون إعادة بناء نظام التحالف الذي كان موجودا قبل شن حلف شمال الأطلنطي حربه ضد يوغوسلافيا عام 1999بعيدا عن مظلة الأمم المتحدة. فقد لجأت إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون إلى حلف الناتو لشن الحرب ضد يوغوسلافيا بعد استخدام عدد من الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لحق النقض (الفيتو) ضد أي قرار يسمح باستخدام القوة ضد يوغوسلافيا. لذلك فإن قدرة أمريكا على التحرك على الساحة العالمية سوف تزداد. وقد شاهدنا السيناتور الأمريكي جون كيري الذي ينافس بوش على الرئاسة الأمريكية يصوت لصالح العديد من قرارات بوش الداخلية والخارجية. لذلك فإننا نستطيع القول أن كيري على أفضل الفروض مرشحا لا يختلف عن بوش. وقد كانت كل تصريحات كيري وبياناته خلال الأسابيع الماضية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية غامضة وغير ملموسة. إذن يمكن القول بأن كيري لا يمكن أن يكون بديلا مختلفا عن الرئيس بوش. والحقيقة أنه منذ عام 1947 والجمهوريون والديموقراطيون يكاد تكون مواقفهم تجاه قضايا السياسة الخارجية الحيوية متطابقة رغم التصريحات النارية التي يطلقونها تجاه مواقف بعضهم البعض.
وكما كانت فكرة مشاركة شعوب العالم التي اقترحها ساتيا ساجار غريبة وصادمة فإن الرؤية التي تطرحها مارجو كينجستون تبدو عكس التيار حيث ترى أن انتصار بوش في الانتخابات يصب في مصلحة أمن وسلام العالم وليس العكس كما يتصور الكثيرون. كما انها أيضا لا تقول ذلك تأييدا لما يردده صقور بوش ولكنها تقول إن فوز بوش يضمن تزايد عزلة أمريكا وانفضاض الحلفاء من حولها الأمر الذي سوف يكبح جماح مغامرات صقور واشنطن الدموية.
تقول كنجستون إنه إذا لم يكن هناك أمل في تغييرات جذرية في السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية بعد انتخابات الرئاسة في نوفمبر المقبل فإن إعادة انتخاب الرئيس جورج بوش يبدو أقل سوءا لأنه سيواصل سياساته المدمرة للتحالفات الأمريكية الحيوية لاستمرار القوة الأمريكية في العالم. ربما لا يجب علينا ان ننظر إلى الأمور بمنطق أن الأسوأ أفضل ولكن علينا أن نفكر بطريقة غير متحيزة في عواقب إعادة انتخاب الرئيس بوش لفترة رئاسية ثانية على صعيد السياسة الخارجية.
سياسات الرئيس بوش نجحت خلال السنوات الماضية في تنفير حلفاء أمريكا منها بدرجات متفاوتة ولا يستثنى من ذلك أقرب حلفاء واشنطن في بريطانيا وكندا وأستراليا حيث تشعر شعوب هذه الدول برفض كبير للسياسات الأمريكية. وقد كشفت الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها أسبانيا في مارس الماضي أن مقابل تبني سياسات واشنطن الخارجية لا تدفعه الأحزاب الحاكمة في الدول الحليفة لأمريكا فقط ولكن تدفعه شعوبها أيضا.
والحقيقة أن الدول الأوروبية التي انضمت بحماس إلى الولايات المتحدة في غزو العراق مثل بريطانيا وإيطاليا وأسبانيا وهولندا جعلت دولها عرضة لهجمات إرهابية يدفع ثمنها شعوبها. وعلى حكومات هذه الدول تحمل مسئولياتها في حماية هذه الشعوب.
وأشارت إلى أن الطريقة التي شنت بها الولايات المتحدة حربها ضد العراق مبررا كافيا لإقناع كل من فرنسا وألمانيا بضرورة الحفاظ على قدر أكبر من الاستقلالية عن السياسة الأمريكية. كما أصبح الدور المستقبلي لحلف الناتو موضع نقاش حاد بين أعضائه على خلاف الوضع قبل عامين مثلا. كما بدأ الأوروبيون يتحدثون بصورة علنية عن أهمية وجود قوة مسلحة أوروبية بعيدا عن حلف الناتو الذي تسيطر عليه أمريكا من أجل الدفاع عن مصالح القارة الأوروبية. وتعارض ألمانيا وتؤيدها في ذلك فرنسا بقوة مبدأ الحرب الاستباقية الذي يتبناه الرئيس الأمريكي جورج بوش. كما أن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بغض النظر عن مدى رغبته في العمل كوكيل للولايات المتحدة فيما يتعلق بالمسائل العسكرية في حاجة إلى إعادة بريطانيا للمشروع الأوروبي. وقد تأكدت بالفعل رغبة بلير في العودة إلى أحضان أوروبا أواخر العام الماضي. فقد أدرك أن استمرار انحيازه إلى الولايات المتحدة ينفر منه الدول الاوروبية الكبرى ويهدد فرصه في الفوز في الانتخابات المقبلة. والحقيقة أن مصداقية توني بلير في بريطانيا بلغت أدنى مستوياتها بسبب دعمه الأعمى للحرب الأمريكية ضد العراق.
ويمكن القول إن حظوظ السياسيين الذين يضعون متطلبات وهم الإمبراطورية الأمريكية فوق اعتبارات المصالح الوطنية في المستقبل أقل من حظوظ هؤلاء الذين يهتمون بنتائج استطلاعات الرأي. والحقيقة أن هزيمة الحزب الحاكم في أسبانيا بعثت بتحذير لا يمكن لأي سياسي سواء داخل الحكم أو خارجه أن يتجاهله. وكما ذكرنا فإن ما حدث في أسبانيا وجد أصداء له في الكثير من أقرب العواصم لواشنطن مثل أستراليا التي تعهد فيها زعيم المعارضة بسحب القوات الأسترالية من العراق في حالة فوزه في الانتخابات المقبلة. بل إن كندا والمكسيك جيران أمريكا أصبحتا أكثر ابتعادا عن المواقف الأمريكية.
وانتقلت الكاتبة الاسترالية إلى ترويج الإدارة الأمريكية تقارير مخابراتية ملفقة بشأن أسلحة دمار شامل مزعومة لدى العراق وهي التقارير التي شكك فيها الكثير من الخبراء الاستراليين أنفسهم. وقد أبلغ الرئيس الأمريكي جورج بوش رئيس الوزراء الاسترالي جون هيوارد بهذه التقارير في اتصال هاتفي لاقناعه بتأييد الحرب الأمريكية ضد العراق. وكما اعترف وزير الخارجية الاسترالي ألكسندر دونير في وقت سابق من الشهر الحالي فإن الوقت لم يكن الوقت المناسب في تاريخ استراليا لاحداث قطيعة كبرى مع الولايات المتحدة وكانت الرغبة جارفة من أجل تدعيم التحالف بين أمريكا واستراليا. ولكن التحالف الحقيقي يقوم على أساس التشاور والالتزامات المتبادلة. لكن الرئيس الأمريكي جورج بوش فضل (تحالف الإرادة) الذي لا يفرض على واشنطن أي التزامات تجاه حلفائها والذي كان بمثابة تفويض على بياض للولايات المتحدة. والحقيقة أن أستراليا تشهد موجة انتقادات عنيفة لرئيس الوزراء جون هيوارد بسبب اعتماده في اتخاذ قرار المشاركة في الحرب ضد العراق على تقارير مخابراتية أمريكية ملفقة. وتشكلت بالفعل لجنة برلمانية للتحقيق في نظام المخابرات الاسترالي بالكامل. ومن الواضح أن هذه الخطوة ستصب في مصلحة المعارضة مع الاستعداد للانتخابات العامة أواخر العام الحالي.
ليس هذه فحسب بل إن الأشد خطورة هو نجاح إدارة الرئيس بوش في تحويل حبل الصداقة السري بين أمريكا وروسيا وريثة الاتحاد السوفيتي إلى علاقة توتر وشكوك. فعلى الرغم من التعهد غير المكتوب الذي قطعته واشنطن على نفسها أمام موسكو عام 1997بعدم نشر أي قوات أمريكية في دول أوروبا الشرقية التي انضمت مؤخرا إلى حلف الناتو رسميا فإن واشنطن مدت مظلة حلف الناتو لتشمل إستونيا ولاتفيا وليتوانيا الملاصقة للحدود الروسية والتي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي فيما مضى والتي تمثل قلقا خاصا بالنسبة لموسكو.
وأعلنت روسيا أن الولايات المتحدة تحاول محاصرتها لضمان تفوقها وتقوم بتحديث ترسانتها النووية لكي تضمن استمرار بقائها كقوة عظمي وحيدة في العالم. وقد هددت روسيا الشهر الماضي بالانسحاب من معاهدة الحد من القوات التقليدية في أوروبا ردا على خطط أمريكا نشر قواتها في دول شرق أوروبا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. وأشارت مارجو إلى أن السؤال الذي يفرض نفسه على الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة حاليا هو هل تتساوى مزايا التحالف مع أمريكا مع المخاطر التي ينطوي عليها هذا التحالف الآن؟ وهل هذا التحالف مازال ضروريا؟.
وعن العلاقات الأمريكية الصينية قالت الصحفية الاسترالية إن كبار مستشاري الرئيس بوش يتحدثون علنا عن ضرورة كبح جماح القوة العسكرية والسياسية الصينية منذ وصول بوش إلى الحكم. ولكن الميزانية العسكرية الصينية تنمو بسرعة كبيرة حيث زادت بنسبة 12 في المئة خلال العام الحالي. كما أن الاتحاد الاوروبي يريد رفع الحظر على مبيعات الأسلحة الأوروبية إلى الصين بعد استمراره 15 عاما.
وتبذل إدارة الرئيس بوش جهودا جبارة لمنع رفع هذا الحظر. ولذلك فإن إقامة أمريكا قواعد عسكرية على الحدود الغربية للصين يبدو أمرا منطقيا في ضوء الطموحات العسكرية للصين.
فالواقع يقول إن الولايات المتحدة لا تقيم قواعد عسكرية في أفغانستان وجمهوريات آسيا الوسطى وشرق أوروبا لمجرد محاربة الإرهاب وهو عدو غير ملموس، ولكنها تفعل ذلك استعداد للمواجهة مع الصين وروسيا. ويحذر الكثير من خبراء وزارة الدفاع الأمريكية من الاسراف في عقد التحالفات مع الأنظمة الحاكمة في آسيا الوسطى لآن أي محاولة من جانب أمريكا لإنقاذ أي نظام حكم من هذه النظم بموجب اتفاقات التحالف يمكن أن تتحول إلى حرب لاستنزاف الموارد العسكرية للولايات المتحدة.
والحقيقة أنه لا توجد طريقة للتنبؤ بالطوارئ التي يمكن أن تقع ولا تلك الالتزامات بالنسبة للولايات المتحدة أو بالنسبة لحلفائها على الأقل لأنه اتضح من خلال حرب العراق وفيتنام قبل ذلك أن تقارير المخابرات التي تتحدث عن نوايا الاعداء أو قدراتهم غالبا ما تكون خطأ.
وبدون معلومات دقيقة يمكن لأي دولة أن تعتقد أو تفعل أي شيء وهذا هو المأزق الذي يعاني منه حلفاء إدارة الرئيس بوش. ومن المؤكد أنه ليس في مصلحة هذه الدول الوطنية ولا مصلحتها السياسية ولا المصالح الأمنية لشعوبها الانسياق الاعمى وراء معلومات مخابراتية خطأ أو ملفقة تقدمها لها إدارة الرئيس بوش من أجل إقناعها بالمشاركة في شن حرب ضد دولة أخرى.
فإذا ما أعيد انتخاب الرئيس بوش لفترة رئاسية ثانية فإن حلفاء وأصدقاء أمريكا سوف يواجهون مثل هذه الخيارات الصعبة الأمر الذي سيؤدي في أغلب الأحيان إلى إعادة صياغة وربما تفكيك التحالفات القائمة. وربما يؤدي ذلك إلى ظهور سياسات خارجية واقعية ومستقلة لهذه الدول. وقد أكدت الأحداث الأخيرة في أسبانيا إمكانية تحقيق مثل هذا الاحتمال.
والحقيقة أن الولايات المتحدة لن تكون أكثر حكمة في تقدير تصرفاتها والعالم أكثر أمنا إلا إذا كبح العالم جماح إدارة الرئيس بوش من خلال فض التحالفات معها.
بعد كل هذا ومهما تعددت الرؤى وتراوحت ما بين جد وهزل وما بين واقع وخيال تبقى حقيقة واحدة وهي أن الانتخابات الأمريكية باتت ظاهرة كونية تتحمل شعوب العالم نتائجها دون أن تشارك في صناعتها.

..... الرجوع .....

الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
عواصم ودول
المستكشف
خارج الحدود
الملف السياسي
فضائيات
غرائب الشعوب
السوق المفتوح
استراحة
أقتصاد
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
بانوراما
متابعة
مجتمعات
من الذاكرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved