الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 20th July,2004 العدد : 90

الثلاثاء 3 ,جمادى الثانية 1425

الافتتاحية
خالد المالك
وفي عاداتنا
ما يحتاج إلى مراجعة !!
تتحول بعض ممارساتنا اليومية..
والكثير من سلوكياتنا المتكررة..
وشيء مما اعتدنا أن نقوم به من حين لآخر..
إلى عادة..
وإلى ما يشبه الضرورة بنظر بعضنا لتكتمل صورتنا كأمة مسلمة.
***
وأحياناً يأتي الخلط ..
في الفهم ..
وفي الممارسة..
بل وفي أسلوب التعاطي مع قضايانا وشؤون حياتنا..
بين ما هو عادة..
وبين ما هي تقاليد..
وبين ما هو متكئ على نص قرآني، أو حديث نبوي شريف ينبغي الالتزام به بحكم أنه من الثوابت الملزمة.
***
ومن المؤكَّد أنه ليس كل عادة ينبغي علينا ويستحب منا أن نحافظ عليها ضمن برامج حياتنا..
كما أنَّ بعض التقاليد هي الأخرى وإن اكتسبت صفة الاحترام قد لا تكون من الثوابت الملزمة لنا وإن كانت هذه قناعة بعضنا..
وبهذا فلا بد من المراجعة والتدقيق والتمحيص والقراءة لكل ما هو موضع ملاحظة في تقاليدنا وما اعتدنا عليه..
تدقيقاً وتمحيصاً يُفضي بنا في النهاية إلى أخذ الخيار الصحيح والانحياز إلى الموقف الأصح..
للوصول إلى نقاط من الفهم المشترك تجنب الأمة التفرق والتشرذم الذي يضعفها ويفوِّت عليها الكثير من النجاحات.
***
هناك فرق ولا شك بين الدين بكل تعاليمه المقدَّسة ومصادره غير القابلة للتشكيك أو التردد عند التطبيق..
وبين الموروث من العادات التي ربما صاحب بعضها أحياناً شيء من أمور قد تكون موضع ملاحظة موضوعية أو نقد له ما يبرره..
وفي هذه المرحلة..
بهذا الدافع الذي استجدت فيه أمور وأمور..
أرى أنه من الأهمية بمكان فك الارتباط بين الثوابت في العقيدة والقيم التي لا مجال للتخلي عنها، وبين ما يمارس على سبيل العادة بعد أن تحول مع مرور الزمن إلى شيء لا يجوز المساس به، أو انتقاده رغم ما يحمله من ضرر في بعض الأحيان.
***
إن المراجعة لسلوكياتنا مطلب مهم..
كما أن تقصِّي أبعاد ما يُثار على استحياء هنا أو هناك حول بعض أمورنا بات ضرورة واجبة..
وبخاصة حين تكون منطلقاتنا نظيفة ونزيهة وليس لها من هدف إلا الخير..
وعلينا وفق هذا التصور المتواضع أن نقبل بمبدأ المراجعة لكل ما لا يمس ثوابت الأمة..
وصولاً إلى ما يعزِّز قوتنا..
ويعالج القصور فينا..
فنحن مجتمع عربي مسلم متحضِّر أولى بمثل هذا التعامل، وأحق بمثل هذه المعاملة، وأجدر مَنْ يبادر بها ويلتزم بنتائجها.
تاريخ الخطوط العربية
في رحاب الحضارة الإسلامية
استحق الخط العربي أن يحتل مكانة سامقة في سلم الفنون التشكيلية على الصعيدين العربي والعالمي، وأن يلفت أنظار عمالقة الفن والرسم في الغرب، وأن يحظى بمتابعة وحضور داخل أروقة المعارض الدولية .
ولكن الواقع العربي للأسف الشديد يشهد انحساراً لرقعة الخط العربي في الذهنية العربية بوجه عام، وفي مخيال ووجدان الناشئة على وجه الخصوص .
ومن ثم فإن المكتبة العربية تعاني نقصاً شديداً في الكتب والمراجع، التي تتناول الفن العربي؛ بالدرس والمتابعة والتمحيص والتحليل والتأريخ. ولهذا فإن الخط العربي واكب نهضة علمية ومعرفية هائلة في الحضارة العربية الإسلامية التي جسدها بعمق في لوحات ومخطوطات تحمل سمات الفن العالمي، والروح الشرقية. صافية النقاء أيضاً. بخلاف الواقع الراهن الذي يطبع نفسه بطابع إهمال جماليات الخط العربي !!.
نشأة وبداية الخط العربي الجميل
من المتعارف علمياً أن المسلمين الأوائل بعدما تشربوا الإسلام في قلوبهم وأفئدتهم. . . خرجوا ينشرون النور الربانى في جنبات الأرض، ويفتحون البلاد والأمصار، ويحملون لغتهم الأم (العربية) في كل مكان وطئته أقدامهم، وهى اللغة التي استطاعت لخصوبتها وروعتها وبلاغتها أن تمحو كثيراً من اللغات، وأن تحل مكانها، وتصبح لغة الفتوحات والبلدان الإسلامية الجديدة. ولذلك أصبح الخط العربي هو المستخدم في هذه الأصقاع ؛ حيث كتب به السلاجقة والعثمانيون بلغتهم التركية، وفتنوا بتنسيقه العجيب، وكذلك الإيرانيون الذين كتبوه بلغتهم الفارسية ؛ حباً في جمال العربية نطقاً وأداءً وكتابة !! .
ويلحظ عشاق الخط العربي والمؤرخون لمراحل ولادته ونشوئه أن الإيرانيين اهتموا بكتابة الخط العربي، حتى بلغ من حبهم له، أنهم اخترعوا خطاً خاصاً بهم يسمى (التعليق) كما يذكر الخطاط الكبير كامل البابا في كتابة النفيس (روح الخط العربي)، وهو دراسة تاريخية وفنية وجمالية للفن العربي. . . أبدعته الذائقة العربية المحبة للإبداع والسبق والابتكار في شتى فنون ومجالات الحياة !! .
ثم ظهر من بعد. . . الخطاط الفارسي الفذ (مير على) الذي طور خط التعليق، وأزال ما به من بعض الرتابة، حيث أدخل شيئاً من (النسخ) عليه، وأطلق عليه (النستعليق) وهو ما حبب أهل إيران فيه وفي كتابته، حتى أصبح خطهم المستعمل والشائع الذي يسمى اليوم (الفارسى) نسبة إليهم، وهو خط متأثر في أعماقه وأبعاده وملابسات نشأته وتكوينه بالخط العربي !!.
عباقرة الخط العربي الأتراك
لكن الشيء المدهش حقاً. . هو تعلق أبناء الشعوب الإسلامية وفنانيها وخطاطيها بالخط العربي وجمالياته ؛ حيث برعوا في كتابته، الذي سحرت عقولهم، وبهرت قرائحهم، ومن ثم ركزوا في إجادة خطى (النسخ والثلث)، حتى بلغ الخط العربي في عهد العثمانيين ذروة الفن والكمال والحفاوة والنضج. ولقد ترك لنا الخطاطون الأتراك العباقرة. . تراثاً زاخراً من الروعة الفنية القشيبة، التي تدل على مدى تفوقهم وتربعهم على عرش فن الخط .
وفى زمن العثمانيين. . احتل الخطاط التركي مكانة كبيرة، لا ينافسه فيها أحد من الطوائف والمهن الأخرى، حتى بلغ من شدة ولعهم بالخط أن تعلم بعض السلاطين هناك فن الخط على يد كبار أساتذة هذا الفن، وكان منهم خطاطون مهرة من أمثال: السلطان محمود خان، الذي نهل هذا الفن على يد الخطاط (الأسطورة) مصطفى راقم، والسلطان عبد الحميد الثاني على يد الخطاط غزه حتى نال منه إجازة رسمية بمزاولة وممارسة هذه الهواية العجيبة .
كما تسرد كتب التاريخ. . . أن العثمانيين اخترعوا خطوطاً جديدة مستقاة من الخط العربي الأصيل، ومن روعة بنائه وهندسة حروفه، وزخرفة أشكاله، وعمارة ألوانه ؛ وذلك لمواكبة اللحظة التي يعيشون فيها يومذاك. ومن هذه الخطوط. . . الخط الديواني، والديواني الجلي، والرقعة. أما خط الرقعة. . . فنظراً لسهولة وبساطة كتابته. . . أصبح الخط الشائع والمشهور هذه الأيام ؛ حيث يستخدم في كتابة الرسائل اليومية والمعاملات في كل الأقاليم التركية والعربية معاً، والسبب مدى توفر عناصر الزخرفة البنائية فيه، تلك التي تماثل جمال بيوت الأتراك اليوم !!.
أنواع الخطوط اليوم
أما عن أنواع الخطوط المستخدمة في دنيا اليوم الحاضر فهي ستة: الثلث والنسخ والفارسي والكوفي والرقعة والديواني. إلى جانب نوعين آخرين هما: الديواني الجلي، والديواني مضافاً إليه الشكل الجمالي. أما خط الإجازة فهو خليط من النسخ والثلث. وأما عن سبب تسميته بالإجازة فهو، لأن الأساتذة الخطاطين كانوا يكتبون به إجازاتهم (شهاداتهم) لتلاميذهم لممارسة الخط .
لكن العصر الحديث. . . يشهد مدى الحاجة إلى خطوط جديدة، وإضافات تعمق الإحساس بجمال الخط العربي، وتجذب أنظار الشباب العربي، والأجيال الجديدة إلى معرفة وتعلم الخط العربي ومزاياه، من منظور عصري، يراعي سرعة الحياة من حولنا، وانشغال النشء بالإنترنت والدش وثقافة الاستهلاك. لذا كان من الواجب إدخال تقنيات الحاسب الآلي إلى موهبة الخط العربي، لإنتاج كائن جديد يتلاءم مع ظروفنا المعيشية وواقعنا الراهن ؛ لئلا يذهب أبناؤنا بعيداً عن الانغماس في الخطوط العربية الجميلة!! ولكيلا تصبح خطوطنا الجميلة بعيدة عن اهتمامات أجيالنا الجديدة !!.
مهارة فن الخط
وتعد كتابة الخط من الفنون الصعبة التي هي بحاجة شديدة إلى المهارة الفائقة،
والموهبة، والدراسة والتحصيل، والممارسة والتدريب. ولذلك. . . فالخطاط الماهر يحتاج إلى ساعات عمل طويلة يومياً لتجويد خطه وتحسين مستوى أدائه الفني، لدرجة أنه لا يستطيع أن يتوقف يوماً واحداً عن مزاولة مهنته المحببة إلى نفسه .
وتروي كتب التاريخ والفن. . . رواية مشهورة عن الخطاط التركي الحافظ عثمان، الذي كتب المصحف الشريف عدة مرات متتالية قوله في هذا الصدد: لو عرضت عليّ الخطوط المختلفة، التي أكتبها طوال الأسبوع ؛ لعرفت بحاستي الفنية، من بينها. . . خطوط يوم السبت ؛ لأنها تكون أقل مرونة من خطوط بقية أيام الأسبوع، بسبب توقفي عن الكتابة يوم الجمعة. كناية عن مهارته الشديدة في حذق هذا الفن، والمهارة غير الفائقة في معرفة الفروق بين الخطوط والأوقات التي الولادة تتم فيها عملية الفنية !!

..... الرجوع .....

الفن السابع
الفن العربي
المنزل الانيق
هنا نلتقي
الملف السياسي
فضائيات
استراحة
منتدى الهاتف
عالم الجمال
جزيرة النشاط
روابط اجتماعية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved