Al Jazirah Magazine Tuesday  19/02/2008 G Issue 254
استشارات
الثلاثاء 12 ,صفر 1429   العدد  254

شخصية المسؤولية الجنائية
* إعداد المحامي :سامي بن الدريفيس التميمي

من المبادئ الأساسية في الشريعة الإسلامية شخصية المسؤولية الجنائية، فلا يسأل شخص إلا على ما ارتكبته يداه ولا شأن له بفعل غيره خلافاً لما كان سائداً قبل الإسلام وبعده في الدول غير الإسلامية.

ومبدأ شخصية المسؤولية الجنائية ثابت من قوله تعالى (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)، وقوله (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، وقوله عز وجل (مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ)، وقوله (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ)، وقوله (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ)، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه). وقد يتساءل البعض: أليس في تحمل عاقلة الجاني الدية استثناء من شخصية العقوبة؟.. والرد على ذلك أن الدية تجب أصلاً على الجاني وليس على العاقلة وأن اشتراكها في دفعها ليس إلا من قبيل صلة الرحم والمواساة والتعاون والتناصر، وقد قال صاحب الدر المختار أن (التناصر أصل في هذا الباب فمتى وجد وجدت العاقلة وإلا فلا، وحيث لا قبيلة ولا تناصر فالدية في بيت المال وان عدم بيت المال أو لم يكن منتظماً فالدية في مال الجاني) هذا هو موقف الشريعة بالنسبة للأشخاص الحقيقيين، بقي أن نبين موقفها بالنسبة للشخصية المعنوية، فلو أن شخصية معنوية وقع من القائمين عليها بعض الجرائم بسبب تأديتهم وظائفهم فعلى من تطبق عقوبات هذه الجرائم؟

قال الفقهاء في هذا الشأن إن الجاني هو الذي يعاقب على الفعل الذي صدر منه دون نظر إلى عمله لصالح الشخص المعنوي، وقالوا إن العقوبات تبنى على التميز وهو متقدم في هذه الشخصيات، وخلاصة القول في هذا الشأن أن التشريع الإسلامي الذي عرف الشخصيات المعنوية كالوقف وبيت المال وجعلها أهلاً لتملك الحقوق والتصرف فيها ولكن لم يجعلها أهلاً للعقوبة، وذلك خلافاً لما كان معروفاً لدى العالم غير الإسلامي، وكما سبق البيان فإن المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية واحدة لا تتغير بتغير الأفراد فيتساوى فيها الغني والفقير والرجل والمرأة وذلك خلافاً للقوانين الوضعية التي كانت تفرق بين المرأة والرجل في العقاب، كما أن الشريعة تعاقب على الأفعال ولا تعاقب على ما يدور بخلجات النفوس طالما أنها لم تتبلور في عمل مادي أو امتناع عن عمل يعاقب عليه وذلك خلافاً للقوانين الوضعية التي كانت تعاقب أيضاً على هواجس النفس.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة