Al Jazirah Magazine Tuesday  26/02/2008 G Issue 255
استشارات
الثلاثاء 19 ,صفر 1429   العدد  255

قصة واقعية
نظرة النساء لقوامة الرجل
* إعداد المحامي : سامي بن الدريفيس التميمي

في سرد قصتنا هذه لم نقصد الإساءة للمرأة لأنها الزوجة والأم والأخت والبنت ونحن نقدرها ونجلها ونحمل بين جنباتنا وفي ذاكرتنا كل الحب والتقدير والإحترام لها ونحن نقص هذه القصة من الواقع ولا نستطيع أن نقول هذا النموذج هو الأصل في النساء بل نحن نؤكد أنه الاستثناء فالمرأة هي الحبيبة الرقيقة مرهفة الحس والمشاعر وهبها الله أشياءً كثيرة تستطيع من خلالها أن تحتوي الرجل مهما كانت حالته العصبية، وقد أردنا التوضيح حتى لا يقال إننا ضد المرأة أو نقدم مثلاً سيئاً لها أو نسيء إليها، فقد سبق أن قدمنا نماذج كثيرة من نساء رائدات في المحافظة على بيوتهن وأولادهن رغم سوء الأزواج وكل أصل لا بد له من استثناء فليس كل الرجال ملائكة وليس كل النساء حوراً عين والآن اسمحوا لي أن أعرض هذه القصة لامرأة كانت تخطئ فهم قوامة الرجل على المرأة بسبب ما تقوم به بعض النساء بما يسمونه الحركات التحررية للمرأة إثبات دورها في المجتمع ويتناسى هؤلاء النسوة أنه لم ولن تكرم المرأة كما كرمها الإسلام وأنه أعاد لها حريتها وحقوقها التي كانت قد نزعت من قبل، وبطلة قصتنا امرأة نشأت وتربت في أسرة يسود الود والألفة بين أفرادها إلا أنها كانت لا ترغب في الانصياع والطاعة لأبيها أو إخوتها الذكور بمقولة أنها مثلها مثلهم لا فرق بينها وبينهم ولا سلطان لهم عليها، فكانت حادة الطباع، شديدة اللهجة في الحديث توحي لنفسها بأن ذلك من قوة الشخصية وتقنع نفسها بأنها مثلها مثل الرجال. دفنت أنوثتها ووأدت هبة الله لها كامرأة ولم تنفع نصائح الأم لها ولم تغيرها شدة الأب فكانت تقابل النصيحة بالاستهتار وشدة الأب بلا مبالاة وكأنها تتحدى نفسها. وظن الأب والأم أنها ربما تكون مريضة نفسياً وتم بالفعل عرضها على طبيب نفسي ولكن قرر الطبيب أنها خالية من أي أمراض نفسية، وتقدم شخص طالباً الزواج من هذه الفتاة ورحبت الأسرة وظنت أنها ربما تنتهي مأساتها مع هذه البنت وربما يستطيع هذا الشخص احتواءها وتغيير طبعها وسارعت الأسرة بالموافقة وإتمام الزواج والبنت في البداية رحبت بهذا الشخص حيث وجدت فيه ضالتها فهو شاب متعلم ومتفتح وقوي الشخصية ومن أسرة عريقة وعاشت الفتاة معه لأيام زوجة جميلة مطيعة ولكن لم تدم كذلك طويلاً وبدأت تحاول فرض شخصيتها عليه. ولكن من يقبل ذلك التسلط؟ فهو تارة يستغرب من تصرفاتها وكأنه يرى إنسانة لم يعرفها من قبل ولا يتخيل أن تكون هذه المرأة من هذا البيت الذي ذهب للزواج منه وهو على ثقة تامة بأنه بيت محافظ ولابد لبناته من أن يكن بنات على قدر من الحكمة والالتزام ومعرفة ما لهن وما عليهن. وقال الزوج لنفسه ربما بسبب تغيير المكان أو العيشة الجديدة. ولكن وجد الزوج أن تصرفات زوجته تزداد حدة كل يوم عن سابقه وكأنها تريد أن تكون هي رجل البيت. ودون تفكير ذهب الزوج إلى منزل أهل زوجته وحكى لوالدها بعض تصرفاتها فما كان من الوالد إلا أن يصدق الزوج قولاً ويحكي له عن معاناة الأسرة مع هذه البنت واستغرب الزوج من أن الأب لم يكن صريحاً معه منذ البداية. ولكن هذا الزوج يحب زوجته ولا يريد فراقها فماذا يفعل؟ سؤال يدور في خلده باستمرار، وتحمل الزوج زوجته لفترات طويلة واستمرت في عنادها وطريقتها التي اعتبرتها تحرراً من سلطة الجنس الأخر دون علم ولا دراية بأصول الدين وما حابت به الشريعة المرأة من حقوق وأن سلطة الجنس الآخر فرضت لحمايتها والحفاظ عليها.

ورزق الزوجان بأولاد وبنات وكانت من بين هذه البنات من يريد أن يقلد الأم بفكرها وتصرفاتها ولكن أصبحت الزوجة هنا تعاني من هذه التصرفات لأنها أصبحت هي الأم التي تخاف على ابنتها وتشعر بأن هذه البنت وما تفعله غريب وتناست أفعالها وتصرفاتها، ولكن الزوج وبكل هدوء وسكينة جلس مع زوجته يذكرها بتصرفاتها التي مضت وهي نفس تصرفات ابنتها الآن فلماذا تستغربها وأخيراً ومن باب رفضها لتصرفات هذه البنت إقتنعت الزوجة بأنها لابد أن تجد طريقة للمحافظة على إبنتها من هذه التصرفات وإستطاع الزوج أن يقنع زوجته بأنها لا بد لها من تغيير نفسها حتى تستطيع إقناع غيرها فلا يمكن أن يعطي الإنسان شيئاً لا يملكه ولم تستطع الزوجة تغيير نفسها ولا التأثير على ابنتها وهذا ما دفع الزوج إلى التفكير في إبعاد البنت عن أمها ولكن كيف؟ فلجأ إلينا في استشارة للحصول على حل لهذه المشكلة وفي البداية نصحناه بأن ما يفكر فيه مخالف للشرع فلا يملك أحد أن يحرم أم من ابنتها وأن ذلك ربما يزيد البنت عناداً وقسوة وأنه من مصلحة البنت بقاء الأم ومحاولة الإصلاح من شأنها وأن إصرارها على ما هي عليه سيضر بها وبأسرتها وشاء الله أن يجتمع الزوجان بمكتبنا وبتوفيق من الله استطعنا أن نقنع الزوجة بالمحافظة على أسرتها وبيتها وبعد معاناة استجابت الزوجة واقتنعت بوجهة نظرنا والتي هي مكانة المرأة من حيث الحقوق والواجبات الشرعية وما لها وما عليها وأن دور الرجل لا ينقص من دورها ولا من شأنها وشاء الله أن تصبح الزوجة هادئة عطوفة على زوجها وأولادها وأن يصلح أحوالها ومن ثم أحوال ابنتها واستطاع الزوجان احتواء الابنة مع باقي الأبناء، وقد اتصل علينا الزوج وشكرنا على ما قدمناه له من نصائح واستشارات، وكانت المفاجأة لنا أن والد الزوجة حضر لمكتبنا وقدم لنا الشكر والامتنان على ما أصبحت فيه ابنته من رضاء وحب لزوجها ولأسرتها، ونحمد الله أن وفقنا إلى ما فيه خير هذه الأسرة دون اللجوء إلى القضاء، وندعو الله الأجر والثواب على ذلك وأن يجعلنا دائماً عوناً لمن يلجأ إلينا وأن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه، ونأمل من قرائنا الأعزاء أن تكون هذه القصة الواقعية نبراساً لكل زوج وزوجة للاستفادة منها فعلى الزوج أن يكون للزوجة العون على تخطي الصعاب وعلى كل الزوجة أن تعرف جيداً ما لها وما عليها ولابد أن تعلم جيداً أن الله جعل القوامة للرجال من أجل حماية المرأة والحفاظ عليها ولم يكن أبداً للتقليل من شأنها أو إنقاصاً لدورها في الأسرة أو المجتمع.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة