الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 21st February,2006 العدد : 161

الثلاثاء 22 ,محرم 1427

هكذا تخسر أمريكا..!!
صدمتني تلك المشاهد من جديد، مثلي في ذلك مثلكم..
بل أقول: إنها أحزنتني وأبكتني..
ولم تترك لي تلك المشاهد المؤلمة أي فرصة للتبرير أو تلمُّس الأعذار لمن اعتدى وتجبَّر.
***
كانت الصور ناطقة ومعبِّرة بما يكفي للتأكيد على غياب إنسانية المعتدي أمريكياً كان أو بريطانياً..
وكأنِّي بهذه الصور تصرخ: أين حقوق الإنسان التي تدَّعونها وتبشِّرون بها..
بينما يصل الحقد والكراهية في سلوككم هذا الحد من التعدِّي على حقوق الإنسان؟!.
هكذا رأينا بعض ما يفعله السجَّان في السجناء العراقيين..
تعذيب وحشي لا يمكن أن يصدق به المرء لولا ما عرضته محطات التلفزة بالعالم..
وممارسات لا أخلاقية لا يقدم عليها إلا مَن فقد التربية والسلوك الطيِّب والأخلاق الحميدة.
***
إنها حقوق المرء، هكذا تُمتهن بلا خوف أو خجل أو وازعٍ من ضمير..
ويبقى العالم أمام مشاهدها متفرِّجاً وخائفاً من أن يقول كلمة الحق في ممارسات تلك الوحوش الآدمية؛ لأن هؤلاء أمريكيون وبريطانيون، ولا بدَّ من السمع والطاعة والقبول بكلامهم وتصرُّفاتهم حتى وإن بلغ حد الاعتداء الوحشي على السجناء.
***
والأسوأ أن يقول المعتدي: إننا على علم بذلك، وإنه ما كان ينبغي أن تُعرض هذه الصور حتى لا تثير حفيظة مَن يشاهدها..
والأسوأ أيضاً أن يقول المعتدي: إن ذلك تصرُّف فردي، ثم لا يعاقب هذا الفرد أو ذاك، ولا تعتذر الدولة عن هذا العمل المشين..
والأسوأ أكثر وأكثر أن تتعامل الحكومة العراقية مع هذه الممارسات بحق رعاياها بهذه الليونة والمرونة، وبما يوحي بعدم احتجاجها على ما جرى.
***
إن ما يجري في العراق، في سجون العراق تحديداً، وعلى امتداد ترابه مأساة بحق..
وإن تاريخاً يمر به الآن هذا الوطن العربي المسلم الجريح ربما كان أسوأ تاريخ عاشه ومرَّ به في جميع حقبه وأنظمته، بفعل العقلية التي تدير بها الولايات المتحدة الأمريكية العراق المحتل..
والغريب أن يصر المحتل على البقاء في العراق، وفرض همينته بالحديد والنار.
***
لقد آن الأوان لتكف هذه القوى عن وصايتها على العراق..
وأن تسارع بالانسحاب من أرض الرافدين..
مع مزيد وكثير من الاعتذارات وإبداء الأسف على ما فعلته بالعراق والعراقيين..
وفي هذا حقن للدماء التي تشهدها شوارع العراق صباح مساء.
***
فالعراق بأبنائه قادر على أن يحكم نفسه بنفسه دون تدخل من الخارج..
وعلى تنظيم مؤسساته، وحفظ أمنه، والتوصل بالحوار إلى ما يعزِّز وحدته الوطنية..
وهو غنيٌّ بنفسه وبرجالاته عن أن يعتمد على المحتل في توجيه سياساته وبناء مستقبله الجديد.
***
وأمريكا أحوج ما تكون إلى حفظ حياة جنودها الذين يتساقطون يومياً كأهداف سهلة أمام العراقيين..
بلا مبرِّر أو مصلحة أو هدف مقنع، فضلاً عن أن نتائج التغيير الذي حدث لم تتبلور بعد، حتى يمكن الحكم له أو عليه، والسبب أفكار بليمر ومخططاته لما كان يقول إنها الطريق لبناء دولة ديموقراطية وحرة وتحترم حقوق الإنسان في العراق.
***
هل أقول لكم: إن الصور التي شاهدناها عن معاملة السجناء العراقيين لا تنم عن حب أمريكي أو بريطاني للعراق..
وأنها تبدو شاهداً على أن العراق يمر بمرحلة صعبة، وأن التخلُّص من تداعياتها سيكون صعباً، وستطول معاناة العراقيين مع آثارها النفسية فيما بينهم كعراقيين بعد رحيل المحتل؟!.


خالد المالك

دول أمريكا اللاتينية تشق عصا الطاعة على واشنطن
تمرد في الفناء الخلفي لأمريكا

* إعداد - أشرف البربري
على الرغم من أن النتائج النهائية لانتخابات الرئاسة في كوستاريكا، تلك الدولة الصغيرة في أمريكا اللاتينية، لم تعلن بعد؛ فإن المحللين اتفقوا على أنها في كل الأحوال ستشكل ضربة جديدة لسياسات إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش في أمريكا اللاتينية.
ومما يزيد من خطورة هذه الضربة أنها تأتي في منطقة ذات أهمية استراتيجية وتاريخية بالنسبة للولايات المتحدة التي تنظر إلى أمريكا اللاتينية باعتبارها الفناء الخلفي لها الذي يجب أن يظل دائما يدور في فلك واشنطن.
الأمر الثاني أن الولايات المتحدة فقدت تقريبا كل حلفائها في هذه المنطقة المهمة باستثناء الرئيس المكسيكي فينسنت فوكس بعد وصول سياسيين يحملون أجندة مناوئة للولايات المتحدة في أغلب دول أمريكا اللاتينية من فنزويلا إلى البرازيل ومن كوبا إلى بوليفيا.
وقد نشرت صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) الأمريكية تقريرا موسعا عن الانتخابات في كوستاريكا لاثنين من مراسليها هما مارلا ديكرسون وإيفيلن إيرتاني.
حمل التقرير عنوانا يقول (اتفاق التجارة مع الولايات المتحدة يقسم الناخبين في كوستاريكا). وأشار التقرير منذ البداية إلى أن أبرز اثنين من المرشحين الذين خاضوا سباق الانتخابات الرئاسية في كوستاريكا اختلفا تماما في موقفيهما من مشروع اتفاق إقامة منطقة التجارة الحرة في أمريكا الوسطى التي تضم إلى جانب الدول الامريكية اللاتينية الولايات المتحدة.
وجاءت المؤشرات الأولية لتلك الانتخابات التي لا ينتظر إعلان نتائجها النهائية قبل أسبوع على الأقل لتؤكد وجود انقسام واضح في موقف الناخبين تجاه هذه القضية بشكل خاص والتقارب مع الولايات المتحدة بشكل عام.
ورغم أن المرشح المتصدر للسباق الرئيس الأسبق أوسكار أرياس يتبنى موقفا مؤيدا لاتفاقية التجارة الحرة فإن تاريخه القديم في الرئاسة يؤكد انه لن يكون في كل الأحوال من أصدقاء واشنطن وأنه أقرب إلى خصومها في أمريكا اللاتينية مثل الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز والرئيس الكوبي فيدل كاسترو منه إلى حلفائها مثل الرئيس المكسيكي فنسنت فوكس.
فقد خاض أرياس المعركة الانتخابية مستندا إلى تاريخ قوي يمكن أن يجعله في مقدمة المتنافسين على المنصب الرفيع.
فالرجل استطاع خلال وجوده في الرئاسة مواجهة سياسات الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت رونالد ريجان الرامية إلى فرض سيطرة واشنطن على دول أمريكا اللاتينية التي تنظر إليها باعتبارها الفناء الخلفي للولايات المتحدة.
كما كان أرياس عراب السلام في أمريكا الوسطى خلال الثمانينيات واستطاع إنهاء العديد من الحروب الأهلية في دول تلك المنطقة ليحصل في النهاية على جائزة نوبل للسلام.
وكانت استطلاعات الرأي قد أشارت إلى تفوق أوسكار أرياس البالغ من العمر 65 عاما على جميع منافسيه قبل الانتخابات.
ولكن النتيجة الحقيقية جاءت مخيبة للآمال عندما حصل أرياس على أغلبية ضئيلة قدرها 40.5 في المائة مقابل 40.2 في المائة لمنافسه أوتون سوليس الذي يعارض تماما فكرة إقامة منطقة للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة في إطار منطقة التجارة الحرة لأمريكا الوسطى. ومنذ إعلان أوسكار أرياس عن رغبته في خوض انتخابات الرئاسة بكوستاريكا أصبح السؤال الذي يشغل الجميع هو، لماذا يريد الرجل العودة إلى السلطة؟ على امتداد حملته الانتخابية حاول أرياس الإجابة على هذا السؤال من خلال التركيز على خطط محاربة الفساد الذي استشرى بصورة مخيفة في مختلف دوائر الحكم مما أدى إلى تدهور شعبية حزب الوحدة المسيحي الاجتماعي المحافظ الذي سيطر على الحكم خلال السنوات الثماني الماضية.
ويرى محللون أن أوسكار أرياس دفع ثمن حماسه لاتفاقية التجارة الحرة في منطقة أمريكا الوسطى التي تضم الولايات المتحدة رغم مواقفه التاريخية المناوئة للسياسة الأمريكية.
لذلك فإن نجاح أرياس بهذه الصورة سوف يشكل صفعة مزدوجة للسياسة الأمريكية في أمريكا اللاتينية حيث يقود أرياس حزب التحرير الوطني وهو حزب يساري لتنضم كوستاريكا إلى قافلة الدول الأمريكية التي تشق عصا الطاعة على واشنطن.
صعود اليسار ومعارضة الهيمنة
فقد شهدت السنوات القليلة الماضية صعود التيارات اليسارية في العديد من دول أمريكا اللاتينية مثل فنزويلا والبرازيل وبعدهما بوليفيا ليأتي الدور على كوستاريكا.
ورغم ذلك فإن المحللين يحذرون من الاندفاع في مهاجمة الرئيس الجديد ومساواته بأعداء واشنطن البارزين في المنطقة مثل فيدل كاسترو وهوجو شافيز ورئيس بوليفيا إيفو موراليس الذي يقول عن نفسه إنه (كابوس إدارة الرئيس بوش).
فإذا كان أرياس من أنصار الفقراء ويتجه إلى زيادة الضرائب على الأغنياء لتمويل الخدمات العامة التي يستفيد منها الفقراء فإنه أيضا من أنصار اقتصاد السوق بل ويؤيد إقامة منطقة للتجارة الحرة في أمريكا الوسطى تضم الولايات المتحدة أيضا.
وربما يراجع أرياس موقفه من اتفاق منطقة التجارة الحرة في أمريكا الوسطى بعد أن أعربت نسبة كبيرة من الناخبين عن معارضتهم لهذه الاتفاقية.
يقول بيتر هاكيم رئيس مركز الحوار بين الامريكتين وهو مركز أبحاث يوجد في واشنطن إن وصول أرياس إلى الحكم سيجعل العلاقات بين الولايات المتحدة وكوستاريكا متذبذبة وفقا لطبيعة القضية.
والمعروف أن كوستاريكا هي الدولة الوحيدة بين مجموعة الدول المشتركة في اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة في أمريكا الوسطى وعددها سبع دول التي لم تصدق على الاتفاقية حتى الآن.
وتشكل كوستاريكا حجر الزاوية في هذه الاتفاقية لأنها أقدم دولة ديموقراطية في المنطقة وصاحبة أفضل اقتصاد فيها وهو ما يجعلها محل تركيز الاهتمام العالمي.
الشعب الكوستاريكي
يرفض التقارب مع واشنطن
يقول مايكل شيفتر المحلل السياسي في مركز أبحاث الحوار بين الأمريكتين بواشنطن إن ما يحدث في كوستاريكا له اهمية رمزية كبيرة فيما يتعلق بدول أمريكا الوسطى ومعها أمريكا اللاتينية ككل.
فهذه الدولة هي الاكثر اقترابا من الولايات المتحدة على أساس أنها صاحبة تجربة ديمقراطية راسخة كما ان هناك شبه اتفاق على أن رفض كوستاريكا الدعم المطلق للمواقف الأمريكية يخدم مصالح الطرفين.
ويرى محللون أن نتيجة الانتخابات في كوستاريكا بغض النظر عن هوية الفائز في النهاية أظهرت بوضوح عدم رضا قطاع عريض من الشعب في كوستاريكا عن التقارب التجاري مع الولايات المتحدة وبخاصة اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة.
يقول سيرجيو أريا رئيس كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية في سان خوسيه إن الناخبين في كوستاريكا أدركوا أن سوليس هو المرشح الوحيد في هذه الانتخابات الذي يعارض اتفاق التجارة الحرة وله فرصة جيدة في الفوز وهو ما دفعهم إلى التصويت بكثافة لصالحه.
اتفاقية منطقة التجارة الحرة
والحقيقة أن اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة في أمريكا الوسطى تشكل أهمية استراتيجية لإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تفوق أهميتها الاقتصادية خاصة أن الصادرات الأمريكية لهذه المنطقة لا تتجاوز اثنين في المائة من إجمالي الصادرات السنوية للولايات المتحدة.
ولكن الإدارة الأمريكية تراهن على إقامة مثل هذه المنطقة لدعم القيم الأمريكية فيها وتشجيع الأنظمة الليبرالية الموالية لواشنطن بهدف الحد من تيار العداء للولايات المتحدة المتصاعد في أمريكا اللاتينية.
وتراهن الإدارة الأمريكية على هذه الاتفاقية التي تضم دولا صغيرة وفقيرة لحفظ ماء وجهها بعد أن فشلت في إقناع القوى الاقتصادية الكبرى في أمريكا اللاتينية وأمريكا الجنوبية بشكل عام مثل البرازيل والأرجنتين بالانضمام إليها.
لذلك فإن انهيار هذا المشروع سيشكل صفعة سياسية للإدارة الأمريكية ويدعم دعاوى المعارضة في واشنطن التي تتهم إدارة الرئيس بوش بتبديد النفوذ الأمريكي في واحدة من أهم المناطق الاستراتيجية بالنسبة للأمن القومي الأمريكي.
ليس هذا فحسب بل إن الإدارة الأمريكية نظرت إلى توقيع مثل هذه الاتفاقية التي تضم دولا بلا أي ثقل سياسي أو اقتصادي باعتباره ورقة توت لستر عورة فشل سياساتها في هذه المنطقة حيث أصبح التوقيع على الاتفاقية النجاح الوحيد للدبلوماسية الأمريكية في المنطقة والتي بموجبها يتم إلغاء حواجز تجارية بين الولايات المتحدة وستة دول هي كوستاريكا والسلفادور وغواتيمالا وهندوراس ونيكاراغوا وجمهورية الدومينيكان.
وفي حفل التوقيع قال الرئيس بوش في أغسطس 2005 إن الاتفاق يعزز من استقرار حكومات أمريكا الوسطى على المستويين السياسي والاقتصادي، الأمر الذي من شأنه حماية أمن الولايات المتحدة وعمقها الاستراتيجي.
واشنطن وسياسة العصا والجزرة
وقد اضطرت الإدارة الأمريكية التي يسيطر عليها الجمهوريون إلى استخدام سياسة العصا والجزرة ولي الذراع من أجل إجبار دول امريكا الوسطى الفقيرة على التوقيع على هذه اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة بعد انسحاب دول أمريكا الجنوبية الكبيرة مثل البرازيل والأرجنتين.
وقد واجهت هذه الاتفاقية معارضة واسعة من جانب النقابات العمالية وجماعات الدفاع عن البيئة وجماعات حقوق الإنسان على أساس أنها لن تخدم سوى الأثرياء في المنطقة وعلى حساب الفقراء.
ويقول النشطاء في أمريكا الوسطى إن المزارعين في المنطقة لن يستطيعوا منافسة المنتجات الزراعية الأمريكية التي تتمتع بدعم حكومي يقدر بمليارات الدولارات الأمر الذي يساعد المنتجين الأمريكيين على طرح منتجاتهم بأسعار تقل كثيرا عن أسعار التكلفة.
كما يحذرون من أن الحماية التي تتضمنها الاتفاقية لشركات الأدوية الأمريكية يمكن أن يزيد صعوبة الحصول على الدواء بالنسبة للغالبية العظمى من شعوب دول أمريكا الوسطى حيث تفتح الاتفاقية الباب أمام شركات الدواء الأمريكية لتحديد أسعار بيع هذه الأدوية وحرمان الشركات المحلية من إنتاجها.
وبالطبع فالمشهد في كوستاريكا هو تكرار للحالة في باقي دول المنطقة حيث يؤيد مجتمع رجال الأعمال والمستثمرين الاتفاق والعلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة بشكل عام على أساس أنها تصب في مصلحتهم المباشرة.
في المقابل فإن النقابات العمالية والحركات الشعبية تقف على الجانب المقابل وتعارض بشدة هذه الاتفاقية التي ترى فيها كارثة على فقراء البلاد. وفي إطار الضغوط الأمريكية على كوستاريكا لإجبارها على التصديق على الاتفاقية سافر وفد من أعضاء الكونجرس الأمريكية إلى عاصمة كوستاريكا سان خوسية في ديسمبر الماضي وحذروا أعضاء البرلمان الكوستاريكي من تهميش بلادهم في حالة رفض الاتفاقية.
كما حذر السفير الأمريكي لدى كوستاريكا من أن رفض التصديق على هذه المعاهدة يمكن أن يدفع الشركات الأمريكية الكبرى إلى التخلي عن فكرة الاستثمار في كوستاريكا الأمر الذي سيلقي بظلال كثيفة على آفاق النمو الاقتصادي للبلاد.
سياسة التهديد غير مجدية
والحقيقة أن سياسة التهديد الأمريكية لم تعد مجدية في تلك المنطقة المهمة من العالم بعد أن تحولت بالفعل إلى نقطة جذب مهمة للشركات العالمية غير الأمريكية الباحثة عن أسواق جديدة للاستثمار.
وقد استفادت بالفعل عشرات الشركات الآسيوية والأوروبية الكبرى من تزايد مشاعر العداء للولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية لقنص الفرص الاستثمارية فيها بعيدا عن المنافسة الأمريكية.
في المقابل فإن حكومات الدول الأمريكية المناوئة للولايات المتحدة وجدت ضالتهم في الصين على وجه التحديد التي تمارس دبلوماسية نشطة جدا في أمريكا اللاتينية بهدف تدعيم العلاقات الاقتصادية والتجارية مع دول المنطقة.
ليس هذا فحسب بل إن تجربة المكسيك التي انضمت إلى اتفاقية منطقة التجارة الحرة في أمريكا الشمالية المعروفة باسم نافتا وتضم إلى جانب المكسيك الولايات المتحدة وكندا تشير إلى أن العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة لا تنطوي على تحقيق الجنة الموعودة لفقراء أمريكا اللاتينية.
فقد وقعت المكسيك هذه الاتفاقية منذ نحو عشر سنوات أصبحت خلالها ثاني أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في منطقة الأمريكتين. ورغم ذلك فإن أكثر من نصف سكان المكسيك التي ارتمت في أحضان واشنطن سياسيا واقتصاديا خلال سنوات حكم فنسنت فوكس مازالوا يعانون الفقر ومازالت الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة هي الملاذ الوحيد أمام ملايين المكسيكيين للخروج من دائرة الفقر المدقع. ولعل هذا هو ما جعل السياسي المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أحد أهم المرشحين للفوز في الانتخابات الرئاسية في المكسيك الصيف المقبل يتبنى مواقف مناهضة للعلاقات التجارية الخاصة مع الولايات المتحدة.
والحقيقة أن السنة الماضية شهدت المزيد من تدهور السياسة الخارجية لواشنطن في أمريكا اللاتينية.
فقد فشلت إدارة بوش في الحصول على الأغلبية بين دول منظمة الدول الأمريكية وتضم 34 دولة من أمريكا الشمالية والجنوبية لاثنين من المرشحين الذين حظيا بتأييد واشنطن لرئاسة المنظمة.
كما توترت العلاقة بينها وبين حليفها الوحيد تقريبا في المنطقة وهو حكومة الرئيس المكسيكي فنسنت فوكس نتيجة تأييدها مشروع قرار مقدم إلى الكونجرس لبناء جدار فصل على طول الحدود الأمريكية المكسيكية يبلغ طوله 700 ميل لمواجهة الهجرة غير الشرعية.
انتقادات علنية لسياسات واشنطن
وعندما شارك الرئيس بوش في قمة الأمريكتين بالأرجنتين العام الماضي، واجه انتقادات لاذعة من الرئيس الأرجنتيني نيسترو كيرنشر والرئيس الفنزويلي هوجو شافيز في كلمات بثت على الهواء اعتبرا فيها أن سياسات واشنطن هي المسؤولة عن أمراض المنطقة.
وكان صعود اليسار في أمريكا اللاتينية واستقرار نظام شافيز في فنزويلا وانتخاب بوليفيا إيفو موراليس الاشتراكي الرفيق والحليف القوي لشافيز وفيدل كاسترو ضربات موجعة للسياسة الأمريكية في أمريكا اللاتينية، خاصة في ظل توقعات بحدوث السيناريو نفسه في انتخابات مقبلة في دول مجاورة مثل بيرو وأكوادور.
وكان الاستقبال غير المرحب ببوش والوفد الأمريكي على المستوى الشعبي وعلى مستوى بعض الوفود الرسمية أثناء انعقاد قمة دول الأمريكتين في الأرجنتين في نوفمبر الماضي وفشل الولايات المتحدة في إقناع القمة بالموافقة على اتفاقية التجارة الحرة دليلا على ما آلت إليه علاقات الولايات المتحدة بدول المنطقة ولهذا أسباب عدة.
ويقول المحللون إن الولايات المتحدة ارتكبت خطأ استراتيجيا عندما اخرجت دول أمريكا اللاتينية من دائرة اهتمام السياسة الخارجية الأمريكية بعد انتهاء الحرب الباردة وظهور ملامح الشيخوخة على نظام كاسترو في كوبا وفي ظل انشغالها بالحرب على الإرهاب منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.
وواصلت إدارة الرئيس بوش خلال عام 2005 تدخلها السياسي والعسكري في الصراع الدائر في كولومبيا بين الحكومة والمتمردين اليساريين، كذلك أيدت كولومبيا في نزاعها مع فنزويلا بسبب قيام السلطات الكولومبية باختطاف معارض كولومبي من قلب العاصمة الفنزويلية في شهر يناير.
كما واصلت واشنطن سياستها المتشددة تجاه كوبا، فضلا عن ازدياد التوتر بين واشنطن والرئيس الفنزويلي هوجو شافيز.
وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها من القمة التي عقدت في مارس بين رئيس الحكومة الإسبانية لويس ثباتيروا وقادة دول البرازيل وفنزويلا وكولومبيا التي كان من نتائجها بيع أسلحة إأسبانية بقيمة 3.1 مليار دولار إلى فنزويلا رغم كون إسبانيا حليفا قريبا من واشنطن.
وبدا واضحا أن الإدارة تتجنب الصدام مع حكومات تنتمي ليسار الوسط كما في الأرجنتين والبرازيل.
وفي المقابل شهدت واشنطن مجموعة من الإخفاقات المتوالية في أمريكا الجنوبية، ولم تفلح جولة وزيرة الخارجية في شهر أبريل الماضي في البرازيل وكولومبيا وشيلي والسلفادور في عزل أو تحجيم دور شافيز في المنطقة.

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
المستكشف
الملف السياسي
استراحة
تقرير
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
مجتمعات
روابط اجتماعية
شاشات عالمية
رياضة
تميز بلا حدود
صحة وتغذية
أنت وطفلك
الحديقة الخلفية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved