Al Jazirah Magazine Tuesday  22/05/2007 G Issue 219
الفن السابع
الثلاثاء 5 ,جمادى الاولى 1428   العدد  219
 

السينما حول العالم...
أخبار وتعليقات

 

 

* هوليود - محمّد رضا

حياة في الميزان

يختلف (اختراق) عن الفيلم الجاسوسي المعتاد، ليس إلى حد الانفراد، بل إلى حد كافٍ لكي يكون انتعاشاً لسينما تطلب الحقيقة وتصوّر بهدوء الشخصية التي يمكن لها أن تتجسس مستندة إلى أحداث واقعية. إنه ليس نوعية جيمس بوند ولا نوعية مغامرات بورن، بل قريب للغة أدبية كتلك التي يكتبها، ولو خيالاً، جون لي كاري. وهذا العام لدينا فيلمان من هذا النوع، (اختراق) واحد منهما فقط، الثاني هو (الراعي الصالح) The Good Shepherd المأخوذ أيضاً عن وقائع حقيقية.

روبرت فيليب هانسن كان مسؤولاً في قسم (التجسس المناوئ) في الأف بي آي. مهمّته كشف الجواسيس، لكنه كان جاسوساً بدوره للاتحاد السوفييتي طوال عشرين سنة (كل ما بنيته في عشرين سنة هدمه هانسُن) كما تشكو مسؤولة أعلى اسمها كَيت (لورا ليني) في أحد المشاهد. هانسُن، كما يؤدّيه كريس كوبر ينتمي إلى النوع الصامت من الناس. النوع الحذر لكن غير المتطيّر، الكامنة حياته في أعماقه وليس في تصرّفاته. الإدارة ترتاب به لكن ليس لديها برهان واحد على أن حاميها حراميها؛ لذلك تتّجه لهذا الشاب إريك (رايان فيليب) طالبة منه أن يعمل سكرتيراً لهانسن على أمل أن يستطيع التسلل إلى أسراره المسجّلة التي اعتاد هانسن إبقاءها قريبة منه أينما ذهب. هذا يتطلّب، في أحد فصول الفيلم، خدعة إرساله لالتقاط صورة في مقر الأف بي آي بينما يبحث إريك عن براهين الإدانة، قبل أن يقطع هانسن وصلة التصوير ويصعد إلى مكتبه ما يخلق جوّاً تشويقياً جيّداً، لكن المخرج يبني التشويق بحذر. هو ليس وراء فيلم تشويقي باستخدام مركّز على التوليف (مثل لقطة لهانسن ولقطة لإريك بالتناوب وبإيقاع سريع طول الوقت) بل وراء التشويق موظّفاً معطيات واقعية بما فيها الإيقاع ذاته.

مهمة صعبة

ما يعرفه إريك عن هانسُن هو ما أخبرته إياه المديرة كَيت حين قالت له إن هانسن يعاني نوعاً من الشذوذ، فهو يصوّر علاقته مع زوجته (كاثلين كوينلان) ولا يعترض إرسال الشريط إلى إريك ليشاهده. وهو يمضي أيضاً وقتاً على الإنترنت، لكنه في ذات الوقت، ومضياً في تركيبته الخاصّة، إنسان يؤمن بالعائلة والقيم، ولا ينسى التردد على الكنيسة كل صباح أحد. وفي يوم إلقاء القبض عليه، كان أمّ الكنيسة قبل أن يذهب إلى جسر في حديقة عامّة ويضع مغلّفاً جديداً من الأسرار لكي يلتقطها العميل من الطرف الآخر. إنه هنا يتم إلقاء القبض عليه ويعود إريك لإنقاذ حياته الزوجية من الانهيار بسبب سرّية عمله وإنقاذ حياته كلها من السير في عالم من التجسس والتجسّس المضاد. المخرج يجد أنه من اللازم تخصيص مشهد نهائي يقدّم فيه إريك استقالته بعد إتمام مهمّته الصعبة. كَيت (التي لا تملك حياة عاطفية خاصّة) تحاول إقناعه بالبقاء والعمل، لكن إريك الذي خاض عواصف عاطفية وضغوطاً شديدة في سبيل الوصول إلى الحقيقة منتقلاً من شخص يشك في أن الأف بي آي على صواب إلى آخر يشعر بالأسف لهانسن لكنه ماض في سبيل كشفه، يصرّ. إنها ليست نهاية بطولية، لكنها واقعية. هذا المخرج لا يطلب من نفسه سوى توغّل سلس إلى صلب موضوعه. الفيلم ربما كان بحاجة إلى تفعيل وتنشيط عناصر فنية (التصوير والموسيقى وأحياناً التوليف) بقيت متواضعة، لكنه يوفّر لنا في النهاية العمل الذي ترتاح إليه؛ كونه أقل توتّراً وأكثر صدقاً على أية حال. إلى حد كبير، هذا الفيلم ينتمي إلى الممثل كريس كوبر (بطولة النجمة الوحيدة لجون سايلس واشترك في جمال أميركي لسام منديز ولاحقاً في سيريانا لستيفن غاكان من بين عشرات أخرى) الذي يبني الشخصية على نحو يعكس فيها موقفاً ضد هانسن. ممثل غير موهوب كان سيبني استعراضاً لكي يعيش فوق الشخصية الحقيقية، لكن كوبر يمنحها عوامل الصدق. إنه بالغ الريبة في الآخرين ومؤلّف من عدّة مستويات مركّبة ومتديّن وغير أخلاقي في بعض جوانبه في ذات الوقت. ومثل حالات أخرى مميّزة تؤدي بساطة المفردات المستخدمة إلى أداء قوي ما يجعل تعامل رايان فيليب مع شخصيّته أصعب؛ إذ عليه أن يصعد إلى مستوى خبرة كوبر وهو يفعل ذلك جيّداً.

إليزابث الأخرى هي ذاتها

كم عملاً سينمائياً تستطيع أن تشاهد عن ملكات بريطانيا؟

كلنا يعلم أن هيلين ميرين نالت جائزتي الغولدن غلوب والأوسكار عن دورها في فيلم (الملكة) الذي لعبت فيه دور الملكة البريطانية الحالية وموقفها من الأميرة دايانا من حيث إنها (الملكة) لم تعتبرها من العائلة الملكية؛ وبذلك لم تكن تستحق الجنازة الملكية التي طالبها الرأي العام البريطاني بها.

لكن هيلين ميرين، في العام الماضي أيضاً، أنجزت فيلماً تاريخياً أيضاً لعبت فيه دور الملكة إليزابث، لكن ليس إليزابث الحالية، بل إليزابث الأولى (1533-1603) وذلك في إليزابث1 ذلك الفيلم لم يعرض في صالات السينما؛ لأنه ليس إنتاجاً سينمائياً، لكنّه نفذ بتقنيات السينما ولو أنه انتهى إلى المحطات الفضائية قبل أن يحتل مكانه على أرفّف محلات بيع الأسطوانات كما الأفلام السينمائية على أية حال.

لكن هذا ليس كل (إليزابث). المخرج الهندي شوخار كابور انتهى حديثاً من تصوير فيلم بعنوان (العصر الذهبي) الذي يتناوّل فيه حياة الملكة إليزابث الأولى نفسها، من حيث علاقتها العاطفية بالسير وولتر رالي (كلايف أووين). هذه المرة لن تلعب هيلين ميرين الدور ثانية، بل تم إسناد البطولة إلى كايت بلانشيت التي كانت قد لعبت دور الملكة ذاتها في فيلم (إليزابث) إنتاج سنة 1998م. ذلك الفيلم كان من إخراج شيخار كابور نفسه. بعده أخرج (الريشات الأربع) (2002) الذي لم يكن بمستوى فيلمه السابق ولا بأهميّته. كذلك كان ذلك الفيلم من بين تلك الأولى التي لفتت كايت بلانشيت الأنظار إليها بعد سنوات من الأعمال التي لم تثر الكثير من الاهتمام.

إخفاقات مرعبة

ليس من بين أي من أفلام الرعب الأربعة الأخيرة التي تم إطلاقها في الولايات المتحدة، بعد مجزرة معهد فرجينيا تك، ما استطاع تحقيق أي نجاح، والسبب الذي يطغى على ملاحظات المحللين في هذا الموضوع هو أن الجمهور، بعد مثل هذا التفشّي للعنف في الحياة الحقيقية، ممتعض حالياً عن مشاهدة أفلام من ذات المستوى.

هناك من يقول إن بعض ما صنع جريمة تشو مشاهد من الأفلام المرعبة لأفلام مقبلة (بينها فيلم (هوستل 2) الذي يصوّر رأساً مقطوعة لامرأة) تم بثها على الإنترنت. هذا وفيلم كوري جنوبي بعنوان (أولد بوي) يتميّز بموضوعه حول رجل يفقد عقله فيقتل بلا تفريق انتقاماً من الذين أساؤوا إليه (ذات معطيات حياة وموت تشو).

إلى هذا، يجب أن أشير إلى أن شركات الأفلام كانت رفعت إنتاج كم أفلامها المرعبة بنحو 50 بالمئة هذا العام. كل سنة هناك نحو 20 - 25 فيلماً مرعباً أو يعتمد العنف فيه على الإثارة التشويقية الرخيصة يتم عرضها في السوق الأميركي. هذا العام الرقم سيتجاوز الأربعين.

الأفلام المرعبة الأربعة التي تم إطلاقها هذا الأسبوع وأخفقت في تحقيق نتائج عالية هي (غير المرئي) و(تمزّق) و(خلو) و(إزعاج) الذي يحافظ على المركز الأول هذا الأسبوع ليس لنجاحه، بل لضعف إيرادات باقي الأفلام. وفي الأسبوع ذاته الذي وقعت فيها الجريمة المروعة، تم إطلاق فيلم رعب آخر هو (الحصد) لكنه لم يحصد سوى خيبة الأمل.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة