Al Jazirah Magazine Tuesday  22/05/2007 G Issue 219
تقارير
الثلاثاء 5 ,جمادى الاولى 1428   العدد  219
 
الشيشة..
(بقبقة) مقاهٍ بنكهات متعددة!!

 

 

* تقرير - وضحى العجمي

غيوم بيضاء تتشكل داخل المقاهي والاستراحات.. تطلق من أفواه شباب في جلسة مسائية.. يتوهمون أنهم يرفهون بها عناء يوم شاق قضوه بالدراسة أو العمل.. حتى أضحت الشيشة عنصراً أساسياً من مقومات أيّ سهرة شبابية؛ فدفئها يضفي المتعة والشجون على أفراد الشلة، وروائح المعسل تعبق بجميع أنواع الفواكه التي تعطر الأجواء.

واليوم لم تعد مقتصرة على الذكور كما كانت قبل سنوات قليلة؛ فهي مفضلة بالنسبة للكثير من الفتيات اللاتي يحرصن على توفيرها ضمن مستلزمات المنزل، ومع أغراض الشواء في صندوق المركبة؛ فهي ترافق جلسات العائلة ورحلاتها.

20% من المدخنين نساء

والشيشة بالنسبة لحواء وافدة على المجتمع العربي، وتؤكد الإحصاءات أن أرقام المدخنات للشيشة في تزايد؛ فحتى سنوات قليلة كان 3% من إجمالي مدخني الشيشة من النساء، أما اليوم فإن النسبة تجاوزت الـ20%. فتيات في سن المراهقة أصبحن اليوم من رواد المقاهي، وقد ساعدت المقاهي والكافي شوب التي انتشرت كثيراً في المراكز التجارية في مختلف بلدان الوطن العربي في استقطاب العديد من الفتيات اللاتي صرن مدخنات للشيشة بصورة لم يسبق لها مثل.

وعن الأضرار المحدقة - خاصة بحواء - جراء تدخين الشيشة أكد عدد من الأطباء أن من أشهرها احمرار العينين وزوال نعومة الشعر وتجعده وشحوب الوجه، إضافة إلى ضمور الشعيرات المخاطية وكذلك تحول الأسنان إلى اللون الأصفر ثم الأسود وانبعاث روائح كريهة من الفم بخلاف الاضطرابات التي تحدث للدورة الشهرية وانقطاعها تماماً.

وسيلة لنقل الأمراض

ويشكو مدخنو الشيشة دائماً من آلام في الرأس ودوران، وزغللة في النظر، وخفقان في القلب، كما يؤدي تدخين الشيشة إلى بعض أمراض الجهاز التنفسي مثل انسداد الشعب الهوائية، ناهيك عن انتشار بعض الأمراض المعدية نتيجة قيام أكثر من مدخن بالتناوب على نفس الشيشة.

وينصح الأطباء بالقيام بحملة توعية شاملة للقضاء على التدخين بكل أشكاله، وخاصة في المنازل التي أصبح من المألوف فيها رؤية الأب أو الأم يدخن السجائر أو الشيشة وسط أفراد الأسرة.

ويحذر الخبراء من أن التأثير الضار للشيشة لا يقتصر على تدخين التبغ أو المعسل، وإنما يمتد أيضاً إلى شيشة الفواكه، وهي شيشة خالية من التبغ، وتحتوي على بعض قشور الفاكهة التي يتم تخميرها ومعالجتها بالمولاس وهو العسل الأسود أو الجليسرين كمادة لاحقة.

وتكمن خطورة هذا النوع من الشيشة في احتوائه على المواد اللاصقة، وخاصة الجليسرين الذي يؤدي حرقه عن طريق الفحم إلى تكوين مادة الأكرولين وهي من المواد السامة التي تتسبب في حدوث سرطان المثانة.

وفي مواجهة انتشارها الواسع في المجتمعات العربية والإسلامية بدأت بعض الأصوات في الارتفاع مؤخرا منادية بوقف ظاهرة تدخين الشيشة بسبب خطورتها على صحة متعاطيها، والحديث يدور هنا عن عادة تدخين الشيشة أو ما يسمى النارجيلة، وهي العادة التي لم تعد تقتصر على الرجال بل امتد أثرها إلى النساء بل حتى الأطفال.

سرطان

وعلى الرغم من قلة الدراسات التي أجريت على التأثير الضار للشيشة في المجتمعات العربية فإن الدراسات التي تم نشرها حتى الآن تشير إلى ارتباط وثيق بين تدخين الشيشة وسرطان الفم، وعلى سبيل المثال تشير دراسة أجريت في كلية طب الأسنان بجامعة الأزهر المصرية، ونشرت في المجلة الدولية لأمراض الجلد عام 1999م، إلى أن تدخين الشيشة الذي يتم عن طريق أنبوب من المطاط يرتبط ارتباطاً وثيقاً ببعض حالات سرطان الفم.

موضة العصر

أما عن السبب الذي يحمل الفتيات على تدخين الشيشة، فقد أكدت إحدى الدراسات أن الرغبة في التمرد على عادات المجتمع كانت أول الأسباب التي جعلت الفتاة تقبل على تدخين الشيشة، إضافة إلى محاولة جذب انتباه الجنس الآخر، فيما يرى تربويون أن غياب الدور التربوي للأسرة التي لم تعد تشرف على سلوك الأبناء والفتيات يعد سبباً في الإدمان على الشيشة.

وعادة ما تكون البدايات مع الشيشة نابعة من الفضول لاستكشاف تلك الرائحة الزكية المنبعثة منها بعيداً عن أنظار الأهل. وفي المقابل فقد أصبحت تقليداً يعتاد عليه الشباب في السهرات العائلية، كيف لا وهي طبق مفضل فيها؟ فالأب معتاد على السهر بصحبة الشيشة؛ وبذلك تنتقل العدوى بين الأبناء المراهقين بتقليد مثلهم الأعلى، وتصبح فيما بعد عادة ترافقهم في سهراتهم الشبابية.

ويعتبر تدخين الشيشة موضة العصر لدى بعض الشباب يرفهون بها عن النفس في سهراتهم ومناسباتهم الخاصة، كما أن البعض الآخر يعتبرها بديلاً عن الدخان، وتبين أن غالبية الشباب لا يعلمون حقيقة مضارّ الشيشة وتأثيرها السلبي على الصحة؛ لأنهم ينخدعون بنكهات معسل الشيشة التي يبتكرها أصحاب المقاهي.

منظمة الصحة تحذر

وقالت منظمة الصحة العالمية في دراسة عن أضرار تدخين الشيشة: إن كمية النيكوتين التي تنجم عن تدخين الشيشة في جلسة واحدة تعادل تدخين أكثر من علبة سجائر كاملة. ويدخن الكثيرون الشيشة ظناً منهم أن مرور الدخان عبر الماء ينقي النيكوتين من بعض السموم التي يحتويها.

وأوضح حسين الجزائري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية أن الأمر ليس كذلك، وقال في مؤتمر صحفي أعلن من خلاله نشر أول تقرير عن مخاطر تدخين الشيشة: هناك اعتقاد خاطئ سائد منذ عشرات السنين بأن الشيشة أقل ضرراً وإدماناً من السجائر. وأضاف أن تدخين الشيشة به كل مسببات السرطان الناجمة عن تدخين السجائر ويزيد على ذلك إضافة مزيد من أحادي أكسيد الكربون ومجموعة منفصلة من مسببات السرطان الناجمة عن استخدام فحم محترق للمحافظة على تدفق النيكوتين مقترناً باحتمال الإصابة بمرض السل أو الالتهاب الكبدي الوبائي نتيجة تعاقب الأفواه على فوهة خرطوم الشيشة.

عودة قوية

وقالت الدراسة: (المدخن المنتظم للشيشة يدخن في جلستين إلى ثلاث جلسات يومياً، وهذا يعني كمية من النيكوتين تعادل أكثر مما تحتويه علبة سجائر في كل جلسة بالنسبة لمعظم مدخني الشيشة). وأضافت الدراسة أن العثمانيين أدخلوا الشيشة إلى المنطقة في القرن السابع عشر، ومع أن إنتاج السجائر أبعد الشيشة عن الساحة إلى المناطق النائية بشكل أساسي فإنها عادت للظهور بقوة في العقود الأخيرة.

وتدخن النساء على وجه الخصوص الشيشة على سبيل مسايرة ما هو مستحدث، ولأنهن يعتقدن أنها أقل ضرراً من السجائر، لكن انتشار التدخين عموماً زاد وتسبب في رفع معدل الوفيات المرتبطة بالتبغ.

وقال مصطفى كمال من المركز المصري لأبحاث مكافحة التدخين إن مصر تشهد سنوياً 34 ألف حالة وفاة مرتبطة بالتبغ وثلثها نتيجة لتدخين الشيشة. ومن الصعب التكهن بالأثر الذي قد يحدثه تقرير منظمة الصحة العالمية على مدخني الشيشة الذين يحصلون على جرعتهم اليومية من النيكوتين من نراجيل (تبقبق) في المقاهي المنتشرة والكثيرة التي تقدم لروادها الشيشة بنكهات متعددة!


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة