الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 24th June,2003 العدد : 39

الثلاثاء 24 ,ربيع الثاني 1424

ثرثرة قلم...!
يمضي بنا قطار العمر..
بساعاته وأيامه..
بلحظاته الجميلة..
وما هو سيئ منها..
***
القطار يسير بنا مسرعاً دون أن يأخذ الإذن منا..
في وجهته حيث لا نعرف متى نصل وهل نصل إليها..
أم يحول حائل دون بلوغها قبل أن تدق ساعتها..
***
حياتنا في هذا الكون مجهولة وحافلة بالأسرار..
ومداها أقصر مما نتصور أحياناً.. وأبعد مما تقوله توقعاتنا أحياناً أخرى..
فالغموض يكتنف كل ثانية من حركاتها وسكناتها..
ونحن أعجز من أن نفك هذه الأسرار..
***
يأخذنا الحماس في دنيانا..
بالتركيز على ما يلبي تحقيق السعادة لنا..
وننسى أحياناً أن قطار العمر قد يتوقف..
وبتوقفه قد تكون رحلتنا إلى العالم المجهول قد بدأت..
***
وبين عالمين..
ومحطتين..
بين ما نحن فيه..
وما يخفيه القدر لنا..
هناك دروس وعبر ينبغي أن نتعلم منها..
ربما تقودنا إلى التفكير والتدبر لواقع حالنا قبل فوات الأوان..
***
تُرى..
أين نحن مما ينبغي أن نقوم به..
هل آن الأوان للتفكر بما هو مطلوب منا..
لعالمنا اليوم..
ولما نحن مقدمون عليه في الغد..
***
هذه نفثات يراع..
أنهكه التعب دون أن يقول شيئاً..
أو يكمل مابدأ به كلامه..
أعتذر..!!
خالد المالك
الأمم المتحدة في ذمة التاريخ
رسالة تأييد لبوش أدت إلى الانشقاق في صفوف الحلفاء الغربيين
انفراد أمريكا بالعالم ساهم في تهميش دور الأمم المتحدة

* بقلم مايكل جلينون(*)
عندما وقف وزير الخارجية الامريكي كوريل هول عام 1945م ليقول ان الامم المتحدة مفتاح رئيسي لتحقيق أعظم الطموحات البشرية، لم يكن يعلم أنه
بعد أقل من ستة عقود لاحقة سيشهد العالم ترنح النظام العالمي أمام تحقيق تلك الطموحات، لقد جاءت عبارة (هول) بعد ان حلت منظمة الامم المتحدة
محل عصبة الامم التي اطاحت بها الحرب العالمية الثانية، وجاء "الترنح" في النظام الدولي بعد فشل مجلس الامن الدولي في التعامل مع المشكلة العراقية بصورة
جماعية وقد بدا واضحا ان محاولة أمريكا لاستخدام القوة في فرض حكم القانون ضد العراق باءت بالفشل.
والحقيقة تشير إلى أن النظام العالمي لم يشهد أي تقدم على مدى سنوات، فالقواعد الحاكمة لاستخدام القوة من جانب الأمم المتحدة موجودة في ميثاق
المنظمة الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي التابع لها، وقد كشف عام 2003 أن السؤال الذي واجه الدول الأعضاء في المجلس هو هل استخدام القوة
قانوني؟
ومن قبل كان السؤال المطروح على العالم في القرن التاسع عشر هو هل استخدام القوة يعد من الحكمة في شيء؟
والواقع أن نهاية نظام الأمن العالمي المستند على الأمم المتحدة وميثاقها وآلياتها في الثاني عشر من سبتمبر عام 2002 عندما فاجأ الرئيس الأمريكي جورج
بوش الكثيرين ونقل ملف الأزمة العراقية إلى الأمم المتحدة طالبا منها إصدار قرار يسمح له باستخدام القوة ضد العراق بدعوى فشل بغداد في تنفيذ
القرارات الدولية المتعلقة بنزع أسلحته المحظورة، فقد قال بوش "سوف نعمل مع مجلس الأمن الدولي من أجل إصدار القرارات الضرورية" ولكنه حذر في
الوقت نفسه من أن بلاده سوف تتحرك بصورة منفردة إذا ما فشلت الأمم المتحدة في التعاون مع الرغبات الأمريكية.
تهميش مجلس الامن
وقد تأكد التهديد الأمريكي بعد شهر من خطاب بوش من خلال الكونجرس الذي منح الرئيس الأمريكي في أكتوبر من العام الماضي تفويضا باستخدام
القوة العسكرية ضد العراق بدون الحاجة إلى الحصول على تفويض من مجلس الأمن الدولي أولا.
وقد بدت الرسالة الأمريكية في ذلك الوقت واضحة تماما: "أمريكا ليست في حاجة إلى مجلس الأمن الدولي".
وبعد ذلك بأسبوعين تقريبا وفي الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الماضي قدمت الولايات المتحدة الأمريكية رسميا مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي
يتضمن السماح لها باستخدام القوة ضد العراق، ولكن الرئيس بوش كرر تحذيره من رفض مجلس الأمن الدولي لمشروع القرار الذي لن يردع بلاده عن شن
الحرب ضد العراق، وقال بوش "إذا لم يكن لدى الأمم المتحدة الرغبة أو الشجاعة لنزع أسلحة صدام حسين وإذا لم يقم صدام حسين بنزع أسلحته فإن
الولايات المتحدة سوف تقود تحالفا دوليا لنزع أسلحته"، وبعد مداولات ومناقشات عديدة سرية وعلنية بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن صدر القرار
رقم 1441 في السابع من نوفمبر والذي اعتبر العراق قد "انتهك ماديا" القرارات الدولية السابقة ووضع نظاما جديدا للتفتيش على الأسلحة في العراق
وحذر مرة أخرى من "عواقب وخيمة" إذا ما فشل العراق مرة أخرى في التخلي عن أسلحته المحظورة، ولم يتضمن هذا القرار أي تفويض لأمريكا باستخدام
القوة ضد العراق وتعهدت واشنطن بضرورة العودة مرة أخرى للمجلس من أجل الحصول على قرار جديد قبل استخدام القوة العسكرية ضد العراق فيما
بعد.
انتصار لباول
وقد كان التصويت لصالح القرار رقم 1441 وبإجماع أعضاء مجلس الأمن الدولي الخمسة عشر بمثابة انتصار شخصي هائل لوزير الخارجية الأمريكي كولن
باول الذي بذل جهودا سياسية جبارة لإقناع حكومة بلاده بضرورة التعامل مع الملف العراقي من خلال الأمم المتحدة في البداية كما بذل جهودا ضخمة
من أجل الحصول على تأييد دولي لبلاده، ومع ذلك ثارت شكوك كبيرة حول جدوى نظام التفتيش الجديد على الأسلحة في العراق ومدى تعاون العراق
مع المفتشين الدوليين، ففي الحادي والعشرين من يناير من العام الحالي أعلن كولن باول نفسه أن "نظام التفتيش لا يعمل بالصورة المطلوبة، وعاد إلى الأمم
المتحدة في الخامس من فبراير مرة أخرى وقدم مجموعة من الأدلة التي تقول إن العراق مازال يخفي أسلحة دمار شامل، ولكن فرنسا وألمانيا ضغطتا داخل
المجلس من أجل إتاحة المزيد من الوقت للمفتشين الدوليين.
انقسام بين الحلفاء
وفي تلك الأثناء وقع الانشقاق بين الحلفاء الغربيين على جانبي الأطلنطي وتعمق الانقسام عندما وقعت 18 دولة أوروبية على رسالة تأييد للرئيس الأمريكي
جورج بوش في تحركاته ضد العراق، وفي الرابع عشر من فبراير عاد المفتشون الدوليون إلى مجلس الأمن ليقولوا إنه وبعد 11 أسبوعا من العمل المتواصل
داخل العراق لم يتمكنوا من العثورعلى أي دليل يؤكد وجود أسلحة دمار شامل في العراق، وبعد ذلك بعشرة أيام وفي الرابع والعشرين من فبراير قدمت
الولايات المتحدة وبريطانيا وأسبانيا مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يقول إنه وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة (وهو الفصل الذي يتعامل مع
تهديدات السلام العالمي) فإن العراق قد فقد فرصته الأخيرة في التخلي عن أسلحة الدمار الشامل المحظورة التي يمتلكها، ولكن فرنسا وألمانيا وروسيا طالبت
على الفور بضرورة منح العراق المزيد من الوقت، ولكن البيت الأبيض الذي بدا محبطا بصورة متزايدة بسبب معارضة أعضاء مجلس الأمن للخطط الأمريكية
أعلن في الثامن والعشرين من فبراير أن هدف أمريكا لم يعد فقط نزع أسلحة العراق ولكن "تغيير نظام الحكم في بغداد أيضا".
الضغوط الأمريكية
وشهدت الأيام التالية تصعيدا للضغوط الأمريكية على دول العالم من أجل تأييد التحرك العسكري ضد العراق، وفي المقابل أعلنت كل من روسيا وفرنسا
استعدادهما لاستخدام حق الفيتو لمنع صدور أي قرار من مجلس الأمن يسمح لأمريكا باستخدام القوة ضد العراق، وبعد ذلك أعلنت الصين موقفا مشابها
لموقف الدولتين، وحاولت بريطانيا طرح مشروع قرار جديد كحل وسط ولكن الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن فشلوا في الاتفاق عليه أيضا.،
وهكذا اتضح عجز مجلس الأمن الدولي عن التعامل مع أزمة خطيرة تهدد السلام العالمي.
وفي هذه المرحلة بدا من اليسير التوصل إلى النتيجة التي توصل إليها الرئيس بوش بأن فشل الأمم المتحدة في مواجهة العراق يعني أن هذه المنظمة الدولية
سوف تصبح في ذمة التاريخ باعتبارها منظمة للجدل غير المفيد وغير الفعال.
تحول موازين القوى
والواقع أن مصير الأمم المتحدة تحدد قبل تلك الشهور الماضية بكثير، فالمشكلة لم تكن الحرب الأمريكية ضد العراق ولكن المشكلة كانت في تحول موزاين
القوى في العالم وانفراد أمريكا بهذا العالم كقوة عظمى وحيدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ثم تصاعد الخطر الذي يهدد المنظمة الدولية مع تزايد الصراع
الثقافي والحضاري بين أمريكا والعالم خاصة فيما يتعلق باستخدام القوة والقضاء على مصداقية مجلس الأمن بصورة تدريجية، وعلى الرغم من نجاح مجلس
الأمن في التعامل مع عدد كبير من المشكلات الدولية في أوقات الهدوء إلا أنه أثبت عدم كفاءة واضحة في العمل في ظل ضغوط حقيقية، والواقع أن هذا
التدهور في دور ومكانة المنظمة الدولية لا يقع على عاتق دولة واحدة من دول العالم ولكنه نتيجة لهذه التطورات العنيفة والمتلاحقة في النظام الدولي.
ولنلقي نظرة أولا على التغيرات في سياسات القوة، فمع الانفراد الأمريكي التدريجي بالقوة في العالم بدأت تحالفات القوى المنافسة في الظهور، فبعد انتهاء
الحرب الباردة بدأت فرنسا وألمانيا ومعهما روسيا محاولات لإعادة توازن النظام العالمي.
وقد اعترف وزير خارجية فرنسا السابق هوبرت فيدرين بهذا الهدف صراحة عام 1998عندما قال "لا يمكن أن نقبل عالما أحادي القطبية ولهذا فإننا سنقاتل
من أجل عالم متعدد الأقطاب"، ومازال الرئيس الفرنسي جاك شيراك يقاتل من أجل تحقيق هذا الهدف.
تعدد الأقطاب
يقول بيير ليلوش المستشار السياسي للرئيس شيراك في التسعينيات أن رئيسه يريد عالماً متعدد القطبية تكون فيه أوروبا قوة مساوية لأمريكا سياسيا
وعسكريا.
ويشرح شيراك نفسه هذه الهدف بالقول بأن أي مجتمع يخضع لسيطرة قوة واحدة يعاني دائما من الخطر ويثير ردود أفعال عنيفة باستمرار.
في السنوات الأخيرة بدأت روسيا والصين العزف على نفس الوتر، بل إن هذا الهدف الصيني الروسي تمت صياغته بصورة رسمية في معاهدة وقعتها الدولتان
في يوليو2001 حيث أكدتا فيها التزامهما "بعالم متعدد الأقطاب"، كما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده لن تقبل أبدا بعالم أحادي القطبية أما
الرئيس الصيني السابق جيانج زيمين فقد قال ايضا نفس الكلام.
الدور الألماني
ورغم دخول ألمانيا على الخط في وقت متأخر إلا أنه من الواضح أنها باتت لاعبا رئيسيا في جهود إقامة عالم متعدد الأقطاب ومواجهة السيطرة الأمريكية
على العالم.
وقال وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر عام 2000 ان "المفهوم الأساسي لأوروبا منذ عام 1945 وحتى الآن هو رفض سيطرة أي دولة على العالم".
وحتى المستشار الألماني الأسبق هيلموت شميديت خرج ليقول إن المصلحة المشتركة لكل من ألمانيا وفرنسا تستوجب عدم الاستسلام لسيطرة أي دولة حتى
لو كانت الحليف أمريكا.
وفي مواجهة هذه المعارضة للسيطرة الأمريكية على العالم فإن واشنطن تعلن صراحة أنها ستفعل كل ما في وسعها من أجل الحفاظ على سيطرتها على العالم.
الانفراد الأمريكي
ففي سبتمبر عام 2002 أصدرت الإدارة الأمريكية ورقة تحدد استراتيجية الأمن القومي الأمريكي على الصعيد العالمي أكدت فيها صراحة اعتزامها القيام
بكل ما يمكنها القيام به من أجل عدم ظهور أي قوة ولا دولة يمكنها تحدي انفراد امريكا بالسيطرة على العالم، ليس هذا فحسب بل إن هذه الورقة
الأمريكية الرسمية أعلنت عن تبني الولايات المتحدة لمبدأ "الحرب الوقائية" والتي تتناقض تماما مع ميثاق الأمم المتحدة، فالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة
تسمح باستخدام القوة العسكرية "للدفاع عن النفس" فقط في حالة وقوع هجوم عسكري ضد إحدى الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، ولكن الولايات
المتحدة بمقتضى المبدأ الجديد تقول إنها "لن تسمح لأعدائها بشن الضربة الأولى" وأنها سوف تتحرك لضرب اي تهديد محتمل للأمن الأمريكي دون انتظار
لتبلور هذا التهديد بالفعل.
والحقيقة إن هذا المبدأ الأمريكي الخطير عمق هذا الانقسام بين الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول العالم، والأخطر من ذلك هو أن هذا الانقسام
يعكس انقساما ثقافيا في العالم، فالانقسام الثقافي يقسم حاليا بين الشمال والغرب من ناحية وبين الجنوب والشرق من ناحية أخرى حول عدد من القضايا
الأساسية.
ومن هذه القضايا على وجه التحديد "متى يكون التدخل العسكري مقبولا"، ففي العشرين من سبتمبر عام 1999 وقف الأمين العام للأمم المتحدة ليقول
إن العالم في حاجة إلى الاتحاد خلف مبدأ أن الانتهاكات الكبيرة والمنظمة لحقوق الإنسان لا يجب أن تستمر بدون مواجهة، فقد أثار هذا التصريح جدلا
حادا بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على مدى أسابيع طويلة، فقد تبنى عدد من الدول هذا المبدأ بقوة وبخاصة في الشمال والغرب في حين أن هناك
دولاً عارضته بقوة خاصة في أمريكا اللاتينية وإفريقيا والشرق الأوسط.
وفي الثاني والعشرين من فبراير الماضي اجتمع وزراء خارجية دول عدم الانحياز في العاصمة الماليزية كوالالمبور وأصدروا بيانا أكدوا فيه معارضتهم لشن أي
حرب ضد العراق.
والحقيقة أن هذا الانقسام الثقافي الواقف خلف الانقسام بشأن استخدام القوة في العلاقات الدولية لم يؤد فقط إلى انفصال الغرب عن باقي دول العالم ولكنه
أدى إلى انقسام في المعسكر الغربي نفسه حيث وجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في جانب وباقي المعسكر الغربي تقريبا في جانب آخر.
قواعد القانون الدولي
والحقيقة أن هذه القضية ليست السبب الوحيد للانقسام بين أمريكا وباقي المعسكر الغربي ولكن هناك انقساماً حول موضوع آخر يتعلق بقواعد القانون
الدولي ويتضمن عنصرين أساسيين هما: من الذي يضع قواعد القانون الدولي وهل هي الدول نفسها أم مؤسسات دولية ذات صلاحيات تفوق سيادة
الدول؟
الولايات المتحدة ترفض وجود مثل هذه المؤسسات، فمن الصعب تحت أي ظرف تخيل قبول واشنطن بقيام أي نظام دولي يمكن أن يحرم أمريكا من التحكم
في حدود العجز في ميزانيتها أو سعر عملتها القومية كما هو الحال بالنسبة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثلا.
أما العنصر الثاني للخلاف فهو متى يجب صياغة قواعد القانون الدولي، يفضل الأمريكيون أن تتم صياغة هذه القواعد بعد ظهور الحقائق في الأرض، وهم
يميلون إلى ترك المجال مفتوحا أمام المنافسة إلى أقصى مدى ممكن ويرون أن صياغة القانون هو الخيار الأخير.
ولكن الأوروبيين يريدون تحديد القواعد التي تحكم العلاقات الدولية منذ البداية باعتبارها إجراء وقائياً يحول دون ظهور المشكلات من الأساس، ويطالب
الأوروبيون بوضع أهداف مطلقة ومحاولة توقع المصاعب المستقبلية ووضع القواعد اللازمة لمواجهتها منذ البداية.
وهذا يشير إلى اختلاف ثقافي حاد بين الأوروبيين الذين يفضلون الاستقرار والتنبؤ بالمشكلات والاستعداد لمواجهتها وبين الأمريكيين الذين يفضلون التجديد
والفوضى الطارئة.
والحقيقة أن الخلاف في اتجاهات كل من الأمريكيين والأوروبيين بشأن الحاجة إلى الخضوع لقواعد الأمم المتحدة الحاكمة لاستخدام القوة العسكرية أثبت
أنه أحد أهم أسباب عجز الأمم المتحدة، فمنذ عام 1945 استخدم العديد من دول العالم القوة المسلحة في مناسبات عديدة وكانت تمثل انتهاكا لميثاق
الأمم المتحدة في معظم الحالات، وقد اتضح أن ميثاق الأمم المتحدة عاجز عن تقديم الحلول المناسبة للتعامل مع مثل هذه المواقف التي تهدد بالفعل السلام
العالمي.
والغريب أنه في ظل كل هذه المشكلات التي تهدد وجود المنظمة الدولية فإننا نجد بعض خبراء القانون الدولي مصرين على أن الأزمة العراقية لن يكون لها
تأثير كبير على وضع الأمم المتحدة.
ففي الثاني من مارس الماضي وقبل أيام قليلة من إعلان فرنسا وروسيا والصين اعتزامها استخدام حق الفيتو ضد أي قرار أمريكي لاستخدام القوة ضد العراق
كتبت أني ماري سلاتور رئيس الجمعية الأمريكية للقانون الدولي وعميدة كلية ويدرو ويلسون للقانون بجامعة برينستون الأمريكية كتبت تقول: "إن ما
يحدث الآن هو بالضبط ما تخيله مؤسسو الأمم المتحدة".
في حين خرج خبراء آخرون يقولون إنه ما دام لم تعلن الدول أن قواعد استخدام القوة في ميثاق الأمم المتحدة لم تعد قائمة، فإنه يجب أن تظل هذه القواعد
ملزمة للجميع، فممارسات العديد من الدول تؤكد أنها تؤمن بأن مثل هذه القواعد لم تعد صالحة وأنها لم تعد تؤمن بالقاعدة التي تقول إن أي قاعدة تظل
ملزمة حتى يتم إعلان وفاتها رسميا.
وفي نفس الوقت، فإن العديد من المحللين يحذرون من أن الاعتراف بموت قواعد الأمم المتحدة المنظمة لاستخدام القوة العسكرية يعني الاستسلام لفكرة
التخلي الكامل عن سيادة القانون الدولي، ويشير بعض الخبراء إلى أن الضغط الذي مارسه الرأي العام الأمريكي على الرئيس بوش من أجل الذهاب للأمم
المتحدة للحصول منها على قرار يسمح له باستخدام القوة ضد العراق يمثل شهادة على أن القانون الدولي مازال حيا في قلوب الشعوب.
كوسوفو والعراق
والحقيقة أنه لم يكن مفاجئا أن تشعر الولايات المتحدة في سبتمبر من العام الماضي بأنها حرة تماما لكي تعلن في وثيقة رسميا احتفاظها لنفسها بالحق في
استخدام القوة العسكرية ضد أي تهديد محتمل لأمنها وأنها لم تعد مقيدة بقواعد ميثاق الأمم المتحدة فيما يتعلق باستخدام القوة المسلحة، فقد انهارت هذه
القواعد وكما قال كولن باول في العشرين من أكتوبر الماضي "يشعر الرئيس الآن بأنه يمتلك سلطة التدخل العسكري في العراق كما حدث في كوسوفو من
قبل".
ففي حالة كوسوفو لم يكن هناك قرار من مجلس الأمن الدولي يسمح باستخدام القوة من جانب حلف شمال الأطلنطي "الناتو" ضد يوغوسلافيا، وقد كان
هذا العمل انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة الذي لا يسمح بالتدخل العسكري لوقف انتهاكات حقوق الإنسان مهما بلغت شدتها.
والحقيقة أن كلام باول عن حق أمريكا في التدخل في العراق صحيح تماما ليس لأن مجلس الأمن أصدر قرارا يسمح بهذا التدخل ولكن لأنه لا يوجد قانون
دولي يمنع هذا التدخل العسكري.
والسؤال الآن لماذا تم تصميم رياح القوة والثقافة والأمن لكي تشكل معا حواجز قوية أمام العواصف الجيوسياسية القوية؟ لكي تجيب على هذا السؤال فكر
في العبارة التالية "علينا أن نظل ندافع عن مصالحنا الحيوية كما كنا نفعل من قبل، ونستطيع أن نقول لا لأي شيء غير مقبول بالنسبة لنا".
المفاجأة أن هذه الكلمات لم يكتبها أحد أقطاب معسكر الصقور في واشنطن أمثال نائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفويتز أو وزير الدفاع دونالد
رامسفيلد ولكن كتبها وزير الخارجية الفرنسي هوبرت فيدرين عام 2001.
وهناك عبارة ثانية تقول "لا أشعر أنني ملزم بأي شيء أمام أي حكومة اجنبية" وهذه المقولة قالها المستشار الألماني جيرهارد شرودر في العاشر من فبرايرعام
2003.
ودلالة هذا الكلام هي أن كل دولة تحاول استخدام الأدوات المؤسساتية المتاحة لها من أجل تحقيق أهدافها، فبالنسبة لفرنسا والصين وروسيا كان حق الفيتو
داخل مجلس الأمن الدولي هو الأداة المتاحة لهم لمعارضة الحرب الأمريكية ضد العراق، ومن الواضح أن هذه الوسيلة المتاحة أمام الدول الثلاثة كانت بمثابة
عنصر قوة لها في معركتها من أجل عالم متعدد القطبية.
وفي المقابل فقد كانت الولايات المتحدة بسعيها المتواصل من أجل الحصول على تأييد مجلس الأمن الدولي لحربها ضد العراق كانت في نفس الوقت تعتبره
عنصر قوة في معركتها من أجل المحافظة على انفرادها بالسيطرة على العالم.
+++++++++++++++++++++++++++
(*) عن فصلية "فورين أفيرز" الأمريكية
+++++++++++++++++++++++++++

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
تحت الضوء
الجريمة والعقاب
فن الادراة
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
عواصم ودول
نادي العلوم
المستكشف
داخل الحدود
الصحة والتغذية
خارج الحدود
الملف السياسي
فضائيات
حوار
الفتاوى
السوق المفتوح
العناية المنزلية
المقهى
أماكن
أقتصاد
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved