الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 24th December,2002 العدد : 15

الثلاثاء 20 ,شوال 1423

نظام المؤسسات الصحفية الجديد..!
مع كل ما قيل عن هذا النظام عند صدوره..
من أنه صدر دون أن يلبي طموح العاملين في المؤسسات الصحفية كما كان منتظراً..
ومن أنه قد خلا مما كان متوقعاً بعد أربعين عاماً من الانتظار..
مع كل ما صاحب صدوره من همز ولمز وتباين في وجهات النظر..
تمثل في عدم الرضا أوالرضا النسبي المحدود وهذه ظاهرة صحية..
فإن ما قيل في جزء كبير منه جد صحيح ولا يمكن تهميشه عند تقييمنا لهذا النظام..
خصوصاً وأن النظام إياه قد أخذ حقه من الوقت لدراسته وتمحيصه من وزارة الإعلام والمجلس الأعلى للإعلام ومجلس الشورى بعد إعداده وقبل أن يأذن مجلس الوزراء بالموافقة عليه وصدوره..
***
وعادة، فكل الأنظمة وليس هذا النظام فقط..
تقابل بوجهات نظر متباينة عند صدورها..
وتستقبل بين مؤيد ومعارض ومتحفظ..
أحياناً يكون الموقف منها إيجابياً وأحياناً أخرى سلبياً..
وفي بعض الأحيان يكتفي نفر منا بالتعبير عن موقفه مختصراً إياه بكلمة لا تعليق..
والموقف الأصح كما أراه..
والرأي الأكثر إيجابية من وجهة نظري المتواضعة..
هو ذلك الذي يعتمد على التعامل مع حدث كهذا بموضوعية وتجرد ونظرة مستقبلية متفائلة..
من يعطي نظاماً كهذا حقه من الوقت للتطبيق واستخلاص النتائج ضمن تجربة جديدة تقوم على مبدأ التغيير إلى ماهو أفضل ثم يبدي وجهة نظره..
عندها يمكن معالجة ما فيه من قصور وترسيخ ما يضمه من إيجابيات لتفعيل الأداء وصولاً إلى الهدف المنشود..
***
وفي نظامنا هذا..
وبعد أن صمت الجميع..
ونسيه من يعنيه ومن لا يعنيه أمره..
لابد من القول بأن فيه الكثير مما يمكن أن يقال نقداً وتحليلاً وبما يؤكد سلامة رأينا..
وفيه من الإيجابيات مالا يمكن إغفالها، بل ومن الضروري أن يشار إليها وأن يُتوقف عندها للتأكيد على مصداقيتنا وهدفنا النبيل..
غير أن الأمر يتطلب من المسؤولين المعنيين ضرورة التأمل لكل ما يقال عنه باستعداد نفسي وذهني ورغبة جادة في بناء الثقة مع الغير من خلال هذا النظام..
وفي مثل هذا الموقف، فإن بناء الثقة أولاً سوف يقودنا إلى تجسيد الصورة الأمثل لمثل هذا النظام..
بإضافة..
أو حذف..
أو تعديل..
بعد أن يأخذ تطبيقه ما يكفيه من الزمن..
***
من المهم أن نتذكر..
أن نظاماً كهذا..
فيه ما فيه من القصور والسلبيات..
ولكنه مع هذا يحمل تباشير أمل جديد..
لبناء قاعدة مستقبلية جيدة لضمان صحافة أفضل..
من خلال مؤسسات صحفية أكثر تطوراً واطمئناناً للمستقبل المنظور..
ضمن أطر نظام صحفي جديد وشامل قابل للتطوير..
***
لنعد قراءة النظام من جديد..
قراءة تمنحه المزيد من القدرة على تفعيل العمل الصحفي بالمملكة..
وهذا لا يتحقق إلا من خلال التفتيش بين سطوره على ما يمكن أن يضاف إليه أو يحذف منه أو يعدل فيه لبلوغ ما نتمناه..
وهذه مسؤوليتنا جميعاً.

++++
خالد المالك

++++
الأحداث بين مد وجزر والمحللون يرسمون التوقعات
«بلقنة العراق».. السيناريو الأسوأ!!

* مجلة الجزيرة خاص:
مرة أخرى فإن الاقتصاد يحتل الأولوية في الخطط والاستراتيجيات الامريكية الخاصة بالعراق ما يجعل المراقبين يجزمون ان الولايات المتحدة تسير نحو العراق بعين واحدة لا ترى غير النفط!!.. حيث يمتلك العراق ثاني أكبر احتياطي مؤكد من البترول في العالم بـ115 مليار برميل. هدف الحرب من وجهة نظرهم فرض السيطرة العسكرية الأمريكية على المنطقة بما يسمح بدخول الشركات العالمية اليها بحرية «فالهدف ليس حرية العراقيين ولكنه حرية انتقال القطط السمان».. على حد قولهم.
واشنطن كما يقول المراقبون تبدو غير معنية بما قد يحدث في العراق من تداعيات جراء الاطاحة المزمعة لنظام الرئيس صدام حسين فمثلا ليس من الاجندة الامريكية احلال نظام ديمقراطي بديلا لصدام.
يقول المراقبون انه ووفقا للخطط التي تسربت من البيت الأبيض بشأن العراق بعد الإطاحة بنظام البعث الحاكم بقيادة الرئيس العراقي الحالي صدام حسين فان أياً من السيناريوهات لا يسمح بتطوير نظام ديمقراطي في العراق فكل سيناريو حسب الخبراء يقوم على افتراض يقول إن العراقيين يحتاجون إما إلى نظام عسكري أو مدني ديكتاتوري وانه من المستحيل تصور نظام ديموقراطي في العراق.
يقول فيجاي براشاد الاستاذ المساعد للعلوم السياسية في جامعة ترينتي الامريكية ان هناك على الأقل خمسة احتمالات تجسد الفكر الإمبراطوري الأمريكي الجديد، من بينها وضع العراق تحت حكم الجيش مشيراً إلى ان البيت الأبيض الأمريكي يثير باستمرار ضجة حول الإطاحة بنظام البعث الحاكم في العراق من خلال عملية عسكرية.. مشيراً إلى ان هناك تأثيراً من مجموعة من الضباط العراقيين السابقين الذين يعيشون في المنفى. الاعتماد على هؤلاء الضباط قد يكون من بين السيناريوهات الخمسة التي تعدها الادارة الامريكية.. وفي السياق ذاته كان قد التقى في يوليو الماضي نحو سبعين من هؤلاء الضباط في شمال غرب العاصمة البريطانية لندن تحت رعاية المؤتمر الوطني العراقي الذي يعد أكبر فصيل من فصائل المعارضة العراقية في الخارج. في الوقت نفسه يزعم هذا المؤتمر الوطني العراقي أنه على اتصال بعشرات الضباط والعسكريين داخل العراق حاليا.
في هذا الصدد تجدر الاشارة إلى أن الضباط العراقيين في المنفى حاولوا أكثر من مرة الانقلاب العسكري على حكم صدام حسين وكان آخرها عام 1996 وفشلت هي الأخرى. الضباط المنفيون يقول برشاد لا يتمتعون بأي نفوذ ولا علاقات جيدة مع كبار الضباط في الجيش العراقي ولا مع الضباط الصغار ولا الجنود في هذاالجيش.ليس هذا فحسب بل إن هناك مشكلة أخرى تتعلق بهذه المجموعة من الضباط في الخارج وهي مشكلة غياب المصداقية فيما بينهم فمثلا نزار الخزرجي رئيس أركان الجيش العراقي السابق والذي يعيش حاليا في الدنمارك وكان أحد قادة الحرب العراقية الإيرانية يخضع حاليا للتحقيق بشأن ارتكابه جرائم حرب ضد الأكراد عام 1988 قبل أن ينشق على النظام العراقي عام 1995 لذلك فإن حركة الضباط الأحرار العراقية تتخوف من ضمه إليها خاصة بسبب دوره الرئيسي في الهجوم الكيماوي على إيران في أثناء الحرب وكذلك ضد القرى الكردية في شمال العراق الآن ترى ما الذي يمكن أن يدفع ضباط الجيش العراقي إلى الانقلاب على حزب البعث؟ فالكثيرون من هؤلاء الضباط شاهدوا المذبحة التي نفذتها الفرقة الرابعة والعشرون من مشاة القوات الأمريكية في القوات العراقية التي استسلمت لها في أثناء حرب الخليج الثانية في الثاني من مارس عام 1991.
يقول عدد من الضباط الأمريكيين الذين شاهدوا هذه المذبحة إن ما حدث لم يكن هجوماً مضاداً وإنما كان عملية منظمة من جانب القوات الأمريكية للقضاء على العراقيين الذين كانوا يريدون الاستسلام لذلك يبرز التناول عن سر مغامرة الجيش العراقي بتنفيذ انقلاب ضد صدام حسين يمكن أن يفتح الباب أمام أمريكا لضرب العراق بصورة ما؟ وما هي الأسباب التاريخية التي يمكن أن تدفع هؤلاء العسكريين إلى الثقة في الولايات المتحدة الأمريكية؟
الاحتلال المباشر
سيناريو آخر محتمل هو وضع العراق تحت الاحتلال الأمريكي المباشر. إلا أن الإدارة الأمريكية سارعت إلى نفي تقارير صحفية تسربت في أكتوبر الماضي تتحدث عن اعتزام الإدارة الأمريكية احتلال العراق وإقامة حكومة احتلال كما حدث مع اليابان بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945، يقوم هذا السيناريو على أساس احتلال العراق بمئات الآلاف من القوات الأمريكية على ان يتولى تومي فرانكس قائد القيادة المركزية الأمريكية حاليا (والتي ستتولى أي عملية عسكرية أمريكية ضد العراق) القيادة العليا في الأراضي المحتلة ثم يتم القبض على أركان النظام العراقي الحاكم حاليا وتقديمهم للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
يقول زلماي خليل زادة المبعوث الأمريكي الخاص في أفغانستان حاليا وخبير شؤون غرب آسيا في مجلس الأمن القومي إن مثل هذه العملية تحتاج إلى 16 مليار دولار تقريبا سنويا كما أن أمريكا ستلتزم بتوفير الموارد الضرورية لذلك والبقاء في العراق لحين إنجاز المهمة وعندما سئل وزير الخارجية الأمريكية كولن باول عن الخطط الأمريكية لاحتلال العراق قال إن الرئيس بوش يأمل ألا تصل الأمور إلى هذا الحد ولكن إن حدث ذلك فإن أمريكا سوف تسعى إلى إيجاد نظام حكم أفضل في العراق، وسيتولى الجيش الحكم.
وأضاف أن هناك بالفعل خططاً لاحتلال العراق ولكن الأمر يختلف بالتأكيد عن الأمثلة التاريخية السابقة مثل اليابان وألمانيا.
الحقيقة أن الاحتلال الأمريكي لليابان بعد الحرب العالمية الثانية يمثل نموذجاً فريداً في هذا السياق ففي اليابان تولى الاحتلال الأمريكي بقيادة الجنرال ماك أرثر تفكيك نظام الحكم الفاشستي في اليابان وأعاد توزيع القوى الاجتماعية والسياسية هناك، وفي عام 1951 أعلن ماك آرثر عن نظريته للاحتلال بقوله: «وفقا للمقاييس الحضارية يمكن القول بأن اليابانيين أطفال في الثانية عشرة من عمرهم موازنة بالأمريكيين الناضجين حضاريا الذين بلغوا الخامسة والأربعين من عمرهم.
ونظرا لبطء التطور في اليابان نحو المفهومات الأمريكية فقد قال ماك آرثر إن الولايات المتحدة يمكنها زراعة المفهومات الأساسية في اليابان مثل احترام السلطة وقوة المؤسسات، ويمكن الرجوع إلى كتاب «الهزيمة الملهمة: اليابان بعد الحرب العالمية الثانية» للكاتب الأمريكي جون دوير.
بيد أن المقارنة بين العراق الآن واليابان منذ أكثر من خمسين عاما ليست ملائمة تماما وإنما الواجب هو موازنة التجربة المنتظرة للعراق بتجربة الانتداب البريطاني عليه منذ عام 1914 وحتى عام 1932 ففي نوفمبر عام 1914 دخلت القوات البريطانية البصرة ثم احتلت بغداد والموصل وأقامت دولة العراق التي ضمت تلك الأقاليم الثلاثة التي كانت تمثل ولايات منفصلة في ظل الإمبراطورية العثمانية.
وقد اضطرت بريطانيا إلى التحالف مع بقايا النخبة من العهد العثماني لحكم العراق بسبب خوفها من رجال الدين الشيعة في جنوب العراق وكذلك الخوف من الأكراد في الشمال بالإضافة إلى عشرات الأقليات العرقية الأخرى مثل الأشوريين والسبئيين والتركمان والسومريين.
في عام 1920 شهد العراق ثورة ضد الاحتلال البريطاني أسفرت عن مقتل نحو ستمائة عراقي وخمسمائة جندي بريطاني وهندي.
كانت بعض الأصوات قد نادت بإعادة تنصيب الملك الأفغاني السابق محمد ظاهر شاه ملكا على أفغانستان بعد سقوط نظام حكم حركة طالبان ولكن تلاشت هذه الفكرة بعد ظهور حميد قرضاي. وعودة إلى اليابان بعد الحرب العالمية الثانية نجد أن ماك آرثر أبقى على الإمبراطور الياباني في ذلك الوقت هيروهيتو على الرغم من أن الفكرة التي كانت سائدة في ذلك الوقت أن عائلة هيروهيتو في اليابان تغذي النزعة الوطنية بصورة كبيرة.
بلقنة العراق
السيناريو الثالث هو «بلقنة» العراق. هذا السيناريو هو الأسوأ بالنسبة إلى الإدارة الأمريكية، والمقصود بمصطلح «البلقنة» هو تقسيم العراق إلى مجموعة من الكيانات المستقلة المتصارعة كما حدث في منطقة البلقان بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والاتحاد اليوغسلافي حيث شهدت منطقة البلقان سلسلة من الحروب الأهلية والعرقية استمرت عشر سنوات.
أصبحت كلمة «بلقنة» مرادفة للتقسيم والتفتيت ولم يعد استخدامها قاصرا على هذه المنطقة في جنوب شرق أوروبا وإنما أصبحت تطلق على أي صراع تقسيمي في العالم من كوسوفا وحتى كشمير، الآن تأتي هذه الكلمة كأحد الاحتمالات التي تنتظر العراق بعد الحرب الأمريكية المنتظرة ضده.
يقول زلماي خليل زادة عضو مجلس الأمن القومي الأمريكي أن ما سيحدث في العراق هو إعادة توحيده لأن العراق حاليا مقسم في الواقع حيث يعيش الشيعة في الجنوب والأكراد في الشمال حاليا خارج أي سيطرة للحكومة المركزية في العراق، ولكن لماذا يجب الحفاظ على وحدة العراق؟
يجب الاعتراف باستحالة إقامة دولة كردية مستقلة في الشمال لأن ذلك سيثير قلق وغضب الحكومة التركية التي ترفض منح الأقلية الكردية في تركيا حقوق الإنسان الأساسية في حين أن ظهور مثل هذه الدولة الكردية في شمال العراق يمكن أن يتحول إلى شرارة لإشعال ثورة كردية في جنوب تركيا. في الوقت نفسه فإن الإدارة الأمريكية لا تريد خسارة حليف استراتيجي مهم مثل تركيا. المعروف أيضا أن الحزبين الرئيسين في منطقة الأكراد العراقية ليس لهما ولاء واحد ولكنهما يرتبطان بعلاقات متشابكة مع الإيرانيين والأتراك بل ومع حكومة صدام حسين نفسها، كما أن الحزبين وهما الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني يعترفان باستحالة إقامة الدولة المستقلة، لذلك فهما يسعيان إلى دعم سيطرتهما على معاقلهما في شمال العراق، ورغم أن الحزبين يستطيعان حشد أكثر من 80 ألف مقاتل فإن المقارنة بينهما وبين التحالف الشمالي الأفغاني الذي خاض الحرب البرية ضد حركة طالبان تحت المظلة الأمريكية تظل موازنة بعيدة عن الواقع.
أما الشيعة في الجنوب فيمكن القول إنه على الرغم من عدم انضمام عدد كبير منهم إلى تنظيمات سياسية فإن هناك جماعتين سياسيتين قويتين في صفوف الشيعة هما جماعة الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، تشكلت جماعة الدعوة في الخمسينيات من القرن الماضي ولكنها لم تفرض وجودها على الساحة إلا في السبعينيات.
في عام 1970 ألقى الزعيم الإيراني المنفي في ذلك الوقت الخميني عدة محاضرات في مدينة النجف بحنوب العراق حيث دعا الشباب الشيعي إلى العمل السياسي.
وفي عام 1979 قامت الثورة بزعامة الخميني وأزاحت حكم الشاه وفي مارس عام 1980 صدر قانون في العراق يعاقب على عضوية هذه الحركة بالإعدام.
عندما فر أعضاء حركة الدعوة إلى إيران شكلوا المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وجناحها العسكري الذي حمل اسم كتيبة «بدر» يقود هذه الحركة الجديدة محمد باقر الحكيم ويطالب بإقامة دولة عراقية على غرار الدولة الإيرانية الحالية.
الواقع أن الشيعة لا يرفضون فقط أي غزو أمريكي للعراق ولكنهم يتذكرون أيضا عندما قاموا بانتفاضتهم عام 1991 بعد هزيمة الجيش العراقي في حرب الخليج الثانية. وعبر مقاتلو كتيبة بدر الحدود الإيرانية إلى العراق ليقعوا في قبضة الجيش العراقي دون أن تحاول القوات الأمريكية التدخل لحماية هذه الانتفاضة.
في الوقت نفسه فإن الإدارة الأمريكية لن تسمح ببلقنة العراق كما لن تسمح للشيعة الذين يمثلون الأغلبية السكانية في العراق بالسيطرة على الدولة لذلك الاحتمال الأقرب إلى الواقع أن يتم الضغط على كل من الشيعة والأكراد لكي يستمروا في الحياة تحت سيطرة حكومة مركزية في بغداد.
قرضاي عربي
قرضاي كما هو معروف هو الرئيس الأفغاني الحالي حميد قرضاي الذي نصبته أمريكا على حكم أفغانستان وهو حليف كامل للولايات المتحدة الأمريكية، والمقصود بقرضاي عربي هو إيجاد شخص عراقي يقبل حكم العراق تحت المظلة الأمريكية. بداية يجب القول إن صدام حسين لم يكن في يوم من الأيام قرضاي عربياً على الرغم من أنه ظل لفترة طويلة حليفاً مهماً لأمريكا عندما كان ملائما لمصالحها الاستراتيجية.
قطار أمريكي
أدرك العراقيون مدى اهتمام أمريكا بهذه المنطقة من العالم لذلك سعوا إلى التحالف معها حيث أعلن أمين عام حزب البعث العراقي عام 1963 بعد وصول الحزب إلى الحكم في العراق أنهم وصلوا إلى الحكم في قطار أمريكي، وكان يقصد أن الحزب حصل على مساعدات مالية من جانب أمريكا بالإضافة إلى المساعدات التي حصل عليها من الكويت في ذلك الوقت وكذلك المحطات الإذاعية التي كانت تديرها المخابرات الأمريكية من الأراضي الكويتية.
لكن العلاقات الأمريكية العراقية انقطعت بعد حرب عام 1967، ومع قيام الثورة في إيران عام 1979 هرعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى صدام حسين الذي كان قد وصل توا إلى السلطة في العراق لكي تجعل منه حليفا لها في مواجهة الثورة الإيرانية.
ريجان وصدام
بدأ مسؤولو إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريجان عام 1983 فتح قنوات اتصال مع صدام حسين عبر دونالد رامسفيلد الذي كان أحد مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية والذي يشغل حاليا منصب وزير الدفاع، وفي الرابع والعشرين من مارس 1984 التقى رامسفيلد مع طارق عزيز وزير خارجية العراق في ذلك الوقت وهو اليوم نفسه الذي صدر فيه قرار من الأمم المتحدة يتهم العراق باستخدام الأسلحة الكيماوية في الحرب ضد إيران.
معنى هذا أن وزارة الدفاع الأمريكية كانت موجودة في العراق عندما استخدم صدام حسين أسلحته الكيماوية ولم تحتج هذه الوزارة، فقد كانت الإدارة الأمريكية تدعم حليفها في بغداد بالسلاح والخبراء، ولم يقتصر الأمر على الحكومة الأمريكية وإنما امتد الدعم ليشمل الشركات الأمريكية أيضا.
في عام 1975 قامت شركة بافولدر كوربرشن أوف روشستر بتزويد العراق بالخبرات اللازمة لإنشاء أول مصنع للأسلحة الكيماوية في العراق، وفي عام 1983 عقد العراقيون صفقة مع الشركات الأمريكية للحصول على صواريخ هاربون وغيرها من الأسلحة التي تم استخدامها في الحرب ضد إيران وفي قهر الأكراد في الشمال ثم في غزو الكويت بعد ذلك.
يقول وليام ريفرز أن صدام حسين صناعة أمريكية تماما مثل «الكوكاكولا» والسيارات الكاديلاك!!.
لكن هل يوجد بديل مناسب لصدام حسين حاليا؟ بمعنى هل هناك قرضاي عربي حقيقي؟ أقرب المرشحين لهذه المهمة هو رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد شلبي الذي ينتمي إلى إحدى الأسر العراقية الثرية. شلبي كان قد أسس حركة المؤتمر الوطني العراقي المعارض في العاصمة النمساوية فيينا عام 1992، وعقد مؤتمراً بعد ذلك للحركة في مدينة صلاح الدين بمعقل الأكراد في شمال العراق حيث تم انتخاب شلبي رئيسا للمؤتمر، ولكن أكبر خطر يهدد شلبي ومؤتمره هو الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني، ففي عام 1995 وافق الحزب الديموقراطي الكردستاني على دخول قوات صدام حسين إلى شمال العراق لضرب قواعد المؤتمر الوطني العراقي.
في عام 1998 وافق الكونجرس الأمريكي على قانون جديد يسمى قانون تحرير العراق ويسمح بتمويل المؤتمر الوطني العراقي ومساعدته، يضم المؤتمر عدداً كبيراً من المسؤولين السابقين في حزب البعث العراقي والجيش أيضا وغير ذلك من مؤسسات حكم صدام حسين الذين انشقوا عليه، وهؤلاء المسؤولون السابقون ارتكبوا الكثير من جرائم الحرب ضد الأكراد ولكن لأنهم حاليا في منظمة معارضة لصدام حسين وموالية للغرب فقد غض الغرب بصره عن هذه الجرائم، ونظرا لأن المؤتمر العراقي لا يتمتع بأي مصداقية فقد بدأ اتصالات مع شركات البترول الفرنسية والروسية التي تعمل في العراق حاليا لكي يطمئنها إلى أنه سيضمن لها مصالحها في العراق في حالة وصوله للحكم.
أكتوبر عام 2002 قال المؤتمر الوطني العراقي إنه سيفتح قطاع البترول العراقي أمام جميع الشركات بما في ذلك الشركات الأمريكية الكبرى مع إعطاء اهتمام خاص بالعقود الحالية للشركات الفرنسية والروسية.
هذه الطريقة المراوغة من جانب المؤتمر مجرد محاولة لضمان تأييد مجلس الأمن الدولي للحرب ضد العراق وكذلك ضمان الدعم الدولي له بعد إسقاط حكم البعث في بغداد.
تحت الحماية
الخلاصة أن جميع المؤشرات تقول إن أمريكا ستقيم حكومة احتلال في العراق ولو على المدى القصير بعد ذلك تبحث العودة إلى النظام القديم أو إقامة نظام عسكري ديكتاتوري موال لها أو حتى إقامة شكل من أشكال الحكومات الديموقراطية تحت رئاسة شخص على شاكلة أحمد شلبي.
وأيا كان النظام الذي سيحكم العراق فإنه سيظل تحت الحماية الأمريكية التي لن تتخلى عن ثاني أكبر احتياطي بترولي في العالم ويبلغ 115 مليار برميل ولا عن قوة عسكرية وسياسية على الحدود مع إيران.
فالحقيقة أن هدف الحرب ليس إقامة حكومة ديموقراطية في العراق ولكنه فرض السيطرة العسكرية الأمريكية على المنطقة بما يسمح بدخول الشركات العالمية إليها بحرية كاملة مما يعني أن مبتغى الحكومة الامريكية ليس حرية العراقيين ولكن حرية انتقال القطط السمان.
بذور العداء
السياسة الامريكية احادية الجانب في العالم تواجه انتقادات لاذعة.. يقول سيث جريث مؤسس «جماعة أمريكيون من أجل الديمقراطية».. « كدارس أمريكي في بريطانيا أتعرض يوميا لسيل من الانتقادات الموجهة إلى السياسة الأمريكية.. بعض هذه الانتقادات عبارة عن مشاعر مضللة من جانب المتطرفين الأوروبيين، وبعضها الآخر عبارة عن ملاحظات عقلية عميقة من جانب المعتدلين الأوروبيين».
على مدى العام الماضي لاحظ جريث التزايد الخطير في المشاعر المعادية للولايات المتحدة الأمريكية في أوروبا وهنا يضيف: أقنعتني تجاربي الشخصية أن تنامي النزعة الفردية الأمريكية مسؤولة بدرجة كبيرة عن ظهور مثل هذه الاتجاهات المعادية لأمريكا في أوروبا، ويسرد الصحفي الامريكي قصته على النحو التالي: (كنت قد انتقلت إلى بريطانيا بعد أسبوعين فقط من هجمات الحادي عشر من سبتمبر حيث رحب بي البريطانيون العاديون بصورة لا تصدق، وكلما ذكرت أن عائلتي كانت في مدينة نيويورك كانت تغمرني من الجميع مشاعر التعاطف والاهتمام للاطمئنان على أن عائلتي بخير. كان البريطانيون من كبار السن الذين تكلمت معهم يدعمون الحرب الأمريكية ضد الإرهاب بكل قوة، كما كانوا يشعرون بالفزع من هول ماحدث في الحادي عشر من سبتمبر ومقتنعون بضرورة اقتلاع الإرهاب بالقوة).
غير ان السيد جرين يشير إلى تبدل حقيقي في مشاعر اوروبا على المستوى الشعبي من بلاده قائلا: «بدأت منذ العام الماضي فقط اسمع تعليقاً أوروبياً معادياً لأمريكا يقول: أمريكا تستحق ما حدث لها في الحادي عشر من سبتمبر وقد بدأ هذا التعليق يستقطب الكثير من الأتباع والمؤيدين له في أوروبا بالفعل» عندما انتقلت أمريكا من الحرب ضد الإرهاب إلى الحرب المحتملة ضد العراق انقلب الموقف في أوروبا تقريبا حيث تراجعت أصوات المعتدلين التي كانت تسيطر على الجدل الدائر في أوروبا وبدأ نفوذ الأصوليين الأوروبيين يتصاعد، على حد تعبير جرين. وعلى مدى الشهرين الماضيين يقول جرين: «استمعت إلى تعليقات غريبة تنتشربصورة واسعة مثل ان الأمريكيين يريدون قتل العراقيين الأبرياء. وان أمريكالا تهتم سوى بالبترول وإسرائيل وأمريكا أشد خطرا من العراق». اتجاهات معادية قد يكون من السهل رفض مثل هذه التعليقات والتقليل من أهميتها باعتبارها تنتشرفقط بين الطلبة صغار السن الذين يتمردون على كل ما هو مؤسسي ويكرهون أي شيء أمريكي. ولكن الأمر يحذر السيد جرين ليس كذلك في ضوء مشاهدته لمدى نمو مثل هذه الاتجاهات المعادية لأمريكا في بريطانيا. ويضيف: «يمكنني القول بأن القوة التي تقف خلف تنامي هذه الاتجاهات هي نزعة أمريكا المتزايدة إلى التحرك المنفرد في القضايا العالمية». عندما بدأ الجدل حول العراق كانت الأصوات المعتدلة تسيطر على هذا الجدل حيث كانت هذه الأصوات تعارض الحرب ضد العراق لكنها كانت تفعل ذلك انطلاقا من أرضية معقولة. فقد كان الأوروبيون وفقا للسيد جرين يشعرون بالقلق من احتمالات قيام أمريكا بالإطاحة بصدام حسين ثم تجاهل إعادة بناء العراق مرة أخرى. وكان التعليق الأكثر انتشارا في هذا السياق يقول «الأمريكيون ماهرون في الفوز بالحروب ولكنهم سيئون جدا في إزالة آثار هذه الحروب». خلال الشهور القليلة الماضية ينوه جرين بدأت المشاعر المعادية لأمريكا تزداد تطرفا في الوقت الذي شعرت فيه الأصوات الأوروبية المعتدلة بالتجاهل من جانب السياسة الخارجية الأمريكية، ومنذ أسابيع قليلة اجتذبت المظاهرات المناهضة للسياسة الخارجية الأمريكية في لندن أكثر من 150 ألف متظاهر. قال أحد الطلبة البريطانيين الغاضبين كلما رفض بوش آراءنا أصبحنا أكثر تشبثا بهذه الآراء.
الحقيقة في رأي جرين هي أن بريطانيا ليست الحالة الفريدة في أوروبا لنمو الاتجاهات الأصولية المعادية لأمريكا.. فهناك تلاشي التعاطف الروسي مع أمريكا الذي ظهر عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر وظهور المعارضة الروسية للخطط الأمريكية تجاه العراق.
الاصولية المتزايدة
لكن الأصولية المتزايدة المعارضة للسياسة الخارجية الأمريكية قابلة للتحول بسرعة كما يقول جرين فعندما تتجاهل السياسة الخارجية الأمريكية الأصوات الأوروبية المعتدلة تسيطر الأصوات المتطرفة على الساحة في أوروبا، وعلى العكس عندما تنجح أمريكا في اجتذاب الأصوات المعتدلة وتدعمها فإن هذه الأصوات الأكثر هدوءاً تسيطر على الموقف، الدليل على هذا والكلام للسيد سيث جرين ما حدث على الأقل في جامعة أوكسفورد البريطانية ورد الفعل على التحول الأمريكي الأخير واللجوء إلى مجلس الأمن الدولي واستصدار قرار منه بالإجماع خاص بالعراق.
طوال الأيام الأخيرة بدا واضحاً ان هناك تراجعاً أمريكياً طفيفاً عن النزعة الفردية في التعامل مع الملف العراقي وهي النزعة التي ظلت مسيطرة طوال الصيف والتي ترددت على لسان أغلب المسؤولين الأمريكيين وهذا ما تجلى في قول الولايات المتحدة انها ستطيح بصدام حسين بمفردها إذا لم يتحرك العالم معها كما بدأ الأمريكيون يبدون تفهما للمخاوف الأوروبية بشأن الخسائر الكبيرة للحرب المنتظرة والتداعيات التي ستعقبها، في ظل هذا التحول الأمريكي بدأ المناخ العام في أوروبا أيضا يتغير.
وشهد الجدل الدائر في أوروبا بخصوص قضية العراق تحولا سواء في الحوارات العامة والخاصة أو في عناوين الصحف الأوروبية ولم يعد الحديث يجري عن «الاستعمار الأمريكي» وإنما انتقل إلى حماية العراق، ولكن السؤال كما يطرحه السيد جرين هو: هل كان انتصار التوجه الجمعي الذي تم التعبير عنه في صورة قرار بالإجماع من مجلس الأمن مجرد عظمة ألقت بها أمريكا إلى حلفائها في طريقها إلى الحرب المنتظرة؟
يجيب السيد جرين قائلا: «الولايات المتحدة مازالت مستعدة لشن الحرب مع أول إشارة إلى عدم خضوع العراق لقرار مجلس الأمن في الوقت الذي يتردد فيه أغلب قادة العالم في استخدام القوة على الإطلاق، ومهما تكن المصاعب التي ستظهر فإن الولايات المتحدة محتاجة إلى إجراء حوار مع المعتدلين الأوروبيين.
وإذا عادت أمريكا إلى نزعتها الفردية مرة أخرى فإنها ستكون بذلك قد بذرت بنفسها بذور تلاشي أمنها في المستقبل».
يحذر السيد جرين الامريكيين قائلا انه في الوقت الذي بدأ فيه جيله من الذي يدرس في الجامعة في تكوين رأيه في أمريكا يرى هذا الجيل سياسة خارجية أمريكية تتبنى النزعة الفردية وتعطي القوة أولوية كبيرة على الدبلوماسية، وإذا كانت جامعة أوكسفورد تعد مركزا لتخريج قادة العالم سواء كان هذا صحيحا أو خطأ فإنها أنجبت بالفعل الكثير من الحلفاء البريطانيين لأمريكا من توني بلير وحتى مارجريت تاتشر، لذلك فإن آراء طلبة هذه الجامعة تحتاج إلى قدر أكبر من المتابعة. عندما بدأت الولايات المتحدة حربها ضد الإرهاب كان المعتدلون في أوكسفورد إلى جانبها وكان المتطرفون في هذه الجامعة ضد أمريكا، والآن يقول السيد جرين تحولت المجموعتان إلى معارضة أمريكا، كما ان نزعتها الفردية دفعت الكثيرين من معسكر الاعتدال إلى معسكر التطرف، ومع ذلك فإن ظهور أمريكا مؤخراً بصورة المهتم بالتحرك الجماعي من خلال مجلس الأمن يمكن أن يعيد الموقف إلى السابق ويدعم معسكر الاعتدال المؤيد لأمريكا.
في الوقت نفسه فإن إخفاق أمريكا في الالتزام بالموقف الدولي الجامعي سوف يكلفها الكثير. ويختتم السيد جرين حديثه قائلا: إذا فقدت أمريكا دعم طلبة جامعة أوكسفورد الذين يمثلون قادة العالم في المستقبل غالبا خلال سنواتهم الجامعية التي تفيض بالانفعالات العاطفية فمن الذي سينضم إليها بعد ذلك في المرة الثانية التي تشن فيها حربا ضد الإرهاب؟

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
قضية العدد
تحت الضوء
الجريمة والعقاب
تكنولوجيا الحرب
فن الادراة
تحت المجهر
تربية عالمية
الفن السابع
عالم الاسرة
المنزل الانيق
كتاب الاسبوع
ثقافة عالمية
رياضة عالمية
هنا نلتقي
داخل الحدود
مسلمو العالم
عالم الغد
الصحة والتأمين
أنت وطفلك
الملف السياسي
فضائيات
غرائب الشعوب
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved