الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 25th October,2005 العدد : 149

الثلاثاء 22 ,رمضان 1426

مشوارٌ طويلٌ
حين نعود إلى الوراء، إلى ما قبل خمسين سنة مضت - وهي فترة قصيرة في عمر الدول - ما الذي سنراه بالنسبة للحالة التي كانت عليها المملكة مقارنة بوضعها اليوم؟!..
أمنياً واقتصادياً وتعليمياً وصحياً، هناك الكثير من المتغيرات التي توازي الثورة أو الانقلاب على ما كان سائداً، بتحقيق وإنجاز ما هو أفضل.
***
التفاصيل في هذا كثيرة، ومتاحة لمن يرغب أن يتعرف عليها بكل وثائقها وأرقامها وصورها..
وهو ما يقودنا إلى تلمس مواقع خطانا في المستقبل المنظور إن عاجلاً أو آجلاً، بما يعزز ويقوي التجربة التي مرت بها المملكة.
***
وأنا لا يخامرني أدنى شك بأن جميع القوى تدرك أن ملحمة التطور والنمو والقوة التي تتمتع بها بلادنا اليوم، إنما مصدرها ذلك التلاحم الذي ساد المملكة إثر قمع المناوئين لوحدتها..
وأن المشوار لا يزال طويلاً إذا ما أردنا أن نكون الدولة القدوة بقدرات أبنائها وعطاءات رجالها ونسائها، وهو ما يعني أن نثبت للعالم ما يمكن أن نقدمه للإنسانية من إبداع وإسهام في كل ما هو نافع ومفيد.
***
لا ينبغي أن يفهم هذا الكلام، على أن ما تحقق يمثل منتهى الطموح لنا، أو أنه يكفي عن انتظار المزيد من الإنجازات، والكثير الكثير من الانتصارات لنتفوق بها على أسلوب الانهزامية والإحباطات التي ربما داعبت البعض منا ذات يوم..
فالأمم الحية، إنما تضيف إلى نجاحاتها، وتزيد من قدراتها، بالتحدي لتحقيق ما هو أفضل ضمن برنامج عاقل وحكيم ومدروس.
***
والمملكة بحكمة قادتها، وتفاني شعبها، وقد حققت ما حققت من تطور، لا تزال موعودة - إن شاء الله - بما يُفرح ويُسعد ويُسجله التاريخ ضمن التميز والتفرد الذي نتطلع إليه..
وإن كان مثل هذا الحلم الجميل يحتاج إلى إخلاص وعلم، وإلى جدية في العمل، وعلى شعور بأن ما هو مستحيل يمكن بالعزيمة والإصرار، أن يكون هو الممكن وهو السهل إذا ما أردنا تحقيقه.
***
هناك مقومات اقتصادية وقبلها روحية، يمكن للمملكة وشعبها أن تتكئ عليها لبلورة الصورة التي نريد أن نكون عليها، بما يتحقق معه الأمل الذي نتطلع إليه..
الأمر يحتاج إلى مزيد من التنظيم وإلى كثير من الأنظمة، وإلى شعور بالمسؤولية، حتى تتحول الطاقات البشرية إلى حركة دائمة وفاعلة من أجل غدٍ أفضل.
***
وما من أحدٍ منا، إلا وهو شريك في هذا، مسؤول ضمن قدراته ومؤهلاته، جدير بأن يسجل اسمه ضمن الآخرين في كسر كل المعوقات..
والباب لم يغلق أمام المبدعين والخيرين وذوي الطموح، للمبادرة بالمساهمة والمشاركة في استكمال ما تم إنجازه من نجاحات.
***
المتخاذلون وحدهم فقط من ليس لهم فرصة ولو واحدة في بلوغ أي إنجاز أو تحقيق أي انتصار، وليس فينا من يقبل بأن يوصم بذلك..
وتاريخ هذه الدولة - قيادة وشعباً - يتحدث عن عزائم لا تفتر ولا تلين، وطموحات لا حدود لها، ونجاحات جديرة بأن يُحتفى بها.
***
نحن إذاً لن نخاف من المستقبل..
ولن نقبل بأن يكون مستقبلنا في مسيرته إلا بمثل ما قطعناه من أشواط وأفضل..
فالمستقبل لصالحنا - إن شاء الله -، بكل إشراقاته وما يحمله لنا من خير، ونحن متفائلون الآن ودائماً وأبداً بأن القادم سيكون هو الأفضل.


خالد المالك

الخبيرة الاقتصادية باتريشا آبردين:
العالم سيشهد قريباً بزوغ فجر الرأسمالية المتبصرة!

* إعداد - إسلام السعدني
(الرأسمالية بلا قلب) هكذا يقول الكثيرون.. وأحياناً يضيف هؤلاء أن للرأسمالية أنياباً ومخالب لا تبتغي بها سوى انتزاع الربح مهما كان الثمن دون اكتراث بأي اعتبارات إنسانية..
لكن يبدو أن تلك المقولات باتت في طريقها للتلاشي إذا ما حدثت بالفعل تلك التغيرات التي يتحدث بعض الخبراء أنها في طريقها لفرض نفسها على المؤسسات الاقتصادية في العالم.
ومن خلال السطور القادمة نطالع معا تقريراً وافياً أعدته صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) حول هذه التوقعات التي جاءت في كتاب للخبيرة المرموقة باتريشيا آبردين التي تعد من بين أشهر الخبراء الأمريكيين في رصد وتتبع الاتجاهات الجديدة في عالم الاقتصاد.
لا يستطيع أحد أن يتجاهل سجل آبردين الحافل بالتوقعات الصائبة التي تؤكد قدرتها على استشراف المستقبل بدقة.
فعلى سبيل المثال تحدثت هذه السيدة، في كتابها الأول الذي أصدرته مع الكاتب جون نايسبت قبل عشرين عاماً بعنوان (الاتجاهات الكبرى)، عن ميلاد (اقتصاد المعلومات)، هذا المفهوم الذي سخر منه الكثيرون في ذلك الوقت.
رأسمالية أخلاقية
وبعد عقد كامل من الزمان أصدرت آبردين ونايسبت كتاباً آخر حقق مبيعات هائلة بدوره تنبأ فيه بظهور حقبة اقتصادية تهيمن عليها التكنولوجيا ونظم الشبكات.
أما الآن ففي أحدث كتبها ذاك الذي يحمل اسم (الاتجاهات الكبرى لعام 2010م) تقدم لنا باتريشيا آبردين العديد من الوقائع والحقائق والأرقام التي تشير إلى أن المؤسسات الاقتصادية باتت تمر حالياً بمرحلة تحول أخلاقية، مشيرة إلى أن القيم السامية بدأت بالفعل في إعادة تشكيل ملامح الرأسمالية.
وتشير (كريستيان ساينس مونيتور) في هذا الصدد إلى أننا نعيش بالفعل في غمار مرحلة مضطربة في عالم الاقتصاد والأعمال، وذلك في ظل الرقابة الشديدة التي صارت مفروضة على أنشطة بعض المؤسسات الاقتصادية المرموقة نتيجة ممارسات خاطئة أقدم عليها مسئولوها.
ليس ذلك فحسب بل إن البعض من هذه المؤسسات التي حققت في السابق نجاحاً هائلاً انتهى المطاف بعدد من مسئوليها إلى المثول أمام المحاكم، وهناك منهم من زج به وراء القضبان بسبب ما جنته يداه من سلوكيات مشبوهة في مجال الاقتصاد.
ولكن تلك الصورة القاتمة بدأت في التغير، إذ تردف الصحيفة الأمريكية مؤكدة على أن الفترة الحالية تشهد ظاهرة إيجابية تتمثل في اهتمام الكثيرين بتلمس سبل تُمكنهم من جعل الممارسات الروحية والقيم الأخلاقية جزءاً لا يتجزأ من العمل الذي يقومون به على الصعيد المهني.
وتنقل (كريستيان ساينس مونيتور) في هذا الصدد عن باتريشيا آبردين قولها إن التركيز على القيم الروحية أصبح أمراً واسع الانتشار إلى حد كبير في الوقت الحاضر، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة باتت تشكل (الاتجاه الأكبر في عالمنا اليوم).
وتضيف الكاتبة الأمريكية الشهيرة قائلة إن تأثير هذا الاتجاه الجديد آخذ في الانتشار في أروقة المؤسسات الاقتصادية من خلال هيمنته على حياة الأفراد الذين يعملون في هذه المؤسسات.
تحول متزايد
وتتضافر هذه الظاهرة الجديدة المتمثلة في تلك السطوة التي باتت للقيم الروحية على تصرفات الأفراد ومن ثم المؤسسات مع عوامل اقتصادية واجتماعية من شأنها ?حسبما تخلص آبردين- تعزيز التحولات الأخلاقية والقيمية التي يشهدها النظام الرأسمالي حالياً.
فعلى سبيل المثال، بدأت المزيد من المؤسسات الاقتصادية تتعامل بجدية مع مسئولياتها تجاه المجتمع الذي تعمل فيه، تماماً كما تتعامل بجدية حيال مسئولياتها إزاء حملة أسهمها.
الأكثر من ذلك، أنه أصبح هناك ما يقدر بـ70 مليون مستهلك أمريكي يتخذون قراراتهم الشرائية بناء على أسس تتعلق بالقيم والأخلاق. وإلى جانب هذا وذاك صار من المألوف أن نرى العديد من المديرين التنفيذيين الكبار وهم ينبذون تلك الأفكار التقليدية التي تتحدث عن أهمية السعي من أجل تحقيق الربح بأي ثمن ودون إبداء اهتمام بأي شيء آخر، باعتبار أن ذلك - في نظر البعض- هو السبيل الأمثل لتحقيق النجاح.
وفي هذا الإطار تلقي الصحيفة الضوء على نتائج استطلاع أجراه مركز أمريكي لبحوث التسويق شمل قرابة 25 ألف شخص في 23 دولة، وهي النتائج التي أشارت إلى أن ثلثي هؤلاء الأشخاص يرون أنه من الضروري أن تتسع أهداف المؤسسات الاقتصادية إلى ما هو أشمل من مجرد تحقيق الربح لتمتد إلى الإسهام في تحقيق الأهداف المجتمعية الأوسع دائرة.
موجة فضائح
وتتطرق الصحيفة في تقريرها إلى مقابلة جرت مؤخراً مع باتريشيا آبردين، تناولت ذاك التغير الهائل الذي يطرأ على صعيد علاقة المؤسسات الاقتصادية بالقيم الأخلاقية والروحية.
وفي هذا الصدد عرضت (كريستيان ساينس مونيتور) مقتطفات من تصريحات الكاتبة الأمريكية خلال هذه المقابلة وهو ما سنتناوله في السطور التالية:
* تتحدثين عن اتجاهات ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية وأيضاً روحية تتضافر من أجل تعزيز التحول القيمي للنظام الرأسمالي، ولكن كيف يمكن لك تفسير هذه النظرة الوردية بالنظر إلى الفضائح التي شهدتها الساحة الاقتصادية في السنوات الأخيرة؟
- (باتريشيا آبردين) : إن التحول الاجتماعي يحدث فقط عندما نجد أنفسنا بصدد تزامن عوامل ما يمكن أن نسميه ب(الضرورة الاقتصادية) مع ظهور قيم جديدة تطرأ على ساحة المؤسسات العاملة في مجال الاقتصاد والأعمال.
ولقد صار مجتمعنا الآن في هذه اللحظة تحديداً، إذ أدت الفضائح المتوالية وانهيار صناعة المعلوماتية الذي حدث في نهاية التسعينيات بالتزامن مع حدوث انهيار مماثل في الأسواق إلى دفع النظام الرأسمالي لتأمل ما الذي حل به. ولكن من الضروري أن تترافق هذه العوامل مع وجود شعور بأن هناك جدوى اقتصادية حقيقية من تلك التوجهات الجديدة التي تحاول فرض نفسها. وتتمثل دلائل وجود مثل هذه الجدوى في الاهتمام المتزايد باتباع القيم الأخلاقية في التعاملات الاقتصادية، وكذلك التنامي السريع للمشروعات الاستثمارية التي تتعامل بجدية مع مسئوليتها تجاه المجتمع، وفوق كل ذلك تزايد حجم المستهلكين الذين يتخذون قراراتهم الشرائية وفقا لدوافع قيمية وأخلاقية.
تعارض وهمي
* هناك الكثيرون يقولون إنهم يشعرون أن ثمة تعارضاً ما بين القيم التي يؤمنون بها كأفراد وبين القيم السائدة في عالم مؤسسات الاقتصاد والأعمال.. كيف يمكن تغيير هذا الوضع ؟
- نحن بصدد ظاهرتين صارتا واضحتين في الوقت الحالي: أولاهما أن الناس لم يعودوا يريدون أن يتركوا الجانب الروحي المتغلغل في نفوسهم وهم يدلفون إلى داخل المؤسسات التي يعملون فيها، من منطلق أنهم باتوا يبحثون عن المعنى الكامن في ما يقومون به من عمل، وكذلك يسعون لتلمس القيم الأخلاقية التي تكمن في عملهم هذا.
أما الظاهرة الثانية فتتمثل في أن مديري المؤسسات الاقتصادية أنفسهم بدؤوا يعترفون بأنه في مثل هذا المجتمع الذي نعيش فيه، الذي يعتمد على التكنولوجيا والابتكار والاختراع، لا يمكن الحفاظ على مستوى معين من الابتكار دون أن تسعى المؤسسة للاعتماد على الروح الإبداعية الكامنة في نفوس موظفيها.
وفي هذا الصدد بات حتى أصحاب المفاهيم العتيقة في مجال المشروعات الاقتصادية والتجارية مضطرين للقبول على مضض بأنه لا يمكن اكتشاف روح الإبداع والإلهام والابتكار سوى في أعماق الجانب الروحي من النفس البشرية.
* ما هو أكثر دليل ملموس على أن القيم الروحية باتت إحدى القوى الفاعلة في عالم التجارة والاقتصاد في الوقت الراهن؟
- أولاً يمكن القول إن التوجه الأخلاقي والقيمي يتنامى حالياً في مختلف الأوساط الاقتصادية في الولايات المتحدة ولا يقتصر الأمر على منطقة جغرافية بعينها.
ثانياً: أنه بينما كان من المعتاد أن يرى المرء العديد من الموظفين ممن يهتمون بالجانب الروحي والأخلاقي من العمل الذي يقومون به، انتقل هذا الاهتمام الآن للمديرين التنفيذيين أيضاً، مما يؤكد أن تأثير التوجه الأخلاقي الذي نتحدث عنه يتزايد وتتسارع وتيرته.
ولا ينفي ذلك أن هناك اختلافات بين هؤلاء المديرين وبعضهم البعض في الطريقة التي يعبر بها كل منهم عن اهتمامه بدمج الجانب الروحي في عمله، فمنهم من يستهل اجتماعاته بالدعوة إلى إقامة صلاة على سبيل المثال، ومنهم من ينخرط في لحظات تأمل عميقة قبل بدء ممارسة مهامهم.
النجوم الآفلة
* ماذا تقولين لهؤلاء الذين يتساءلون عن الفوائد العملية التي تنجم عن دخول القيم الروحية عالم المشروعات التجارية والاقتصادية؟
- إجابتي عملية للغاية هي الأخرى، فلينظر هؤلاء إلى أولئك الأشخاص الذين كانوا نجوماً لامعين ذات يوم على الصعيد الاقتصادي، قبل أن يتلاشى بريقهم.
وليسأل كل منهم نفسه عن أسباب تلاشي هذا البريق، وسيجد أن ذلك يرجع إلى افتقار أولئك النجوم السابقين إلى القدرة على السيطرة على النفس، وكذلك على قيادة الآخرين، ولا شك في أن السبيل الأمثل لتحقيق هذا الهدف المتمثل في اكتساب القدرة على ترويض النفس وكبح جموحها، يكمن في تعزيز القيم الروحية والأخلاقية بداخل الإنسان، وهذا هو الدرس الذي تعلمه العديد من مديري المؤسسات التجارية والاقتصادية.
* ولكن هناك مَنْ يقولون: (حسناً إنه لشيء رائع أن نساعد البشر على أن يشعروا بالرضا عما يقومون به من عمل، ولكن الهدف الأساسي للمؤسسات التجارية والاقتصادية يكمن في تحقيق الربح بما يعود بالفائدة على حملة الأسهم) كيف تعلقين على ذلك؟.
- هذا هو التعريف التقليدي العتيق للرأسمالية، وهو ما عبر عنه العالم الاقتصادي ميلتون فريدمان عندما قال إن المسئولية الاجتماعية للرأسمالية تتمثل في جلب المنفعة لحملة الأسهم.
ولكننا الآن نواجه أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ أزمة الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، وبدأنا خلالها نشعر بعواقب ذلك النظام، الذي يعطي الأولوية لتحقيق الربح بأي ثمن. وقد كانت النتيجة التي أدى إليها اتباع هذه الفلسفة هي خسارة حملة الأسهم أنفسهم تريليونات من الدولارات بسبب تلك الأزمات الاقتصادية.
رأسمالية غشوم
* لقد اخترت لكتابك عنواناً فرعياً يقول (ظهور الرأسمالية المتبصرة)، هل يمكن أن تشرحي لنا هذه العبارة؟
- لقد صرنا الآن مدركين للتكاليف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية غير المنظورة التي نتكبدها بسبب النمط التقليدي العتيق من النظام الرأسمالي والذي يمكن أن نطلق عليه اسم (الرأسمالية الغشوم).
والآن بدأ الكثيرون يشكلون ملامح نمط آخر من الرأسمالية وهو (الرأسمالية المتبصرة) التي تضمن التكامل بين مكوناتها مع الالتزام بالمعايير الواجب مراعاتها أيضاً لتحقيق الربح.
وفي إطار هذا النمط المتطور من الرأسمالية، لا تعد المؤسسة الاقتصادية مسئولة فقط تجاه حاملي أسهمها، ولكن مسئولة أيضاً إزاء موظفيها والمستهلكين الذين يقبلون على السلع أو الخدمات التي تقدمها، وأيضا الموردين الذين يتعاملون معها، إضافة إلى المجتمع المحلي المحيط بها.
- هل يمكن للمؤسسات الاقتصادية والتجارية التي تعمل في إطار هذا النمط الجديد من الرأسمالية أن تحتفظ بقدرتها التنافسية، وأن تجعل حملة أسهمها يشعرون بالرضا والسعادة؟
- قد يصبح من حق حملة الأسهم الاعتراض على هذا النظام الجديد، لو كانت الشركات التي يحملون أسهمها تُمنى بخسائر، ولكن العكس هو الصحيح في حقيقة الأمر، فالدراسات تظهر أن المؤسسة تحقق الازدهار عندما تأخذ في الاعتبار مسئوليتها حيال المجتمع المحيط بها.
وإذا نظرنا إلى دراسة أجريت هذا العام حول الشركات والمؤسسات العامة الواردة في قائمة مجلة «فوربس» الشهيرة لأفضل مائة شركة يتمنى المرء أن يعمل فيها، سنجد أن تلك الدراسة، التي تناولت نسبة الربح الذي جناه المساهمون في هذه الشركات بسبب شرائهم حصة من أسهمها، قد كشفت عن أن العائد الذي حصل عليه أولئك المساهمون بين عامي 1998 و2004 يبلغ 176% من قيمة أسهمهم، مقارنة بـ 39% فقط حصل عليها حملة الأسهم في الشركات الخمسمائة الرئيسية التي يشملها مؤشر ستاندرد آند بورز.
ليس ذلك فحسب بل إن هناك دراسة أخرى، شملت 25 شركة من تلك التي تتعامل بجدية مع مسئولياتها تجاه موظفيها وحيال المجتمع المحيط بها، كشفت عن أن نسبة الأرباح التي تتحقق من إجمالي قيمة الأسهم في هذه الشركات تبلغ 43% مقارنة بـ19% فقط في الشركات التي يشملها مؤشر ستاندرد آند بورز أيضاً.
ويمكن القول إن السبب الذي يكمن وراء هذه النتيجة يتمثل في أن العمل الاقتصادي والتجاري كل لا يتجزأ، وهو ما يعني أن النظام يعمل بكفاءة أكبر كلما كانت كل مكوناته تحظى بالتقدير الذي تستحقه.
نحن الأقوى
* من هو الطرف الذي يمكن أن نقول إنه الأكثر قدرة على تحقيق هذا التحول الأخلاقي في النظام الرأسمالي العالمي؟
- أحد محاور كتابي (الاتجاهات الكبرى لعام 2010م) يؤكد على أننا نحن - الناس العاديين أعني- هم من يمتلكون القوة اللازمة سواء كمستثمرين أو موظفين أو مستهلكين لمداواة العلل التي تعاني منها الرأسمالية.
فإذا كان المرء مديراً على سبيل المثال فبمقدوره أن يقوم بالعديد من المبادرات بين مرؤوسيه بهدف تعزيز الجانب الأخلاقي في نفوسهم، حتى ولو لم يكن صاحب الكلمة الأولى في المؤسسة.
أما إذا كان المرء مستثمراً فبوسعه أن يضخ أمواله في شركات أكثر اهتماماً بالوفاء بمسئولياتها الاجتماعية.
ولا يختلف الأمر حالما كان المرء مستهلكاً ففي هذه الحالة يمكنه أن يدرك قدراته ونفوذه الواسع على صعيد تغيير ملامح النظام الرأسمالي يوما بعد يوم من خلال القرارات الشرائية التي يتخذها التي يفضل من خلالها هذه السلعة أو الخدمة عن تلك.
أما إذا كان المرء صاحب مشروع اقتصادي فإن الأمر في هذه الحالة سيكون موكولاً إليه لكي يختار القيم التي ستحدد ملامح مشروعه.
ودعني أقول لكم شيئاً، بالأمس فقط رأيت المدير التنفيذي لشركة (ستاربكس) في حوار بثته محطة (سي. إن. بي. سي) التليفزيونية، حيث علمت من الحوار أن شركته مشهورة بتوفير الخدمات الصحية لكل العاملين فيها بلا استثناء، بمن فيهم العاملون لنصف الوقت.
ومن خلال الحوار أيضاً علمت أن هذه الشركة تخصص مبالغ كبيرة من ميزانيتها لتوفير خدمات التأمين الصحي للعاملين، وهو ما يعد تغيراً كبيراً عن القيم التي كانت سائدة في الماضي، التي عبر عنها فيلم «وول ستريت» الذي أنتج عام 1987م، وهي القيم التي كانت تفيد في مجملها بأن الطمع هو الجوهر الحقيقي للرأسمالية.
نحن بحاجة لأن نتطور فكرياً وأن نبتعد عن هذه الفكرة السخيفة التي تقول إن الطمع هو جوهر الرأسمالية أو الإكسير الذي يبقيها على قيد الحياة، لأنه في الحقيقة ما هو إلا العامل الذي سيؤدي إلى انهيار النظام الرأسمالي برمته.
أعلم أن هناك من يقترح أن يكون المحور الرئيسي للرأسمالية هو تحقيق المنفعة الذاتية وعلى الرغم من أن ذلك يبدو منطقياً إلى حد ما، إلا أنه من المؤكد أن اتباع هذا الطريق وحده من خلال البحث المحموم عن المصلحة الفردية والذاتية لن يقود إلى أي نتيجة إيجابية. وهنا ينبغي أن أقول إن القيمة الجوهرية ل(الرأسمالية المتبصرة) تكمن في ما يمكن أن أسميه (المصلحة الذاتية المتنورة).
اتجاهات في الأفق
وفي نهاية تقريرها تلقي (كريستيان ساينس مونيتور) الضوء على بعض التوجهات التي أشارت باتريشيا آبردين في كتابها الأخير (الاتجاهات الكبرى لعام 2010م) إلى أنه سيكون لها الغلبة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي خلال المرحلة المقبلة، وهي :
1- تنامي سطوة القيم الروحية
2- بزوغ فجر الرأسمالية المتبصرة
3- تزايد دور القيادات الوسطى في المؤسسات الاقتصادية
4- تعاظم الجانب الروحي في مجال المشروعات الاقتصادية
5- تصاعد قوة المستهلكين الذين تحرك القيم قراراتهم الشرائية
6- الميل أكثر وأكثر للتوصل إلى حلول للمشكلات تتميز بالوعي والتبصر
7- حدوث طفرة في المشروعات الاستثمارية التي تضع في اعتبارها ضرورة الوفاء بمسئوليتها تجاه مجتمعاتها.

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
نادي العلوم
الملف السياسي
حوار
استراحة
إقتصاد
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
مجتمعات
روابط اجتماعية
x7سياسة
صحة وغذاء
شاشات عالمية
تميز بلا حدود
أنت وطفلك
الصائم الصغير
الحديقة الخلفية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved