الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 27th January,2004 العدد : 67

الثلاثاء 5 ,ذو الحجة 1424

الافتتاحية
الأوراق المنسية..!!
يعود المرء أحياناً إلى أوراقه المنسية..
إلى دفاتره القديمة..
يفتش في الملفات وبين الأوراق عما فقدته ذاكرته..
ويسترجع ما مضى من ذكريات لن تعود وقد لا تتكرر..
***
ينتقل الإنسان من محطة لأخرى..
ومن مراحل عمرية إلى غيرها ولكل منها سماتها وصفاتها..
ويتمنى كل منا لو توقف عند هذه المحطة ولم ينتقل إلى غيرها..
ضمن الخوف من أن يخونه خريف العمر دون تحقيق كل ما يتمناه..
***
نحن إذاً..
مشدودن إلى الماضي..
ولو بقراءة ما دوناه عن سنوات مضت من أعمارنا..
باعتبار أن حنيننا الجميل إلى القديم لم ولن يتوقف..
كما لو أننا نحلم بالعودة إلى أماكننا الموغلة في القدم..
***
وبين أوراق الماضي..
وتلك التي نقلّبها من الحاضر المعاش..
لا ينفك المرء منا عن تكرارالمقارنة..
كلما كانت هناك مسامرة بين الجيل الواحد ..
أو تجاذب في الحديث بين جيلين قد تفصل بينهما مسافة زمنية طويلة..
***
فالماضي له عبقه..
وذكرياته الجميلة..
ولا أحد منا يؤذيه أن يستمع إلى شيء عن ماضيه ولو كان هذا الماضي قاسياً..
بل من هو الذي لا يصغي ولا يسعده الحديث عن ذلك الزمن من رحلة الحياة..
***
وكثير منا..
كلما أسعفه الوقت..
أو ساعده الزمن..
فإن جزءاً من متعته في هذه الحياة..
أن يستحضر من أوراقه القديمة ما طواه النسيان..
وأن يعيد إلى الحياة ما غاب عن ذاكرته من الأحداث والمعلومات..
***
والمهم..
أن نستفيد من المراجعة لهذه الوريقات القديمة..
بمثل هذه الوقفات التأملية لما مضى من حياتنا..
وأن نتذكر في كل محطة نتوقف عندها ما كنا عليه وما نحن فيه...
فالحياة تجارب وعِبر ودروس..
والإنسان يخطئ إن تصور ولو لحظة أنه قوي في دنيا تتلاطمها مثل هذه الأمواج العاتية..
وأنه لا حاجة له لمثل هذه الدروس أو الأخذ بتلك العبر.


خالد المالك

لغة الرصاص الأكثر فهماً في بيئة الثأر
اغتيال ذكرى يفجر قضية السلاح في مصر

* القاهرة عتمان أنور / محمد عبدالمجيد
في عالم تسود فيه لغة العنف ورائحة الدم ويسيطر عليه الأقوى يصبح السلاح أيا كان نوعه «خرطوش، مسدس، كلاشينكوف، طائرة، قنبلة» هو العنصر الحاسم سواء لدى الدول أو الأفراد وإذا كان تعبير الإفراط في القوة متداولا بيسر وسهولة بين الدول فقد انعكس ذلك على الأفراد بشكل هستيري وهذا ما تبدى لأول وهلة في حادث مقتل الفنانة ذكرى على يد زوجها الذي انتحر بعد أن قتل مدير أعماله وزوجته ب 81 رصاصة وقد كانت رصاصة أو رصاصتان تكفي لكل شخص، كذلك كشفت هذه المذبحة عن مدى امتلاك الأفراد للأسلحة وبهذا الكم واللعب بها مثل الأطفال كما فتحت ملف حيازة الأسلحة والتجارة فيها!
سوق السلاح في مصر تمتلئ بكافة أنواع الأسلحة الآلية ونصف الآلية والرشاشات الأمريكية والألمانية والروسية ويتمركز هذا السوق بشكل خاص في محافظات الوجه القبلي صعيد مصر حتى قيل إننا يمكن أن نجد صواريخ مضادة للطائرات، وكل شيء له ثمن وتعتبر محافظات الصعيد سوقا رائجة للسلاح تتقدمها محافظة أسيوط التي يتركز نشاطها في مركز القباني المتاخم للجبل ثم ساحل سليم بقريتي صدفة النخيلة ودرنكة ومركز أنبوب وهذه الأماكن مشهورة بالتجارة في السلاح.
تأتي بعد ذلك محافظة قنا ويتركز نشاط السلاح فيها بمركز دشنا ونجع حمادي وفي محافظة سوهاج يتركز النشاط في مركز طما.
ويقل رواج تجارة السلاح في الوجه البحري وذلك لاختفاء عادة الثأر السائدة في الصعيد فتجارة السلاح من الأنشطة الرائجة في الصعيد، ويأتي معظمها عبر الوديان والدروب في الجنوب، خاصة فيما يتعلق بالأسلحة الآلية والرشاشات، كما أن جزءا كبيرا من أسلحة الصعايدة تسربت إليهم عبر الحروب المختلفة التي خاضتها مصر، وأما فيما يتعلق بالأسلحة البدائية مثل «الفردة» فهي سلاح مزود بطلقة واحدة يتم تصنيعها داخل ورش حدادة صغيرة، وقد عرف الصعيد في الآونة الأخيرة ظهور أسلحة متطورة مثل رشاش «عوزي» الإسرائيلي، وتمتلك عائلات قليلة أسلحة أكثر تطورا مثل مدفع «أر . بي . جي» المضاد للدبابات والذي يصل ثمنه لأكثر من 40 ألف جنيه، في حين يتراوح ثمن البندقية الآلية الجديدة ما بين 4 و 6 آلاف جنيه، ويقل الثمن للنصف بالنسبة للبندقية المستعملة.
وأما « الفردة» المصنعة محليا فلا يتجاوز ثمنها 200 جنيه.
ترخيص السلاح
ولا يقبل أهالي الصعيد على اقتناء «الطبنجات»، ويقتصر استخدامها على من يحملون رخصة سلاح، حيث لا يسمح قانون السلاح المصري سوى بترخيص الطبنجات والأسلحة نصف الآلية، أما الأسلحة الآلية فمحظور حملها بحكم القانون.
وظاهرة الثأر في الصعيد ترتبط ارتباطا مباشرا بعادة اقتناء السلاح المتأصلة لدى قبائل وعائلات الصعيد، فالصعيدي يضع البندقية في منزلة الابن، وغالبا لا تفارق كتفه إلا عند النوم، ولا يفكر في بيعها مهما بلغت ضائقته المالية، ومعظم أبناء الصعيد ممن هم فوق سن العاشرة يجيدون استخدام السلاح، وهو ما ينطبق على نسبة كبيرة من النساء أيضا، وتكاد أفراح الصعيد أن تتحول إلى مظاهرة مسلحة، فالجميع يذهب حاملا بندقيته للمجاملة بعدة طلقات في الهواء، وهي عادة يحرص عليها الجميع، لدرجة أن البعض قد يحسب عدد الطلقات التي أطلقها الضيف لكي يردها في أفراحه، ويتبادل الصعايدة في أفراحهم التحية بإطلاق النار في الهواء، فالضيف يعلن عن قدومه بإطلاق دفعة في الهواء، فيرد عليه صاحب الفرح بدفعة مقابلة.
مذبحة بيت علام
ومن أبرز الأمثلة في الفترة الأخيرة التي تكشف الإفراط في استخدام السلاح في الصعيد مذبحة بيت علام التي وقعت يوم السبت10/8/2002م بقرية بيت علام بمحافظة سوهاج وراح ضحيتها 22 شخصا من عائلة الحناشات بأيدي رجال من عائلة عبدالحليم بسبب خلافات بين الأسرتين ترجع لعام 1990 حينما نشبت مشاجرة بين أطفال العائلتين خلال حفل عرس، بل انتقلت إلى الكويت، حيث يعمل مئات من أفراد العائلتين هناك، ولكن القنصلية المصرية بالكويت تدخلت لتهدئة الأوضاع وإنهاء الأزمة.
وحكايات الثأر في الصعيد كثيرة ومنها ما لا يقل دموية عن مذبحة بيت علام، ففي مدينة قوص بمحافظة قنا ارتدى 6 أشخاص من إحدى العائلات ملابس النساء ونزلوا إلى السوق في وسط النهار بعد أن أخفوا البنادق الآلية في ملابسهم وقتلوا 13 شخصا من عائلة خصومهم فما كان من العائلة الأخرى إلا أن قتلتهم قبل أن يخرجوا من السوق.
معركة الجمعة
وشهدت محافظة إلمنيا في عام 1998 حادثة دامية أخرى، حيث تربصت إحدى العائلات لأفراد عائلة أخرى أثناء خروجهم من صلاة الجمعة، ودارت معركة بالأسلحة الآلية والسكاكين سقط خلالها 24 قتيلا من الجانبين والعديد من المصابين، ولا تقتصر حوادث الثأر على العائلات فقط، بل شهدت محافظات الصعيد خصومات ثأرية ما بين قبائل تمتد عبر عدة محافظات كما حدث بين العرب والهوارة في فترة الستينات.
وقد تقع الخصومة بين قرى بأكملها، وهو ما شهدته محافظتا سوهاج و قنا عام 1996 حيث اندلعت معارك بالرشاشات والأسلحة الآلية ما بين مركز أبو تشت الواقع غرب النيل والتابع لقنا وبين قرى البلابيش التابعة لسوهاج والتي توجد على الضفة الأخرى للنيل ولا يسقط حق الثأر ب «التقادم»، حتى لو ظل القاتل سنوات طويلة مختفيا أو خلف القضبان، ففي إحدى قرى البدرشين بالجيزة قتل شابان شيخا في السبعين من عمره ثأرا لوالدهم رغم مرور 50 عاما على مصرعه.
وتكرر الأمر في إحدى قرى محافظة إلمنيا، حيث أصرت الجدة على الثأر لولدها رغم مرور خمسين عاما على مقتله، قضى القاتل نصفها في السجن، وحفزت حفيدها على القصاص لوالده، وكانت النهاية المحتومة.
الدية والقودة
يرفض الصعايدة قبول الدية عوضا عن الثأر، ويعتبرون ذلك «بيعا» لدم القتيل مقابل حفنة من المال، ولكنهم يقبلون بما يسمى «القودة»، وهي عادة قبلية قديمة، يقوم فيها المطالب بالدم أو زعيم عائلته بحمل ثوب من القماش على هيئة «الكفن»، ويذهب مع أفراد العائلة إلى منازل أصحاب الدم، ويقدم لهم الكفن ويتم نحر الذبائح إعلانا عن نهاية الخصومة وسقوط الثأر، وفي بعض الأحيان تتضمن طقوس القودة قيام القاتل بوضع الكفن على الأرض ووضع رأسه فوقه وبجواره خروف، ثم يقترب منه صاحب الدم حاملا سكينا ماضيا، ويقترب منه في بطء، وبدلا من قطع رقبة القاتل، فإنه ينحر الخروف، وذلك دلالة على قدرته على الذبح، والقودة على الرغم من دلالتها الرمزية إلا أن البعض يفضل أن يقتل على أن يقدمها لخصومه، لما ترمز له من ضعف وذل، ولا تتردد بعض العائلات في التبرؤ ممن يقدم على تقديم كفنه هربا من الثأر.
ويتذكر أهالي محافظة قنا حادثة دامية مرتبطة ب «القودة»، ففي إحدى القرى ذهب شاب في مقتبل العمر مع والده إلى منزل إحدى العائلات حاملا كفنه لتقديمه إلى عائلة شاب آخر كان قد قتله، وعندما جلس على الأرض وبجواره الخروف كما هي العادة، تقدم أحد أبناء العائلة الأخرى شاهرا سكينا، كبيرة، وبدلا من أن يذبح الخروف أغمد السكين في رقبة الشاب المستسلم على الأرض وفصلها عن جسده، فلم يكن من الأب المسكين وهو يرى ابنه الوحيد يذبح أمام عينه سوى أن سحب بندقيته الآلية وقتل أكثر من 20 شخصا وأصيب بعدها بالجنون.
المستورد
أما عن الأسلحة المستوردة من رشاشات هكلير الأمريكي وكلاشنكوف الألماني وغيرها فتثير قضية هامة فهي إلى جانب أنها محظورة أصبحت تسليحا خاصا لرجال الأعمال الجدد برغم أن القانون يحظر ترخيصها..
تجار السلاح المرخص لهم بالمهنة يؤكدون أن استيراد الأسلحة توقف منذ سبع سنوات وليس مسموحا لنا باستيراد الأسلحة الأجنبية لبيعها وإنما يقتصر سلاحنا المطروح للبيع على المصانع الحربية من طراز حلوان في الوقت الذي أكد فيه مصدر أمني سابق أن هذه النوعية من الأسلحة تدخل مع أصحاب الياقات البيضاء عبر صالة كبار الزوار داخل الحقائب التي لا تفتح..
قانون الأسلحة والذخائر رقم354 لسنة1952 يحظر تماما حمل الأسلحة الآلية ونصف الآلية تحت أي مسمى ولأي شخص وحتى عام1995 كان مصرحا لأعضاء مجلسي الشعب والشورى بالاحتفاظ ببندقية آلية وبمضي ذلك العام تم سحب هذه البنادق من الأعضاء البرلمانيين والاكتفاء بالتراخيص العادية. ومع هذا فقد يلجأ البعض من أصحاب الحصانة أو ذوي السلطة إلى الاحتفاظ بالسلاح الآلي لظروف البيئة أو المجتمع المنتمين إليه من قبيل المباهاة والقوة خاصة في الصعيد.
وقد يتسرب إلى رجال الأعمال وغيرهم من خلال المهربين والسوق السوداء لأنه لا يوجد قانون يبرر لهم حمل هذه الأسلحة أو أكثر من قطعة سلاح إلا بشهادة من نادي الصيد لممارسة هواية الصيد التي تتطلب بنادق الخرطوش بهدف الرماية. ولكن هناك نوعية من بينهم خاصة الأقوياء الجدد لجأت إلى حيازة أكثر من قطعة سلاح وقد تمتد إلى ما يشبه الترسانة من الأسلحة بغرض المفاخرة.
أما من ناحية شركات الأمن الخاصة المنتشرة في مصر فلا يوجد حصر دقيق لهذه الشركات لأنه لا يوجد قانون ملزم لتنظيم تسجيل وضع التراخيص ومراجعتها وتقييمها وتقنين هذه المهنة الأمر الذي أشاع فوضى الحراسات الخاصة والبودي جارد والمسلحين بأحدث الأسلحة وبدون ترخيص.. وعن تراخيص السلاح يقول ميشيل عازر صاحب محل سلاح: إن تجارة السلاح عملية مقيدة بلوائح من قبل وزارة الداخلية فهي تجارة مقننة. فالسلاح الناري مقيد بتصاريح وتراخيص خاضعة لوزارة الداخلية أما الأسلحة غير المشروعة مثل البنادق الآلية فهي ممنوع حملها أساسا.
وتأتي هذه الأسلحة عن طريق تهريبها من الخارج، وتكون مدفونة في الصعيد، أو سابقة من حرب (56 أو67)، ويستخدمونها عند الحاجة إليها. وأنا لا أقوم ببيعها مطلقا لأني تاجر سلاح ولي اسمي في السوق وأقوم ببيع السلاح الناري لمن معه رخصة سلاح، ونحن نقوم بشراء السلاح والذخيرة من المصانع.

..... الرجوع .....

الفن السابع
الفن العربي
المنزل الانيق
رياضة عالمية
عواصم ودول
نادي العلوم
الصحة والتغذية
الملف السياسي
فضائيات
حوار
السوق المفتوح
تقرير
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
بانوراما
تحقيق
مجتمعات
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved