Al Jazirah Magazine Tuesday  27/02/2007 G Issue 208
تقارير
الثلاثاء 9 ,صفر 1428   العدد  208
 

بحثا عن مصادر بديلة للطاقة
مدفأة تولد كهرباء في أمريكا

 

 

* إعداد - أشرف البربري

لم يعد يمر يوم دون أن تجد تقريرا أو أكثر عن مستقبل الطاقة ومصادرها والبحث عن طرق جديدة إما لتوليدها أو لخفض استهلاكها.

وقد نشرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور تقريرا عن صيحة جديدة ظهرت في الولايات المتحدة على شكل مدفأة قادرة على توليد كمية من الكهرباء داخل المنزل بما يقلل الاعتماد على شركات الكهرباء.

تقول الصحيفة أسفل منزل بيرنارد ميلان يوجد صندوق معدني حراري يقوم بتحويل الغاز الطبيعي إلى ماء ساخن ويولد طاقة كهربائية تتراوح قيمتها بين 600 و800 دولار سنويا بالإضافة إلى تدفئة الهواء في المنزل.

يقول ميلان: إن الأمر أشبه بماكينة لطباعة الأموال بالنسبة له باعتباره أول شخص في ولاية ماساشوستس الأمريكية، وربما في الولايات المتحدة ككل يمتلك نظاما صغيرا منزليا لتوليد الكهرباء والتدفئة معا، ولكن من المؤكد أنه لن يكون الأخير.

فمنذ قام ميلان بتغيير نظام التدفئة في منزله إلى النظام الثنائي الذي يحول الغاز إلى ماء ساخن من ناحية وتوليد كهرباء من ناحية أخرى في فبراير الماضي انضمت إليه 18 أسرة أخرى، ويضمن هذا النظام تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الوقود وبمعدل يصل إلى 90 في المئة.

والحقيقة أن النظام الذي يضمن الاستغلال الثلاثي للوقود يستخدم منذ سنوات في المصانع ووحدات توليد الكهرباء العملاقة، ولكنه أول مرة يستخدم على مستوى منزل واحد، وكانت المشكلة الأساسية أن وحدات استخدام الغاز الطبيعي في التدفئة المنزلية وتوليد الكهرباء في وقت واحد كانت كبيرة الحجم وغالية الثمن بحيث لا يمكن استخدامها على مستوى المنزل الواحد، ولكن مع الارتفاع المطرد في أسعار الكهرباء بالولايات المتحدة وتكرار حالات انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل زادت مبيعات مولدات الكهرباء المنزلية ، ويقول الخبراء: إن نظام (توليد الحرارة والطاقة المجمع) الصغير يمثل صورة في تقنيات الحصول على الطاقة بالنسبة للمستهلكين.

يقول نيقولاس لينسين من مؤسسة إنيرجي إنسايتس وهي مؤسسة استشارية في مجال الطاقة بولاية ماساشوستس الأمريكية (حتى الآن يمكن القول: إن نظام توليد الحرارة والطاقة المجمع المنزلي مازال يمثل ومضات صغيرة على شاشة رادار.. ولكن الحقيقة أنه يمثل قفزة تكنولوجية يمكن أن يكون لها تأثير كبير على قطاع الطاقة مع تزايد انتشارها خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة).

وكان اليابانيون هم أول من استخدمو (المدافئ) التي تستطيع توليد كمية من الكهرباء باستخدام نفس كمية الوقود المستخدم في التدفئة، وبالفعل تباع في أوروبا واليابان حاليا وحدات تدفئة منزلية تستطيع توليد كهرباء بطاقة أربعة كيلواتات. ومن المنتظر بدء طرح هذه الوحدات في السوق الأمريكية بنيو إنجلاند في يناير المقبل.

وبالطبع تواجه وحدات نظام الحرارة والكهرباء المجمع المنزلي منافسة من جانب أنظمة أخرى لتوليد الكهرباء والطاقة المنزلية مثل وحدات الطاقة الشمسية ووحدات توليد الكهرباء من طاقة الرياح. ولكن المشكلة أن النظامين الأخيرين أعلى تكلفة وأكثر صعوبة في تركيبها. وهناك أيضا وحدات خلايا الوقود التي تولد الكهرباء من خلال تفاعلات كيماوية، ولكنها تظل باهظة التكلفة بحيث لا يمكن استخدامها على توفيرها تجاري في الوقت الراهن.

في المقابل فإن نظام الحرارة والكهرباء المجمع هو هجين متقدم من التقنيات الموجودة في بالفعل حيث يحتوي على مولد كهرباء يعمل بنظام الاحتراق الداخلي مع فرن منزلي عالي الأداء.

وفي اليابان يمتلك أكثر من 30 ألف منزل نظام الحرارة والكهرباء المجمع الذي يوفر التدفئة والكهرباء للمنزل، وهو مزود بمحرك احترق داخلي

ذي كفاءة عالية، ولا يصدر صوتا مزعجا من إنتاج شركة هوندا اليابانية.

وقد ساعد على انتشار هذا النظام اتجاه الحكومة إلى دعم استخدام الغاز الطبيعي في أنظمة التدفئة وتشجيع استخدام مثل هذه التكنولوجيا التي توفر استهلاك الطاقة.

أما في بريطانيا حيث يأخذ هذا الجهاز شكل مغسلة الأطباق، ويوضع تحت طاولة المطبخ فهناك طلب على أكثر من 80 ألف جهاز من إنتاج شركة نيوزيلندية.

ويوجد حاليا خمس شركات في العالم تنتج أنظمة الحرارة والكهرباء المجمع منها اثنان تحاولان دخول السوق الأمريكية. الأولى مارثون إنجين سيستمز من إيست توري بولاية ويسكنسون الأمريكية، وتسعى إلى توريد أجهزة للتدفئة قادرة على توليد كهرباء بطاقة أربعة كيلواتات التي تباع في أوروبا حاليا وذلك بحلول عام 2007م.

أما الشركة الثانية فهي كلايمت إنيرجي بولاية ماساشوستس فتسعى إلى تطوير جهاز جديد يتفوق على جهاز هوندا من حيث الهدوء، وبالفعل فقد وزعت الشركة عددا من هذا الجهاز على منازل في أمريكا على سبيل التجربة.

وقد نجحت هذه الأجهزة التي حصل ميلان على واحد منها في تخفيف عبء فاتورة الكهرباء عن كاهل أصحاب المنازل التي أخذوها حيث تراجعت كمية الكهرباء التي يستخدمونها من شركات الكهرباء في فصل الشتاء بنسبة كبيرة.

يقول أحد مستخدمي الجهاز الجديد في ولاية ماساشوستس (أنا سعيد بالأموال التي أوفرها، كما أننا لا نلوث البيئة لأننا نستخدم كميات أقل من الغاز في تشغيل الجهاز الجديد الذي يوفر لنا التدفئة وكمية معقولة من الكهرباء بحيث لم نعد نعتمد كثيرا على شركات الكهرباء وبخاصة في فصل الشتاء).

يقول جون سلوي مدير شركة دلتا إنيرجي أند إنفيورنمنت، وهي شركة استشارية في مجال الطاقة بمدية جلاسجو الاسكتلندية إنه يتوقع مقاومة شرسة من جانب شركات الطاقة الأمريكية لهذه الأجهزة الجديدة التي ستنظر إليها باعتبارها تهديدا خطيرا لمستقبلها.

ولكن المسئولين في بلدية مدينة برانتري بولاية ماساشوستس الأمريكية يقولون: إن انتشار مثل هذه الأجهزة سوف تدعم شبكة الكهرباء في المدينة. وأضافوا أن تزويد 1000 منزل في المدينة بهذه الأجهزة يعني توفير 10 في المئة من الاستهلاك المنزلي للكهرباء على مستوى الشبكة.

وبالفعل فإن بلدية المدينة تقوم بالتعاون مع الاتحاد العام للطاقة في الولايات المتحدة بتقديم دعم مالي للأسر التي تستخدم هذه الأنظمة.

ولكن وليم ستيلي المسئول في إدارة توزيع موارد الطاقة بمعهد أبحاث الطاقة الأمريكي وعضو اتحاد المستثمرين أصحاب شركات الطاقة الأمريكي أن هناك خدعة كبيرة في الحديث عن نظام الحرارة والكهرباء المجمع، وما ينطوي عليه من إمكانات. فهذا النظام ينافس تقنيات راسخة وعلينا أن ننتظر لنرى.

غير أن حديث المسئول الأمريكي الذي يمثل وجهة نظر أصحاب شركات الكهرباء يتجاهل تزايد اهتمام أصحاب المنازل بالبحث عن مصادر للطاقة بعيدا عن شركاتهم سواء باللجوء إلى ألواح الطاقة الشمسية أو توربينات طاقة الرياح وأخيرا نظام الحرارة والكهرباء المجمع.

وتقول شيرلي هارينجتون من منظمة مشروع المساعدة التنظيمية، وهي منظمة غير هادفة للربح تساعد الدول في وضع سياسات الطاقة: إن السؤال هو (كيفية دفع شركات الكهرباء إلى الدعم الفعال لمثل هذه الأنواع الجديدة من مولدات الكهرباء عندما يكون الأمر يتعلق بالمستهلكين ؟)

وتظل المشكلة الحقيقية حاليا هي ارتفاع ثمن جهاز (نظام الحرارة والكهرباء المجمع) حيث يتراوح السعر بين 13 ألفا و20 ألف دولار. وحتى لو تعاملنا مع أقل سعر فإنه يظل أغلى كثيرا من سعر أفضل جهاز تدفئة عادي حيث لا يزيد سعره عن 6000 دولار. ومعنى هذا أن صاحب المنزل الذي سيختار تركيب الجهاز الحديث الذي يوفر له كمية من الكهرباء إلى جانب التدفئة سوف يحتاج إلى ما بين خمس وسبع سنوات من أجل استعادة ما دفعه في الجهاز من خلال الاستفادة من الكهرباء التي سيحصل عليه. ومع ذلك فإن شركة توريد جهاز نظام الحرارة والكهرباء المجمع في ولاية ماساشوستس تتوقع بيع أكثر من 200 ألف جهاز العام المقبل أغلبها في نيو إنجلاند.

وتراهن الشركة على رغبة الكثير من أصحاب المنازل على وجود مولد كهرباء احتياطي في أفنية منازلهم لاستخدامه عند انقطاع التيار الكهربائي من الشبكة الرئيسية، لذلك فإنهم قد يختارون نظام الحرارة والكهرباء المجمع باعتباره يقوم بدور المولد الاحتياطي وفي الوقت نفسه يقلل فاتورة الكهرباء التي يتم دفعها للشركات المزودة بها.

وتقول شركة كلايمت إنيرجي: إن جهازها الجديد يخفض فاتورة استهلاك الكهرباء بنسبة خمسين في المئة على الأقل. ولكن جهازها الحالي لا يمكن أن يعمل كمولد كهرباء احتياطي يعمل بمجرد انقطاع التيار الكهربائي ولكنها أشارت إلى أنها ستطرح جهازا جديدا مزودا بهذه الإمكانية عام 2008م.

أما شركة مارثون فتطرح العام المقبل جهازا يمكنه العمل كمولد احتياطي يعمل في حالات الطوارئ.

ورغم أن أجهزة التدفئة التي تولد كهرباء تعتمد حاليا على الوقود الكربوني وهو الغاز الطبيعي فإن بعض الدول ومنظمات حماية البيئة يعتبرونه خطوة في الاتجاه الصحيح بالنسبة للبحث عن مصادر للطاقة أقل تلويثا للبيئة، ويقول مسئولون في شركة كلايمت: إن الجهاز الذي تطرحه يقلل الانبعاثات الغازية بنسبة 40 في المئة لتوليد نفس الكمية من الكهرباء التي يمكن أن تولدها محطات الكهرباء التقليدية.

ويقول إريك جوير الرئيس التنفيذي لشركة كلايمت إنيرجي: إنه حتى لو نجحت هذه الأجهزة الجديدة في الاستحواذ على واحد في المئة فقط من سوق أجهزة التدفئة المنزلية التي تعمل بالغاز في الولايات المتحدة وحجمها ثلاثة ملايين جهاز سنويا فإنه سيكون فرصة جيدة للشركات العاملة في هذا المجال.

وأضاف أنه يتوقع تحولا كبيرا في موقف المستهلكين من هذه الأجهزة الجديدة في المستقبل القريب.

وأخيرا يقول ريتشارد هيليل من ولاية ماساتشوستس وأحد الذين يستخدمون نظام الحرارة والكهرباء المجمع (عندما يكون لديك شيء واحد يوفر التدفئة والكهرباء أيضا فهذا أمر عظيم. وعلينا أن نفعل أي شيء لتوفير الطاقة).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة