Al Jazirah Magazine Tuesday  27/03/2007 G Issue 212
تقارير
الثلاثاء 8 ,ربيع الاول 1428   العدد  212
 

على عكس التوجهات العالمية
حب أمريكا يزداد في نيجيريا!

 

 
* إعداد - محمد الزواوي:

ربما أن أقرب شيء للسيد شيندو أكوري يتعلق بالولايات المتحدة هو جوال الأرز المستورد من أمريكا والذي يحمله فوق رأسه، ولكن رغم ذلك فإن النيجيريين الفقراء يشعرون بعلاقة حب مع تلك القوة العظمى البعيدة عنهم.

فمثل غالبية النيجيريين، فإن هذا التاجر البالغ من العمر 25 عاماً يضع أمريكا في مرتبة عالية حتى بالرغم من أن سمعتها متدنية في أنحاء العالم كافة. والسيد أوكوري يحمل أكياساً ضخمة من الأرز المزينة بنجوم وأشرطة العلم الأمريكي إلى مكانه في السوق، ولا يعلم عن تلك الدولة العظمى إلا القليل، ولكن رغم ذلك فإن عينيه تلمعان عندما يقول: (أنا أحب أمريكا!).

فصورة الولايات المتحدة قد تدهورت بصورة ثابتة منذ عام 2000، حتى في دول تعد حليفة للولايات المتحدة مثل بريطانيا والهند وتركيا واليابان. ولكن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى ارتفاع نسب شعبية أمريكا في دولة نيجيريا التي تعد من أكثر الدول الإفريقية ازدحاماً بالسكان.

فما يقرب من 72% من النيجيريين يقولون إن الولايات المتحدة لها تأثير إيجابي بصفة عامة على العالم، طبقاً لاقتراع أجرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC نشر هذا الشهر.

وعن سبب شعبية الولايات المتحدة في نيجيريا نشرت جريدة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية تقريراً من لاجوس عاصمة نيجيريا للتعرف على تلك الأسباب. وقد أشار استطلاع عام 2006 الذي أجراه مركز بيو لاتجاهات الرأي العام العالمي والذي مقره الولايات المتحدة أن 62% من النيجيريين يحملون وجهة نظر إيجابية عن الولايات المتحدة، بعد أن ارتفعت النسبة من 46% لعام 2000م.

قوة محترمة

ولم يكشف الاستطلاع عن سبب ارتفاع شعبية أمريكا، ولكن النيجيريين الذين تم استطلاع آرائهم قالوا إن القوة العظمى محترمة، وأن الصراع الإسلامي المسيحي يعد قضية كبيرة هناك، ودور أمريكا الكبير على المسرح العالمي يستقيم مع الكثير من النيجيريين.

وليس لأمريكا في الحقيقة نفوذ اقتصادي كبير على نيجيريا مقارنة بالعديد من الدول الإفريقية الأخرى، وكأكبر منتج للنفط في إفريقيا، فإن نيجيريا تحصل على مساعدات مباشرة بنسبة ضئيلة من الولايات المتحدة.

يقول أيوديجي أولاديميجي - الذي يحمل كنية (دي جي دولار) - إن الاستثمار الأمريكي الحر ومغرياته تأتي على رأس أسباب انجذاب الشباب النيجيري لأمريكا، ولكن هناك عوامل أخرى أيضاً.

فقد كان يعمل في السابق كحارس لملهى ليلي وتعلم كيف يصلح مكيفات الهواء لزيادة دخله، كما يستمتع السيد أولاديميجي بمشاهدة الأفلام الأمريكية، كما يحب هذا الرجل البالغ من العمر 40 عاماً التوليفة متعددة الثقافات التي تتشكل منها أمريكا والتي يراها على شاشة السينما ويعجب بفرص الصعود إلى أعلى المجتمع عن طريق العمل الشاق والمتاحة لأي شخص هناك.

ويتابع أيوديجي أولاديميجي: (في أمريكا - إلا إذا كنت كسولاً ولم تكن تعمل - فإنك تستطيع تحسين وضعك، ولكن هنا في نيجيريا فإنك تعمل 24 ساعة يومياً دون فائدة.

وقد رصدت كاتبة المقال أشكال حافلات الركاب في الولايات المتحدة التي تزينت بالأعلام الأمريكية وبألوانه الثلاثة، كما شاهدت الشباب وهم يتشحون بملابس وأغطية رأس بالألوان الزرقاء والبيضاء والحمراء، ويشير التقرير إلى أن أخلاقيات العمل الأمريكية تعد نموذجاً للشباب في تلك الدولة التي تقل فيها الخدمات الأساسية مثل الكهرباء.

وقد استقلت معظم دول غرب إفريقيا عن الاحتلالين الفرنسي والبريطاني في الستينيات، ولكن الكثيرين يرون أن الاقتصاد ومستويات المعيشة وحتى معدل الأعمار في تناقص منذ ذلك الحين.

الرجل الكبير

كما تحوي باريس ولندن أعداداً كبيرة من المهاجرين من غرب إفريقيا، والذين وصلت حكايات حياتهم هناك إلى الوطن النيجيري، ويقلد أولاديميجي مشيتهم وكأنه قد هاجر إلى بريطانيا ويمشي في شوارع لندن ويقول إنه سوف يسير منحني الرأس بسبب خوفه من الشرطة وذلك لأنهم في كل مكان، كما عرف من أصدقائه، ولكن يضيف أن في أمريكا فالوضع مختلف، فيستطيع أن يفرد قامته، ويلقي بكتفيه إلى الوراء ويمشي مبتسماً في أي جادة أمريكية، قائلاً: (مثل أي شخص كبير).

فبالنسبة للكثير من النيجيريين فإن العم سام هو (الرجل الكبير) والحلم لهم، والذي يرونه أنه صاحب النفوذ والمال بالطبع؛ ففي لاجوس، كل الأشخاص لديهم أوجا أو سيد، أو شخص ما (أكبر) منهم، ويشير التقرير إلى أن ذلك النظام الاجتماعي خرج من رحم النظام السياسي الفاسد هناك والذي انتشرت فيه المحسوبية والوساطات التي يستخدمها ذوو النفوذ، والتي يرونها على أنها الوسيلة الوحيدة للتقدم في الحياة هناك.

وبينما تؤكد أرقام الاستطلاعات التي يجريها مركز بيو أن الحرب الأمريكية على العراق تعد مصدراً مستمراً لانخفاض شعبية الولايات المتحدة حول العالم، إلا أن الكثير من النيجيريين يقبلون هذا الاستعراض الأمريكي للقوة هناك. بل إن كثيرا من النيجيريين وبخاصة في الجنوب ذي الغالبية المسيحية يتفقون مع ما يصفه أولاديميجي بأنه حرب أمريكا (لتمدين) العراق.

ويضيف: (إنهم مثلهم مثل الأبطال رعاة البقر!) ولا يجب عليهم أن يلقوا بالاً لما يقوله الآخرون، مشدداً على تصريحاته بكلمة نابية بلهجة شبه أمريكية.

كما يحظى الرئيس بوش أيضاً بدعم أولاديميجي، ويضيف: (إنه رجل أفعال، فإنه يشمر عن ساعديه ولا يرتدي حتى رباطة عنق، ويتحرك إلى الأمام).

ويقول ريمي أويومي المحلل في العلاقات الدولية ان مثلك تلك الردود الإيجابية عن أمريكا وإدارة بوش ليست منتشرة في الشمال النيجيري ذي الغالبية المسلمة. وبالفعل تشير أرقام مركز بيو أن 89% من الموافقين هم من النصارى، في حين 32% فقط من المسلمين الذين يسيطرون على الشمال. ولكن حتى في الأردن وتركيا، واللذين يعتبران من حلفاء الولايات المتحدة وهي بلدان غالبيتها العظمى من المسلمين، فإن شعبية أمريكا لم تتخط 12%.

ويضيف السيد أويومي أن الشمال النيجيري المسلم من غير المتوقع أن يحمل نظرة إيجابية لأمريكا لعدة أسباب، بالرغم من أن تلك الأسباب هي ذاتها التي جعلت صورة أمريكا إيجابية في نظر النصارى في الجنوب، وعلى رأسها (الحرب على الإرهاب).

ويقول أويومي المسلم الذي يعيش بالرغم من ذلك في إحدى الطوائف العرقية الجنوبية (يوروبا): (إن أمريكا ينظر لها على أنها قائدة الغرب النصراني ضد العالم الإسلامي، فعامل الدين مهم للغاية في تلك النظرة).

وقد حث القادة الدينوين الآباء المسلمين عام 2004 في الشمال النيجيري على ألا يشاركوا في البرنامج العالمي لتطعيم جميع الأطفال ضد شلل الأطفال، والذين وصفوه بأنه خدعة من الاستخبارات الأمريكية لتقليل عدد السكان المسلمين، وقالوا إن هذا التطعيم سوف يقلل من خصوبة الفتيات.

ويقول السيد أولاديميجي والذي يعيش في الجنوب النصراني أنه بالرغم من ذلك سيستمر في دخول الاقتراع السنوي الذي تجريه السفارة الأمريكية الذي يخول للفائزين الذهاب إلى الولايات المتحدة. ويضيف: (سوف أعمل حتى في مطعم أو مزرعة (في الولايات المتحدة)، أنا فقط لا أريد لعائلتي أن تعاني، فأنا أريد أن أغادر نيجيريا من أجل مصلحة زوجتي وابني وابنتي، لذا سوف أذهب إلى أي مكان يمكنني من الحصول على تأشيرة الدخول).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة