الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 28th October,2003 العدد : 56

الثلاثاء 2 ,رمضان 1424

الضيف
ها هو رمضان..
أفضل شهور السنة..
وأقربها لتذكيرنا بالخشية من الله والتقرب إليه..
ها هو يدق علينا الأبواب..
ضيفاً عزيزاً مرحباً فيه..
بعد عام من الغياب والشوق إليه..
***
تعود يا رمضان..
بروحانيتك..
والفرح بقدومك..
والخوف من أن نقصر في الاحتفاء بك..
من أن تودعنا دون أن نبلغ ما يرضي ضمائرنا..
فيما أنت أفضل الشهور..
وأحبها إلينا..
وأقربها لترويض النفس..
والزيادة في العبادات..
***
شهر ولا كل الشهور..
ينادينا أن هلموا إلى الخير..
ويناشدنا بألا نفوّت فرصة الفوز برضا الله..
فما أجمله من شهر كله خير وبركة..
يأخذ المرء فيه طريقه للفوز بما تحبه النفس ويتمناه الإنسان..
وويل لنا إن فرطنا بما دعينا للقيام به..
أو أضعنا أحلى أماني العمر في رب غفور رحيم..
***
يعود رمضان..
ليغير من أسلوب حياتنا..
في ليله ونهاره..
ليعودنا على نمط آخر هو الأجمل والأرقى في السلوك والاستجابة لتعاليم ديننا الحنيف..
ضمن ترويض النفس على التعود لما هو أفضل وادعى للقبول لدى إله مقتدر..
***
فيا إلهي ها نحن الضعفاء وأنت الأقوى نبتهل إليك ان امنحنا الرضا والعفو وقبول الدعوات..
ان ارحمنا برحمتك..
والهمنا الرشد..
ودلنا على ما يقربنا إلى رضاك..
واجعل خواتم أعمالنا في هذه الدنيا ما تقربنا إلى جنتك وتبعدنا عن النار.


خالد المالك

القهوجي..
بين الحي الشعبي وفنادق الخمسة نجوم

* القاهرة وكالة الصحافة العربية
القاهرة مدينة ساهرة يكتمل بهاؤها في شهر رمضان، وتحتشد المحلات والمطاعم والمقاهي لاستقبال روادها طيلة لياليه العامرة بالبهجة والروحانيات الغامرة ومن المهن التي تلقى رواجا في شهر رمضان (القهوجي) والذي يواصل عمله حتى الساعات الأولى من الفجر لتهدأ الحركة من جديد، ويغادر الرواد أماكنهم بينما أصحاب المقاهي يغلقون أبوابها في انتظار ليلة أخرى من الليالي الرمضانية العامرة بالحيوية والحركة وكثرة الرواد. وتشتهر القاهرة بعدد كبير من المقاهي في رحاب الأحياء الشعبية كحي الحسين والسيدة زينب، وتتناثر مقاه أخرى في أرجاء القاهرة تستقبل روادها الذين اعتادوا السهر فيها كل ليلة.
نجيب محفوظ:
بعد صلاة العصر تفتح المقاهي أبوابها، وربما يتسلل بعض المفطرين الذين يرفض صاحب المقهى استقبالهم وتقديم المشروبات لهم أثناء وقت الصيام، بينما يكون العاملون قد انتهوا من رص المقاعد وإعداد الموقد، وتنظيف (النراجيل) وتحضير حجارة المعسل في انتظار قدوم الرواد بعد صلاة المغرب.
وعادة ما تكون هناك صينية مغطاة تحوي أصناف الطعام التي يتناولها صاحب المقهى والعاملون به في وقت الإفطار ورغم تشابه المقاهي كأمكنة لتمضية الوقت ولقاء الأصدقاء لتبادل الحديث والمناقشات، إلا أن لكل مقهى زبائنه الذين اعتادوا السهر فيه كل ليلة، وحين يهل شهررمضان تغص المقاهي برواد جدد يضيقون الخناق على الزبائن الدائمين، وتتعالى الأصوات المتداخلة بين فرقعات قطع الدومينو والنرد ورشفات الشاي والحلبة و(كركرة) النرجيلة هكذا يضطر الزبائن الذين اعتادوا هدوء مقهاهم إلى الانصراف مبكرا ليفسحوا المجال أمام (الدخلاء) من الشباب الذين يحققون بهجتهم بالضحكات العالية ولا ينتهي الصخب إلا في ساعة متأخرة من الليل.
قبل المغرب
يقول حسن عبدالله عامل مقهى: بعد انصراف الزبائن نسارع بالعودة إلى منازلنا حتى نتناول السحور مع أسرنا، حيث إننا لا نتناول الافطار معهم، لأن المقهى يفتح أبوابه قبل ساعات من أذان المغرب، ويكون أمامنا مهمة إعداد المقهى لاستقبال الزبائن.
ويضيف عامل المقهى: نقدم للزبائن كافة المشروبات الساخنة والمثلجة.
وعن حركة الزبائن خلال شهر رمضان يقول محمد شعبان صاحب مقهى: شهر رمضان شهر خير وبركة، وفيه يكثر الرزق، وهذا من فضائل الشهر الكريم، ودائما يوجد زبائن جدد يرتادون المقهى، لذلك نحرص على تقديم الطلبات الجيدة حتى يكونوا من زبائن المقهى الدائمين.
واقتربنا من بعض الشباب الذين يتحلقون حول لاعبي النرد، وسألنا مصطفى علي عن أسباب جلوسه في المقهى دون أي مكان آخر، فأجاب قائلا: المقهى في رمضان شيء مختلف عن الشهور الأخرى، وفرصة طيبة للالتقاء بالأصدقاء وتمضية الوقت في بهجة وسعادة، فالزحام والضوضاء لا تنتهي إلا في ساعة متأخرة من الليل، وهذا يثير في النفس الإحساس بالحركة والحيوية التي تعج بها ليالي رمضان.
مقهى الفيشاوي
على المقاهي تكون الصحبة ولمة الأصدقاء، وتوافد الرواد من المدن والقرى الأخرى إلى القاهرة، كما تجتذب المقاهي الشهيرة عددا من الأشقاء العرب والسياح الذين يحرصون على ارتياد مقهى الفيشاوي الشهير القابع في رحاب حي الأزهر والحسين، ويعود إنشاؤه إلى أكثر من قرنين ونصف ويزدحم المقهى بالرواد ولا يجد من جاء متأخرا موطئا لقدم، ورغم أن (الفيشاوي) يجتذب رواده طوال العام، إلا أن شهر رمضان يضفي عليه رونقا وجاذبية خاصة، حيث يقدم أنواع الشاي وأعواد النعناع الخضراء التي تتوسط الصينية وكافة المشروبات الأخرى، ويتميز المقهى بأسعاره الزهيدة التي في متناول الجميع.
ولا يمكن لزائر حي الحسين والأزهر أن يمضي بعد جولته دون ارتياد مقهى الفيشاوي لما يتميز به من شهرة، ومكانة خاصة بين سائر المقاهي الأخرى، فقد شهدت أروقته عددا من الشخصيات الهامة، مضت فيه أوقاتا طيبة، وتعالت المحاورات والنقاشات بين عدد كبير من الأدباء والساسة والفنانين أمثال نجيب محفوظ، وأحمد لطفي السيد، ومحمد حسين هيكل، وأحمد رامي، وتوفيق الحكيم وغيرهم من الذين سطروا الحياة الثقافية والفكرية في مصر.
أدباء عرب
وغالبا ما يحرص الأدباء العرب على زيارة مقهى الفيشاوي، كم شهدت أروقته جلسات تصدرها عبدالوهاب البياتي وأدونيس وعبدالرحمن مجيد الربيعي وغيرهم من الأشقاء الذين يجدون في الفيشاوي خصائص متشابهة مع المقاهي العربية، حيث يحمل عبقه التاريخي من رحاب الأزهر والحسين وخان الخليلي، وتتزين جدرانه بالتحف والقناديل والفوانيس العتيقة، كما تتحلى أبوابه بالزجاج الملون، ومقاعده بالزخارف ومن المقاهي الشهيرة في رحاب القاهرة (القديمة) سنجد مقهى (السكرية) ومقهي (ولي النعم)، وتحاول أن تحقق تلك المقاهي حضورها إلى جانب مقهى الفيشاوي، وقد استلهم عدد من الأدباء عالم المقهى الساحر في رواياتهم وقصصهم، ولعل أشهر من عرض لصورة المقاهي الشعبية هو نجيب محفوظ في أعماله بين القصرين وقصر الشوق والسكرية وزقاق المدق وغيرها، ليطل علينا صاحب المقهى كشخصية لها قسمات وملامح واضحة.
زهرة البستان
وبعيدا عن الأحياء الشعبية سنجد مقهى (زهرة البستان) في وسط (القاهرة)، والذي اشتهر في السنوات الأخيرة كملتقى للأدباء والفنانين بعد أن أغلق مقهى (ريش) الشهير أبوابه والذي يبعد عنه خطوات قليلة، وهناك تعبر الممر الضيق حيث المقاعد والمناضد المتراصة ومن حولها يجلس عدد من الأدباء الشباب مع كبار الأدباء، وتتحول جلسات المقهى إلى ندوات أدبية حيث نرى رواده أمثال محمد عفيفي مطر، وإبراهيم فتحي، وخيري شلبي، وسعيد الكفراوي، وابراهيم أصلان وبهاء طاهر وغيرهم من الأدباء الذين يتحاورون مع الأدباء الشباب في جو من الألفة والبهجة، لذلك يحرص المقهى على الاستعداد لشهر رمضان حتى لا يفقد بعض زبائنه من الأدباء وغالبا لا يغير هؤلاء جلستهم خلال شهر رمضان ويحرصون على قضاء سهراتهم في هذا المقهى الذي استمد شهرته من رواده البارزين وفي شهر رمضان تحرص الفنادق الفخمة أن تنقل جو المقاهي الشعبية إلى روادها، وتخصص قاعات تسمى بأسماء شعبية كالمشربية والديوانية، والسكرية، وغيرها من الأسماء التي تحمل عبقا تاريخيا خاصا، وتقدم هذه المقاهي (الخمسة نجوم) أصناف المشروبات الساخنة والمثلجة كالشاي والينسون والحلبة والخشاف، وتتناسق ديكورات القاعة التي تتسم بالطابع الشعبي حيث المقاعد الخيزرانية والجدران ذات الزخارف واللوحات التاريخية والفوانيس المدلاة من السقف، ويلتقي رواد هذه المقاهي بمطرب أو عازف للعود لتمتلئ القاعة بالموسيقى والغناء لبعض الأناشيد والأغنيات التي يتردد صداها في جنبات القاعة أو المقهى وتمتد السهرات الرمضانية داخل هذه القاعات، والتي يتراوح سعر دخول الفرد فيها بين ثلاثمائة أو أربعمائة جنيه ويحاول أصحاب هذه المقاهي الفخمة أن يجتذبوا روادهم باضفاء اللمسات الرمضانية، ولكنها لمسات باهظة التكاليف لا يقدر عليها إلا فئات محدودة، بينما تبقى الأحياء الشعبية عامرة بالمقاهي التي تجتذب قطاعات كبيرة من الرواد الذين يتمتعون بالمذاق الشعبي والعبق التاريخي في رحاب الشهر الكريم.
ليس من الطبيعي أن نعرف القارئ كاتباً مثل «نجيب محفوظ»، فقد أصبح شيئا أساسيا في المجتمع العربي مثله مثل النيل والأهرامات لذا آثرنا الاقتراب منهم مباشرة في صومعته المطلة على نهر النيل باحثين عن ذكريات عقود طويلة هي في النهاية عمره.. ترى ماذا دوّن في مفكرته الرمضانية؟
في الصفحة الأولى من هذه المفكرة، دون بخط يده الصغير سطورا تحوي ذكرياته عن شهر رمضان، تقول هذه السطور: إنه منذ كان طفلا صغيرا يذكر أن والده كان يسمح له بالخروج مع أطفال الحي ليلعب ويتسابق ويجري حتى ينطلق مدفع الإفطار.. فقد اعتبر رمضان شهرا للحرية الذي يأخذ فيه ما لا يناله في أي شهر آخر من السنة.
ويواصل: كنت حريصا على أن أتوجه مع مجموعة من أصدقائي من حي العباسية إلى مقهى الفيشاوي، وهناك نسهر ونتسامر حتى وقت السحور. وكنا نتحدث في كل شيء حديثا نافعا وممتعا سواء في التاريخ أو الأدب أو الفن إلى جانب أحاديث دينية أخرى «شلة الحرافيش» التي كانت تجمعني بالفنان الراحل «أحمد مظهر» والمخرج «توفيق صالح».
ويطلعنا أديبنا الكبير على صفحة أخرى دوّن فيها بالخط العريض رمضان من أمتع شهور السنة على الإطلاق لذلك أوليه عناية خاصة وأتفرغ للعبادة والتفكير في عظمة هذا الشهر الكريم وهيبته وجلاله. وقد شهد شهر رمضان العديد من ميلاد أفكار وروايات دوّنتها لأكتبها فيما بعد والآن هربت الأفكار والأحلام وبقي شهر رمضان كما هو ذلك الفيضان الذي يأتينا كل عام مرة ليطهرنا ويغسلنا من أخطائنا طوال العام.
رواية لم تكتب
وهناك صفحة أخرى في مفكرة أديبنا عن شهر رمضان يقول فيها: في الحقيقة أنني لم أتناول شهر رمضان هذه المناسبة الطيبة الكريمة في أعمالي الأدبية بشكل يتناسب مع جلال هذا الشهر وروحانياته. وهذه للأسف عادة معظم كتّاب العرب يتأثروا بالأحداث المرتبطة بالمناسبة أكثر من تأثرهم بالمناسبة نفسها لذا نجد رمضان قد غاب عن كل ما أبدع الكاتب العربي في القصة والرواية وظل رمضان في الأدب العربي رواية لم تكتب بعد يقرأها القراء على وجوههم، وداخل أنفسهم، وعلى الأشياء من حولهم. وهذه عظمة رمضان التي لم تتناولها أي رواية أخرى خلاف رواية رمضان التي كتبت بطريقة خاصة جدا لم يكتبها بشر!!
ويقول أديبنا إن أجمل لحظات حياتي، عندما استطعمت حلاوة صيام رمضان. ولكن هذا منذ كنت طفلا صغيرا لا يتعدى عمري الستة أعوام واللحظة الأخرى التي كانت تسعدني، تلك التي كنت أصعد فيها فوق سطح «بيت القاضي» في حي الأزهر حتى أرى مؤذن مسجد الإمام الحسين. وهو يؤذن لصلاة المغرب والإفطار..
لقد سطر أديبنا رحلة عمره كله في ليلة من ليالي رمضان وقال: «الذي يريد أن يراني أو يسمع عني شيئا فليذهب إلى الأحياء الشعبية خاصة في لياليها الرمضانية. سيجد بعضا من بقايا الحرافيش هناك ليرى رمضان الذي فشلت في الكتابة عنه رغم أنه كان أمامي طوال هذا العمر ولم أره مثلما رأيته الآن، فحلاوة رمضان لا تجدها إلا في الأحياء الشعبية فقط». والعجيب أننا لم نجد سطرا واحدا في مفكرة أديبنا الرمضانية عن المظاهر السيئة وسلوكيات وعادات الناس التي فقدت روح رمضان الآن.. المفكرة تجمع بين دفتيها إيجابيات وجمالا وسحرا خاصا لهذا الشهر الكريم!!


* وكالة الصحافة العربية القاهرة

..... الرجوع .....

تحت الضوء
الجريمة والعقاب
تكنولوجيا الحرب
تربية عالمية
الفن السابع
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
الصحة والتغذية
مسلمو العالم
الملف السياسي
غرائب الشعوب
الفتاوى
السوق المفتوح
العناية المنزلية
العمر الثالث
المقهى
أقتصاد
كوارث عالمية
منتدى الهاتف
مهن رمضانية
رمضان في بلادهم
وجوة فنية
لماذا أسلمنا؟
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved