Thursday 18th February, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 2 ذو القعدة


لأول مرة نجلاء تتحدث عن والدها الفنان الراحل محمد السليم
لن تنسى عائلتي موقف ولي العهد وماقدمه من دعم تكريماً لوالدنا
ماقام به الأمير فيصل بن فهد وسمو نائبه دليل على العلاقة الحميمة بين ولاة الأمر والمبدعين في الوطن

،* حوار أجرته: منال الرويشد
من ضمن أنشطة معرض واحة الفنون التشكيلية لهذا العام تحديد مساحةللفنان التشكيلي الراحل/ محمد السليم
وكان عدد لوحاته 7 لوحات وهي من البادية، استرخاء، منظر طبيعي، عناق، يارب، خطوات من الماضي، ياالله
في هذا المنعطف نقف مع ابنته الفنانة التشكيلية نجلاء محمد السليم معلمة لمادة التربية الفنية في
المنطقة الغربية وكان لنا عدة محاور عن حياة والدها بعد إقامة معرض الوفاء التشكيلي للفنان محمد
السليم خلال شهر رمضان المبارك في الرياض والموافق 1419ه - 1998م - 1999م وكان هذا المعرض يعبر عن
كلمة وفاء للرائد الذي اقام 37 معرضاً شخصيا على المستوى المحلي والعربي والعالمي وحصل على 39
جائزة فيه من القطاعات المختلفة، كما شارك في اكثر من 115 معرضاً جماعياً وليس هذا فحسب وانما
مثل المملكة في الكثيرمن المؤتمرات واللجان وعمل مستشارا لتجميل مشروع مبنى وزارة الداخلية بالرياض كما
كانت له العديد من العضويات وكتب العديدمن المقالات وكتب عنه كبار النقاد خارج المملكة,
والآن,, من خلال مشاعر الأسرة ندع المساحة للقارىء,, لنقرأ معاً ما بداخل نجلاء السليم,
،* ماهو الانطباع الذي ترك اثره بداخل افراد أسرة الفنان الراحل محمد السليم بعد مكرمة ولي العهد صاحب
السمو الملكي الامير عبد الله بن عبدالعزيز من خلال معرض الوفاء التشكيلي؟
،- في البداية أشكر صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود على مكرمته وذلك لطيب
اصله وعراقته وقرب مشاعره من المواطنين كما ان فكرة حفل التكريم كانت رائعة وذات اثر في النفس ويشكر
كل من قام عليها وخصوصاً الرئيس العام لرعاية الشباب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبد
العزيز ونائب الرئيس العام لرعاية الشباب صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبد العزيز وكل
من ساهم ايضا له الشكر وكنت أتمنى لو ان هذا التكريم كان في حياة محمد السليم لأنه عانى الكثيرمن أجل
الحركة التشكيلية وتكبد المتاعب فما أجمل هذا المعرض لو كان في حياته,
،* هل حقق هذا المعرض شيئاً معنوياً لعائلة الفنان الراحل؟
،- هذا المعرض في واقعه كان له اثر معنوي لدينا إلا انه لم يأخذ حقه من الدعاية والاعلان وفترة قصيرة
جداً وفي فترة الناس فيها اقرب الى الجلسات العائلية واداء صلاة التراويح وتمنيت انه لم يقام في شهر
رمضان,
،* كيف تعايشت افراد اسرة الفنان الراحل مع بداياته بصالة الفنون؟
،- والدي كان فنانا مميزا,, وحتى خطواته,, كانت تتعايش مع مراحل حياتنا يوماً بيوم فقد بدأ بصالة
الفنون التشكيلية وكان في قمة الحماس والواقعية وبدأ بها في الرياض ولم يكن هناك لها بديل فقد كانت
الصالة الأولى في نوعها وكانت حلماً له,, بدأ في دور في حي المربع واستمر مايقارب 5 سنوات وكان قريبا
من السكن العائلي ثم كبرت طموحات وآمال والدي,,وازدهرت خطواته التشكيلية آنذاك وكان بالفعل العصر
الذهبي لمحمد السليم واتجه بعد ذلك الى شارع الضباب في عمائر العقارية وكان فقط دار الفنون السعودية
للبراويز وتوفير الخامات وعندما حقق حلمه بإيجاد صالة عرض كان قد حقق حلمه بوجود مؤسسة دار الفنون
السعودية لتمويل الادوات والبراويز, ولكن أقولها حقيقة,, ان طيبة والدي كانت سبباً في تحمل بعض
الديون على المؤسسة لانه كان يتسامح مع من يشتري خامات ثم ينتج لوحات وتعرض والكثير لايشتري هذه
اللوحات مقدم بيعها - أدى الى خسائر لان هدفه تدعيم الحركة التشكيلية واتاحة الفرصة لمن يحتاج إليها,
،* وكيف كانت تعرض الأعمال داخل الصالة؟
،- كانت الاعمال تعتمد على عقد مسابقات لزرع روح المنافسة بين الفنانين والفنانات وكان هدفه دفع
الحركة التشكيلية بأي طريقة وبأي ثمن حتى لو كان على حساب راحته,
،* الوالد,, كمؤسس لأسلوب الآفاقية,, ياترى ماهي الرسالة التي كان يحرص على تحقيقها؟
،- كان والدي يعشق وطنه,, ويحاول ان يوجد ربطاً بين الواقع ومعايير التعبير من خلال الفن فقد كان
يرسم الصحراء,, باسلوب الآفاقية وكانت تعتمد على التدرج اللوني بتوازن وتناسب في الشكل والمضمون
معاً,
،* ما مدى أثر الآفاقية على اسلوبك الفني؟
،- كنا نتعايش معها ولازلنا لان والدي أوجد اسلوبا مميزا لفن سعودي يمتد في آفاق الوطن كما أنني
تأثرت بها في بداياتي,, واتجهت الى محاكاتها باسلوب والدي ومع الوقت وجدت انني اميل الى اساليب اخرى
وذلك لان الفن له مجالات عديدة بما نميل لشيء ثم ننتقل لآخر وهكذا,,!!،
،* ماهو الموقف الأكثر اثراً على الأسرة مر به الفنان محمد السليم؟
،- عند بيع حلمه مؤسسة دار الفنون التشكيلية فقد دعا كل افراد الأسرة لتكون قريبة منه عند عرضها
للبيع,, حضرت أنا من جدة وحضر طارق من امريكا والذي كان يواصل دراسة البكالوريوس خارج المملكة وعايشنا
تلك اللحظات التي تألم بها الفنان الرائد,, وان كنت اعلم بان جميع فناني العالم العالميين كانت
حياتهم اقسى من حياة والدي إلا أنني تألمت مع ألمه,, واختلج داخلي شعور بأن الأماني,, بعيدة نطلبها
ولكن عندما نودعها يبقى ألمها مؤثراً على الجميع فقد اجتمعنا,, وكنا نشعر بحاجته لدفء الأسرة بعد
صقيع الواقع,, وتبدد الأحلام,
،* أجمل عمل فني قدمه للأسرة كان عبارة عن ماذا؟
،- كان عبارة عن لوحة رسمها كان بها والدتي وانا وطارق ونسرين وندى في رحلة بر وهو ايضا بيننا ولوحة
لشقيقتي نوف وهي في المشاية ,
،* حبه للفن ماذا ولّد لديكم؟
،- حبه للفن أشعرنا بعمق عاطفته وأحببناه من خلاله فكان يعايشنا كأسرة ونعايشه كفنان ورب اسرة معاً,
،* * ماهي الرسالة التي تحاولين إيصالها للمجتمع نيابة عن الوالد؟
،- والدي عانى كثيراً وهو خارج الوطن ومات وحيداً وكان هدفه من السفر إلى إيطاليا عمل عقود مع شركة
لبداية عمل من جديد بعدنهاية تجربته من خلال مؤسسة دار الفنون الحلم والأمل والمعاناة معاً فهو ذهب
بعد زواج شقيقتي نسرين وسافر ليعمل من جديد ولكن الحظ لم يحالفه فهو رحل واثره على الحركة التشكيلية
يبقى خالداً لأنه اعطى بكل اخلاص,
،* هل كان يطلب مشاركته الرأي في الاعمال الفنية فقط؟
،- لا فقد كان يحاول ان يشاركنا الرأي في كل شيء وكان يهاتفني وأنا في جدة حيث مقر أسرتي الصغيرة بعد
الزواج ويحرص على سماع رأيي في الكثير من الاشياء وأغرب ما فيه ان أي مشاركة له في معارض خارج
المملكة أو داخلها يناقش على مستواها ووضعها بين الأعمال وكان يعرض علينا دليل الشركات وعنوانه ورقمه
من خلالها ويستشعر بأثر هذا أو انطباعه على كل واحد في الأسرة لأنه يهتم بمشاعرنا وفرحنا به عندما
نتابع كل ما له على المستوى المحلي اوالعربي او العالمي,
،* هل كانت الفترة الزمنية طويلة عند معايشة الوالد للألوان والفرشاة ؟
،- نعم وكانت الفترة الزمنية طويلة ويرفض خلالها مقابلة أي أحد أو محادثته حتى الهاتف يرفضه وذلك لان
جل تركيزه يكون على العمل الفني ذاته وبعد الانتهاء يعطي الفرصة للجميع برؤية اللوحة وطرح وجهات
النظر,
،* هل الموضوعات التي كان يتناولها ترتبط بالاحداث المحلية العربية والعالمية؟
،- هناك لوحة تدل على أنه متأثر بحدث أثر على جميع الخليجيين وهي لوحة عاصفة الصحراء وقد رسمها
اثناء أزمة الخليج وذات عناصر غريبة لاشخاص من امريكا يرتدون قبعات الكاوبوي ومعهم مدافع بينما العرب
لديهم زي عربي وحاملين السيوف,
،* وماهو الطابع الذي كان يغلب على اسلوب والدك في الرسم اثناء الأزمة؟
،- كان يعبر عن مصنع يقطع الانسان وكانت لوحاته آنذاك قاسية التعبير وتختلف عن اسلوبه وسمته التي
كانت تتضح على الكثير من الاعمال هي الرقة ويميل الى عناصر الأزهار والاشجار وبالتحديد النخيل وكان
الجمال في لوحاته يوحي بالهدوء والوانه تميل لالوان الصحراء متدرجة وذات راحة للنفس وتشعر بالدفء,
وكان العكس تماما اثناء الأزمة فقد كانت تعابيره قاسية بقسوة الحدث الذي تأثر به,
،* متى بدأت الظروف الصعبة تنسج نسيجها على الفنان الراحل؟
،- بدأت بالتدريج وذلك لطيبته وسماحته وتعاونه مع الجميع مما اثر على دخله فكانت الخامات التي
يوفرها تكلفة مبالغ طائلة ومع ذلك كان يعيرها للكثير في مقابل انتاج اعمال فنية وبعد بيعها يتم
تسديد مايستحقه,, ولأجل هذا بدأ عداد الخسارة أكثر من الربح فباع الكثير من الاراضي ليوفر احتياجات
المؤسسة ويسدد مستحقات العاملين فيها ثم طلب إعانة الرئاسة العامة لرعاية الشباب لمشروعه فأخذت
الصالة في عام 1983م تقريباً وكانت خطوة في اعانة قطاع خاص وكانت الصالة تهم والدي كثيراً وقد احتاج
الى اعانة مادية لدعمها واستمراريتها في دعم الحركة التشكيلية وكان يتحمل عبء المسؤولية بدون اشعار
اي فرد فينا بعمق المعاناة التي كان يتكبدها وهو ينفق من ماله على حلم وطموح طالما اراد له ان
يستمر,, ولم نعرف بحجم الديون الا بعد وفاته فكانت بالملايين ولكن يجهلنا تفاصيلها المالية,, ولأنه
اراد ان يثبت دور الصالة فلم يحسسنا بحجم ماعليه من استحقاقات ولخوفه وحرصه علينا في حياته كان يقول
إن كل عمل قابل للنجاح او الفشل وان جميع الناس تمر عليهم فرص قد تكون ناجحة وقد تكون العكس قد تكون
مثمرة وقد تكون العكس ولم يشعرنا بما للقطاعات الحكومية أو الافراد من مطالب او ديون,
،* * كيف كانت تتمثل جرأة العطاء في شخصية والدك؟
،- كان عطاء متدفقا فكان يمثل المملكة ولايهتم بتكاليف المعارض التي يقيمها ولاتقف عقبة امامه
والهدف لديه هو الأهم فالمال وسيلة وليس غاية وليبدأ عملا جديدا رحل إلى مدينة في ايطاليا براتو وهي
مشهورة بالفن فسافر بعدان باع كل مالديه هنا ليس هرباً من الواقع وإنما لإصراره على أن يبدأ حياة عطاء
أخرى في مجال النسيج وكان حريصا جداً على ان يبدأ شيئا جديدا للفن لانه لم ينجح في التجارة ولم يحقق
لنفسه شيئا ولذلك كان يردد أنا وحيد وظن من سمعه انه وحيد داخل اسرته والحقيقة انه وحيد داخل
مجتمعه التشكيلي وعالم الفن فلم يجد من يسانده ويعينه ويخفف عنه عبء المعاناة النفسية,, سافر ولديه
أمل ان يبدأ من جديد,, ولكن شاءت الاقدار ان تفشل محاولته ثم اشعرنا بانه سيحاول مرة اخرى حتى يجد
ضالته,
،* هل عاش في الغربة وحيداً؟
،- نعم عاش هناك وحيداً وان كان بيننا وبينه اتصال فقد حاولنا مراراً وتكراراً ان يعود الى المملكة
ولكنه كان يصر على المحاولة خارج الوطن وقد سافرت والدتي اليه لاقناعه ومع ذلك رفض ان يغير
رأيه حتى فوجئنا برنين الهاتف وكان المتحدث من السفارة يقول محمد السليم يطلبكم الحل ورحل والدي ورب
اسرتنا ورائد من رواد الفن التشكيلي في المملكة بتقرير طبي ان الوفاة سكتة قلبية,
backtop
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
شعر
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved