رأي الجزيرة ملحمة أرنون الطلابية
|
الملحمة التي نسجتها شجاعة ألفي طالب لبناني وتجسدت في اقتحام بلدة ارنون التي قامت قوات
الاحتلال الاسرائيلية بضمها الى الشريط الحدودي في جنوب لبنان قبل عشرة ايام مضت,, هذه
الملحمة اعادت للواقع في الاراضي المحتلة ملامح شجاعة بطولات وتضحيات اطفال الانتفاضة
الفلسطينية التي اندلعت في ديسمبر 1987م وتواصلت حتى فرضت على المجتمع الدولي التحرك برمّته،
فعقد مؤتمر مدريد في اكتوبر 1991 الذي وضع المبادىء العامة لعملية السلام الحالية في الشرق
الأوسط,
ونجاح الطلاب اللبنانيين في تحرير بلدة ارنون من الاحتلال الاسرائيلي رغم الرصاص الذي بادرهم
به الجنود الاسرائيليون من قلعة الشقيف المطلة على البلدة من الشريط المحتل، يمكن ان يعزز
رصيد المقاومة اللبنانية من النجاحات التي حققتها وما زالت تحققها في مواجهاتها مع قوات
الاحتلال بعملياتها البطولية التي اثبتت ان كل الاجراءات والتحوطات الأمنية بما فيها الاسلاك
الشائكة والمكهربة أحياناً، واجهزة الانذار الالكترونية لم تفلح في منع عناصر المقاومة من
الوصول الى عمق الشريط المحتل وتنفيذ عمليات موجعة كتلك التي نُفّذت يوم الاربعاء الماضي
وادت لمقتل ثلاثة من كبار الضباط الاسرائيليين واصابة خمسة من جنودهم!,
ومعنى هذا ان اسرائيل لا تستطيع ان تحقق الأمن او تنعم به عن طريق سياسة العدوان والاحتلال
والقمع وتشريد اهل الارض المحتلة لا في جنوب لبنان ولا في الاراضي الفلسطينية او في هضبة
الجولان اذا ما استمر الاحتلال اكثر مما استمر,
ان ملحمة الطلاب التي حررت ارنون دون ان تراق نقطة دم واحدة بلورت وجهاً آخر لما يمكن ان
تفعله الانتفاضات الشعبية حتى بدون إلقاء حجارة على قوات الاحتلال أو مصادمات مع المستوطنين
هنا او هناك,
ويمكن تطوير هذه الملحمة وتكرارها في كل ارض تحتلها اسرائيل مما يجعل مخرجها الوحيد من
مستنقع الجنوب اللبناني وورطة احتلال الجولان وبعض اجزاء الضفة الغربية وقطاع غزة، هو
الاستجابة الفعلية لقرارات الشرعية الدولية بالانسحاب دون قيد او شرط من تلك الاراضي،
فبالانسحاب وحده يمكن للدول العربية التي جعلت السلام العادل والشامل خياراً استراتيجياً لها
في منطقتها، ان تقبل اقامة هذا السلام مع اسرائيل بدون املاء شروط تمس السيادة الوطنية لأي
دولة عربية,
الجزيرة
|
|
|