Thursday 3rd March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 15 ذو القعدة


نهارات أخرى
مجرد فقدان توازن!

** تحتاج المجتمعات الخليجية الى إبعاد الصبغة الاستهلاكية الترفية التي ارتسمت في اذهان الكثيرين منها عطفاً على مراحل الطفرة التي مرت بها والتي أدت الى ظهور جموع من المسافرين الذين يبعثرون أموالهم بالشكليات والتافهات من الأمور,.
وظهر الصوت المتعقل الذي ينادي بنمو مفاهيم اجتماعية تتناسب مع المرحلة الاقتصادية الدقيقة التي تمر بها هذه المجتمعات, على ان ثمة ظواهر تطفو على السطح بين الفينة والأخرى تحمل بقايا هذا الولع المترف بالمستهلك من الأمور والهامشي,.
ومن المؤكد انكم تذكرون مسابقة اجمل عنز والتي اقيمت قبل فترة ودخلت المسابقة معزى تبلغ اسعارها 300 ألف وحدودها,, وكانت المساومات حول الفوز بأجودها تصل أشدها بين شباب الرياض والقصيم.
والآن نطالع وفي غمرة احتفالات الكويت بذكرى التحرير أحد مواطنيها وهو يقيم مسابقة لأجمل دجاجة وأجمل ديك وحجم الداخلات من الدجاج ومن الديكة في هذه المسابقة وحجم الاقبال الجماهيري والمزايدات والتصويت لأجمل دجاجة وأوسم ديك!
هي قشريات تنضم إلى مافوجئنا به من احتفائية بيوم الحب والذي اذهلنا ان نجد التأثير الكبير الذي كنا نظنه نظرياً فقط فصدمنا حين واجهناه تطبيقيا مجسداً بهؤلاء الفتيات اللائي رسمن شعارات هذا اليوم تماما مثلما تعاملت معه فتيات امريكا وايطاليا ولبنان وغيرهن.
فوجئنا بمحلات ورودنا وقد اكتظت بالباحثين عن وردة حمراء,, وذهلنا نحن غير المتابعين لمناسبات الفضائيات بهذا الزحام وهذه السيارات المرصوصة حول محلات الورد.
وفوجئنا بالإشاربات الحمراء والدببة الملونة والوردات المعلقة في خصلات الشعر.
واحتجنا الى وقفة تأمل ننظر الى ما أورثته لنا الفضائيات والتي ظللنا ننظر طويلا في آثارها حتى وجدناها أمامنا وجهاً لوجه فعدنا نلتفت الى لائحة العقوبات وكيف نعيد الجيل الى توازنه,.
فلم تعد لائحة العقوبات بقادرة على إعادة توازن هذا الجيل انه الوعي الموجه والمقنن والسائر بشكل أفقي وعمودي يتبناه الجميع وينفذه الجميع كل في مجاله.
هي التي ستخلصنا من هذا التداعي ومن هذا الضعف وهذه الرغبة الجامحة نحو الشكلية والاستهلاك والتقليد القشري الممجوج,.
فهل كانت مجتمعاتنا الخليجية في مرحلتها التاريخية الدقيقة تنتظر من ابنائها ان يقيموا مسابقة لأجمل دجاجة وأوسم تيس وهل انتظرت من بناتها ان يعلقن الوردات الحمراء في يوم الحب المسيحي وهل كنا نتوقع ان يتزاحم شبابنا بسياراتهم حول محلات الورد ليحظوا بوردات حمراء في وقت عز فيه الورد الأحمر وغلا سعره, أجيالنا الى اين تسير؟!,, وخصوصياتها كيف تتلاشى؟!,.
نحتاج إلى وسائط عقلية ومنطقية تنقل الجيل من الانبهار إلى مرحلة النظر بوعي الى قيمة مايستندون إليه وتفاهة مايرون ونحتاج الى جاذبية في الحديث والتوجه لا يحمل على الجيل بقدر ما يحتويه,, فجيلنا الجديد يعاني من اغتراب ليس هو المسئول عنه على كل حال,!
وبإمكانه بشيء من الحنو والعقلانية ان يعود الى دفء مجتمعه وواقعه,.
فاغترابه وائتلافه مع الآخر اصابه بحالة من الذهول لكنه سيؤوب حتماً.
وعلينا ان نعيده الى واقعه بدون المزيد من الخسائر,, والحكاية تبدأ من بيوتنا التي تفتح ابوابها على مصراعيها لتقليعات الفضائيات دون رقيب او حسيب,.
لان الرقابة تحتاج الى جهد والى انتقاء والاجيال لم يعد بوسعها ان تنغلق ومن حقها ان تنفتح لكن بوعي ومسئولية.
والآباء والأمهات لم يؤمنوا بعد بأن الانغلاق التام كالانفتاح التام سواء بسواء.
وقلة من يمارسون الاتجاهين بوعي ديني يعطي بقدر مايأخذ ويحاسب ويراقب ويراعي الله سبحانه في أهل بيته وتربية ابنائه,.
فمن يلوم الجيل هو الأحق باللوم,, فقد انفتحت الدنيا بتناقضاتها تحت اسقف منازلهم وتسلل الاغتراب الى جوانحهم فمن يعينهم على العودة والائتلاف مع الواقع؟!,, تلك مسئولية تقع على جهات عدة أولها البيت وليس آخرها المدرسة والإعلام.
فاطمة العتيبي
backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
ملحق المدينة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved