Thursday 3rd March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 15 ذو القعدة


أما بعد
السعادة الزوجية,, وهم أم حقيقة؟!

التف حوله ابناؤه في مرض الوفاة يتأملون وجه أبيهم وقد خطت السنون خطوطها على وجه والدهم الشاحب الذي ما فتىء يجوب الأقطار بحثا عن لقمة العيش متعرضا لرياح السموم تارة ولرياح الزمان تارة أخرى,, خيم صمت رهيب على المكان,, تحركت شفاه والدهم يتمتم بكلمات غير واضحة حتى تبين لهم فيما بعد انه يسألهم عن الرفيق فسألوه هل تريد ان ترى احد اصدقائك؟
فأجاب: لا الرفيق هو أمكم رفيقة رحلة الحياة,, فأخذ يعدد مناقبها وقال لأولاده: ربما لا أقابل والدتكم بعد الآن بلغوها سلامي,, وماهي إلا لحظات حتى فارق الحياة,.
قمة الوفاء ان يتذكر الانسان من يحبهم في هذه اللحظات الحرجة من عمره، درس مجاني قدمه هذا الرجل انعكس ايجابا على وفاء ابنائه مع زوجاتهم فيما بعد مهما كدرت الحياة صفاء هذه العلاقة!!.
هذه القصة لم تفارق ذاكرتي منذ ان سمعتها من أحد أبنائه, وتلحُّ هذه القصة عليّ كلما رأيت ما يبثه الاعلام العربي عبر الصحف والمجلات والقنوات الفضائية من قضايا تتعلق بالحياة الزوجية والتي يصورها دائما بأنها حياة رتيبة ومملة والسعادة فيها بين سندان الوهم ومطرقة الحقيقة,, أفواج من العرسان الجدد - وكأنهم يفاخرون بذلك - يصورون ان الحياة الزوجية لا جديد فيها وهي مملة الى درجة كبيرة,, وماذا يتوقع هؤلاء العرسان الجدد من الزواج؟! هل سيخرجهم من حياتنا الدنيا وما فيها من مشقة وكدر؟!.
ولماذا تركز وسائل الاعلام على مثل هذه المواضيع؟! وما هو البديل في نظرهم؟!.
ان الاسلام قد قدم الحلول لمن يريدها, فالزواج هو حياة مشتركة تقوم على المودة والرحمة,, ليس إلا, واستمرار الحياة عن طريق الانجاب هدف سام للزواج يغفل عنه كثير من الناس.
ووجود الكدر بعد الصفاء في الحياة الزوجية أمر طبيعي, فالانسان في استراحته وفي مقر عمله بل وحتى مع اصدقائه ينتابه الملل والسآمة ذلك انه يسير على وتيرة واحدة دونما تجديد,, ووجود الرتابة في الحياة الزوجية لا يعطي هؤلاء الحق في تهميش الحياة الزوجية والبحث عن مخارج ربماتزيد الطين بلة وتزيد الحياة كدرا وتنغيصا!!.
ان الشرع الاسلامي قد أباح الطلاق لمن لم تستقم حياته الزوجية كما ينبغي إمساك بمعروف أو تسريح باحسان .
إنني أكبر في الزوج تسريحه لزوجته باحسان عند تعذر استمرار الزواج لسبب أو لآخر وهذه من شيم الكرام الذين لا يرضون لزوجاتهم مهما ابغضوها ان تعيش على هامش حياتهم ويبحث هو أو يعبث هو بحياة أخريات بحجة البحث عن السعادة, ان الانسياق خلف هذا الوهم هو وهم بعينه!!
وماذا يختلف جيل الشباب عن جيل آبائه وأجداده؟!
لماذا لم يتذمر هؤلاء الآباء والاجداد من زوجاتهم؟.
لأنهم ببساطة عرفوا حق الزواج والزوجة, ولم يلتفتوا الى ما وراء القارات بحثا عن السعادة أو لنقل بحثا عن الوهم!!.
ان السعادة الزوجية الحقيقية تتطلب تضحية من الطرفين, وطلب الكمال في الزوج أو الزوجة أمر مستحيل, واذا وجدت المحبة والاخلاص والوفاء فهذا كفيل بحماية الحياة الزوجية من براثن المفسدين الذين يهدفون في النهاية الى أمور أبعد من مجرد مناقشة القضية- هذا ان كان هناك قضية أصلا!!- ان من يبحث عن السعادة الزوجية الحقيقية لابد ان يعتبر زوجته رفيقا للرحلة .
منيف بن خضير الضوّي
backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
ملحق المدينة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved