Thursday 3rd March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 15 ذو القعدة


المؤرخ,, زكي يماني 2 - 4
د, عبد الله ناصر الفوزان

نحن الآن ننتج من البترول ثمانية ملايين برميل في اليوم تقريباً، وكنا ننتج منذ اكثر من عشر سنوات ما يقارب أحد عشر مليون برميل، اي أن لدينا القدرة على رفع الانتاج في الحال بمقدار ثلاثة ملايين برميل في اليوم تقريباً ونستطيع رفعه بالتدريج الى اكثر من ذلك بجهود انتاجية اضافية، ولكننا لا نفعل لأن السوق البترولية لا تحتمل ذلك,, ومع هذا يلومنا معالي وزير بترولنا الأسبق الشيخ أحمد زكي يماني في حديثه في قناة الجزيرة لعدم سماحنا للشركات العالمية بالمجيء الى المملكة للاستثمار في انتاج البترول، قائلاً إن سماحنا للشركات سيجعلها تكف عن التنقيب عن البترول في الأماكن المختلفة من العالم ذات الكلفة العالية ما دام أنها ستجد بترولاً رخيصاً,, ورأيه هذا مثير للدهشة، فالسوق الآن لا تحتمل المزيد من الانتاج، ولا يستطيع احد ان يعرف متى تقبل المزيد وما هي الكمية، والشركات اذا انتجت من أرضنا بترولاً رخيص الكلفة في وقت لا تحتمل فيه السوق المزيد، فلن نستطيع منعها من بيعه وتعطيل طاقتها الانتاجية التي صرفت عليها الكثير كما نفعل الآن بطاقتنا الانتاجية المعطلة، وبالتالي فهي ستبيعه بسعر أقل لأنها ستكون مستفيدة ما دام الانتاج منخفض الكلفة، وهذا سيضعنا امام خيارين أحلاهما مر، إما ان نبيع انتاجنا نحن أيضاً بسعر أقل لنستطيع البيع متنافسين في ذلك مع تلك الشركات التي سمحنا لها بالانتاج من أرضنا، وإما ان نخفض انتاجنا بمقدار انتاج تلك الشركات وفي كلتا الحالتين سنكون الخاسرين,, أما لو افترضنا ان السوق البترولية في المستقبل ستتحمل بيع كميات إضافية فإننا - حتى على هذا الافتراض - سنكون نحن الخاسرين أيضاً، لأننا لن نستطيع استغلال طاقتنا الانتاجية المعطلة التي نصرف الكثير على صيانة أجهزتها، فالزيادة التي ستستوعبها السوق ستأخذها تلك الشركات بدلاً منا.
ومع كل هذا فلنفرض أن قبولنا بهذه المجازفة والخسائر المحتملة ليس حماقة وان هناك مكاسب محتملة على المدى الطويل، وأننا وافقنا اعتماداً على هذا الافتراض، فمن يضمن لنا في هذه الحالة ان هذه الشركات لن تواصل اعمال البحث والاكتشاف في مختلف انحاء العالم؟؟,, وهل من المعقول ان تعطل تلك الشركات كل أنشطتها البحثية في كل انحاء الدنيا وتقتصر على الأماكن التي سنخصصها لها في بلدنا؟, ولو حصل هذا فهل سنستطيع استيعاب كل الشركات العالمية الكثيرة؟؟ طبعاً لا,, فسيظل هناك شركات كثيرة غير مستوعبة تبحث وتنقب وبالتالي لن يتغير الا مكاسبنا التي ستنخفض بمقدار ما تأخذه منها تلك الشركات العالمية,, ولو افترضنا أننا سنستوعب جميع الشركات العالمية القائمة الآن وهذا مستحيل طبعاً، فمن يضمن لنا انه لن تقوم شركات جديدة تبحث وتنقب هي الاخرى؟؟؟ طبعاً لن يضمن أحد ذلك وبالتالي فنحن سنخسر الكثير ونقبض الوهم,, ولاحظوا ان كل هذا على افتراض ان السعر سيرتفع ،أما إذا كان لن يرتفع لكي لا يغري بالانتاج في الاماكن العالية الكلفة، فما هو الغرض من قدوم الشركات إذن,,؟ إننا نستطيع إذا أبقينا السعر منخفضاً ان نجعل هذه الشركات تتوقف عن التنقيب حتى وهي خارج أرضنا.
ومع كل هذا، فطالما ان هذا رأي الشيخ، فلماذا لم ينفذه حينما كان وزيراً للبترول وكانت حصة المملكة تواصل هبوطها الشديد عام 1985م بسبب تزايد الاكتشافات الجديدة وازدياد انتاج الدول الاخرى خارج أوبك؟؟؟,, لقد كان معاليه ملء السمع والبصر آنذاك ويستطيع اقناع السلطة السياسية بآرائه وكيف لا يقنعها وهو يدّعي في حديثه أنه هو الذي خطط ونفذ لتخفيض سعر البترول عام 1986م بغرض استعادة أوبك لحصتها وأهميتها في السوق دون أي إشارة منه لأي دور للقيادة السياسية (!!!) فإذا كان قد فعل هذا مع خطورته، أفلا يستطيع اقناع السلطة السياسية بأمر أقل شأناً؟,, بلى طبعاً يستطيع,, فلماذا لم يفعل هذا,,؟؟؟.
إنني أقدّر واحترم ذاكرة الشيخ التاريخية، ولكني أرى أن بعض آرائه لا تملك القدرة على الاقناع.

backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
ملحق المدينة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved