Thursday 3rd March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 15 ذو القعدة


مطلوب قواعد للأبحاث الوطنية تضم جميع الدراسات والأبحاث العلمية عن المملكة

يعتمد تقدم الشعوب الى حد كبير على كمية ونوعية الابحاث العلمية التي تستخدم في مراحل التخطيط سواء أكان قصير او طويل الاجل لذلك المجتمع في جميع جوانب الحياة البشرية سواء الاجتماعية او الاقتصادية او غيرها، لهذا تقوم معظم دول العالم بتشجيع وتبني الدراسات التي من شأنها خدمة هذه المجالات وذلك بما يناسب ظروف كل دولة ويخدم مصالحها، وقد قدمت كثير من الشعوب عن طريق الابحاث والدراسات العلمية خدمات جليلة للبشرية منذ القدم.
وقد قامت المملكة العربية السعودية بتشجيع وتبني ودعم الكثير من الدراسات في جميع المجالات وما زالت على هذا المنهج منذ تأسيسها، ولا يتسع المجال لضرب الامثلة على ذلك فيكفي ان نعرف انه يوجد في المملكة العديد من مراكز البحوث المتخصصة والعامة والتي تلقى الدعم المادي والمعنوي من حكومة المملكة العربية السعودية وهذا لا شك ناتج عن قناعة تامة من قبل المخططين بأهمية ودور الابحاث والدراسات العلمية في مجال التنمية.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما مدى انتشار واستخدام هذه البحوث العلمية سواء على مستوى الباحثين او المخططين في المملكة العربية السعودية,؟ وما مدى سهولة الحصول عليها للاستفادة منها من قبل جميع فئات المجتمع,؟ والسؤال الجوهري الآخر هو: ما مدى قوة او ضعف الاتصال ومن ثم التنسيق بين مقدمي ومعدي هذه الدراسات (الباحثين والطلاب ومراكز المعلومات بصفة عامة) وبين المخططين او المستفيدين او بمعنى آخر الحاجات الواقعية للتنمية في جميع مجالاتها في المملكة العربية السعودية,؟
والحقيقة ان الإجابة على اي من هذه التساؤلات لا يصل الى المستوى الأمثل والذي يطمح اليه الجميع,, لهذا اقترح تأسيس قواعد للأبحاث الوطنية والتي تتعلق بأي مجال من مجالات التنمية المتعلقة بالمملكة العربية السعودية بحيث تحتوي على جميع الدراسات والابحاث العلمية.
تتلخص الفكرة العامة لهذا المشروع الجديد المقترح بإنشاء قاعدة للبحوث الوطنية تضم جميع الدراسات والابحاث العلمية المتعلقة بالمملكة العربية السعودية ويجب ان لا تقتصر المعلومات المدخلة عن كل دراسة على عنوان البحث واسم المؤلف وموضوع البحث فحسب بل يجب ادخال جميع محتويات البحث (النص كاملا سواء 10 صفحات او 1000 صفحة) وتوفيرها على قرص ممغنط ويتم تحديثها بشكل دوري (سنوي او نصف سنوي مثلا),, هذا هو الجانب الاول من فكرة المشروع، اما الجانب الآخر فيمثل ربط جميع الدراسات والابحاث العلمية المستقبلية بحاجات التنمية سواء الاجتماعية او الاقتصادية عند مقارنة المقال تتحدث عن طريقة وكيفية التنفيذ والجدوى الاقتصادية لهذا المشروع.
نعلم جميعا ان كل البحوث والدراسات في العصر الحاضر تكتب باستخدام الحاسب الآلي لهذا من المنطقي ان يقوم الباحث او مركز المعلومات بتوفير النص الكامل للدراسة على اقراص مرنة مكتوبة بأحد البرامج المشهورة للحاسب الآلي ولا شك ان هناك المئات وربما الآلاف من هذه الدراسات متوفرة حاليا بهذا الشكل.
تسلم هذه الاقراص الموجودة او المستقبلية للجهة المؤهلة والمسؤولة عن هذا المشروع (لنسمها دار الابحاث والدراسات الوطنية) وذلك لادراجها في قائمة الابحاث والدراسات الوطنية على قرص ممغنط.
والواقع أن اختلاف الانظمة والبرامج لن يكون عائقا فهذه مسائل فنية يمكن تجاوزها بسهولة ويمكن ان تحدد دار الابحاث والدراسات الوطنية المواصفات الفنية للدراسات المستقبلية التي يجب على الجميع التقيد بها للاستفادة من هذا المشروع.
بعد هذه الخطوة تقوم دار الابحاث والدراسات الوطنية بحماية محتويات البحث بحيث لا يستطيع اي شخص تغيير المحتوى او الحذف او حتى النسخ وبهذا يكون البحث قابلاً فقط للقراءة او الطباعة وتستخدم تقنياات عديدة لغرض الحماية لا مجال للخاوض فيها الآن.
الخطوة الثالثة تقوم الدار بعمل فهرس حسب الموضوع والمؤلف والعنوان وغير ذلك ومن ثم تخزينها على اقراص ممغنطة بحيث يحتوي القرص الواحد على آلاف البحوث (يعتمد العدد الفعلي على عدد الصفحات الكلية) ويمكن استخدام تقنيات مختلفة لضغط البيانات كما يمكن ايضا استخدام الاقراص الممغنطة الجديدة والتي تمكن من تخزين ثلاثة اضعاف الاقراص الممغنطة العادية، ومن ثم عمل برنامج لتسهيل الاستخدام وبعدها يمكن توزيع القرص مجانا او بأسعار رمزية.
اما الخطوة الرابعة فهي انشاء موقع الكتروني على الانترنت ووضع جميع محتويات هذه البحوث متاحة لجميع الطلاب والباحثين في جميع انحاء العالم.
اما الجانب الآخر لهذا المشروع والذي يمثل ربط جميع الدراسات والابحاث العلمية المستقبلية بحاجات التنمية المختلفة فهو يتلخص بأن تقوم الدار باستقبال جميع المواضيع المرشحة والتي ستعرض للدراسة وذلك من الجهات الحكومية المختلفة او الشركات الوطنية او المؤسسات الخيرية او من الباحثين والمفكرين والعلماء وغيرهم، وقد تعبر هذ المواضيع عن مشكلة معينة او فكرة جديدة والامثلة لا نهائية ومن ثم تقوم الدار بفحص واختيار الأنسب والأهم منها ومن ثم صياغتها باأسلوب علمي يسهل على الباحثين فهم وتناول الموضوع وبعد هذا توضع هذه البحوث المطلوبة بنشرة دورية توزع مجانا، وبهذا يحصل كل المهتمين بهذه البحوث والدراسات على فرصة التعرف واختيار الانسب لهم وربما يحتاجون للتنسيق مع الجهة التي طلبت الموضوع وكخطوة اخيرة تقوم ايضا الدار بوضع القائمة على الانترنت ليستفيد منها آلاف الطلبة المبتعثين في الخارج والذين هم بأمس الحاجة لمثل هذه الافكار.
اما من ناحية الجدوى الاقتصادية للمشروع فيستحسن ان نبدأ بالتكاليف المتوقعة لمثل هذا المشروع.
الخيار الأول:
يمكن اسناد هذه المهة لأحد، المؤسسات الحكومية والمؤهلة تقنياً للقيام بمثل هذا المشروع (مثل مدينة الملك عبدالعزيز او مكتبة الملك فهد الوطنية او مكتبة الملك عبدالعزيز او مركز الملك فيصل للبحوث او غيرها) وبهذا الخيار لن تزيد التكاليف عن مليون ريال في السنة (اجهزة جديدة ومتخصصون وتكاليف اخرى) وهذا الخيار رغم قلة تكاليفه الا ان له عيوبا ونخشى ان تحول هذه العيوب دون تحقيق جميع الاهداف المرجوة من انشاء المشروع.
الخيار الثاني:
اسناد هذه المهمة لإحدى المؤسسات او الشركات المتخصصة في تقنية المعلومات في هذه الحالة قد يكلف المشروع من 3 الى 4 ملايين ريال في السنة كحد اعلى اما الفائدة المتوقعة لمثل هذت المشروع فيمكن ايجازها كالآتي:
اولا: سد - او على الاقل - تقليص الفجوة بين معدي او مقدمي البحوث العلمية والجهات المستفيدة او التي يفترض ان تستفيد من هذه المجهودات العلمية,, لا شك ان هناك دراسات وابحاث علمية قيمة لا يعرفها الجميع وبخاصة الجهات التي يفترض ان تستفيد منها وبهذا تعتبر هذه البحوث (ولا أظن انها قليلة) مهدرة او شبه مهدرة وخصوصا الرسائل الجامعية التي غالبا ما تركن على الرفوف بدون فائدة تذكر إلا ما ندر منها,, ومن هنا تأتي اهمية وضرورة هذا المشروع ليضع جميع الابحاث بما فيها الرسائل الجامعية في متناول الجميع ومن ثم يستفاد منها اكثر فائدة ممكنة والتي لا شك انها كلفت الملايين.
ثانيا: هناك ايضا فجوة بين ما يقدمه ويعده الباحثون على اختلاف مستوياتهم وبين الحاجة الواقعية للتنمية سواء كانت اقتصادية او اجتماعية او دينية او غير ذلك، فهناك الكثير من البحوث التي لا تتعدى اهميتها حصول المؤلف على ترقية او شهادة او غير ذلك من الحوافز المادية او المعنوية، ولا اقصد هنا عدم اهمية هذه البحوث على الاطلاق بل المقصود ان هناك اولويات وندرة في الموارد يجب اخذها في الاعتبار عند اعداد البحوث والتي تكلف الكثير من الجهد والمال ومن هنا تأتي اهمية وضرورة هذا المشروع للتوجيه ومن ثم الاستفادة القصوى من جميع الابحاث بما فيها الرسائل الجامعية.
ومن هذا يمكن القول ان صرف ثلاثة او اربعة ملايين ريال على توجيه وترشيد البحوث العلمية ومن ثم الاستفادة العظمى من اصول علمية كلفت وما زالت تكلف الدولة مئات الملايين من الريالات سنويا امر جدير بالاهتمام وسوف تعم الفائدة بإذن الله تعالى الاجيال القادمة بلا شك ولكم ان تتخيلوا الفوائد التي يمكن الحصول عليها بعد خمس سنوات من انشاء مثل هذا المشروع ان كتبت له ولادة فالمجتمع بأمس الحاجة اليه.
د, محمد بن عبدالله العبيشي
جامعة الملك سعود - فرع القصيم
backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
ملحق المدينة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved