Thursday 4th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 16 ذو القعدة


ثقافة الوهم للغذامي
مقاربات حول المرأة والجسد واللغة

(ثقافة الوهم) الجزء الثاني من كتاب (المرأة واللغة) للدكتور عبدالله الغذامي هو مقاربات حول (المرأة والجسد واللغة) صدر مؤخرا عن المركز الثقافي العربي واذا كان الجزء الاول قد تركز على علاقة المرأة باللغة كمنجز تعبيري بواسطة الحكي او الكتابة فان الجزء الثاني يقف على الحكايات المأثورة التي تتعامل مع المؤنث وتجعل التأنيث مركز الحبكة.
وفي هذه الحكايات يبحث المؤلف عما اسماه ب(ثقافة الوهم) وذلك حينما تجر الثقافة الى تصورات تنغرس في الذهن وتتحول الى معتقد او صورة نمطية ثابتة وهو ما اسماه الغذامي ب(الجبروت الرمزي) الذي عبره تتأسس ثقافة الوهم وتصنع انساقها الخاصة لدى مستهلكي هذه الثقافة.
في مقالته الاولى الميثاق الجسدي يطرح المؤلف انه في الوقت الذي تسعى فيه المرأة الى تأسيس (ميثاق انثوي) يحمي وجودها المؤنث من تسلط الثقافة الذكورية فان ميثاقا جسديا ذكوريا (آخر) يعيد رفع رأسه ليضع الجسد الانثوي بين قوسين, والغذامي يقصد هنا (حركة اعادة نشر الكتب القديمة التي تتعرض للعلاقة الجنسية مع المرأة).
والناقد عبدالله الغذامي يمنح خاطره نزهة في روض النفزاوي لتشريحه,.
ففي (المرأة بين قوسين) المقالة الثانية يقف المؤلف على حكاية يوردها النفزاوي على لسان امرأة حكيمة تجد العقل بين (,,,) هذه الحكاية التي تكشف عن الاساس الذهني لصورة المرأة عند مؤلف الكتاب، والنفزاوي حينما يورد الكلام من خلال شخصيات يخلع عليها صفة الحكمة والمصداقية فلكيلا يمنح القارىء مجالا لتكذيب هذه الحكايات واذا ما حاول ذلك فسيكون اي القارىء جاهلا وليس بحكيم مثلهما يكشف المؤلف وهنا النفزاوي يمارس ارهابا فكريا ولغويا مركزا ضدنا نحن قراء كتابه كما يقول الغذامي وذلك ليحملنا على قبول دعوة: هذه دعواه المتلبسة بلبوس الحكمة والمعرفة والمتجسدة بعبارات السيدة الحكيمة.
وفي (حكاية الحكايات) يطرح المؤلف انه: من غير الممكن ان تتصور الثقافة على انها كينونة محايدة او قوة غير عاقلة بمعنى انها لا تعقل فعلها ولا تنتصر لذاتها.
ان الثقافة سلطة وقوة يقول الغذامي ولانها كذلك فهي: تسعى الى بناء نفسها وتحصين قوتها ومن ثم فانها تتصدى للدفاع عن امبراطوريتها وقيمها وذلك بضرب امثلة على حالات الخروج على طاعة القيم الثقافية المتسيدة ذلك انها اي الثقافة صورة بشرية عن اصحابها وعن مستهلكيها ومنتجيها ولذا فانها تتصرف مثلهم وهم يتصرفون مثلها.
في هذه المقالة أورد المؤلف حكاية هندية عن امرأة حاولت الخروج على قيم الثقافة السائدة وسلطتها فما الذي انتهت اليه كنتيجة لهذا التمرد، الموت طبعا, فالقوى المهيمنة لا تدع صوتا بحسب الكتاب ناشزا يرتفع ويعلو فوق ما هو سائد لذلك بادرت الثقافة بمعالجة حالة التمرد من قبل المرأة على سلطة المقبول والمتعارف عليه بكل ما لديها من وسائل رمزية ومجازية وسردية حيث تجري معاقبة وملاحقة الجنس النسوي بوصفه جنسا غادرا خائنا ماكرا وليس له من حل سوى القتل والحرق.
هكذا تفعل الثقافة السائدة في المرأة في حين الرجل يحيا سعيدا: هذا هو اسم الرجل في الحكاية وهو يحيا سعيدا في مقابل موت الانثى في حسرة، ومن اجل البقاء الذكوري السعيد فانه لابد - كما يطرح الناقد - من موت كل امرأة تفكر في تكرار العلة ذاتها,.
وهكذا يستمر الغذامي في مقالاته كاشفا الانساق التي تتغلغل في نسيج ثقافتنا مساهمة ومشكلة صورة نمطية حول المرأة، صورة تعيش ابدا في الذهن المذكر يستمر من خلال مادة تراثية عالمية في احايين واسعة في تقديم كشوفاته حول ثقافة تدافع بشراسة عن نمطيتها ومتخيلها، بل وتمارس الاقصاء والتصفية الجسدية لاي خارج على اعرافها,.
من جهة اخرى ان النقد مع الغذامي في هذا الكتاب والعديد من كتبه المتأخرة، يتخلص من لغته المبهمة وجمله المعقدة والملتوية التي يتبناها الكثير من النقاد وذلك بقصد اظهار اهمية الناقد والمنقود معا.
وبالرغم من حساسية الموضوع وكونه شائكا الا ان الناقد يتعامل بوضوح رؤية مع موضوعه، ويتجه الى قصده دون التفاف او دوران حول المعنى وبلغة صافية ومقتصدة الى ابعد حد.
* الكتاب: ثقافة الوهم.
* المؤلف: عبدالله محمد الغذامي.
* الناشر: المركز الثقافي العربي.
* يقع الكتاب في: 179 صفحة.
backtop
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved