Thursday 4th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 16 ذو القعدة


بين الركادة والهوينى وقراءة الكاريكاتير
ما أكثر وقوعنا في التعميم!

عزيزتي الجزيرة
تحية طيبة وبعد
فقد قرأت في عدد سابق في زاوية نهارات اخرى مقالا بعنوان المرأة وعجاج الصيف للاستاذة فاطمة العتيبي قالت فيه ان ثلاثة ارباع قراء الكاريكاتير في المملكة هم من النساء، وتقول انها لم تعتمد على احصائية دقيقة وتجزم انها لو اجريت لاكتشفنا انهن ثلاثة ارباع القراء وثلاثة ارباع الربع الاخير المتبقي قلت: واذا لم تعتمد على احصائية دقيقة فهل اعتمدت على احصائية تقريبية؟ واين مصادرها؟
وبحسبة يسيرة نجد ان ثلاثة ارباع القراء=75% وثلاثة ارباع الربع الاخير 18,75% فيصبح مجموع نسبة القارئات على الاصح 93,75% ويبقى للرجال المساكين 6,25% فما رأى الرجال الغلابى بهذه النسبة البائسة؟.
وما اكثر مانقع في التعميم عندما ننفعل كقولنا: كل خلق الله هناك ، لم يبق احد لم يحضر ,وليس هذا ما اردت الكتابة عنه وانما عندما ذكرت الكاتبة الكريمة عبارة (وثلاثة ارباع الربع الاخير المتبقي) تذكرت ابيات الشاعر العباسي ابي نواس (الحسن بن هانىء) وكيف وزع قلبه بين غزال قد غزاه وبين عشاق مثله (مثل ابي نواس)
قال ابو نواس فيما يعد من عبثياته
غزال قد غزا قلبي
فما ان فيه من باقِ
له الثلثان من قلبي
وثلثا ثلثه الباقي
وتبقى اسهم ست
تقسم بين عشاق
واذا كنا بحسبة يسيرة قد قسمنا القراء في بداية الموضوع واستخرجنا النسبة المئوية للقارئات من النساء والقراء من الرجال، فنحن نود مساعدة من يهمه امر ابي نواس وقلبه ليستخرج لنا عدد الاسهم التي قسم قلبه اليها ونصيب الغزال منها ونصيب العشاق.
وهذا الحساب يذكرني بموضوع حسابي كنا ندرّسه للصف السادس الابتدائي وهو المعادل مثل: كان مع رجل مبلغ من المال اعطى نصفه لابنه واعطى ربع الباقي لابنته واعطى الباقي الاخير لزوجته وبقي معه خمسون ريالاً فكم كان مع الرجل وكم اعطى لكل من زوجته وابنته؟
واذا كنا ذكرنا شيئا من عبثيات ابي نواس فلا مانع من ذكر بعض جدياته حتى لا يظن ظان ان كل شعره عبث لكثرة ما شاع عنه من تحلل ومجون, قال في احدى طردياته (رحلاته للصيد) يصف العنب الرازقي
ورازقي مخطف الخصورِ
كأنه مخازن البلورِ
قد ملئت مسكا إلى الشطورِ
وفي الاعالي ماء وردجوري
لو انه يبقى على الدهورِ
قرّط آذان الحسان الحورِ
باكرته والطير في الوكور
قبل ارتفاع الشمس للحرورِ
بفتية من ولد المنصورِ
فطابت الانفس من سرورِ
ولو شرحنا بعض مفردات هذا النص لرأينا نحول خصر حبة هذا العنب الرازقي ونصفها الاسفل اسود بلون المسك الاسود والنصف الاعلى مملوء بماء الورد الجوري الوردي الزهري (بمبة) ويتمنى لو انه لا يفسد ويبقى على الدهور زاهيا لجعله اقراطاً في آذان الحسان (جمع حسناء - جميلة) الحور (جمع حوراء والحور جمال في العين معروف بشدة بياض البياض وشدة سواد السواد مشهور في عيون المها وهي الظباء او البقر الوحشية).
ولو ان ابا نواس عاش الى زمننا هذا لرأى العنب والكرز والتفاح والفراولة والكمثرى والورود (وغير ذلك من الفواكه والزهور واوراق الشجر) قد قرطت آذان الحسان الحور (والقرط هو الحلق في الاذن او الخمخمة ).
ومن قرأ عن ابي نواس يراه يمازح الرشيد (هارون الرشيد الخليفة العباسي المشهور) ولكن ذلك ليس صحيحا فقد حبسه الرشيد وابنه الامين لمجونه.
وكلمة اخرى وردت في مقال الكاتبة وهي مطالبة النساء بالركادة ولعلها اخذتها من المسلسل الخليجي (الركادة زينة).
وثالثة عن طلبها من النساء ان يسرن الهوينى ذكرتني بالاعشى (اعشى قيس ميمون) بقصيدته العصماء التي عدت من المعلقات العشر وفيها يصف هريرة بصفات جميلة منها مشي الهوينى قال
ودع هريرة إن الركب مرتحل
وهل تطيق وداعا ايها الرجل
غراء فرعاء مصقول عوارضها
تمش الهوينى كما يمشي الوجي الوحل
والغراء البيضا والفرعاء طويلة شعر الرأس عكس الصلعاء مصقول عوارضها: اسنانها، الوجي: الذي رقت قدماه من كثرة المشي وضعفت، الوحل: الذي يمشي في الوحل والطين وهو يحتاج الى قوة لنزع قدمه مما يبطىء مشيه.
ولثقل خطوتها وصفها بقوله: كأن اخمصها بالشوك منتعل .
وبالغ في بطء هريرة في مشيتها بتشبيهها بالوجي الوحل او بمنتعل الشوك، ليعود الى وصف مشيتها بالتوسط بين الريث والعجلة
كأن مشيتها من بيت جارتها
مرُّ السحابة لا ريث ولا عجلُ
قال كعب بن زهير رضي الله عنه في وصف سعاد في مطلع قصيدته المعروفة
غراء فرعاء مصقول عوارضها
كأنها احور العينين مكحولُ
هيفاُء مقبلة عجزاء مدبرة
لا يشتكى قصر منها ولا طولُ
وقد اضاف كعب رضي الله عنه صفة الاعتدال بين الطول والقصر (واحور العينين هو الغزال)
ومن صفات هريرة انها محببة الى جيرانها لا يكرهون طلعتها ولا تتدخل في شؤون جيرانها فهي تعيش بحالها وبالها .
ليست كمن يكره الجيران طلعتها
ولا تراها لسر الجار تختتل
ووصفها بدقة الخصر يكاد الخصر ينخزل
وفي هذه القصيدة البيت المشهور الذي يُستشهَد به دائما كمثل
كناطح صخرة يوما ليوهنها
فلم يضرها واوهي قرنه الوعل
ومنها
لا تقعدن وقد اكلتها حطبا
تعوذ من شرها يوماً وتبتهل
(تحذير لمثيري الفتن ثم يصطلون بنارها)
ومن شعر الاعشى السائر كالمثل قوله في الحكم
حكمتموني فقضى بينكم
ابلج مثل القمر الباهر
لايقبل الرشوة في حكمه
ولا يبالي غبن الخاسر
وكما ترون فان شعر الاعشى يُقرأ ويُفهم ولا يحتاج الى شرح طويل كأنما قيل اليوم:
اما بعد,, فما كان هذا تعقيبا ولا تعريضا وانما هي افكار عرضت لي بثثتها على صفحة عزيزتي الجزيرة الجيّدة من جريدة الجزيرة السيّدة والشكر للاثنتين وللقراء الكرام والسلام ختام.
نزار رفيق بشير
الرياض
backtop
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved