Sunday 7th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 19 ذو القعدة


لا أراهن على أحادية البطل

العمل الفني، والقصصي هنا، لا يمكن ان يُكتب من خارج الكاتب,, لانه سوف يعيد ترتيب الاشياء بطريقته، وفنيته ولمسته الخاصة المرتبطة برؤيته واستراتيجيته الكتابية, لايمكننا المراهنة على افرادية البطل حتى ولو كان المحور الاساسي الذي تتشكل حوله بنائية القصة, لماذا؟، لان البطل لا يصنع نصا دون شخوص، وأحداث وملابسات وأركان الزمان والمكان الكثيرة,, وعوامل عدة تختلف باختلاف النص القصصي المطروح.
مسالة البطل المفرد,, الذي يحوي كل خصائص التركيز الابداعي، لن يكون في حقيقته سوى ترميم على نفقة الواقع وأناسه، ووجود البطل المتميز بخصائص ومقومات خارجة عن انسانية الواقع الاجتماعي في امكانياتها وقدراتها,, سيعني ذلك نوعا من التغريب - إدخال الذات النرجسية والنافرة من واقعها، والصاق هزائمها بالحياة المعاشة وأناسها دون التطلع إلى معرفة تفاصيل وجزئيات المحيط الذي هو سبب باختلاله واغلاطه انتحارا لا يرى إلا الهزيمة لاننا لانعتبر الانسان - باي حال خارج اطار ظروفه ومعايشته لتراكيب الانعكاسات السلبية الموجودة اصلا فيه ككاتب، وبالتالي فهو يرى الآخرين في المحيط على انهم هو، وليسوا هم، ثم يذهب في اعادة محاكاة وترتيب الواقع ليصبغهم دون استثناء بصبغته التشاؤمية المظللة في العادة لانها غير صحيحة والدليل عزل ذاتها بمفهوم الذات الحزينة والسوداء.
إعادة ترتيب الواقع لا يجب ان يكون اسطوريا,, بل يكون قريبا جدا من الامكانية المتوفرة في قدرات الشخوص وطموحهم.
مأساة الكاتب هي التي تجعل منه مستشعرا بمآسي الآخرين، والمعاناة دافع كبير للابداع.
إذا وضعت هموم الكاتب إلى ضجر ذاتي خاص ينظر عبره إلى الحياة العامة,, فلن يكون غير ذاك الذي يكرر ذاته من مناطق التقاطية متعدة، وغير صادقة لانها تظلم الواقع، وتلغي جانبا من احقية الآخرين في الامل وطموح المستقبل,, لا يجوز ان يغير جمال الحياة إلى قبح فهذه مصادرة لاحقية الحياة وحلمها.
إعادة ترتيب الواقع - مهما كان غير مرض - إلى جماليات هو ذاته فنيا نوع من اعادة التوازن,, من الاحتجاج على القبح والممارسات غير العادلة.
عبدالعزيز مشري
backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved