Sunday 7th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 19 ذو القعدة


مدلولات الشخصية في قصصي متوارية

لم أفكر في شخوص لقصصي,, فلم أكتب الكثير من القصص الطويلة، وأعتقد ان الكثير من السرد اسراف لغوي!
فقط، ولمرة واحدة: خططت لرسم ملامح قوم مندثرين، أكلتهم الحروب العربية الحديثة، مع ما أكلت من أحلام اجدادهم، وأحفادهم,, وخالجني في تلك الازمنة: المتواصلة - القريبة كحلم خائب، فرح، حول كوني لم أكمل رسمهم السردي، بملامحهم التي اعرفها، وفقرهم المعيشي، المتقاسم في الحارات والقرى، وما تمتلئ به بساتينهم الداخلية من تلك القلوب المزروعة بحب الحياة، والضمائر الجائعة الى حريتها، لم أدون اسماءهم على الورق ليطالبوا - فيما بعد - بحقوقهم التي تتراءى لهم كالغد، وهوياتهم التي كانوها,, وليصبحوا معروفين للآخرين كما هم لي، وعلي أنا عبء الدفاع عن عاهات واقعهم، بعد ان جعلتهم، وهي معهم (مشاعا) لكل من قرأ تلك الرسوم,.
لم أفعل ذلك، وهربت، قائلا: انه يكفي مثل هذا البؤس المتراكض في كل الجهات من حولي!!.
لكن تلك حكاية اخرى.
ما سيأتي من قول، لا يبتعد كثيرا عن تصوري لكتابة القصة:
قلت لنفسي ذلك، وأنا أعود لتجريبي المستمر، وترحالي مع اللغة، والشكل، اثناء كتابة القصة، وربما كنت غير (سارد) اصلا، إذ ربما كان دافعي لكتابة قصة ما هو اليقين بوجود حالة موجعة لقصة معينة، او لبهجة خضراء، ثم علي بعد ذلك تكوين خطوط هذا اليقين، ورسمه بما يليق بشعر!
هذه أحلامي، وقد تتبدد امامي في خطوات الكلمات الهاربة، او المقموعة: هنا، ربما كانت مشاريع الكتابة تشبه تخطيط المعارك: خذ من اكوام اللغة جنود معركتك، فإن أحسنت قيادتها فزت,, وربما وجدت نفسك مجندلا وسط جثث الكلمات، ملطخا بدماء المعاني,, عاجزا حتى عن لم فوضى لا علاج لها غير بناء مقابر لكلماتك، والهرب الى السطح,, سطح تسلية بعيدة كالنسيان!,, أبدأ لا اختار جنديا (أقصد كلمة، والكلمة كائن واجب احترامه) دون قصد، ولا أضع جنودا أكثر مما تتحمله معركة ما، وليس بالضرورة ان تكون الحرب, دائما انظر الى (الكلمة) ك (رقم) فلا يمكن ان تزيد ارقام معادلة ما دون ان تختل المعادلة كلها، وكذلك الجملة، من هذا الوجه فقط, اما الكلمات فمجنحة، ومليئة بالحياة، والارقام صماء - غالبا - كما لا يفوت على فطنتكم!
في تلك الحالة لا أسأل نفسي: هل قتلت الشخص - بطل القصة حين افسدتها؟ أو الشخوص كذلك؟ ذلك (ان الشخصية الرئيسة، او البطل في العمل القصصي,, إلخ كما جاء في السؤال,, وما ورد حول الحدث، ورسم فضاء المكان)، كل هذه (المدلولات) عامة في نظري، وربما كانت قاعدية، وتأسيسا: من مدارس نقدية، بنت نظرياتها على نتاجات الادباء في وقتها,, و(حيث) ان الابداع يسبق (التقعيد)، فليس بمقدورنا القول ان نمطاً ما صادرا عن هيئة مواصفات، أو ناد، او جمعية ادبية، او مدرسة نقدية معينة، يشكل ما يحتذى في كتابة القصة,.
هناك مدارس، وتيارات، ونظريات، وأعتقد ان معظم الكتاب لا يلتفتون إلى ذلك,, لكنك تجد النقاد هم من يطاردون هذه الكائنات النظرية، ويرسمون مساراتها، وشوارعها، ويملؤونها باشارات المرور والتوقف والتجاوز والانحراف والتقدم والنكوص والعودة وبعد النظر وقصر المسافة وإذكاء الحرائق,, إنهم يطاردون اسراب الجمل، كما يطارد مصممو الازياء خطوط الموضة في فصول السنة (نحمد الله ان نقادنا، هنا، لا يطاردون شيئا، مكتفين بالثوب والغترة، حيث تتشابه كل الفصول,,)!.
من هنا فإنني ارى ان (كل شيء - اكرر: كل شيء) صالح لكونه بطلا لأية قصة,,, بما في ذلك الاحاسيس والالوان,, بما في ذلك اللغة نفسها، مثلا: مرة كان بطل قصة كتبتها: وجها من ماء، ومرة كان البحر، وأخرى اشجار، وصمت، وشاب عشق طاولة!، وكلمة من جملة تبحث عن مكانتها ودورها في مجتمع الكلمات، وجملة في كتاب، بيت شعر (شحذ) به رجل قصير الكرامة رجلا غنيا مسقطا وجهه في وحل الذهب، الطيور شخوص للقصص، والحيوانات (وقد سبقنا شيوخ الادب: كالجاحظ، وابن المقفع، وأبو الادباء: أمد الله في عمره: الشيخ عبدالكريم الجهيمان - وآباؤنا، وأمهاتنا، وبورخيس، وايتماتوف، والكثير الكثير مما يزخر به تراثنا العظيم، والمدفون حتى الان)، وغير ذلك: كل شيء!.
تجربتي في الكتابة تعبر عنها الاسطر السابقة، وأقدم القصة التالية المكتوبة عام 1994م وتتكون - مع عنوانها، وما فيها من حشو من (268) كلمة:
جبير المليحان
backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved