قصة قصيرة العيون |
أغمد الطفل، واسع العينين، السوداوين، نصله في سحيق قلوبهم، قائلا:
- ولكن لماذا يفتح عينيه - يا أمي - إذا كان لا يرى؟!
فر السؤال من فمه، مثل طائر صغير أسود, هام مرفرفا في ارجاء الغرفة البيضاء، ثم توالدت منه طيور صغيرة سوداء، أخذت تدور فوق الرؤوس,, في هذه الاثناء، كان الرجل الطاعن، ساكنا، بجسمه الكبير، على سريره، وعيناه الواسعتان، البيضاوان، مفتوحتان.
في هذه الاثناء، والطفل يأخذ بدحرجة نفسه على البلاط اللامع، لاهيا، سقطت من عيون النسوة دمعة او دمعتان، قالت شيئا عن ماض ما، عن شيء سحيق دفنته الايام في ركام القلب,.
في هذه الاثناء، قال رجل شاب، هامسا، لزميله، ومجيبا على سؤال الطفل:
- ربما ينظر إلى حياته التي خلفها!
قال الآخر:
- قد يكون رافضا لها!
قال :
- ربما,, ينظر إلى حياته فينا!
قال ثالث:
- ربما يرى الاشياء التي نظرنا إليها طويلا، ولم نرها!
في هذه الاثناء، همهموا، محركين رؤوسهم بأسف، ومفرقعين اصابعهم بحيرة، وامرأة اخذت تجذب عباءتها مرتبكة، ورجل تنحنح مكورا يده، والرجل الطاعن في سكونه لا يريم، والغرفة تمتلئ بالطيور المتكاثرة، وتضيق,, والطيور تتقاطر على الرجل الطاعن، دائرة حوله في رقصة عجيبة، متمهلة، ثم تنهال عليه، تقبله بفرح، وتأخذ لونه، تاركة جسمه الكبير، لبياض الغرفة الواسع، الممتلئ بالعيون.
نشرت، مع نصوص اخرى، في مجلة النص الجديد العدد (3-4) مايو 1995م.
|
|
|